أثارت تسريبات مسربة وتمرد داخلي في جهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك” أزمة حادة بعد إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اختيار اللواء دافيد زيني لرئاسة الجهاز، مما دفع مسؤولين كبار فيه إلى تهديد بالاستقالة إذا تم تعيينه.

وأكدت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن مسؤولين في الشاباك أبدوا رفضهم الشديد لترشيح زيني خلال محادثات مغلقة في عطلة نهاية الأسبوع، واصفين إياه بأنه “ترشيح ذو دوافع سياسية”، وهو ما أثار انقسامات داخل الجهاز.

في ذات السياق، بثت القناة الإسرائيلية “12” تسجيلات صوتية مسربة للواء زيني في لقاء مع سكان التجمعات الحدودية في غزة، ركز فيها على تحقيق الجيش الإسرائيلي في إخفاقات الهجوم الذي شنه تنظيم “حماس” في جنوب إسرائيل بتاريخ 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 251 آخرين.

وفي التسجيلات، أعرب زيني عن أسفه لـ”التوتر الهائل” بين الهدفين الأساسيين للحرب، وهما تدمير “حماس” واستعادة الرهائن المحتجزين، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي لم يتحقق بعد وهو “ضمان عدم وجود أي تهديد لسكان إسرائيل من قطاع غزة”.

وشدد على أن الأولوية القصوى هي “تدمير “حماس” والجهاد الإسلامي وأي كيان آخر”، معتبراً أن هذه هي النقطة الأهم التي يعمل عليها الجهاز، وهو توجه يختلف عن استراتيجية سلفه رئيس الشاباك السابق رونين بار، ويعكس تحولاً في رؤية رئيس الوزراء نتنياهو لدور الشاباك في الحرب والاستراتيجية الدفاعية الأوسع.

وفي تعليقات أخرى نقلتها القناة “13” الإسرائيلية، طالب زيني سكان التجمعات الحدودية باليقظة وممارسة دورهم في منع وقوع هجمات مستقبلية عبر الحدود، قائلاً: “من مسؤوليتكم أن تضمنوا عدم تكرار مثل هذا الأمر. أنتم من يجب أن تكونوا يقظين، هذه مهمتكم”.

وأثارت هذه التصريحات غضب السكان الذين اتهموه بعدم فهم مسؤوليات الجيش الإسرائيلي في حماية الحدود، ما زاد من حجم التوتر الداخلي.

وحتى الآن، لم يقدم أي مسؤول استقالته رسمياً، وجهاز الشاباك رفض التعليق على هذه التطورات، وسط ترقب محموم لما ستسفر عنه الأزمة داخل أحد أهم أجهزة الأمن الداخلي في إسرائيل.

يذكر أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” هو الجهاز الرئيسي المسؤول عن الأمن الداخلي والاستخبارات في إسرائيل، ويُعتبر أحد أبرز أجهزة المخابرات في العالم. يلعب الشاباك دوراً محورياً في مكافحة الإرهاب، حماية الحدود، وجمع المعلومات الاستخباراتية داخلياً وخارجياً. تعيين رئيس جديد للجهاز يُعد قرارًا حساسًا للغاية، إذ يؤثر بشكل مباشر على الاستراتيجية الأمنية والسياسية للدولة، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة.

ويتمتع اللواء دافيد زيني، المرشح الحالي لرئاسة الشاباك، يتمتع بخبرة طويلة في مجال الأمن والاستخبارات، لكنه يواجه معارضة شديدة داخل الجهاز، حيث يراه بعض المسؤولين مرتبطًا بتوجهات سياسية يمكن أن تؤثر على استقلالية الجهاز وأداء مهامه الأمنية. هذه الخلافات تعكس انقسامات عميقة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، خاصة بعد الهجوم الكبير الذي شنته حركة حماس في أكتوبر 2023، والذي كشف العديد من نقاط الضعف في منظومة الأمن الداخلي.

تصاعد العزلة الدولية لحكومة نتنياهو مع تصاعد الحرب على غزة وتجميد المساعدات الإنسانية

قال موقع “أكسيوس” إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تواجه عزلة متزايدة من أبرز حلفائها الدوليين، وسط استمرار الحرب على غزة وتعليق المساعدات الإنسانية، وكانت شرعية نتنياهو دولياً قوية للرد على هجمات حماس في 7 أكتوبر، لكن الدعم بدأ يتآكل مع طول أمد الصراع، وتحول إلى موجة دبلوماسية تضغط على موقف إسرائيل على الساحة الدولية.

