موقع النيلين:
2025-06-23@11:33:21 GMT

هل هذه حرب عادلة؟

تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT

تفرز الحرب الإسرائيلية الإيرانية الكثير من الأمور، التي ربما كانت واضحة للخبراء، لكنها لم تكن بنفس الوضوح للغالبية العظمى من الرأي العام، وبدا أن الإعداد لهذه الحرب لم يكن ردًا على تطورات أو تهديد نشأ في التوقيت السابق للحظة القرار.

فقد بدأت الحرب الإسرائيلية دعائيًا، بتصوير الخطر الإيراني النووي وقدرات طهران على أو امتلاكها لأسلحة نووية تستهدف تدمير إسرائيل، هي دعاية رائجة في الغرب على مدى الثلاثين عامًا الماضية، لكن لم تسنح الفرصة لإسرائيل بالاستفادة من صدى دعاياتها في أي وقت قبل ذلك.

لقد جاءت الفرصة لإسرائيل الآن والتي استغلتها تمامًا بعد سقوط الذين مازالوا يعتبرون إسرائيل عدوًا ويعتقدون في قدراتهم على إيلامها، فقد أنهت إسرائيل أسطورة حزب الله، وقضت على إمكانياته العسكرية، وعلى تأثيره، ليعود حزبًا مستضعفًا، على الأقل خارج لبنان.

كما حاربت إسرائيل حماس بهدف القضاء على الحركة ومعها الشعب الفلسطيني في غزة، والخطة بالنسبة للضفة قادمة، ويمكن قراءتها من الآن، ويضاف إلى ذلك النجاح متعدد المنفذين، غرضًا وقصدًا ونوايا، في إسقاط الحكم المنيع في سوريا في بضع ساعات.

هذا إعداد للمسرح، لا يمكن إغفاله، نحو الجائزة الكبرى، والتي كان يجب أن تسقط في يد إسرائيل والغرب، وهي تدمير القدرات العسكرية والعلمية والثقافية الإيرانية، أو كما أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ما قد يكون قد تبقى من “الإمبراطورية الإيرانية”.

وبينما الحرب في غزة مستمرة، بسبب الفكر الصهيوني المُبتعث بأن هزيمة العدو ليست كافية، بل استسلامه وخنوعه وإذلاله، هو الهدف النهائي، فكل تصريحات قادة إسرائيل من الجيش والأوساط السياسية هي عن إعادة العدو إلى عقود سابقة أو إلى سنوات ما قبل التاريخ.

بينما حرب غزة مستمرة، فإن المسرح لم يكن جاهزًا كفاية من دون خداع العدو الإيراني، والذي جرى عبر الولايات المتحدة، فالرئيس ترامب ناور الجميع بحديثه عن أنه في ولايته الثانية سينهي الحروب، حرب غزة والحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن الحربين مستمرتان، ولكي يخدع إيران صرح وغرد بأنه يحذر إسرائيل من الهجوم عليها، وكلف دبلوماسييه بعقد جولات حوار مع الإيرانيين.

كان الجميع قد نسي أنه أعطى مهلة 60 يومًا لإيران لإبرام اتفاق نووي معها، لكن إسرائيل لم تنسَ، لأن الـ60 يومًا أمام العالم كله مسألة عرض، يُقبل أو يُرفض أو يُجرى تعديله من خلال التفاوض، ولكن بالنسبة لإسرائيل فإنه موعد شن الحرب.

حملت الأخبار قبل الهجوم حساسية إيرانية أو ما وصفته طهران بأنها علمت من دولة صديقة بخطط هجوم إسرائيلي، ولم يتضح عما إذا كانت طهران قد صدقت المعلومات الواردة إليها، أو تشككت فيها، ولم تظن بإمكانية حدوثها، تحت التفاوض مع واشنطن.

واتضح أن التفاوض كان فخًا، وربما أكثر من ذلك، نقل معلومات محدثة عن البرنامج النووي الإيراني، فتبادل المعلومات الاستخباراتية، بين واشنطن وتل أبيب نشاط قديم ومستدام.

وكان تناغمًا في الدهاء ما بين العاصمتين لإحكام القبضة حول طهران، وقد أحكمت، ولم تذهب إسرائيل إلى حرب في تاريخها القصير وحدها أبدًا، باستثناء حرب أكتوبر 73، التي كادت أن تقضي عليها كدولة، لولا التدخل الأمريكي.

