الثورة نت:
2025-06-16@09:48:54 GMT

الرد الإيراني و”الأسد الصاعد” الحقيقي

تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT

 

 

في عدوانٍ غادر؛ أراد العدوّ “الإسرائيلي” وراعيه الأمريكي به افتتاح مشهد يهدف إلى تركيع رأس محور المقاومة والتفرغ للإجهاز على القضية المركزية والدخول حثيثًا إلى “الشرق الأوسط الجديد”، فجاء الرد الإيراني بعد ساعات ليقلب الطاولة ويحوّل –كعادة المقاومة– التهديد إلى فرصة لإثبات قوة المقاومة ومصداقيتها وتعميق أزمة الكيان ورعاتها ووضع هذا الكيان الغاصب والغادر على بداية طريق الزوال.


لعلّ الساعات الأولى للعدوان كشفت حجم الانهزامية والأحقاد والشماتة، وتعجّل العديد من أعداء المقاومة في الإفصاح عن أمنياتهم بهزيمة إيران. ولكنّ الرد الإيراني جاء مخيبًا لأمانيهم ورهاناتهم ومزيلًا للقلق والمخاوف التي انتابت جمهور المقاومة، بعد الساعات الأولى العصيبة من بداية الغدر والخديعة التي شاركت فيها أمريكا، حيث دُشّنت سابقة دبلوماسية خطيرة، حين حوّلت الدبلوماسية والتفاوض إلى جزء من الخداع الاستراتيجي، وهو ما يلقي ظلالًا كثيفة من انعدام الثقة بالعلاقات الدولية والحلول الدبلوماسية.
في هذا الصدد؛ لا بدّ من مناقشة الرد الإيراني من عدة أبعاد. وأهمها سرعته وما تعكسه هذه السرعة من قوة واقتدار الجمهورية الإسلامية، ومن حيث استراتيجيته ودلالاتها وانعكاساتها على مستقبل الصراع ونتائج هذه المعركة المصيرية والمفصلية، والتي سيتحدّد على إثرها مستقبل المنطقة.
لمناقشة الرد وأهميته، يجدر بنا تناول عدة عناوين؛ وهي وفقًا للترتيب الآتي:
أولًا – هدف العدوان الغادر وكيف أفشله الرد الإيراني
جاء العدوان الغادر في سياق لا يعبّر عن فائض قوة للعدو بقدر ما يعبر عن فائض خوف ورعب من صمود الجمهورية الإسلامية أمام التهديد والتخويف بالحرب؛ خصوصًا في ما يعكسه هذا الصمود من استناد إلى قوة حقيقية ووحدة شعبية. وبعد أيام من إعلان إيران امتلاك كنز استراتيجي من الوثائق الخاصة بالمشروع النووي والصاروخي الصهيوني وفضح تواطؤ هيئة الطاقة الذرية وأمريكا مع الكيان جاء خيار العدوان، وهو خيار شمشوني، من منطلق أن كلفة الحرب اليوم ستكون أقل من كلفتها في المستقبل الذي يصب في مصلحة إيران وجبهات المقاومة، بما تمتلكه المقاومة من بنك للأهداف وإنجازات علمية يمكن الإفادة منها لتطوير القدرات، وهنا؛ اعتمد العدوان على المباغتة والغدر واستغلال الأجواء الدبلوماسية الكاذبة وعدم توقع العدوان، على الأقل قبل نهاية جولة التفاوض مع أمريكا.
كما اعتمد العدوان المبيّت على أسلوب الصدمة، وهو يماثل ما حدث مع لبنان في جرائم اغتيال القادة ومحاولة بث الفوضى والارتباك في الهياكل التنظيمية، وهو ما حدث بالتعاون مع العملاء في اغتيال القادة الشهداء في الحرس الثوري والجيش الإيراني، وكذلك الشهداء من العلماء، والمراقب لتفاصيل العدوان؛ يدرك جيدًا أن الهدف يتخطّى ضرب المشروع النووي، والذي لا يمكن للصهاينة أو الأمريكيين تدميره لتشعبه ووجود بنيته الرئيسة تحت الأرض بمئات الأمتار، حيث لا تستطيع أعتى القنابل الأمريكية الخارقة للحصون الوصول إليها باتفاق الخبراء جميعهم.
