من فوضى العشوائيات إلى مدن تُبنى: متى تبدأ الدولة من جديد؟
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في العراق، لا تمر بضعة كيلومترات داخل أي محافظة دون أن تطالعك أحياءٌ عشوائية نبتت كالفطر على أراضٍ زراعية، أو على أملاك عامة، أو حتى في قلب المدن. هذه المناطق التي بدأت كحالات فردية بدافع الحاجة، سرعان ما تحولت إلى ظاهرة تتسع يومًا بعد آخر، حتى صارت تهدد سيادة الدولة، وتعيق التنمية، وتخلّ بميزان الخدمات، وتفرض على الحكومات واقعًا فوضويًا يصعب احتواؤه كلما تأخرنا في المواجهة.
بحسب تقديرات وزارة التخطيط، يعيش أكثر من 3 ملايين عراقي في مناطق غير مخططة. أسباب هذه الأزمة ليست خفية أزمة سكن خانقة، بطالة، فقر، نزوح داخلي، وغياب واضح للرقابة، إضافة إلى تلكؤ مشاريع الإسكان، والتهاون مع من يتجاوزون على الأراضي منذ سنوات دون ردع حقيقي لكن ما العمل؟ هل الإزالة وحدها تكفي؟ أم نحتاج إلى رؤية شاملة تنطلق من مبدأ أن ما يُبنى خارج القانون لا يُصلح به البلد، لكن لا يجب أن يُهدم دون بديل؟
في هذا السياق، يمكن أن ننظر إلى تجربة سنغافورة كمصدر إلهام. قبل سبعين عامًا، كانت سنغافورة تعيش واقعًا لا يختلف كثيرًا عن بعض مدن العراق اليوم. أحياء صفيحية، فقر، عشوائيات منتشرة، وانعدام في الخدمات. لكن الدولة هناك اتخذت قرارًا مصيريًا: تحويل الفوضى إلى نظام، واليأس إلى فرص.
أنشأت الحكومة السنغافورية هيئة الإسكان والتنمية (HDB)، وبدأت بتشييد مجمعات سكنية منظمة ومدعومة للفقراء. لم تكتفِ بإزالة العشوائيات، بل سبقتها بحلول واقعية: مساكن بديلة، تخطيط سليم، قوانين صارمة تمنع التجاوز، وتمكين اقتصادي للسكان. وها هي النتيجة اليوم: أكثر من 80% من سكان سنغافورة يعيشون في مساكن حكومية مخططة، وسط بيئة نظيفة ومستقرة.
هل يمكن تطبيق ذلك في العراق؟ نعم، إذا توفرت الإرادة، وتم العمل على خطة واقعية تستند إلى ثلاث ركائز.
العدالة الاجتماعية توفير مساكن لذوي الدخل المحدود بأسعار مدعومة وضمن بيئة مخدومة.
سيادة القانون وقف أي تجاوز جديد ومحاسبة المتسببين، دون تهاون أو محاباة.
التخطيط الحضري الذكي دمج الإسكان بالخدمات، والنقل، والاقتصاد المحلي.
المطلوب ليس فقط إزالة التجاوزات، بل إعادة رسم العلاقة بين المواطن والدولة، على أساس من الحقوق والواجبات، والكرامة والمسؤولية. المواطن لا يطلب المستحيل، بل سقفًا يأويه، وماءً وكهرباءً وصرفًا صحيًا لا يتسرب من الجدران.
فهل تملك الدولة الجرأة لتبدأ من جديد؟ وهل نملك نحن، كمواطنين، الشجاعة لنُعلي صوت النظام على فوضى الحاجة؟
ختاما الوقت لا ينتظر، والعشوائيات لا تتوقف عن التمدد. إن لم نبدأ الآن، فمتى؟
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
«محمد بن راشد للابتكار» يرصد نماذج عالمية لاستخدامات التكنولوجيا
أطلق مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، عبر منصة «ابتكر»، وبالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية «تدرا»، تقريراً بعنوان «التكنولوجيا الحكومية 5.0»، يرصد أحد عشر نموذجاً ريادياً لاستخدامات التكنولوجيا وتطبيقات التقنيات الناشئة في القطاع الحكومي من مختلف دول العالم.