وخلال الشهرين الماضيين، فقد نتنياهو دعم العديد من شركائه في الغرب، باستثناء الولايات المتحدة، بعد إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار وفرض حظر شامل على دخول الغذاء والدواء إلى غزة، وتصاعدت الضغوط الدولية مع إطلاق إسرائيل عملية عسكرية جديدة تهدف إلى إعادة احتلال غزة بدلاً من قبول اتفاق يحرر الرهائن وينهي الحرب.

وعلى الرغم من تحفظات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ألمح إلى ضرورة إنهاء العمليات العسكرية والسماح بالمساعدات الإنسانية، عبّر العديد من قادة الدول الأخرى عن رفضهم علناً لهذا النهج، وفي بيان مشترك بتاريخ 19 مايو، حذر كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء كندا مارك كارني ورئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر من اتخاذ إجراءات ملموسة إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري وترفع القيود عن المساعدات.

ورد نتنياهو بغضب، متهمًا هؤلاء القادة بالانحياز لـ”حماس”، وقال إنهم يريدون من إسرائيل التراجع مما يسمح بحياة حماس على حساب أمن إسرائيل، وتجاوزت العزلة الإسرائيلية التصريحات، حيث علقت بريطانيا مفاوضات التجارة مع إسرائيل وفرضت عقوبات على مستوطنين متورطين في هجمات عنيفة. كما تستعد فرنسا لعقد مؤتمر مشترك مع السعودية لدفع حل الدولتين، وتعتزم الإعلان عن اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية.

وكانت عدة دول أوروبية قد اتخذت مواقف داعمة للفلسطينيين، واعتبرت إسرائيل مسؤولة عن “إبادة جماعية”، فيما طالب الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في اتفاقيات التعاون مع تل أبيب.

من جانبها، اتهمت حكومة نتنياهو القادة الأوروبيين بمعاداة السامية والتأثر بضغط الأقليات المسلمة، لكنها وافقت أخيرًا على إدخال بعض المساعدات الإنسانية لغزة.

في كواليس مجلس الأمن، أشار مسؤول إسرائيلي إلى تحذير وزير الخارجية جدعون ساعر من أن تجميد المساعدات لن يضعف حماس بل سيدفع الحلفاء إلى الابتعاد عن دعم إسرائيل، مما أدى في النهاية إلى عودة إسرائيل للسماح بالمساعدات تحت ضغط دولي.

أما على صعيد الخطط المستقبلية، تراجع الرئيس ترامب عن اقتراح ترحيل الفلسطينيين من غزة، لكن نتنياهو أصر على ضرورة تنفيذ خطة تهجير جماعي يُطلق عليه “الهجرة الطوعية”، والتي قد تؤدي إلى تسوية قطاع غزة بالكامل. تنفيذ هذه الخطة قد يعمق عزلة إسرائيل دبلوماسيًا ويؤدي إلى تداعيات دولية أوسع.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: إسرائيل دافيد زيني عملية إسرائيل الثانية في غزة غزة وقف إطلاق النار غزة المساعدات الإنسانیة

إقرأ أيضاً:

كيف أشعلت طوفان الأقصى الحرب بين نتنياهو وقيادة الشاباك؟

تشهد إسرائيل أزمة استخبارية ودستورية حادة إثر قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، في تحدٍ صريح لقرار المحكمة العليا التي رفضت الإقالة ووصفتها بـ"تضارب المصالح".

ويعد جهاز الأمن العام المعروف عبريا بـ"الشاباك" جزءا أساسيا من منظومة الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن حماية الكيان من التهديدات الداخلية.

وتشمل مهامه الحيوية تأمين الأشخاص وأسرار الدولة، ومنع "الإرهاب الداخلي" والتحقيق في قضاياه، بالإضافة إلى شمول الأراضي الفلسطينية ضمن صلاحياته.

كما يتولى الجهاز مسؤوليات إستراتيجية حساسة تشمل الإشراف على أمن الأصول الإستراتيجية للدولة ومرافقها المدنية والحكومية، بما فيها السرية منها، إلى جانب تقديم التصنيف الأمني للمناصب والوظائف، ولا سيما ذات الطابع السري.

