باحث مقدسي لـعربي21: ما حدث في الأقصى غير مسبوق.. والأردن لديه ورقة ضغط
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
شارك ألفي مستوطن إسرائيلي متطرّف في اقتحام واسع للمسجد الأقصى، وكان على رأسهم الوزيرين إيتمار بن غفير، وبتسئيل سموتريتش، وذلك في ذكرى احتلال المدينة المقدسة، ما خلّف موجة "غضب" متسارعة، خاصة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وأقيمت في الوقت نفسه "مسيرة الأعلام" بمنطقة باب العامود في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، حيث زاد عدد المقتحمين هذه المرة 37 في المئة عن جميع الاقتحامات السابقة للمسجد الأقصى، ولهذا تم وصف هذا اليوم بكونه: "الأسوأ من احتلال المدينة المقدسة في عام 1967".
اليوم الأسوأ في تاريخ المسجد
لمعرفة خطورة هذا الاقتحام غير المسبوق التقت "عربي21"، بأستاذ دراسات بيت المقدس، ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالمسجد الأقصى سابقاً، عبد الله معروف، والذي أكّد أنّ: "هذا الاقتحام الذي شهده المسجد الأقصى المبارك، الاثنين، يُعتبر واحداً من أسوأ الاقتحامات التي مرت وحدثت في تاريخ الصراع على المسجد".
وتابع معروف في حديثه لـ"عربي21": "لا اقول أن هذا اليوم الأسوأ فقط منذ عام 1967 بل حتى منذ عام 1917، حيث لم يصل الأمر في أي وقت سابق خلال القرنين 20- 21 إلى أن نشهد هذا الكم الهائل من المستوطنين الذين يؤدون طقوسهم الدينية داخل المسجد الأقصى المبارك، بهذا الشكل العلني، والمُستفز، والعبثي، في ذات الوقت بهذه الطريقة التي رأيناها هذا اليوم".
وأبرز: "أضف إلى ذلك أن سلطات الاحتلال سمحت لهؤلاء المستوطنين أن يقيموا فعليا ما يشبه مسيرة أعلام داخل المسجد الأقصى المبارك نفسه، قبل أن تقوم حتى مسيرة الأعلام الأصلية في شوارع مدينة القدس".
وأوضح معروف أنّ: "هذا الأمر لم يحدث مُسبقاً في المسجد الأقصى المبارك، ولذلك رأينا أن العدد الذي اقتحم الأقصى في هذا اليوم فاق جميع المواسم وجميع الأعداد التي دخلت أو اقتحمته في موسم يوم القدس المشابه له في السنوات الماضية".
"هذا الموسم الذي يسمّى يوم القدس هو في الحقيقة عيد وطني إسرائيلياً وليس عيداً دينياً، ولكن رأينا في هذا العام أنه تم تحويله إلى مناسبة اتخذت طابعاً دينياً، حيث حاول عدداً من المستوطنين إدخال لفائف التوراة الكبيرة إلى داخل المسجد الأقصى المبارك" بحسب أستاذ دراسات بيت المقدس.
وأردف: "كما رأينا دخولاً جماعياً إلى المسجد بلفائف التفيلّين التي تُمثل فريضة دينية عند هذه الجماعات، إضافة إلى ما رأيناه في الفترة الماضية في أثناء دخول هذه الجماعات واقتحامها للمسجد الأقصى المبارك؛ ما جعل هذا الاقتحام مختلفاً عن ما سبقه من اقتحامات مشابهة في المواسم التي تشبه هذا الموسم في ما يُسمى بيوم القدس".
ويرى الباحث المقدسي، أنّ: "الخطورة لا تكمن في موضوع العدد وحده فقط"، مستدركا: "نعم مسألة الأعداد غير المسبوقة في هذه الاقتحامات خطيرة جداً، ولكن في ذات الوقت المسألة كبيرة جدا وتتجاوز موضوع الأعداد لتصل إلى الحدث وطبيعته وأيضا طبيعة الأحداث التي جرت لالمسجد الأقصى المبارك وكيفية الاقتحامات، بمعنى أنّ العدد ليس النقطة الأكثر خطورة بقدر ما يترتب من أحداث على وجود هذه الأعداد الكبيرة".
وحول ما إذا كان الصمت العربي والإسلامي قد شجّع هذا العدد الكبير من المستوطنين على اقتحام الأقصى، قال معروف: "بالتأكيد شجعهم ذلك".
