جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-03@19:17:20 GMT

الاستدامة لضمان حماية البيئة

تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT

الاستدامة لضمان حماية البيئة

علي بن حمدان بن محمد البلوشي**

في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي يشهدها كوكب الأرض، أصبح من الضروري تسليط الضوء على أهمية حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية لضمان استدامتها للأجيال القادمة. فالنمو السكاني، والتوسع العمراني، والاستهلاك المفرط للموارد، كلها عوامل تؤدي إلى تدهور البيئة وتناقص المخزون الطبيعي.

إن حماية البيئة ليست خيارا، بل مسؤولية جماعية تتطلب وعيًا مجتمعيًا عميقًا، ومشاركة فعالة من جميع الفئات، وخاصة فئة الشباب، كونهم قادة المستقبل وحملة راية التغيير. كما إن للمجتمع المدني دورًا حيويًا في تعزيز مفاهيم الاستدامة والمساهمة في مشاريع تنموية تراعي الجوانب البيئية.

الاستدامة تعني القدرة على تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها، وذلك من خلال الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، والمحافظة على التوازن البيئي، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل متكامل. وتشمل الاستدامة ثلاثة أبعاد رئيسية: البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية، ويجب تحقيق التوازن بينها لضمان نتائج طويلة الأمد.

تجسدت مفاهيم الاستدامة في العديد من الدول الرائدة مثل السويد، التي تبنّت اقتصادا دائريًا يعتمد على إعادة التدوير وتقليل النفايات، وكندا التي طوّرت خططًا لإدارة المياه والغابات بشكل مستدام.

في سلطنة عُمان، تبرز جهود متعددة لتحقيق الاستدامة، عبر مؤسسات وطنية تعمل بتناغم لحماية البيئة، مثل هيئة البيئة العمانية التي تشرف على السياسات البيئية وتنفيذ مشاريع لإعادة التشجير، ورصد التلوث، والحفاظ على الحياة الفطرية، بالإضافة إلى الهيئة العمانية للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، التي تشجع الاستثمار في مشاريع مستدامة وتفرض معايير بيئية صارمة في المناطق الصناعية.

وتولي سلطنة عمان اهتماما خاصا بالاتفاقيات الدولية البيئية، كاتفاقية باريس للمناخ، وتهدف إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد. حيث تلعب الهيئة العمانية للبيئة دورًا محوريًا في تعزيز ثقافة الاستدامة في سلطنة عمان، من خلال تبنّي سياسات وتشريعات بيئية تضمن الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، وحماية النظم البيئية، والحد من التلوث، وذلك ضمن رؤية وطنية شاملة للتنمية المستدامة. حيث تعمل الهيئة على تطوير وتطبيق القوانين البيئية التي تلزم المؤسسات الصناعية والإنشائية باتباع معايير الاستدامة. كما تعمل الهيئة على بناء شراكات مع القطاع الصناعي من أجل إدخال ممارسات صديقة للبيئة في العمليات الإنتاجية، ومنها التعاون مع الهيئة العمانية للمناطق الاقتصادية الخاصة لتطبيق أنظمة بيئية صارمة في المناطق الصناعية وكذلك دعم مشاريع الطاقة المتجددة والنقل المستدام. وتسهم الهيئة العمانية للبيئة في بناء ثقافة استدامة وطنية تستند إلى العلم والتشريع والتعاون، مما يضمن حماية موارد البلاد الطبيعية وتوريثها للأجيال المقبلة بحالة أفضل.

ومن الأمثلة الخليجية، فقد دشنت دولة الإمارات العربية المتحدة مدينة "مصدر" كمثال حي لمدينة مستدامة تعتمد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف، كما وضعت المملكة العربية السعودية أهدافًا طموحة ضمن رؤيتها 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية، من خلال مبادرات مثل "السعودية الخضراء".