وتعود جذور الأزمة الحالية إلى ليلة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حين وصلت إلى الجهاز مؤشرات على هجوم وشيك من غزة.

لكن هذه المعطيات لم تكن مقنعة لرئيس الشاباك رونين بار الذي رأى أنها لا تستحق رفع مستوى التأهب، وهو الذي اعتُبر فشلا استخباريا كلف إسرائيل ثمنا باهظا.

ذروة التوترات

وعلى إثر "طوفان الأقصى" التي هزت أركان إسرائيل جرى تشكيل غرفة عمليات خاصة في الشاباك أُوكلت إليها مهمة قتل كل فلسطيني شارك في الهجوم، في تطور يعكس مدى الصدمة التي أحدثها داخل المؤسسة الأمنية.

إعلان

ومنذ ذلك اليوم عاب نتنياهو على رئيس الشاباك أنه أخفق في توقع الهجوم ومنعه، لتنشب بعدها خلافات حادة وتبادل للاتهامات بين الرجلين.

ووصلت هذه التوترات إلى ذروتها عندما رفض رونين بار تقديم توصية أمنية تتيح لنتنياهو عدم المثول أمام القضاء في قضاياه الجنائية.

واشتدت هذه الخلافات أكثر بعدما فتح الشاباك تحقيقين مع مقربين من نتنياهو، أحدهما يتعلق بقضية الأموال القطرية الحساسة، مما فاقم حدة التوتر بين الطرفين وحوّل العلاقة من خلاف مهني إلى صراع شخصي ومؤسسي.

إقالة بار

وفي خطوة جريئة، قرر نتنياهو إقالة بار من منصبه بإجماع من ائتلافه الحكومي، في محاولة لحسم الصراع لصالحه، ولكن بار لم يستسلم، ورغم إعلانه الاستقالة اعتبارا من يونيو/حزيران المقبل فإنه التمس للمحكمة العليا للطعن في قرار الإقالة.

وجاءت المفاجأة عندما رفضت المحكمة العليا قرار الإقالة ورأت فيه تضاربا في المصالح، مما شكّل ضربة قوية لنتنياهو وسلطته التنفيذية.

وهو الأمر ذاته الذي وجدته المستشارة القانونية للحكومة في تعيين نتنياهو خلفا لبار، وهو ديفيد زيني.

لكن نتنياهو -وفي تحدٍ صارخ للسلطة القضائية والاستشارة القانونية- ضرب هذه الآراء بعرض الحائط واستمر في قراره، مما يطرح تساؤلات جدية بشأن احترام سيادة القانون وفصل السلطات في إسرائيل.

وتأتي هذه الأزمة في سياق أوسع من التوترات المتزايدة بين نتنياهو والمؤسسات القضائية والأمنية، مما يهدد بزعزعة الاستقرار الداخلي في إسرائيل التي تواجه تحديات أمنية جسيمة على جبهات متعددة.

يذكر أن هذه الأزمة تعد من أخطر الأزمات التي تشهدها المؤسسة الاستخبارية الإسرائيلية، حيث تتداخل فيها الاعتبارات الأمنية مع الصراعات السياسية والقانونية.

مقالات مشابهة

  • مكالمة حادة بين نتنياهو وترامب حول إيران.. كيف توترت المحادثة؟
  • تقارير إسرائيلية: مكالمة حادة بين ترامب ونتنياهو بشأن إيران وسط خلافات حول الحل الدبلوماسي
  • ‏المدعية العامة في إسرائيل تعتبر تعيين نتنياهو لرئيس جهاز الشاباك الجديد "غير قانوني"
  • ديفيد زيني حصان طروادة الذي يتحدى به نتنياهو الجيش والقضاء
  • أزمة داخل الشاباك بسبب ترشيح زيني لرئاسته.. ومسؤولون يهددون بالاستقالة
  • كيف أشعلت طوفان الأقصى الحرب بين نتنياهو وقيادة الشاباك؟
  • نتنياهو يدافع عن تعيين زيني وضباط في الشاباك يلوحون بالاستقالة
  • نتنياهو: زيني الخيار الأمثل لرئاسة "الشاباك" ويجب ألا يتم تأجيل تعيينه لأننا في حالة حرب
  • نتنياهو: زيني الخيار الأمثل لرئاسة الشاباك