ما مدى تأثير الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية على اليمن؟
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
لن يكون اليمن بمنأى عن تأثيرات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية المشتعلة حاليًا منذ الجمعة الماضية، والمستمرة في هجمات متبادلة؛ إذ إن تطور هذه الحرب سيدفع بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية إلى مستوى من التأزيم يختلف عما سبقه؛ لا سيما في حال امتدت الحرب لإغلاق مضيق هرمز وتوتر الوضع في البحر الأحمر، خصوصًا في حال تدخلت واشنطن عسكريًا.
من المحتمل أن التحذير الروسي، اليوم الأربعاء، لواشنطن “من تقديم أي مساعدة لإسرائيل أو حتى التفكير في تقديمها”، سيجعل واشنطن تتراجع خطوة للخلف، لكن قد لا يمنعها من الدخول في الحرب، خصوصًا في حال استمرار الضربات الصاروخية الإيرانية في العمق الإسرائيلي وتضرر الأخير كثيرًا، حينها من المتوقع أن تدخل واشنطن الحلبة، لكن، في ذات التوقيت، سيكون العالم بأسره قد دخل حربًا عالمية ثالثة.
اليمن بلد أفقره جشع ساسته وحروبهم، ومشاريع الاستحواذ على قراره من الخارج الإقليمي والدولي، وعلى صعيد هذه الحرب بالتأكيد سيناله تأثيرًا سلبيًا كبيرًا مع استمرار التصعيد، وسيكون، حينها، في الخضم في حال تدخلت واشنطن في الحرب؛ لأن “أنصار الله” (الحوثيون) لن يقفوا مكتوفي اليدين، ومن المحتمل مشاركتهم في المواجهة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
بعيدًا عن المستوى السياسي لتأثير التصعيد، سنقف قليلًا أمام تأثير التصعيد على المستويين الإنساني والاقتصادي باعتباره يمس غالبية اليمنيين في الشمال والجنوب والشرق والغرب؛ ففي ظل الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الغاية في السوء في الوقت الراهن، والحرب في عامها الحادي عشر، ستزداد أحوال غالبية المجتمع سوءًا، ومن المحتمل أن ترتفع مؤشرات الجوع وسوء التغذية؛ وبالتالي المزيد من تمدد وتوطن الأوبئة والأمراض، التي تهدد الحياة والمستقبل معًا.
نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، المفكر عبدالباري طاهر، يعتقد، في حديث إلى “القدس العربي”، أن اليمن هو الخاسر الأكبر، “والمأساة في هذه الحرب القذرة أن تكون اليمن ووحدته وكيانه الوطني مستهدفًا من أطراف الحرب كلها”.
وقال: “إن احتمال التدخل الأمريكي راجحٌ لتدمير المفاعل النووي الإيراني، وربما لما هو أبعد من ذلك؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى تمزيق وحدة إيران، وجرّ المنطقة كلها إلى الصراع”.
وأضاف: “يصبح التأثير باتعًا على المنطقة والعالم، وخاصةً الجزيرة والخليج، التي تحرص إسرائيل على جرّهما إلى الحرب والمواجهة مع إيران، لتوريط المنطقة في حرب مدمرة تُسفر عن سيادة إسرائيل وأمريكا بالمطلق”.
وأردف: “أما اليمن فهو الخاسر الأكبر، إذ يعدُّ هدفًا لإسرائيل وأمريكا وبريطانيا، والأكثر بالنسبة لإسرائيل، نظراً لكونه يعتَبَر حليفًا لإيران ومساندًا لفلسطين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وجود اليمن ككيان هدف رئيسي، وجرّ المنطقة إلى الحرب ليس بالمستبعد؛ فإن كياناته وثرواته تُعد هدفًا رائسًا، والمأساة في هذه الحرب القذرة أن يكون اليمن ووحدته وكيانه الوطني مستهدفًا من أطراف الحرب كلها”.
المحلل الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري، يعتقد أن كل دول المنطقة ستكون تحت طائلة التأثيرات الاقتصادية لهذه الحرب، وسينال اليمن تأثيرات واضحة.
ويقول لـ”القدس العربي”: “اليمن وكل دول المنطقة تقع تحت التأثيرات الاقتصادية للحرب الإيرانية الإسرائيلية، بعد أن طالت المنشآت النفطية والمؤسسات الحيوية، ما يعني توقف شحنات النفط الإيراني التي كانت تصدر للمنطقة واليمن بشكل خاص، وحرمان الأسواق من استقرار إمدادات الطاقة والوقود، ما سيؤدي إلى كثرة الطلب على النفط، وبالتالي ارتفاع أسعاره عالميًا، وتكبد الدول خسائر كبيرة، نتيجة لفوارق التكلفة المضافة، إضافة إلى ارتفاع التأمين البحري، باعتبار السفن وناقلات النفط مهددة اليوم بالهجمات الإيرانية الإسرائيلية في مضيقي هرمز وباب المندب، وكل هذه الانعكاسات الاقتصادية تفاقم من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المنهارة أساسًا من قبل في اليمن، الذي يعاني من أزمات متعددة”.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن ايران اسرائيل الحوثي حرب هذه الحرب فی حال
إقرأ أيضاً:
كيف قرأت الصحف الإسرائيلية والغربية الذكرى الثانية للحرب على غزة؟
مع حلول الذكرى الثانية لحرب إسرائيل على غزة، تتكثف في الصحف العالمية والإسرائيلية أصوات النقد والتحليل، بين من يرى أن الحرب كشفت عمق الأزمة الداخلية في إسرائيل، ومن يعتقد أنها أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد الدولي.