واسترسل معروف، بالقول: "ما شجع هذه الجماعات المتطرفة أيضا على الدخول بهذه الأعداد الكبيرة والقيام بهذه التحركات الخطيرة داخل المسجد الأقصى المبارك التي رأيناها، هو رغبتها في تأكيد سيطرتها على الشارع الإسرائيلي".
وأضاف: "أيضا اعتمدت هذه الجماعات بشكل أساسي على ما تعتبره فرصة تاريخية لها لتثبيت نفسها في هذه "الدولة" دون الحاجة لانتخابات وغيرها من الأدوات الديمقراطية التي لا تؤمن بها أصلا في دولة الاحتلال".
وأورد: "بالتالي هي لا تعني فقط توجيه الرسائل إلى الطرف الفلسطيني والعربي والمسلم وإنما أيضا إلى الأطراف الأخرى المناوئة لها داخل دولة الاحتلال".
وقف التنسيق الأمني
بخصوص المطلوب فعله فلسطينيا سواء من قبل السلطة أو الفصائل أو الشعب ككل، قال معروف: "المطلوب منهم جميعا فعل كبير جدا، فإنّ المسجد الأقصى المبارك اليوم عانى من فراغ كامل من الوجود الإسلامي والعربي، إذ لم يكن هناك عدد من المسلمين يوازي عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد".
وتابع معروف: "عضو الكنيست تسفي سوكوت عن حزب الصهيونية الدينية وهو أحد أقطاب المتطرفين قال وهو في المسجد الأقصى، إن هذا اليوم شهد وجوداً يهودياً أكبر من الوجود العربي والإسلامي داخل المسجد وهذا أمر عنى للمستوطنين المُقتحمين أنهم يمتلكونه بالفعل".
وأردف: "كما ردّد هذا المتطرف أثناء هذا التصريح الشعار الذي ردده جنود الاحتلال الذين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك عام 1967 وهو -جبل المعبد بأيدينا- كما قال سكوت: -إن هذا الأمر أي وجود عدد من اليهود أكبر من عدد المسلمين في الأقصى في هذا اليوم عنى بكل وضوح أن جبل المعبد بأيدينا-".
ووفقا لمعروف فإنّ هذا الأمر أدّى إلى: "ارتفاع معنويات هذه الجماعات، وبالتالي هذا يُرتب على المقدسيين بالدرجة الأولى والفلسطينيين بشكل عام سواء أهل الداخل أو من يستطيع أن يحاول الوصول للمسجد الأقصى: مسؤولية تتعلّق بضرورة الوجود الكامل في الأقصى وعدم الاستجابة للضغوط الإسرائيلية فيما يتعلق بالمنع الممنهج من دخول المسجد الأقصى المبارك".
وحول دور السلطة الفلسطينية قال معروف: "عليها الكف عن التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، والكف عن محاولة حرف البوصلة الفلسطينية إلى سجالات داخلية، كما يجري حاليا في الضفة الغربية فيما يتعلق برؤية السلطة في قطاع غزة، وفتح المجال فعلياً لأهل الضفة الغربية للانخراط في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك بكافة الطرق الممكنة التي يكفلها القانون الدولي".
الأردن: تعليق معاهدة "وادي عربة"
الجدير بالذكر أنّ المسجد الأقصى يقع تحت الوصاية الأردنية، وبعد توقيع معاهدة السلام "وادي عربة" عام 1994 بين الاحتلال والأردن يملك الأخير أيضا حق الإشراف على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من خلال دائرة الأوقاف.
ولكن كل يوم يثبت الاحتلال أنه يتجاهل هذه الوصاية ويرمي بها عرض الحائط، ولا يلتفت أيضا إلى لإدانات الأردنية المتكررة حول اقتحام المستوطنين المتطرفين للأقصى، وكثيرا ما طالب الشارع الأردني، الحكومات المتعاقبة، بإلغاء معاهدة السلام مع الاحتلال، إلا أنه لم يتم الاستجابة لطلباتهم المتكررة.
إلى ذلك، قال الباحث المقدسي عبد الله معروف: "يجب على الجهات الرسمية في المسجد الأقصى المبارك وهي تحديدا دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن، عدم الاستجابة لأي ضغوط يقوم بها الاحتلال تتعلق بمنع الدعاء لقطاع غزة أو ذكرها كما حدث في خلال الأسابيع الستة الماضية".
وأضاف: "كذلك عدم الاستجابة للضغوط الإسرائيلية فيما يتعلق بتحديد حركة الحرس في المسجد الأقصى ومنه وإليه أو تقليل وجودهم في المسجد، وإنما ينبغي الاتجاه إلى تأزيم الموقف مع الاحتلال بقصد إحراج الاحتلال ودفعه فعليا للجوء إلى مواجهة الشعب مباشرة".
