أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن تعيين اللواء دافيد زيني رئيسًا لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) يوم الجمعة ، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والأمنية والقانونية في إسرائيل. 

وجاء هذا القرار في ظل أجواء سياسية مشحونة، وتوترات داخلية متفاقمة، ووسط اتهامات لنتنياهو بمحاولة إحكام السيطرة على المؤسسات الأمنية والاستخبارية.

 

كما تزامن الإعلان مع رفض واسع من المعارضة، وأجهزة قضائية وتشكيك في قانونية الإجراءات المتخذة، ما جعل من تعيين زيني قضية أمنية وسياسية بامتياز تتجاوز مجرد اختيار مسؤول أمني رفيع.

تفاصيل التصريح الأمني الجديد

في خطوة مثيرة للجدل، أعلن دافيد زيني، رئيس الشاباك المُعين حديثًا، عن معارضته لأي اتفاق مع حركة حماس حول استعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، واصفًا الحرب في القطاع بأنها "حرب وجودية" بالنسبة لإسرائيل. 

وجاءت تصريحاته خلال مناقشات مغلقة مع هيئة الأركان العامة، ما دفع بعائلات الأسرى إلى دعوة لإلغاء تعيينه، معتبرين أن نتنياهو يسعى لاستبدال رئيس الشاباك الحالي، رونين بار، بشخص يرفض مبدأ الصفقات.

من هو دافيد زيني؟

اللواء دافيد زيني من مواليد عام 1974 في القدس، ونشأ في مدينة أشدود ضمن أسرة دينية جزائرية الجذور، يُعد زيني من القيادات العسكرية البارزة، ويعيش حاليًا في مستوطنة "كيشت" في هضبة الجولان المحتلة، وهو متزوج وأب لـ11 طفلًا، حاصل على بكالوريوس في التربية وماجستير في الأمن القومي والإدارة العامة.

وانضم إلى الجيش الإسرائيلي عام 1992 في وحدة "سييرت متكال"، وهي إحدى وحدات النخبة، وشارك في عدد من العمليات العسكرية في غزة ولبنان، وتدرج في المناصب القيادية، حيث شغل عدة مواقع من بينها: قائد الكتيبة 51، وقائد لواء الكوماندوز "عوز"، وقائد لواء "الإسكندروني"، ومؤسس لواء "عوز"، وقائد المركز الوطني لتدريب القوات البرية.

في يونيو 2023، رُقي إلى رتبة جنرال وأصبح قائد قيادة التدريب والتأهيل، قبل أن يُعلن عن تعيينه المفاجئ في رئاسة جهاز الشاباك.

الخلفية القانونية والسياسية للتعيين

قرار التعيين لم يكن وليد اللحظة، حيث تشير التقارير إلى أن نتنياهو اتخذ قراره قبل نحو أسبوعين، لكنه تجنب إعلانه فورًا لتفادي الانتقادات القانونية والسياسية. وفي السياق ذاته، أعلنت المدعية العامة والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، أن نتنياهو "تصرف في تضارب مصالح" وأن التعيين تشوبه "عيوب قانونية واضحة".

وقد منعت المحكمة العليا في وقت سابق إقالة رئيس الشاباك الحالي، رونين بار، بسبب طعون قانونية تقدمت بها المعارضة ومنظمات مجتمع مدني، وهو ما زاد من تعقيد المشهد القانوني. علاوة على ذلك، يُجري الشاباك تحقيقًا مع مكتب نتنياهو بشأن علاقات مالية مشبوهة مع دولة قطر، مما يطرح تساؤلات حول دوافع الإقالة والتعيين.

ردود الأفعال الرسمية والمعارضة

قائد الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، فوجئ بالتعيين ولم يُستشر في القرار. وقد استدعى زيني لـ"محادثة توضيحية"، مما أثار تكهنات عن إقالة محتملة من الجيش. لكن الجيش نفى لاحقًا تلك التكهنات، وأعلن أن زيني سيتقاعد "بالاتفاق" استعدادًا لتسلم مهامه الجديدة.

على الجانب الآخر، دعت المعارضة الإسرائيلية، وعلى رأسها زعيم المعارضة يائير لابيد، زيني إلى رفض المنصب مؤقتًا حتى تبت المحكمة العليا في قانونية التعيين. كما أعلنت منظمة "الحركة من أجل جودة الحكومة في إسرائيل" نيتها الطعن في القرار قضائيًا.

سياق تعيين زيني.. خلفية محاولة إقالة رونين بار

تشير خلفية الأزمة إلى أن حكومة نتنياهو كانت قد قررت إقالة رونين بار في مارس الماضي بذريعة "انعدام الثقة الشخصية والمهنية"، لكن تقارير إعلامية ربطت القرار بتحقيقات الشاباك حول تقصير الحكومة في التعامل مع هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.

