الأمعاء مفتاح النوم العميق!.. العلم يغير منظور الراحة الليلية
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
إنجلترا – في تحول جذري لفهم أسرار النوم العميق، يوجه العلماء أنظارهم الآن من الدماغ إلى الأمعاء كمفتاح رئيسي لجودة الراحة الليلية.
وتكشف أحدث الأبحاث أن مجتمع الميكروبات المعقد في جهازنا الهضمي ليس مجرد مساعد على الهضم، بل هو “مهندس كيميائي” يصنع الهرمونات وينظم الإشارات التي تحدد قدرتنا على النوم والاستيقاظ.
وبعد عقود من التركيز حصريا على نشاط الدماغ، يبرز الآن المحور الدماغي-المعوي (Gut-Brain Axis) كلاعب رئيسي في معادلة النوم، حيث يعمل كجسر حيوي تنطلق عبره رسائل كيميائية حيوية تؤثر مباشرة على إنتاج الميلاتونين، وتوازن الهرمونات، وحتى استجابتنا للتوتر والقلق. وهذا التواصل المستمر يعني أن أي تغيير في حالة الأمعاء يترجم فورا إلى إشارات تؤثر على كيفية إدارة الدماغ للتوتر والمزاج، وبالتالي جاهزيتنا للنوم.
وهذا الاكتشاف لا يفسر فقط لماذا يعاني أصحاب القولون العصبي والأمعاء الحساسة من اضطرابات النوم، بل يفتح الباب أمام علاجات جديدة تستهدف تحسين النوم من خلال العناية بصحة الجهاز الهضمي.
لكن، كيف تتحدث الأمعاء إلى الدماغ تحديدا؟
تقوم الميكروبات النافعة في أمعائنا بأكثر من مجرد المساعدة في الهضم، فهي مصانع كيميائية حية. وتنتج هذه الميكروبات ناقلات عصبية ومواد كيميائية تؤثر مباشرة على النوم. على سبيل المثال، يتم إنتاج معظم السيروتونين في الجسم (نحو 90%) في الأمعاء، وهو الهرمون الذي ينظم المزاج ويعد الطريق لإنتاج الميلاتونين، هرمون النعاس الذي يصنع أيضا جزئيا في الجهاز الهضمي. كما تنتج بكتيريا الأمعاء النافعة مادة GABA المهدئة للجهاز العصبي، والتي تشير إلى أن الجسم في وضع آمن يسمح له بالاسترخاء.
ومعا، تشكل هذه المواد نظاما داعما للإيقاع اليومي الطبيعي. لكن عندما يختل توازن الميكروبيوم وتتكاثر البكتيريا الضارة، يضطرب هذا الإنتاج الكيميائي، وتصبح إشارات “حان وقت النوم” غير واضحة أو ضعيفة.
وبالإضافة إلى ذلك، ثمة طريق رئيسي آخر يربط صحة الأمعاء بسوء النوم وهو الالتهاب المزمن منخفض الدرجة. إذ تحافظ الأمعاء السليمة على حاجز قوي يمنع السموم والجزيئات الالتهابية من التسرب إلى مجرى الدم. أما عند وجود خلل، كما في حالات “الأمعاء المتسربة” أو متلازمة القولون العصبي، فإن هذا الحاجز يضعف، ما يسمح لمواد تثير الجهاز المناعي بالتسرب. ويؤدي هذا التسرب إلى التهاب دائم في الجسم كله.
والالتهاب، كما هو معروف، يعبث بمناطق في الدماغ مسؤولة عن تنظيم دورات النوم واليقظة، ما يصعب الانتقال السلس بين مراحل النوم. كما يرفع الالتهاب مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر، ليضع الجسم في حالة تأهب دائم تتنافى مع الاسترخاء اللازم للنوم.
وهكذا تدور حلقة مفرغة: التوتر يضر بتنوع ميكروبيوم الأمعاء، والأمعاء المضطربة ترسل إشارات التهابية وقلقا إلى الدماغ ما يعطل النوم، والنوم السيء بدوره يزيد من هرمونات التوتر، ما يزيد الوضع سوءا في الأمعاء.
لكن الخبر السار هو أنه يمكن كسر هذه الحلقة من خلال دعم صحة الأمعاء، ما ينعكس إيجابيا وبشكل ملحوظ على جودة النوم. ولا يتطلب الأمر حلولا معقدة، بل تكفي إجراءات عملية مثل:
تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك (كالألبان المخمرة والمخللات الطبيعية) والبريبايوتك (كالموز، والشوفان، والهليون) لتغذية البكتيريا النافعة. تقليل السكر والأطعمة فائقة المعالجة التي تغذي البكتيريا الضارة وتزيد الالتهاب. الالتزام بمواعيد منتظمة للوجبات لتنظيم الساعة البيولوجية للجهاز الهضمي. إدارة التوتر عبر تقنيات التنفس أو التأمل، لحماية الميكروبيوم من آثاره السلبية. شرب كميات كافية من الماء لدعم البيئة الصحية للأمعاء.ويشير الخبراء إلى أن النوم الجيد لا يبدأ في اللحظة التي تصعد فيها إلى السرير، بل قبل ذلك بوقت طويل، ويتشكل من خلال صحة الأمعاء والرسائل التي ترسلها إلى الدماغ طوال اليوم. وعندما يتم دعم الأمعاء وموازنتها، يصبح الجسم أكثر قدرة على الهدوء والتعافي والتحول إلى الإيقاعات التي تسمح للنوم بالتحسن بشكل طبيعي.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
قطاع الصحة في عروس الدلتا يواصل الإنجازات.. محافظ الغربية يعلن انطلاقة جديدة للمنظومة الصحية بتشغيل وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بحميات طنطا
أعلن اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية بدء تشغيل وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا، مؤكدًا أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة متكاملة لتطوير البنية الصحية بالمحافظة، وتوفير خدمات طبية متقدمة تستجيب لاحتياجات المواطنين وتخفف عنهم عناء الانتقال للمراكز الطبية المتخصصة خارج المحافظة.
