رغم الخلاف السياسي والتجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي، فقد برز مجال واحد للتعاون على الأقل جدير بالملاحظة أثناء القمة التي عقدت بين الطرفين في أواخر يوليو/تموز في بكين، وهو مجال الطاقة الخضراء. ويأتي ذلك على حساب الولايات المتحدة، التي تراهن اليوم أكثر على مخزونها من الوقود الأحفوري.

وفي القمة، أصدر الجانبان بيانا مشتركا اتفقا فيه على تسريع تطوير ونشر تقنيات الطاقة الخضراء، كما أكدا دعمهما اتفاقية باريس للمناخ، التي انسحبت منها إدارة الرئيس ترامب بعيد عودته إلى البيت الأبيض.

اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3للمرة الأولى.. طاقة الشمس والرياح تتفوق على الطاقة الحرارية بالصينlist 2 of 3توسع عالمي في الطاقة الشمسية والصين تتصدرlist 3 of 3هل تعوّض الطاقة الشمسية الغاز الإيراني لحل أزمة الكهرباء بالعراق؟end of list

ويرى محللون أن هذا التعاون، بالنسبة لكل من بروكسل وبكين، يمثل فرصة مشتركة ونادرة لترك بصمة إيجابية على النظام الدولي، في حين أن السياسات الأميركية الحالية تُضعف دور واشنطن كقائد عالمي للابتكار والتكنولوجيا.

كما أن أوروبا تكتسب نفوذا على الولايات المتحدة في ظل الخلافات الراهنة، بإظهار استقلاليتها الإستراتيجية واحتفاظها بمصدر للواردات الرخيصة التي تأتي غالبا من الصين، وهو أمر حيوي لانتقال أوروبا إلى الطاقة الخضراء.

وتُعتبر الصين شريان حياة للعديد من الاقتصادات المتقدمة والأسواق العالمية، بفضل تقنيتها الخضراء المنتجة بكميات كبيرة والمتوافرة بأسعار معقولة، مثل الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية، لكن بكين حصلت على الصفقة الأفضل مع أوروبا، في ظل التراجع الأميركي، كما يقول محللون.

ومع اتجاه الولايات المتحدة نحو "العزلة المناخية"، وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، تستعد الصين لزيادة اكتساحها الأسواق في هذا المجال ومجالات أخرى رئيسية، بينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتطوير الاعتماد على الطاقة المتجددة، بالتعاون مع الصين.

ألواح شمسية قرب شبكة الكهرباء في منطقة نينغشيا هوي في شمال غربي الصين (أسوشيتد برس)

الريادة الصينية
ويرجح الخبراء أن تصبح الصين قريبا قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة، وهي فعلا رائدة عالميا في إنتاجها واستخدامها، حيث تُمثل 40% من إجمالي الطاقة المتجددة في العالم.

إعلان

كما استثمرت بكين 818 مليار دولار في الطاقة الخضراء حتى عام 2024، وهو ما يتجاوز إجمالي استثمارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين، وهي تتهيأ لزيادة موازنتها واستثماراتها في هذا المجال.

وفقا لبيانات المنتدى الاقتصادي العالمي.، فقد قامت الصين بين يناير/كانون الأول ومايو/أيار2025، بتركيب ما يكفي من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد ما يعادل ما تنتجه إندونيسيا أو تركيا من الكهرباء.

وفي الأشهر القليلة الأولى من عام 2025 فقط، قدّر مركز أبحاث "إمبر إنرجي" أن الصين أنتجت من الطاقة الشمسية ما يعادل إنتاجها في عام 2020 بأكمله، مما يُظهر سرعة تطور الطاقة الخضراء في بكين.

كما تلتزم الصين أيضا بزيادة اعتماد سكانها على الطاقة النووية. وقد سعت إلى أن تصبح أكبر دولة منتجة للطاقة النووية بحلول عام 2030، وتمتلك حاليا 58 مفاعلا نوويًا عاملا، مقابل 94 مفاعلا للولايات المتحدة بنتها خلال 40 عاما.

وفي الثلاثين عاما الماضية، قامت الولايات المتحدة بتشغيل محطة طاقة نووية واحدة فقط، وحسب الخبراء تُعد المفاعلات النووية الصينية أحدث وأكثر كفاءة من معظم المفاعلات الأميركية، التي شُيِّد معظمها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

كما تُعدّ بكين رائدة في تطوير مفاعلات نووية معيارية صغيرة، تعد أصغر بكثير من حجم المفاعلات التقليدية، ويمكن تجميعها في مصنع قبل شحنها إلى مكان آخر بسهولة لبدء توليد الطاقة.