حيث تتباين التصريحات والمقالات بين التحذير من تكرار أخطاء الماضي، والدعوة إلى مراجعة حقيقية تنهي دوامة العنف وتعيد تعريف مفهوم الأمن والردع في المنطقة.
ففي افتتاحيتها، دعت صحيفة (جيروزاليم بوست) المجتمع الإسرائيلي إلى عدم نسيان ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، معتبرة أن الهجوم شكّل "صدمة وجودية" دفعت إسرائيل إلى مراجعة نهجها الأمني وإعادة التفكير في التوازن بين القوة العسكرية والحذر الإستراتيجي.
وأكدت الصحيفة أن التعافي لا يُقاس بإعادة بناء البلدات والكيبوتسات المحيطة بغزة، بل بقدرة إسرائيل على استخلاص الدروس من الحرب التي "كشفت هشاشة منظومتها الأمنية".
وختمت جيروزاليم بوست الافتتاحية بالتأكيد على ضرورة أن تتحول ذكرى السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى محطة للتصحيح لا مجرد ذكرى مؤلمة، وأن الأمن يجب أن لا يُبنى على تمنيات غير واقعية.
أما صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية فقد قدّمت قراءة ناقدة لحكومة نتنياهو، إذ تحدث الكاتب اليميني بن درور في مقال له، عن "خسارة إسرائيل الحرب ليس ميدانيا فقط، بل سياسيا وإستراتيجيا".
وأشار الكاتب إلى تلاشي أي إنجازات سابقة لإسرائيل فيما يخص ملف مواجهة إيران وحزب الله، في ظل تصاعد عزلتها الدولية.
ولفت الكاتب إلى الشكوك حول قدرة حكومة نتنياهو على ترميم مكانة إسرائيل الدبلوماسية، في ظل تحول الرأي العام الأميركي نحو دعم الفلسطينيين. مُحذّرا من مآلات هذا الأمر على التحولات التي قد تدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى اتخاذ خطوات قاسية ضد إسرائيل، واصفا نتنياهو بأنه يعاني من "عمى البصيرة".
إعلانوفي المقابل، حملت صحيفة (هآرتس) نبرة أشد انتقادًا، إذ عنونت افتتاحيتها بـ"عامان بلا محاسبة وحكومة إسرائيلية فاشلة تتمسك بالسلطة والشعب يدفع الثمن"، حيث دعت الصحيفة الإسرائيليين إلى "الاستيقاظ"، مؤكدة أنه لا يوجد أسوأ من حكومة ترفض الاعتراف بأخطائها وتُلقي باللوم على مواطنيها وموظفيها المدنيين.
وختمت بدعوة صريحة إلى إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن إلى ديارهم، و"تحرير إسرائيل من أسوأ حكومة في تاريخها".
وفي الصحافة العالمية، أجرت صحيفة (بيلد) الألمانية مقابلة مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أقرّ فيها بوجود أزمة بالعلاقات العامة لدى إسرائيل التي تواجه انتقادات لاذعة حتى من أوروبا.
وأعرب ساعر خلال المقابلة عن استياء إسرائيل من قرار ألمانيا بعدم تزويدها بمعدات عسكرية مخصصة للاستخدام في غزة، مشيرا إلى عمق الفجوة التي أحدثها فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل، مما يعني زحزحة مكانة إسرائيل بصفتها شريكا إستراتيجيا.
سنوات من انعدام الثقة
وفي مقابلة مع مجلة (فورين أفيرز)، قال الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) عامي أيالون إن الخطة الأميركية المقترحة "لا تعكس الواقع السياسي والنفسي للطرفين"، لأنها تتجاهل جذور الصراع القائم على انعدام الثقة المتبادل.
واستبعد أيالون تحقيق الثقة بين الجانبين (الإسرائيليين والفلسطينيين) بعد سنوات من العداء، لكنه رأى أن "خطوات تدريجية مدعومة بضمانات عملية ورقابة دولية "قد تمهد لسلام واقعي".
وحذر المسؤول الإسرائيلي السابق من أن إخلال أي طرف ببنود الصفقة قد ينسف العملية برمتها، مشيرا إلى احتمالية رفض اليمين المتطرف في إسرائيل لخطة ترامب، كما انتقد ما اعتبره "خطأ إستراتيجيا" بعدم إشراك قيادة فلسطينية أوسع في المسار السياسي.
وفي المقابل، رأت صحيفة (الإندبندنت) البريطانية في افتتاحيتها أن "حالة من التشاؤم تسود بشأن فرص إنهاء الحرب على غزة"، معتبرة أن نتنياهو يرى في إطالة أمد الحرب وسيلة للبقاء في الحكم.
وأضافت الصحيفة أن أي وقف لإطلاق النار سيبقى هشًّا، وأن نهاية الحرب "ستظل رهينة خلافات تبدو مستعصية على الحل"، لكنها عبرت عن أمل "بسلام ممكن مع اقتراب الحرب من ذكراها الثانية".
وفي (الغارديان) البريطانية، دعت المحامية والمستشارة السابقة لفريق التفاوض الفلسطيني ديانا بوتو إلى الرفض الفوري لما سمته "الحل السحري" الذي يخفي العنف الإسرائيلي.
وأضافت الكاتبة أن الرد على خطة الرئيس ترامب "تكشف عجز المجتمع الدولي عن التعلم من الكارثة"، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين صمتوا بينما "تفاخر الإسرائيليون بإعادة غزة إلى العصر الحجري".
وأضافت بوتو أن العالم، رغم اعترافه بالدولة الفلسطينية، ما زال عاجزا عن ضمان حياة آمنة للفلسطينيين أو إنهاء نظام الاحتلال والإبادة، معتبرة أن الخطة الأميركية تعيد تدوير أخطاء الماضي تحت غطاء جديد من الوعود بالسلام.