لقد كان الهدف الرئيس هو إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية عبر استهداف مراكز القيادة والسيطرة، استغلالًا للصدمة الأولى والدفع لتحريك بعض العملاء لبث الفوضى وتحريك تظاهرات مأجورة على غرار ما حدث في سوريا، وإذا لم تنجح هذه المؤامرة، فالهدف على الأقل هو إجبار إيران على التنازل والتفاوض تحت شبح السقوط والاستسلام للمطالب الأمريكية والصهيونية، وهذا يعني إسقاط النظام معنويًا حتّى لو فشل الإسقاط العملي. وهنا؛ كان الرد مفشلًا لهذا السيناريو الخطير، حيث مثلت سرعة احتواء الموقف وتعيين القيادات البديلة مصداقًا لقوة الجمهورية وصلابة مؤسساتها ومتانة عقيدتها المقاومة، كما مثّل الالتفاف الشعبي حول النظام ومطالبته بالرد مصداقًا حضارًيا وعقديًا وإفشالًا للرهانات البائسة والأوهام المتخيلة للأعداء.
تاليًا؛ لقد كان الاحتواء الإيراني ورده في ذاته، بمعزل عن نوعيته واستراتيجيته، عاملًا حاسمًا في إجهاض هذا المخطّط الغادر.
ثانيًا – في استراتيجية الردّ اتضح، جليًا، من قوة الرد الإيراني وبنك أهدافه الأولي أن الجمهورية الإسلامية متماسكة وقوية، وبيدها زمام المبادرة، وأن الهدف الاستراتيجي هو النصر عبر إفشال العدوان وأهدافه، وتلقين العدوّ درسًا قاسيًا، يزيل نشوته المزعومة ويوقفه عند حده، وذلك لعدة أسباب:
1. الرد جاء قويًا، وليس انفعاليًا، فقد حرص الرد على انتقاء الأهداف بعناية تدل على الحكمة، وليس عشوائية وما تعنيه من انفلات الأعصاب، لقد حرص الإيراني على الالتزام بمعادلات؛ من أهمها: المدني بالمدني والعسكري بالعسكري، وتوجيه الصواريخ للقواعد الجوية والصناعات العسكرية، مع الجرأة على استهداف المباني العسكرية الموجودة داخل المناطق السكنية، والتي كانت المقاومة تتجنبها دومًا في إشارة ورسالة للعدو بأنّه لم تعد هناك خطوط حمراء بعد تخطيّه هو لهذه الخطوط.
2. جاء الرد قويًا من حيث قوة النيران، عبر استخدام رؤوس حربية ثقيلة توصل رسالة للعدو بأن إيران تخوض حربّا، وستمضي في الشوط إلى نهايته، وهي ليست جولة تكتفي منها بإرسال رسائل ردع عبر استخدام قوة نيرانية محدودة كافية للردع، بل هي رسالة بأنّ أمن إيران وسيادتها خط أحمر دونه الحرب الواسعة التي لا تراعي أي انزلاقات مهما بلغت.
3. امتلكت إيران، عبر الرد وما يصاحبه من تصريحات، زمام المبادرة؛ حيث أمسكت بمقود التصعيد والأهداف، والعدو إذا ما عمّق من عدوانه نحو البنية التحتية والطاقة والأهداف المدنية، فإيران ستتعامل بالمثل، وذلك بالاستناد إلى المصداقية النابعة من نجاح الدفعات الصاروخية في الوصول إلى أهدافها عبر تطوير تكتيكات إطلاق الصواريخ ونوعيتها ودخول الصواريخ الذكية ونجاحها في عبور طبقات الدفاعات الأمريكية والصهيونية.
4. رسائل القوّة السياسية التي أرسلها السيد القائد علي الخامنئي والرئيس بزشكيان ورسائل التضامن والالتفاف الجماهيري الذي خرج محتفلًا بالرد، وهو ما أبطل رهانات أمريكا والكيان في التهديد والتخويف وما كان مأمولًا أنه سيضعف إيران ويكسر إرادتها، إلى فرصة للتعبير عن مصداقيتها وصلابتها، وأن شعار “هيهات منّا الذّلة” هو صلب عقيدة المقاومة وجبهاتها، وليس شعارًا كاذبًا أو مجرد تعبئة فارغة للجماهير.
ممّا لا شك فيه أن المعركة مستمرة، وهذه الجولة هي جولة مصيرية داخل صراع وجودي. وقد حاول العدو، عبر عدوانه وانتقاء اسم له دلالات توراتية “الأسد الصاعد”، أن يلمّ شمل جبهته الداخلية المفككة بسبب صمود قوى المقاومة، فوجد العدوّ ردًا قويًا وصلبًا ومفسدًا لرهاناته، حيث اختبأ “الأسد” في الملاجئ، وظهرت الأسود المقاومة الحقيقية التي خرجت تحت القصف لتعبّر عن مطالبتها بالرد، وخرجت أسود المقاومة من القيادات لتداوي جراحها وتنتزع المبادرة، وتلقن العدوّ درسًا قاسيًا، وتعلن أنها ماضية في الشوط إلى نهايته، وأن ما أراده العدوّ من إسقاط للمقاومة في المنطقة، سيتحوّل وبالًا عليه، وقد تكون بداية الطريق الفعلية لسقوط الكيان وسقوط نفوذ رعاته في المنطقة.