وأكد أنّ: "هذا الأمر ثبت نجاعته في السنوات الماضية خاصة في هبة باب الأسباط عام 2017 وهبة باب الرحمة عام 2019، فبالتالي هذا الأمر يرتب مسؤوليات مضاعفة على هذه الجهات".
وحول أوراق الضغط السياسية التي يمكن للأردن استخدامها ضد الاحتلال لوقف اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى، قال معروف: "الأردن بالذات لديه مفاتيح كثيرة للتعامل مع هذه القضية وإجبار الاحتلال على التراجع عن هجومه على المسجد الأقصى المبارك واستفزازاته".
وأوضح: "أهم هذه المفاتيح هي ورقة اتفاقية وادي عربة، وسبق للأردن أن استخدم هذه الورقة سابقا بنجاح، حين هدد بمراجعة المعاهدة في أكثر من مُوضع واضطر الاحتلال للتراجع لأنه ليس مستعداً للتخلي عن معاهدة أمنت أطول خط حدودي بري بين دولة الاحتلال ودولة عربية وهي الأردن".
ويرى معروف أنّ: "الاحتلال لا يستطيع المغامرة بسهولة بهذه الاتفاقية، وبناء على ذلك يمكن للأردن أن يضغط على دولة الاحتلال بشكل أفضل وأقوى من غيره من الدول بسبب أوراق الضغط التي يمتلكها مثل الاتفاقية والكثافة السكانية لديه في مقابل ما يخشاه الاحتلال فعلياً على حدوده الشرقية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المسجد الأقصى الاحتلال وادي عربة الاردن الاحتلال وادي عربة المسجد الأقصى باحث مقدسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة داخل المسجد الأقصى المبارک فی المسجد الأقصى دولة الاحتلال للمسجد الأقصى هذه الجماعات قال معروف هذا الیوم هذا الأمر
إقرأ أيضاً:
حالة غضب بين الفلسطينيين .. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
أكدت دانا أبو شمسية مراسلة قناة "القاهرة الإخبارية" من محيط باب العامود،أن مئات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى منذ ساعات الصباح على دفعتين – صباحية ومسائية – حيث تجاوز عدد المقتحمين 1240 مستوطنًا، قاموا بجولات استفزازية داخل المسجد، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال.
أضافت أبو شمسية، في تصريحات مع الإعلامي أحمد أبو زيد، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ مدينة القدس، لا سيما البلدة القديمة، تحولت منذ ساعات الصباح إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، حيث نُصبت الحواجز الحديدية وأُغلقت الطرق، وجرى التضييق على حركة الفلسطينيين، بما فيهم الصحفيون.
أشارت إلى أن قوات الاحتلال اعتدت على صحفيين ومرابطين وتجار داخل البلدة القديمة، في مشهد يتكرر مع كل موسم تصعيد، مشددة على أن إجراءات الاحتلال شملت اعتقالات احترازية وإصدار أوامر إبعاد بحق العشرات من النشطاء المقدسيين، بهدف منع أي فعاليات فلسطينية مضادة للمسيرة.
وذكرت، أنّ مسيرة الأعلام انطلقت بعد تأخير دام ساعة ونصف بسبب موجة الحر، وشهدت مشاركة كثيفة من المستوطنين من فئتي الرجال والفتيان، ثم الفتيات، ومرت المسيرة من حديقة "الاستقلال" غرب المدينة، باتجاه باب الخليل وباب الجديد، لتصل إلى ذروتها عند باب العامود، وهو الموقع الأكثر حساسية ورمزية في البلدة القديمة.
وأفادت، بأن المجموعات اليمينية المتطرفة رفعت الأعلام الإسرائيلية واحتفلت بما تسميه "توحيد القدس"، في إشارة إلى ضم الجزء الشرقي المحتل من المدينة، مشددةً، على أنّ القيود المفروضة طالت حتى سكان البلدة القديمة أنفسهم، حيث مُنع العديد من المقدسيين من الوصول إلى منازلهم رغم حملهم بطاقات هوية تثبت إقامتهم.
وأشارت إلى أن الفلسطينيين من الداخل المحتل، تم عرقلة وصولهم إلى المسجد الأقصى بالكامل، وتُقدّر الأعداد المتوقع وصولها إلى ساحة البراق في وقت لاحق من المساء بعشرات الآلاف من المستوطنين، في مشهد وصفته أبو شمسية بأنه "استباحة منظمة للمكان والإنسان والتاريخ، وسط صمت دولي مطبق".