لتحقيق الاستدامة البيئية، يمكن توظيف العديد من الأدوات، أهمها سنّ قوانين وتشريعات تحمي التنوع البيولوجي، وتطوير حلول مبتكرة مثل الطاقة الشمسية، وتحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، وتقنيات الزراعة الذكية، وتعزيز الوعي البيئي من خلال المناهج الدراسية، والأنشطة التثقيفية في المدارس والجامعات، كما إنه من الأهمية التكامل بين المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني لتنفيذ مشاريع بيئية شاملة.

أيضا تلعب المؤسسات التعليمية دورًا أساسيًا في بناء ثقافة الاستدامة من خلال دمج مفاهيم التنمية المستدامة ضمن المناهج الدراسية ودعم البحوث البيئية ومشاريع الابتكار الطلابية التي تقدم حلولًا للتحديات البيئية. وكذلك تنظيم حملات التوعية، وورش العمل، والندوات البيئية التي تستهدف الطلبة والمجتمع المحلي وتشجيع الممارسات الخضراء داخل الحرم الجامعي، مثل إعادة التدوير، واستخدام الطاقة الشمسية، وتقليل النفايات البلاستيكية.

وقد أطلقت العديد من الجامعات العمانية برامج خاصة للاستدامة، مما يعزز من قدرات الطلبة ليكونوا سفراء للبيئة في مختلف قطاعات العمل مستقبلًا.

إن تحقيق الاستدامة ليس هدفا آنيا، بل مسار مستمر يتطلب تضافر الجهود من مختلف الجهات. فبتعاون المؤسسات الحكومية، والجامعات، والمجتمع المدني، وبدعم من الشباب، يمكننا أن نؤسس لمستقبل بيئي مستدام يحفظ للسلطنة مواردها الطبيعية، ويحمي تنوعها البيولوجي، ويضمن حياة كريمة للأجيال القادمة، فالبيئة أمانة في أعناقنا، والاستدامة هي السبيل للحفاظ عليها.

**أستاذ مساعد بالكلية الحديثة للتجارة والعلوم

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الهیئة العمانیة حمایة البیئة من خلال

إقرأ أيضاً:

بحث معايير الجودة وتطوير الكوادر العمانية في مجال التقييس بجنيف

العُمانية: تواصل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ممثلةً بالمديرية العامة للمواصفات والمقاييس، جهودها المستمرة لتطبيق أعلى معايير الجودة وتطوير المواصفات العُمانية بما يتماشى مع المتطلبات الدولية، إيمانًا منها بأهمية التقييس في رفع جودة المنتجات والخدمات وتعزيز تنافسيتها على المستوى العالمي.

جاء ذلك خلال مشاركة المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بالوفد الرسمي لهيئة التقييس الخليجية الزائر لمقر المنظمة الدولية للتقييس في جنيف لتبادل الخبرات وتوثيق التعاون الفني بين أجهزة التقييس الوطنية والمنظمة الدولية.

وتناولت اللقاءات التي جرت خلال الزيارة فرص التعاون في مجالات التدريب والتأهيل الفني، من خلال إطلاق برامج متخصصة تسهم في رفع كفاءة الكوادر العُمانية العاملة في مجال التقييس، وتمكينها من المشاركة الفاعلة في صياغة المواصفات الدولية، بما يعزّز حضور سلطنة عُمان على الساحة الدولية ويُسهم في تطوير المهارات الوطنية وفقًا لأعلى المعايير.

كما تم الاتفاق على تنفيذ حملات توعوية تسويقية تستهدف مختلف شرائح المجتمع المحلي، بما في ذلك الجهات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية والمدنية، والقطاع الخاص لإبراز أهمية عضوية المنظمة الدولية للتقييس ودور سلطنة عُمان في صياغة المواصفات الدولية، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التقييس في حماية المستهلك وتحقيق التنمية المستدامة.