كاتب مصري

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

"الأسد الصاعد".. مفاجآت وأسرار للمعنى التوراتى لاسم هجوم إسرائيل ضد إيران

قال محمد عبود خبير الشؤون الإسرائيلية، إن اسم العملية العسكرية الإسرائيلية "الأسد الصاعد" مستوحى من نص توراتي، ويحمل دلالة رمزية تعني أن "شعب إسرائيل سينتفض ضد عملية توجه إليه"، في إشارة إلى محاولة خلق غطاء ديني لتحركات تل أبيب العسكرية.

وأضاف عبود خلال استضافته مع الإعلامي أحمد موسى مُقدم برنامج "على مسئوليتي" المذاع على قناة "صدى البلد" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان على علم مسبق بتوقيت الضربات الموجهة لإيران.

وأشار عبود إلى أن إسرائيل دأبت على اختيار أسماء مستمدة من الديانة اليهودية لعملياتها العسكرية وحتى لمعداتها، مثل العربات التي تطلق عليها أسماء توراتية كـ"عربات جدعون" المستخدمة في حربها في غزة.

وتابع خبير الشؤون الإسرائيلية، إن الصورة الشائعة عن جهاز الموساد في العالم العربي تختزله في كونه جهازًا مختصًا بالتجسس فقط، إلا أن الموساد يضم وحدة متخصصة في تنفيذ عمليات القتل والاغتيال.

وأوضح عبود أن عملية اختراق إيران الأخيرة جرت على ثلاث مراحل أساسية، شملت تهريب الطائرات المسيرة، وتنفيذ ضربات من العمق الإسرائيلي، واستغلال الأقليات داخل إيران عبر تجنيد بعض أفرادها.

وأضاف أن استهداف وحدات سكنية بعينها داخل إيران يشير إلى وجود عملاء زودوا الموساد بمعلومات دقيقة على الأرض، مؤكدًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لاستغلال ملف الأقليات لإثارة القلق وزعزعة الاستقرار داخل المجتمع الإيراني.

وأكمل عبود أن من أبرز السيناريوهات التي تضعها إسرائيل ضمن خياراتها في هذا الصراع، هو تنفيذ عملية اغتيال تستهدف المرشد الأعلى الإيراني.

اقرأ أيضاًالأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات المتكررة

عاجل| النفط يواصل الارتفاع تأثّرًا بالتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران

عاجل| ارتفاع عدد المصابين جراء الصواريخ الإيرانية إلى 35 شخصا

مقالات مشابهة

  • من غزة إلى طهران.. كيف مهّدت إسرائيل لهجومها على إيران؟
  • يد الغدر الصهيونية.. وليل الردّ الإيراني
  • العدوان الصهيوني على إيران والتحوّل الاستراتيجي في مسار المقاومة
  • “الشعبية”: الرد الإيراني ممارسة لحق مشروع وردع للإرهاب الإسرائيلي المنفلت
  • الأسد الصاعد.. سر تسمية ضربات إسرائيل ضد إيران وعلاقته بالتوراة
  • "الأسد الصاعد".. مفاجآت وأسرار للمعنى التوراتى لاسم هجوم إسرائيل ضد إيران
  • الأسد الصاعد.. ماذا حدث في الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • أبعاد دينية.. لماذا سمّت إسرائيل هجماتها على إيران بـ"الأسد الصاعد"؟
  • تقرير: الهجوم الإسرائيلي قد يدفع إيران لصنع سلاح نووي