عربي21:
2025-08-09@09:07:36 GMT

ثقافة بلا روح.. وكتابة بلا قداسة!

تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT

المراهنة كانت ولا تزال دوما على جودة البضاعة المعروضة للقراءة لا على كذب الباعة المنفقين للسلعة باليمين الكاذبة، فـ "شر البقاع الأسواق" ولو كانت في عالم الطباعة والنشر. وليست الظاهرة تعني الروائي أو الناقد الأدبي وحدهما بل تعني المثقف على العموم، و"أكرم" بهذا إذا كان يخدم دوائر أجنبية لها بما يقول أو يكتب أغراض أخر.

وعلى كل حال، فالشعبوية الثقافية صرعة معاصرة سرعان ما تتلاشى وتزول، لتبقى في الوادي أحجاره علامة فارقة على مجرى الحياة الطبيعية. "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".

الكتابة موهبة وحرية والتزام

عندما تكون الكتابة موهبة، والمعاني فتوحا، والغاية خالصة، والشجاعة الأدبية سجية، فمعالجة التعبير ساعتها مخاض ولادة لنصوص تحيا ما بقيت أنفاس البشر.

من الشرف الذي لا ينال بالمناصب والتشريفات ورضا السلطان أن يلج علماء وسياسيون ومؤرخون السجون، لأنهم قالو رأيا خالف المعهود. ولقد عبر أعلام كبار من هذا المكان وبقي سجانوهم في سجن العار مدى الليل والنهار. وأشير على بعض هؤلاء الأفاضل المعتقلين عندما تنقضي زيارتهم هذا المكان أن يطلبوا اللجوء الثقافي في أي دولة تقدر العلم وتحتفي بالعلماء.

سؤال من الأجدى بنا طرحه على الأفارقة أنفسهم، حيث تكثر الهشاشة الثقافية، لماذا غفلوا عما يقوله مفكروهم فيما هم فيه من تبعية وقابلية لسطوة الآخر عليهم؟ ومن المفيد كذلك تسليط الضوء على مفارقة صارخة لدى الآخر في رفضه استيعاب هؤلاء المفكرين المهاجرين من الشرق والجنوب إلى الغرب والشمال ضمن مؤسساته التعليمية من دون الاستفادة منهم في توجيه سياساته الخارجية، كما الشأن مع مالك بن نبي وإدوارد سعيد.

من الشرف الذي لا ينال بالمناصب والتشريفات ورضا السلطان أن يلج علماء وسياسيون ومؤرخون السجون، لأنهم قالو رأيا خالف المعهود. ولقد عبر أعلام كبار من هذا المكان وبقي سجانوهم في سجن العار مدى الليل والنهار. وأشير على بعض هؤلاء الأفاضل المعتقلين عندما تنقضي زيارتهم هذا المكان أن يطلبوا اللجوء الثقافي في أي دولة تقدر العلم وتحتفي بالعلماء.الكتابة في حد ذاتها متعة حقيقية لا تضاهيها أخرى، خاصة إذا كانت موصولة بالملأ الأعلى، وهذه المزية ليست مفهومة لدى كتاب لا يؤمنون بها. أما جهالة الكاتب وشهرته فأمران لا علاقة لهما بالفكر والإبداع، كي لا أقول هما حالتان طفوليتان تنتابان البعض حينما يفرحون بالذيوع ويحزنون من الغمور، والحرص الشديد على الجوائز والتكريمات ابتذال لما في يد الكاتب من كرامة.

يتساءل أحدهم عن سر الأجواء التي ألهمت الكاتب أن يكتب كتابا كاملا عن لندن في إبان عشرة أيام أقام فيها بالمدينة، وحرمته من كتابة مقال واحد عن دولة خليجية رغم إقامته بها عشر سنوات تامة، والجواب عن ذلك كامن في كنه الثقافة المشاعة في حواضر الغرب على جاهليتها، والمضيق عليها عن جهل في مدن الشرق رغم وضاءتها، إن الثقافة ليست في معرض كتاب يقام أو في قناة داخلية وأخرى خارجية، يتم توجيههما خدمة لولاة الأمر.

في الثقافة

واضح بأن مغني الراب التونسي "كافون" ـ الذي هلك منذ أيام ـ  ومريديه على منصات التواصل الاجتماعي يعيشون أزمة روحية حادة، ولعل ذلك ما يفسر المحن والابتلاءات التي تعرض لها المتوفى وهو في أشده. السلطات التونسية تتحمل مسؤولية هذا الخواء الروحي المردي، بل إنها لتتسبب في إذكائه حين تتجاهل الغذاء الكامل للإنسان السوي، ومنها الثقافة، التي تحتاج إلى تعريف راق يمنع عنها ما داخلها من فساد وتدني، ويحمي الشباب في الشمال الإفريقي من فتنة الحياة الغربية، التي لم يستطع أن يفقه حقيقتها وهو يرى الفوارق الصارخة بينها وبين واقعه الذي يحياه.