وقد انتقد بار القرار علنًا، معتبرًا أن "الولاءات الشخصية لرئيس الوزراء تتناقض مع قانون الشاباك والمصلحة العامة"، في تصريحات لاقت دعمًا واسعًا من المعارضة وأجهزة الدولة القانونية.

محاولة سابقة لتعيين بديل آخر وفشلها

لم تكن محاولة نتنياهو لتغيير قيادة الشاباك الأولى من نوعها، إذ سبق أن رشّح الأميرال إيلي شارفيت، القائد السابق للبحرية، لكن بعد ساعات فقط تراجع عن القرار.

تقارير إعلامية كشفت أن التراجع جاء بعد اكتشاف مشاركة شارفيت في احتجاجات ضد قوانين الإصلاح القضائي المثيرة للجدل، والتي رُفعت العام الماضي.

وتعيين دافيد زيني على رأس جهاز الشاباك، يُعد واحدًا من أكثر التعيينات إثارة للجدل في تاريخ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فبعيدًا عن كفاءاته العسكرية، يواجه زيني عوائق قانونية، ورفضًا شعبيًا، واعتراضات من عائلات الرهائن.

كما يأتي القرار ضمن سياق سياسي محتقن يحاول خلاله نتنياهو فرض سيطرته على مفاصل الدولة الأمنية، وسط تزايد الضغوط الداخلية والدولية.

الأيام القادمة ستكون حاسمة في تقرير مصير هذا التعيين، إما بتثبيته رغم كل الاعتراضات، أو بتراجعه تحت وطأة القضاء والمعارضة والشارع الإسرائيلي.

طباعة شارك الشاباك دافيد زيني جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إسرائيل رئيس الشاباك من هو دافيد زيني

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشاباك دافيد زيني جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إسرائيل رئيس الشاباك رئیس الشاباک دافید زینی رونین بار رئیس ا

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يتحدى المؤسسات الإسرائيلية مجددًا في أزمة تعيين رئيس الشاباك

قالت دانا أبو شمسية، مراسلة القاهرة الإخبارية من القدس المحتلة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه جدلًا واسعًا بشأن قراره بتعيين رئيس جديد لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، متجاوزًا بذلك الإجراءات القانونية والمؤسسات المعنية.

برلمانية: ترسيخ الانتماء يبدأ بالمشاركة المجتمعية وتنمية الوعي السياسيمشروع عملاق لإنشاء الهيدروجين الاخضر.. جلسة استماع لتقييم الأثر البيئي للمشروع بجنوب سيناء

وأوضحت أبو شمسية، خلال مداخلة مع الإعلامي كريم حاتم، على قناة القاهرة الإخبارية، أن نتنياهو تحدى المؤسسة القضائية ممثلة في المستشارة القانونية للحكومة، التي اعتبرت قراره السابق بإقالة الرئيس المستقيل للشاباك، رونين بار، غير قانوني، مشيرة إلى أن تعيين رئيس جديد يجب أن يتم بالتنسيق مع الجهات المختصة، على رأسها رئيس الأركان والسكرتير العسكري واللجنة القانونية العليا.

وأضافت أن نتنياهو أجرى لقاءً شخصيًا مع المرشح الجديد زيني داخل سيارته الحكومية دون الرجوع إلى رئيس الأركان هرتسي هاليفي أو أي من المستشارين القانونيين، وهو ما اعتُبر تجاوزًا صريحًا للأنظمة المعمول بها داخل الحكومة الإسرائيلية.

وأثار نشر مكتب نتنياهو مقطع فيديو يوثق اللقاء مع زيني، موجة استياء في الأوساط السياسية والعسكرية، إذ رأى كثيرون أن نتنياهو يسعى لفرض شخصية موالية له على رأس جهاز "الشاباك" لضمان عدم معارضته، خصوصًا في ظل رفض المعارضة الإسرائيلية القاطع لهذا التعيين.

طباعة شارك نتنياهو الوزراء الإسرائيلي القدس

مقالات مشابهة

  • ‏المدعية العامة في إسرائيل تعتبر تعيين نتنياهو لرئيس جهاز الشاباك الجديد "غير قانوني"
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: حرب غزة ليست أبدية وسنختصرها.. والحوثيون يطلقون صواريخ إسناد
  • شبح الاستقالة يهدد الشاباك.. خلافات حادة حول ترشيح دافيد زيني وسط تسريبات مثيرة
  • تسريب يكشف تحريض رئيس الشاباك المعيّن ضد المسلمين
  • نتنياهو يدافع عن تعيين زيني وضباط في الشاباك يلوحون بالاستقالة
  • نتنياهو يتحدى المؤسسات الإسرائيلية مجددًا في أزمة تعيين رئيس الشاباك
  • نتنياهو: زيني الخيار الأمثل لرئاسة "الشاباك" ويجب ألا يتم تأجيل تعيينه لأننا في حالة حرب
  • نتنياهو: زيني الخيار الأمثل لرئاسة الشاباك
  • عائلات الأسرى.. رئيس الشاباك الجديد سيدفن الأسرى في غزة