لذا فإنها حتى في الحرب الدائرة حاليًا ساندتها الولايات المتحدة، وهما صورا الأمر بأنه مجرد إبلاغ الرئيس ترامب بالعملية العسكرية قبل البدء فيها. وتركت الولايات المتحدة وإسرائيل المجال للتكهنات خصوصًا فيما حدث عند إبلاغ الرئيس ترامب، ولم تبتعد التحليلات كثيرًا عن الموضوعية، فإسرائيل تضرب إيران، وأمريكا تدافع عن إسرائيل، وتمنع وصول عشرات الصواريخ الإيرانية إلى العمق الإسرائيلي.

وكما قام الرئيس ترامب بنفسه بدور في الخداع الإستراتيجي، فإنه ينشط في الحرب النفسية، ويشير إلى فوات الأوان، بالنسبة لصفقة نووية مع إيران، ويملي على العالم أبجديات هذه الحرب، التي لا تخرج عن أن إسرائيل، رغم أنها المعتدية، من حقها الدفاع عن نفسها، ويمضي خلفه قادة الاتحاد الأوروبي.

وإذا لم يشارك الرئيس ترامب في ضرب إيران، إلا أنه يهددها إذا تعرضت لمصالح أمريكا أو أمريكيين في المنطقة، برد غير مسبوق.

هكذا يلهو الرئيس الأمريكي بمصير أمة عظيمة كإيران، ويخرج من الخداع إلى الحرب النفسية، ومنها إلى الحرب الإعلامية عبر التهديد، وفي الوسط من هذا كله التلويح العسكري، واستدعاء حاملات الطائرات إلى المنطقة، والتقارير عن قنابل لا تملكها سوى الولايات المتحدة، تستطيع الوصول إلى المعامل والمفاعلات في أعماق الجبال.

ويكون التساؤل مشروعًا: هل هذه حرب عادلة؟ لقد بُوغتت إيران، وهي دارت في أنحاء العالم لإثبات سلمية برنامجها النووي، وهي حُرمت لعشرات السنين تحت نظام العقوبات من التكنولوجيا، والصواريخ التي لديها والمسيرات أيضًا، لا تطاول ما لدى إسرائيل، وقواتها الجوية متهالكة وقديمة، وتعود إلى زمن الشاه الذي أطاحت به ثورة شعبية في عام 1979.

قد تقضي هذه الحرب على إيران، بشكل علني، أو باتفاق، لكن اليوم التالي لتوقف الحرب لن ينشر ربيعًا وسلامًا، وإنما يعمق القلق والخوف، من موجة جديدة من الهيمنة الأمريكية.

محمد الشاذلي – بوابة الأهرام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرئیس ترامب

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شعبان يكتب: الحرب الإيرانية - الإسرائيلية.. الأسوأ لم يأتِ بعد