وأكدت هدى الهاشمي، مساعدة وزير شؤون مجلس الوزراء لشؤون الاستراتيجية، أن إطلاق التقرير يترجم توجهات حكومة الإمارات بضمان استدامة المعرفة ومواكبة التطورات المتسارعة في مجال الابتكار والتقنيات. والتقرير منصة معرفية متكاملة، ويجسد التعاون والشراكة مع الهيئة والحكومة الرقمية، لإثراء منصة ابتكر بتقارير نوعية، رؤى المركز في تسريع تبنّي الابتكار والتقنيات المستقبلية ضمن منظومة العمل الحكومي، بما يعزز المكانة الريادية لدولة الإمارات في الابتكار الحكومي، ويرتقي بتنافسيتها عالمياً في مختلف المجالات.
نموذج مستقبلي
وقال المهندس ماجد سلطان المسمار، المدير العام لهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، التقرير يجسد الالتزام بتعزيز جاهزية الجهات الحكومية وتزويدها بالمعرفة العالمية بأحدث التطبيقات التقنية، بما يتيح لها تبنّي حلول ذكية ومرنة تسهم في تطوير خدماتها.
نماذج ريادية
ويستعرض التقرير نماذج ريادية مبتكرة من دولة الإمارات، ونماذج عالمية لاستخدام التقنيات الناشئة والتطبيقات المبتكرة في العمل الحكومي. ويضم التقرير نماذج مبتكرة تشمل «ميتافيرس سول» في جمهورية كوريا، ومشروع«UBIN» للبلوك تشين في سنغافورة، وتطبيقات البلوك تشين في البرازيل، والمركبات البيئية الآلية في سنغافورة، وحلول إدارة حركة الطيران للطائرات بدون طيار في اليابان، والمركبات الذكية للطوارئ وصيانة الطرق في المملكة المتحدة، ومشاريع مراقبة الطاقة المتجددة في بلغاريا، إلى جانب مبادرات ريادية من دولة الإمارات مثل المجلس العالمي للتعاملات الرقمية، وإستراتيجية دبي للميتافيرس، وخدمات «فكرة اسم» ومنصة «اسألنا».
ويتناول توظيف التقنيات الناشئة في تطوير الخدمات الحكومية في العالم، ففي جمهورية كوريا أطلقت مدينة سول مشروع «ميتافيرس سول»، لتصبح أول مدينة كبرى تقدم خدماتها الحكومية بالكامل ضمن بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد.
وفي سنغافورة، نفذت السلطة النقدية مشروع «UBIN» التجربة رائدة في استخدام تقنية البلوك تشين لتسوية المدفوعات والأوراق المالية بالتعاون مع مؤسسات مالية كبرى.
أما في البرازيل، فطورت ولايتا باهيا وريو غراندي دو نورتي، تطبيقاً لمبادرة العطاءات عبر الإنترنت باستخدام البلوك تشين، أتاح للمجتمع المحلي تنفيذ عمليات شراء رقمية شفافة، وسريعة، تضمن تقليل الفساد، وتحسين حوكمة المشتريات.
واختبرت سنغافورة مركبات خدمات بيئية ذكية مزودة بتقنيات الجيل الخامس لتنظيف الشوارع من دون تدخل بشري مباشر، حيث زوّدت المركبات بأنظمة استشعار وكاميرات عالية الدقة. وابتكرت اليابان، نظام إدارة حركة الطائرات من دون طيار باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنية التوأم الرقمي.
وفي المملكة المتحدة، أُطلق مشروع سيارة الإسعاف الذكية، الذي يدمج تقنيات الجيل الخامس والواقع الافتراضي داخل سيارات الإسعاف، لتمكين الأطباء من تشخيص الحالات الطبية عن بُعد عبر أدوات ذكية، ما يسهم في تقليل زمن التشخيص.
والمملكة المتحدة طوّرت أول نظام روبوت مستقل بالكامل لإصلاح الطرق، مزود بأذرع آلية وتقنيات استشعار متقدمة، ما يسهم في تقليل المخاطر على العمال، وتسريع عمليات الصيانة، وتقليص الانبعاثات الناتجة عن استخدام المعدات الثقيلة.
وفي بلغاريا، نُفذت تجربة رائدة لمراقبة التوليد الموزع للطاقة المتجددة بدقة زمنية تصل إلى أجزاء من الثانية، باستخدام تقنيات الجيل الخامس لمتابعة الأداء اللحظي لمزارع الرياح.
ويعرّف التقرير بنماذج إماراتية رائدة، من أهمها «المجلس العالمي للتعاملات الرقمية».
ويضم المجلس 40 جهة رائدة، ويستعرض التقرير «استراتيجية دبي للميتافيرس».