وأكدت نوال بنت سويد العبرية، رئيسة قسم مواصفات المنتجات الغذائية والزراعية بالمديرية العامة للمواصفات والمقاييس أن الشراكة الاستراتيجية مع المنظمة الدولية للتقييس تمثل خطوة محورية نحو تعزيز جودة المنتجات الوطنية وتمكين الكفاءات والقدرات الوطنية، بما يواكب تطلعات سلطنة عُمان في بناء اقتصاد معرفي قائم على الجودة والكفاءة.

وأضافت: إن فريق تعزيز عضوية سلطنة عُمان في ISO الذي تم تشكيله في عام 2024 بالمديرية عمل وفق خطة تنفيذية تهدف إلى تأهيل الكوادر الوطنية للتمثيل الدولي، وتبادل الخبرات مع المنظمات الدولية، وتعزيز مبادئ الحوكمة والابتكار والاستدامة، بما يسهم في رفع تنافسية المنتجات الوطنية وتطوير المواصفات العُمانية بما يتماشى مع المتطلبات العالمية.

وأشارت إلى أن الفترة الممتدة من عام 2020 إلى 2024 شهدت جهودًا وطنية مكثفة لترسيخ منظومة الجودة، تمثلت في اعتماد آلاف المواصفات القياسية، ففي عام 2021 تم اعتماد 4635 مواصفة قياسية، في دلالة واضحة على التوسع الكبير في تعزيز المعايير الوطنية، كما تم إطلاق منصة إلكترونية مخصصة لتسجيل المنتجات، أسهمت في رفع كفاءة العمليات وتيسير الإجراءات، وفي عام 2024، تم اعتماد 1000 مواصفة قياسية جديدة لتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية عالميًّا، والارتقاء بمستويات السلامة والجودة في مختلف القطاعات.

وأكدت رئيسة قسم مواصفات المنتجات الغذائية والزراعية بالمديرية العامة للمواصفات والمقاييس على التزام سلطنة عُمان بتعزيز مكانتها الدولية في مجال التقييس، وبناء منظومة جودة وطنية تواكب التطورات العالمية وتلبي تطلعات المستقبل وهذه المبادرات تنسجم مع أولويات «رؤية عُمان 2040» من خلال تطوير مواصفات قياسية تُسهم في دفع عجلة الصناعة والابتكار، وتطوير البنية الأساسية، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتيسير حركة التصدير والاستيراد دون عوائق فنية، مع ضمان سلامة المستهلك والحفاظ على البيئة، تحقيقًا لأهداف التنمية المستدامة.

يذكر أن المنظمة الدولية للتقييس تعد من أبرز الجهات العالمية المتخصصة في تطوير المواصفات الدولية، وتضم أكثر من 50 ألف خبير وفني يمثلون 173 دولة، وتُستخدم مواصفاتها في قطاعات حيوية مثل البناء والطاقة والطيران والتكنولوجيا، ما يجعلها دعامة أساسية لتحقيق التوافق الدولي وتيسير التجارة العالمية.

مقالات مشابهة

  • البيئة تُعيد إطلاق سلحفاة بحرية إلى بيئتها الطبيعية بمحمية أشتوم الجميل
  • اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية وتعزيز الاستدامة البيئية العالمية
  • وزير «البيئة» يشهد توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية وتعزيز الاستدامة البيئية العالمية
  • وزير “البيئة” يشهد توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية وتعزيز الاستدامة البيئية العالمية
  • اشتراطات جديدة للمختبرات الغذائية لضمان سلامة الأغذية وتعزيز البيئة الاستثمارية
  • الرئيس التنفيذي للحياة الفطرية: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة عالميًا في حماية البيئة
  • مشروعات جديدة على خارطة السياحة العمانية
  • بحث معايير الجودة وتطوير الكوادر العمانية في مجال التقييس بجنيف
  • العمانية للغاز الطبيعي تدعم الرياضات البحريةواللجنة العمانية