واقع الثقافة في المغرب الشقيق هو عينه في كل الدول التي لدى ساستها عقد من المثقفين وثارات، لذلك لا يطلب الكاتب في المعارض رواجا لما يكتب في ظل هذه الرداءة المستحكمة في المشهد الثقافي كافة. من واجب المثقف اليوم أن ينزوي في محرابه متعبدا بقلمه، وليكتب كل ما يراه نافعا مستعينا بخلوته، وليترك أمر القبول إلى القدر، فلعل الله أن ينفعه بما كتب وهو بجواره.

ماذا يوجد وراء "ثقافة" الشكل والجسد؟ وماذا عند فرنسا لتقدمه للعالم غير هذا التفاهات وهي التي تمسك بمشعل الحرية في أوربا؟ لا يمثل كل هؤلاء المتجنسين بالفرنسية من أصول جزائرية واللاهثين وراء الشهرة، ولو بالعرض المهتوك، المجتمع الذي منه خرجوا، ولا تستحق كل حكاياتهم التافهة وقفة تضيع فيها أوقات، هي أثمن ما يملك الإنسان.

في التأويل والأدب

لا يجدي نفعا ما يسميه البعض قصة الخطاب القرآني وخطاب القصص القرآني وكذا الطريقة التي يقاربون بها هذا النص الإلهي في فهم الظاهرة القرآنية بتاتا، إنه كمن يقطع طعاما غير طازج ويقدمه للناس. القرآن الكريم يحتاج إلى بعد روحي في مقاربته لا تملك المناهج النقدية الحديثة إمكانياته؛ لذلك تفقد المنهجية قدرتها على فهم الموضوع، ويفتقد الموضوع إلى قارئ يفقه روحيته التي أنزل بها؛ ولهذا أشاد المولى تبارك وتعالى بهؤلاء المستشعرين لحديثه حين مدحهم في قوله: "الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد".

القرآن الكريم يحتاج إلى بعد روحي في مقاربته لا تملك المناهج النقدية الحديثة إمكانياته؛ لذلك تفقد المنهجية قدرتها على فهم الموضوع، ويفتقد الموضوع إلى قارئ يفقه روحيته التي أنزل بها؛فعندما تكون "الدراسة قيد التطور" فما تنتجه سيكون عملا غير ناضج أيضا، وإلى متى سيظل الراغب في فهم كلام الله منتظرا؟ عموما التفاسير التي كتب لها القبول معمدة كليا في ذلك البعد، حتى التي تبحث في المفردات والتي طبعت على هامش المصحف لا تخلو من حلاوة وطلاوة. وآليات المنهج النقدي الحديث غربية الطابع والروح، وليس بإمكانها أن تقارب النص القرآني لسببين: أن واضعيها لا يؤمنون أصلا بقول إله فضلا عن الإيمان بالإله نفسه، وثانيا أن كتب التفسير عندنا نبعت من إيمان راسخ لدى أصحابها بصحة المنزل، وانبنت مناهجها على فكرة الإعجاز التي حاولت أن تطاول أسرارها.

الزواج بين القصيدة والأغنية فشا مع الحداثة الشعرية، كان الشاعر بحاجة إليه أكثر من المغني ومن المغنية، لأن الشعر الذي كسر أوزان الخليل لم يعد مقروءا كما الشعر الأصيل لتماهيه مع النثر وفقدانه الإيقاع الشعري الذي تحبذه الذائقة العربية، فتوسل بالغناء ليكون مسموعا. ومن جهة ثانية، فإن في القصائد ألفاظا لا تقع موقعا حسنا في الأذن الموسيقية وتصعب على الملحن كما المغني، فاستبدالها بأخرى لا يضر القصيدة الأصلية ولا يحتاج إلى إذن من الشاعر إذا ما كانت ملائمة وجميلة.

