طالبات اليمن في مصر ينفّذن وقفة احتجاجية أمام السفارة ويطالبن بصرف مستحقاتهن المالية
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
نظمت مجموعة من الطالبات اليمنيات المبتعثات في جمهورية مصر العربية، يوم الأربعاء، وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة اليمنية بالقاهرة، احتجاجاً على تأخر صرف مستحقاتهم المالية للعامين 2024 و2025.
ورفعت الطالبات شعارات تندد بالإهمال الحكومي و"الصمت القاتل" تجاه معاناتهن المتزايدة، مطالبات في بيان، بصرف مستحقاتهن المالية المتأخرة منذ الربع الأول من عام 2024 وحتى الربع الثالث من 2025، والبالغة سبعة أرباع دراسية، إلى جانب الرسوم الجامعية المتراكمة.
واكدت أن تأخر صرف المستحقات المالية يهدد استقرارهن الأكاديمي والمعيشي والنفسي، وقد يدفع الكثير منهن إلى الانسحاب القسري من مقاعد الدراسة.
ووجّهن مناشدة عاجلة إلى رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس الحكومة ووزيري المالية والتعليم العالي، داعيات إلى تدخل فوري لمعالجة أوضاعهن التي وصفنها بـ"الحرجة والمأساوية".
وقال البيان: "نعيش تحت ضغوط مالية خانقة، تتزايد مع مرور كل يوم دون حلول، في ظل ديون متراكمة، وارتفاع تكاليف المعيشة والإيجارات، ورسوم دراسية مكدسة تهدد استمرارنا في التعليم. نحمل على أكتافنا آمالاً لمستقبلنا ومستقبل وطننا، ولا نطلب سوى حقوقنا القانونية التي تضمن لنا استكمال تعليمنا بكرامة."
وأكدت الطالبات أن هذه الوقفة ليست سوى بداية لسلسلة من الفعاليات التصعيدية في الداخل والخارج، حتى يتم الاستجابة لمطالبهن، مشيرات إلى أن قضيتهن لا تخص أفراداً، بل تمس المئات من الطلاب والطالبات الذين يمثلون طاقات أكاديمية من شأنها الإسهام في بناء اليمن مستقبلاً.
ودعت المشاركات وسائل الإعلام المحلية والدولية ومنظمات المجتمع المدني إلى تبني قضيتهن وتسليط الضوء على ما وصفنه بـ"الملف المهمل"، مشددات على أن ملف المبتعثين بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية ورؤية استراتيجية تُنهي معاناة الطلاب وتمنع تكرارها.
واختتمن مناشدتهن بتأكيد أن "التعليم حق دستوري وليس رفاهية، وعلى الدولة تحمل مسؤوليتها تجاه أبنائها في الخارج".
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
الزواج في اليمن بين الأعراف والطبقية… حين تهزم التقاليد القانون والدستور وقصص الحب تنكسر أمام جدار الأعراف
لا يزال الزواج في كثير من مناطق اليمن يخضع للأعراف التي يتداخل فيها الاجتماعي مع السياسي والديني، ما يجعلها تعطل أو تفسد الكثير من زيجات اليمنيين، خصوصاً بمبرر عدم الكفاءة الطبقية. ويبدو هذا مثالاً واضحاً يؤكد التمييز الطبقي في اليمن الذي تمزّقه الحرب منذ أكثر من عقد.
يمثل التوزيع الطبقي لأبناء اليمن إلى هاشميين وقبائل ومهمشين حاجزاً مانعاً للزواج، ما يتسبب في الكثير من المشاكل، والتي يدمر بعضها النسيج الاجتماعي، فطلبات الزواج المرفوضة قد تؤدي إلى هروب الفتاة أو لجوئها إلى الانتحار. وفي واحدة من القصص التي تأتي في هذا السياق، تقدم شاب في ريف محافظة البيضاء (وسط) ينتمي إلى شريحة القبائل للزواج من فتاة تنتمي إلى شريحة السادة، أو ما يعرف بالهاشميين، بعد علاقة حب جمعتهما أثناء دراستهما الجامعية، لكنه فوجئ بالرفض بحجة أن الهاشميين لا يزوجون بناتهم إلا لهاشميين.
يقول الشاب نبيل لـ"العربي الجديد": "عشت قصة حب امتدت لأربع سنوات مع زميلتي في الجامعة، ولم أكن أعرف أنها من الأسر الهاشمية لأني لا أهتم بمثل هذه المعتقدات، وبعد الانتهاء من الدراسة، اصطحبت عائلتي وبعض المقربين من الأسرة إلى منزلها لطلبها، وفوجئت برفضي لأنها سيدة هاشمية، بينما أنا لست سيداً، وبالتالي لا يتوفر لدي معيار الكفاءة، فالهاشميون قد يتزوجون من بنات القبائل، لكنهم لا يزوجون بناتهم لغير الهاشميين. حاولت التوسط بوجاهات اجتماعية وشخصيات اعتبارية من دون جدوى، وحين وصلنا إلى طريق مسدود، توجهت معها إلى المحكمة وعقدنا قراننا عن طريق قاض، ورغم مرور سنوات، وإنجابنا أطفالاً، لا تزال علاقتنا بوالد زوجتي مقطوعة".