تحسين خدمات علاجيةوشدد محافظ الغربية على أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بقطاع الصحة، ومحافظة الغربية تتحرك بخطوات متسارعة لدعم المستشفيات ورفع كفاءة الأقسام الحيوية بما يضمن تقديم خدمة طبية آمنة ومتكاملة، لافتًا إلى أن افتتاح الوحدة الجديدة يواكب توسع المحافظة في منظومة التحول الصحي وتطوير مرافقها بما يليق بمكانة عروس الدلتا.
وأوضح الدكتور أسامة أحمد بلبل وكيل وزارة الصحة بالغربية أن الوحدة الجديدة تُعد إضافة مهمة للمستشفى، حيث تقدم خدمات مناظير الجهاز الهضمي العلوي للمرئ والمعدة، ومناظير الجهاز الهضمي السفلي، مما يساهم في رفع دقة التشخيص وسرعة التدخل العلاجي في الحالات الحرجة، مشيرًا إلى أن تجهيزات الوحدة تمت وفق أعلى المعايير الطبية وبأحدث الأجهزة لتعزيز قدرة المستشفى على استيعاب الحالات المتزايدة. وأضاف أن هذا الافتتاح يأتي امتدادًا لخطة تطوير شاملة داخل مستشفى حميات طنطا التي شهدت خلال الفترة الأخيرة تحديثًا جوهريًا في الخدمات والأقسام الحيوية.
واضاف بلبل أن المحافظة تضم شبكة متكاملة من وحدات مناظير الجهاز الهضمي والكبد على مستوى المستشفيات العامة والمركزية، تشمل: مستشفى طنطا العام، كفر الزيات العام، زفتى العام، قطور المركزي، وسمنود المركزي. وكشفت أن الأيام المقبلة ستشهد بدء تشغيل وحدة المناظير الجديدة بمستشفى المحلة العام، لتكتمل منظومة التطوير وتوسيع خدمات المناظير بجميع مراكز المحافظة، بما ينعكس على جودة الخدمات الصحية وتخفيف الضغط عن المستشفيات المتخصصة.
وتُعد مستشفى حميات طنطا — التي تم افتتاحها في أكتوبر 2024 — واحدة من أهم صروح الرعاية الصحية المتخصصة في الغربية، حيث تقع على مساحة 2050 مترًا وتتكون من 9 طوابق بطاقة استيعابية 100 سرير موزعة إلى 7 أسرّة عناية مركزة للكبار، و6 أسرّة عناية مركزة للأطفال، و26 سرير عناية متوسطة، و61 سرير إقامة داخلية. وشهدت المستشفى خلال عام 2025 توسعًا في خدماتها، حيث تم استحداث وحدة العناية المركزة للأطفال في فبراير بعدد 4 أسرّة، وزيادتها في نوفمبر إلى 6 أسرّة استجابة لزيادة الإقبال.
توجيهات محافظ الغربيةكما تقدم المستشفى خدمات طبية ممتدة تشمل قسم الاستقبال الذي يتعامل مع متوسط 1,355 حالة شهريًا خلال آخر ثلاثة أشهر، والعيادات الخارجية التي تستقبل متوسط 12,865 حالة شهريًا، إلى جانب عيادات الأسنان بمعدل 732 حالة، وقسم العلاج الطبيعي بمتوسط 95 حالة. وتضم المستشفى كذلك معملًا مركزيًا متطورًا يجري نحو 4,930 تحليلًا شهريًا، وقسم أشعة متكامل يحتوي على أجهزة X-Ray والموجات فوق الصوتية، مع استمرار أعمال تجهيز قسم الأشعة المقطعية بأحدث التقنيات الطبية.
وفي ختام التصريحات، أكد اللواء أشرف الجندي أن محافظة الغربية ماضية في تنفيذ خطتها لتطوير المنظومة الصحية بالكامل، انطلاقًا من إيمانها بأن صحة المواطن هي الأساس، ودعم المريض هو جوهر كل تحرك، مشددًا على متابعته الميدانية المستمرة لمستشفيات المحافظة لضمان سير العمل بالكفاءة المطلوبة وتقديم خدمات طبية تليق بأهالي الغربية.