كثير من الكتاب يتخذ الرواية نصا مرجعيا يستدر منه المعاني، وربما وجد فيها ضالة يبحث عنها، أو قبسا ينير دروبه الموحشة، والغريب أن تجد أكثر هؤلاء لا يشعرون بأنهم يستندون إلى وهم من الخيال أبدعته يد كاتبة ووضعت قراءها على ناعورة تعيدهم في كل مرة إلى نقطة البداءة. في مقابل ذلك يتخذ مثقفون آخرون النص القرآني والحديث النبوي وقواعد استنبطت منهما مرجعا للأفكار وموردا للتفكير. ينكر أكثر الصنف الأول على الثاني مرجعيته، ولا يبادله الثاني النظرة ذاتها، رغم أنه يراه واقعا فيها وهو لا يدري.

قلما تجد المترجمين راضين عن أعمال الترجمة عند غيرهم بخلاف ما يدعونه لأنفسهم، وليس معيار نفوق الطبعات في السوق كاف للحديث عن نجاح الكتاب أو ترجمته، هنالك القيمة المعنوية التي يحملها العمل وشكله الأدبي. تعدد الأصول العرقية والثقافية للكاتب مهم إذا نسجت من خلاله أعمال تختزن رؤية إنسانية، ومن هنا جدلية المحلي والعالمي في ما ينشر من كتابات روائية. وعلى كل حال، لا تزال في مجتمعاتنا الشرقية بقايا من "الكولونيالية" السياسية والثقافية ذات نفوذ مؤثر، لم تصف تركته بعد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الكتابة فكرة العربية عرب فكر رأي كتابة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة أفكار سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا المکان

إقرأ أيضاً:

مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ

2025-08-09Zeinaسابق مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 آذار سواء بالدعوة إلى تشكيل “نواة جيش وطني جديد” أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري أو تعديل التقسيمات الإدارية رغم أن الاتفاق نص بوضوح على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء انظر ايضاًمصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 آذار سواء بالدعوة إلى تشكيل “نواة جيش وطني جديد” أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري أو تعديل التقسيمات الإدارية رغم أن الاتفاق نص بوضوح على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء

آخر الأخبار 2025-08-09مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: تؤكد الحكومة السورية على أن حق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني هو حق مصون تضمنه الدولة وتشجّع عليه شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضاً وشعباً وسيادة 2025-08-09أذربيجان وأرمينيا توقعان اتفاق سلام تاريخياً برعاية أميركية 2025-08-08وزير الطاقة: إعادة هيكلة قطاع الطاقة في سوريا وإطلاق شركات قابضة لتعزيز الإنتاج 2025-08-08الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى وقف خطتها للاستيلاء على غزة 2025-08-08“موتوريكس” يجمع أحدث الابتكارات في قطاع السيارات والذكاء الاصطناعي في سوريا 2025-08-08نحو مؤسسات أكثر كفاءة… دورة لتعزيز الأداء المؤسسي في القطاع العام 2025-08-08عودة منشد الثورة عبد الرحمن فرهود بفعالية جماهيرية في حماة 2025-08-08وزارة الطاقة السورية: 5 ساعات كهرباء إضافية مع بداية الأسبوع المقبل 2025-08-08اليابان: إجلاء 360 ألف شخص من منازلهم واضطراب حركة النقل بسبب الأمطار الغزيرة 2025-08-08اتفاقيات اقتصادية سورية – تركية تعمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين

صور من سورية منوعات الصين تنجح باختبار هبوط وإقلاع مركبة فضائية مأهولة على سطح القمر 2025-08-08 مرصد كوبرنيكوس للتغير المناخي: العالم يسجل ثالث أكثر شهور تموز حرارة على الأرض 2025-08-07
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ
  • وزارة الثقافة تطلق حملة “النظافة ثقافة” في مختلف المحافظات السورية السبت القادم
  • مصدر مسؤول في وزارة العدل لـ سانا: بما أن العمل الذي باشره هؤلاء القضاة سياسي محض ويتعارض مع المصالح الوطنية ويثير دعوات التفرقة والتقسيم، تمت إحالتهم إلى إدارة التفتيش للتحقيق فيما يُنسب إليهم واتخاذ الإجراءات المناسبة
  • قبل الجلسة.. اجتماع في السرايا يضمّ هؤلاء الوزراء
  • الثقافة تحتفي بالذكرى العاشرة لافتتاح قناة السويس الجديدة
  • مديرية ثقافة اربد تقيم معرضا للكتاب في جامعة العلوم والتكنولوجيا
  • في الذكرى العاشرة لافتتاحها.. قناة السويس الجديدة ضمن فعاليات قصور الثقافة بالغربية
  • مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية شاملة (9)
  • ثقافة الغربية تشهد توافد لافت من الأطفال للمشاركة في فعاليات ارسم بسمة