وتتجاوز فوائد هذه الاستثمارات والإنجازات الصينية المنطق القائل بأن انخفاض أسعار الطاقة يعني اقتصادا أقوى. فسياسات الطاقة وصادرات مكونات الطاقة عالية التقنية تتيح للصين فرصة للارتقاء بسلسلة القيمة المضافة للصادرات وإعادة تشكيل منظومة الطاقة الدولية.

ويرى الخبراء أن الصين تستغل ثغرةً في انسحاب الولايات المتحدة وتخليها عن حلفائها الأوروبيين في مبادراتهم المشتركة للطاقة المتجددة.

وأفادت مجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" أن مشاريع تكنولوجيا المناخ في الولايات المتحدة، التي تبلغ قيمتها نحو 8 مليارات دولار، قد قُلصت أو أُلغيت بحلول عام 2025، في حين تواصل الصين وأوروبا توسيع تعاونهما في هذا المجال.

ورغم أن الصين تعد أكبر منتج للطاقة الخضراء في العالم، لكنها أيضا تُصدر غازات دفيئة أكثر من أي دولة أخرى في العالم، لكن تعاون الصين مع الأوروبيين يعكس أيضا التزامها واستثمارها الكبير في الطاقة النظيفة والتحول الأخضر، كما يقول الخبراء.

والطاقة المتجددة تُعد أيضا جانبا أساسيا من القوة الناعمة للصين اليوم في الخارج. فقد استثمرت في تطوير الطاقة المتجددة في آسيا وأفريقيا والأميركيتين، معززةً سيطرتها على سلاسل التوريد الرئيسية في الدول النامية مع تزايد طلب هذه الدول على الكهرباء.

وإضافة إلى الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية ومكونات طاقة الرياح، تهدف الصين إلى بيع 30 مفاعلا نوويًا إلى دول من مبادرة الحزام والطريق بحلول عام 2030.

وتعزز بكين بذلك حضورها العالمي بتطوير الطاقة. حتى في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث استحوذت شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية على حصص سوقية كبيرة في العديد من الاقتصادات الأوروبية.

إعلان

ويرى خبراء أن نفوذ الصين المتزايد في قطاع المناخ على وشك أن يترك الولايات المتحدة في المؤخرة، طالما أن إستراتيجية واشنطن الراهنة في مجال الطاقة تركز على استغلال مواردها من الوقود الأحفوري والتخلي عن المعايير البيئية وسياسات المناخ التي كانت رائدة فيها وداعمة لها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات مبادرات بيئية الولایات المتحدة الطاقة المتجددة الطاقة الخضراء الطاقة الشمسیة بحلول عام

إقرأ أيضاً:

ترامب: أريد سحب الولايات المتحدة من الصراع الأوكراني

 

الثورة نت/

صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه يتوقع انتهاء الصراع الأوكراني، وإخراج بلاده منه، بعد تسبب سلفه جو بايدن، به.

وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض: “هذه حرب بايدن، وليست حربي. أنا هنا لإخراج أمريكا منها”. وأضاف أن الإدارة “تبذل قصارى جهدها لإخراجنا”، وأضاف أنه يتوقع حل الوضع في أوكرانيا.

وقال الرئيس الأمريكي: “لقد أوقفت الكثير من الحروب، وهذه حرب أحاول إيقافها”.

 

مقالات مشابهة

  • استقرار أسعار المستهلك في الصين خلال يوليو رغم مخاوف الانكماش المالي
  • الولايات المتحدة تدرس نقل مقر قيادة “أفريكوم” من ألمانيا إلى المغرب
  • سباق السيطرة في الفضاء يشتدّ.. الولايات المتحدة تستعد لإنشاء مفاعل نووي على القمر
  • تشريع جديد لزيادة عدد البطاقات الخضراء في أمريكا.. هل يشكل بداية فصل جديد في ملف الهجرة؟
  • من الألم إلى الأمل.. أطفال جرحى من غزة يتلقون العلاج في الولايات المتحدة
  • القبض على مصري في الولايات المتحدة بعد 30 عامًا من المطاردة
  • النفط يرتفع بدعم من انتعاش الطلب في الولايات المتحدة
  • التحول الصامت في كهرباء العراق.. الطاقة الشمسية تقود انتفاضة الألواح
  • ترامب: أريد سحب الولايات المتحدة من الصراع الأوكراني