ووفق الأعراف القبلية السائدة في مناطق اليمن بمعظمها، لا تصح مصاهرة أفراد من فئة المزاينة، ولا من فئة المهمشين الذين يطلق عليهم شعبياً وصف "الأخدام"، باعتبار أن الفئتين هما الأدنى في المجتمع، وتعد مصاهرتهما بمثابة عار اجتماعي. والمزاينة هم الحرفيون الذين جرى التعامل معهم تاريخياً باعتبارهم طبقة دونية، وارتبط الاسم بممارستهم عدداً من الحرف، كالحلاقة والحدادة والجزارة وغيرها، أما الأخدام فهم من يمتهنون تنظيف الشوارع وجمع القمامة والأعمال الخاصة بتنظيف مجاري الصرف الصحي.
وفي مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدرت قبيلة "آل رقام" في مديرية المنار بمحافظة ذمار، جنوب صنعاء، قراراً بفصل أحد أبنائها ووالده من عضوية القبيلة على خلفية مصاهرة كسرت الأعراف الاجتماعية، وأشارت وثيقة صادرة عن وجهاء القبيلة إلى أن عبد الله رقام ووالده محمد خُلِعا من القبيلة، ومُنعا من حق الانتساب إليها، بسبب زواج الابن من أسرة مزين، في مخالفة لعادات وتقاليد القبيلة في الزواج. وترتب على القرار الخروج من "الأخوة القبلية"، ومنع المشاركة في أي مناسبات أو فعاليات قبلية، واعتبارهما "غير مرحب بهما" في ديوان القبيلة.
ويحتكم المجتمع اليمني إلى قواعد اجتماعية متوارثة غير مكتوبة، لكنها ملزمة لأبناء القبيلة. ويرى الباحث صلاح العمودي أن تقسيم المجتمع إلى فئات اجتماعية تتفاوت في المكانة الاجتماعية والصلاحيات يعود إلى نظام الحكم الإمامي الذي حكم على أساس سياسي ديني، وشكَّل المجتمع في إطار هرمي، وعمل على ترسيخ مبدأ الفوارق على أسس النسب والدين والمهنة والعلاقة بالسلطة.
ويقول العمودي لـ"العربي الجديد": "قسم النظام الإمامي المجتمع إلى فئات، هي: السادة الهاشميون، والقضاة، ومشايخ القبائل، والقبائل، والمزاينة والمهمشون، وذلك بهدف قولبة الولاءات في إطار فئوي، لذا كان من أهداف ثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، والتي أعلنت النظام الجمهوري، إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات، لكن البعض ما زالوا ملتزمين بالطبقية، فالسادة يؤمنون بأنهم فئة الحكم نتيجة القداسة الدينية التي يمتازون بها، وفق معتقداتهم، وهم لا يتزاوجون مع الفئات الأخرى، ويمكن أن يتزوجوا من فئة القبائل فقط، وهم عوام المجتمع تقريباً، بحجة ضرورة الحفاظ على نسل الأسر الهاشمية، ودونهما الفئتان الدونيتان المزاينة والمهمشين، ولا يتزوج الناس منهما ولا يزوجون المنتمين لهما".
بدورها، تقول المحامية ابتسام شعلان لـ"العربي الجديد"، إن "الدستور اليمني ينص على المساواة بين المواطنين من دون تمييز في الحقوق والواجبات، كما ينص قانون الأحوال الشخصية صراحة على أن "الكفاءة تُعتبر في الدين والخلق فقط"، وهذا هو معيار الكفاءة القانوني، لا كفاءة النسب أو المهنة أو المكانة الاجتماعية، لكن المشكلة أن ضعف الدولة ومؤسساتها وقلة الوعي المجتمعي يجعلان الأعراف أقوى من القوانين".
وتضيف شعلان: "المشكلة تتمثل في أبناء المجتمع أنفسهم، الذين لا يتوجهون إلى القضاء في مثل هذه الحالات، ويرضخون للأعراف والعادات القبلية، وهناك حالات قليلة يتوجه فيها الضحايا إلى القضاء الذي يزوجهم في حال توفر موافقة الطرفين، لأن تزويجهم الشرعي يقيهم ويقي المجتمع من مشاكل أكبر قد تصل إلى انتحار الفتاة. الدراسات تفيد بأن 25% من حالات رفض الزواج تتعلّق بعدم الكفاءة الطبقية والاجتماعية، وهذا يؤكد أننا أمام مشكلة حقيقية يجب على الجميع العمل على معالجتها عبر قيادة معركة الوعي، خصوصاً رجال الدين والقضاة والشخصيات الاجتماعية وقادة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني".