بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

في جلسة مجلس الأمن الأخيرة، قدّمت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عبر ممثلها محمد الحسن إحاطة خيّبت آمال العراقيين، واعتُبرت مخجلة ومجتزأة للواقع المؤلم الذي يعيشه أبناء هذا البلد، لا سيما الشباب والنساء والأطفال. فقد تجاهلت الإحاطة معظم القضايا الجوهرية التي يعاني منها المجتمع العراقي، في مشهد وصفه الكثير من الناشطين والمراقبين بأنه “تواطؤ بالصمت” مع الجهات الحاكمة في العراق.


من المعيب أن تتجاهل بعثة دولية بهذا الحجم مشكلات حقيقية وواضحة للعيان. فالشعب العراقي، وخاصة فئاته الشابة، يواجهون يوميًا أزمات معيشية حادة تتمثل في البطالة وانعدام فرص العمل، وسط اقتصاد مشلول تهيمن عليه شبكات الفساد والمحسوبية. لا توجد رؤية واضحة من قبل الحكومة لحل هذه الأزمات، بينما تقف الأمم المتحدة المفترض أن تكون صوتًا للضعفاء موقف المتفرج.

أما النساء، فقد غُيّبن عن الإحاطة كليًا، وكأن معاناتهن في مجتمع يتزايد فيه العنف الأسري والتمييز وغياب قوانين الحماية، لا تستحق الذكر. لقد فشلت الإحاطة في الإشارة إلى الأوضاع المأساوية للنساء في المناطق المهمشة، وللفتيات اللواتي يُحرمن من التعليم، وللأمهات اللواتي يتحملن أعباء الحياة في ظل فوضى الخدمات وتراجع الرعاية الصحية.
لم تتطرق الإحاطة أيضًا إلى واحدة من أخطر الأزمات التي تهدد مستقبل البلاد، وهي أزمة التغير المناخي والجفاف وشح المياه، والتي ضربت الجنوب العراقي والفرات الأوسط بقوة، وأجبرت آلاف العائلات على الهجرة الداخلية. كما تم تجاهل ملف التصحر ونفوق الثروة الحيوانية وانحسار المساحات الزراعية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى دعم دولي حقيقي واستجابة عاجلة لاجتياز هذه الكارثة البيئية المتفاقمة.
أما الفساد، فقد تم التلميح إليه بشكل باهت، رغم كونه السبب الجذري لغالبية مشاكل العراق. فالمال العام يُنهب في وضح النهار، والموارد تُهدر، والثروات تُوزع بشكل غير عادل، دون أي محاسبة حقيقية، والعدالة الاجتماعية في حالة غيبوبة شبه تامة.

إن سكوت يونامي عن هذا كله، وتقديمها إحاطة مُجملة ومنمقة، لا تخدم الحقيقة ولا تُسهم في إصلاح الوضع وهذا ما يجعل العراقيين يتساءلون هل باتت بعثة الأمم المتحدة جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون جزءًا من الحل؟

ختاما اليوم أكثر من أي وقت مضى، يحتاج العراق إلى صوت دولي صادق وموضوعي، ينقل الصورة الواقعية لمعاناة شعبه. أما الإحاطات المجاملة والسطحية، فهي لا تُقنع أحدًا، ولا تُداوي جراح العراقيين، بل تزيدهم يأسًا وانعدام ثقة بالمجتمع الدولي.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

الرئيس العراقي يجدد التزام بلاده بالأمن والديمقراطية ويشيد بدور الأمم المتحدة

جدد الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم السبت، التزام بلاده بالحفاظ على الأمن والاستقرار، وترسيخ أسس ومبادئ الديمقراطية.

 

وأفادت الدائرة الإعلامية للرئاسة العراقية في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع) أن ذلك جاء خلال لقاء الرئيس رشيد بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، حيث أشاد بدوره البارز في دعم العراق ومساندته خلال مختلف المراحل، وحرصه المستمر على تعزيز التعاون بين العراق والمنظمة الدولية.

 

كما أثنى الرئيس العراقي على جهود الأمم المتحدة ودعمها المتواصل للعراق على مر السنوات، مؤكدًا أن الإعلان الرسمي لانتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة (يونامي) يمثل مرحلة جديدة للعمل المشترك بما يتوافق مع متطلبات المرحلة المقبلة وأولويات الدولة العراقية، ويسهم في دعم جهود التنمية المستدامة، مع التأكيد على ضرورة استمرار التعاون في مختلف المجالات.

 

ودعا الرئيس رشيد إلى تعزيز دور الأمم المتحدة في ملف المياه، ومتابعة تنفيذ التزامات الدول بالاتفاقيات والتفاهمات لضمان حصول جميع الأطراف على حصص عادلة من المياه.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء العراق: بعثة الأمم المتحدة كانت شريكا حيويا وأسهمت في تثبيت المسارات الدستورية
  • الرئيس العراقي يجدد التزام بلاده بالأمن والديمقراطية ويشيد بدور الأمم المتحدة
  • غوتيريش يعلن من بغداد انتهاء مهمة البعثة الأممية في العراق
  • غوتيريش يعلن انتهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في العراق
  • غوتيريش يصل بغداد للمشاركة في مراسم انتهاء أعمال “يونامي” بالعراق
  • غوتيريش يصل بغداد للمشاركة في احتفال بانتهاء مهام بعثة يونامي
  • السوداني وغوتيريش يعلنان انتهاء عمل “يونامي “في العراق
  • يونامي ترحل: كفى وصاية
  • نهاية مهمة أممية تاريخية في العراق… ماذا بعد مغادرة يونامي؟
  • بعثة الأمم المتحدة: العراق مقبل على خطة مارشال عراقية – عراقية