تأكد للكثيرين اليوم، أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية ستستمر على الأقل لنحو أسبوعين قادمين، والأرجح أنها ستزيد عن ذلك وقد تستمر قرابة شهرين، بعدما صرّح الرئيس الأمريكي ترامب أنه لن يتخذ قرارًا بضرب إيران أو المشاركة في الحرب على وجه التحديد قبل أسبوعين.
الكثيرون رأوا أن تصريحات ترامب ربما تكون خدعة في إطار تواطؤ أمريكي – إسرائيلي، وأن الولايات المتحدة أو أن ترامب قد يقرر فجأة المشاركة في الحرب، وساعتها لن تكون مجرد هجمات صاروخية وجوية متبادلة، ولكنها ستصبح حربًا شاملة، وستشارك فيها قوات إيرانية وإسرائيلية لم تشترك بعد في الحرب، وأقصد السلاح البحري وسلاح الغواصات والسلاح البري، والفرق الإيرانية الانتحارية، وأسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية، وهذه تمتلكها إيران مثل عدة دول أخرى تملكها في المنطقة.
القصد أن تصريحات ترامب، وإعلانه صراحة أنه لن يتدخل لوقف الحرب، أو للطلب من إسرائيل إيقاف القصف، هو ضوء أخضر أمريكي له حساباته، خصوصًا وأن الحرب الحالية ليس لها أي مبرر شرعي أو أخلاقي، وليس لدولة الاحتلال، إسرائيل أو غيرها، أن تهاجم إيران هكذا لمجرد أنها لا ترضى ولا توافق على برنامجها الصاروخي والنووي؟.. هذا عدوان وهمجية.
ترامب ينتظر على أمل أن تخطئ طهران، ولو باستهداف قارب أمريكي صغير هنا أو هناك، أو مغامرة من إحدى ميليشياتها وكتائبها في العراق أو اليمن في الاقتراب من المصالح الأمريكية أو أي من القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، أو إحدى السفارات، لتكون هذه حجته أمام الرأي العام الأمريكي، بأنه يتدخل للدفاع عن مصالح أمريكا وأمنها القومي، لأنها ستكون فضيحة مدوية أن تتورط الولايات المتحدة في الحرب وتدخل هكذا بكل قوتها لمجرد التضامن مع نتنياهو!!
أما النقطة الثانية، فإن الأسوأ في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية لم يأتِ بعد، وهو ما يمكن تحديده على النحو التالي:
-إيران قوة كبيرة، وحسابات نتنياهو العدوانية بأن مجرد هجوم جوي شامل على معسكراتها ومقراتها الصاروخية والباليستية سيؤخر برامجها ويعيقها، وأنه يمكن فعل ذلك بسرعة والانصراف مرة ثانية إلى تل أبيب وغلق الصفحة، حساب خاطئ تمامًا، وهذه اللحظة انتظرتها إيران منذ زمن طويل، على الأقل لكي يحقق ملالي طهران وعودهم أمام شعب طهران، في النيل من الشيطان الأصغر "إسرائيل"، والنيل من الشيطان الأكبر "الولايات المتحدة"، وفق المفردات الإيرانية.
-الأسوأ لم يأتِ بعد لأن الولايات المتحدة لم تشارك، صحيح أنها تتدخل للمساعدة دفاعيًا عن تل أبيب، وهذا مُعلَن، لكن صواريخها وغواصاتها وحاملات الطائرات والمدمرات الأمريكية لم تشارك، وهذه حكاية لوحدها، لأن لحظة أن تدخل أمريكا الحرب، فإن الصراع سيخرج عن نطاق القصف والقصف المتبادل إلى اجتياح حقيقي وتكسير عظام طهران، ودك مقراتها البرية والباليستية والصاروخية ومفاعلاتها النووية ومقدراتها ومؤسساتها الحكومية والمصرفية وغيرها وغيرها..
-وبدورها لن تسكت إيران، وسيكون في الإمكان التحرك ناحية القواعد الأمريكية الموجودة في قطر وسوريا والعراق وغيرها.
-الأسوأ لم يأتِ بعد لأن حكومة نتنياهو العدوانية لم تقصف مفاعلاً نوويًا إيرانيًا، إنها تقوم بالتعطيل وضرب المنشآت السطحية واغتيال علماء إيران، لكن قصف مفاعلات نووية إيرانية، على غرار فوردو، وبداخله كميات كبيرة من اليورانيوم المُخصّب بالفعل، سيؤدي حتمًا إلى كارثة إشعاعية على غرار تشيرنوبل في روسيا عام 1986، وربما أكبر.
-الأسوأ لم يأتِ بعد لأن إيران، التي استطاعت صواريخها أن تخترق مقلاع داوود والقبة الحديدية وحيتس 1 وحيتس 2، قد تحمل فيما هو قادم، حال دخول الولايات المتحدة الحرب، قذائف كيماوية أو بيولوجية أو حتى أسلحة نووية تكتيكية صغيرة، وساعتها سيكون يوم القيامة في تل أبيب وفي دول جوارها، خصوصًا وأن مساحة إسرائيل لا تزيد عن 22 ألف كيلومتر، وهو رقم ضئيل جدًا مقارنة بمساحة إيران التي تبلغ 75 مرة ضعفها وتصل لنحو مليون و600 ألف كيلو متر مربع.
-صمت دول الخليج، والصمت الإسلامي المريع تجاه استمرار العدوان، سيشجع الاحتلال، وسيشجع ترامب على المضي في الحرب، وكما أوضحنا فالتداعيات لن تقف عند حدود طهران أو حتى إزاحة النظام السياسي الديني الحاكم فيها، وإن كان هذا مستبعدًا في اللحظة
وتحت الحرب والغارات الجوية والقصف.
-المأمول مبادرة عربية إسلامية حقيقية وتحرك مباشر عبر مجلس الأمن وغيره، حتى لا تتدحرج كرة النار وتكبر الحرب وتخرج عن المسار الحالي لها.
وختامًا.. لا أُحبّذ من يزايدون وينتظرون تدخلاً روسيًا أو صينيًا دفاعًا عن إيران، فهذا لن يحدث، وأي دولة لن تُغامر بالوقوف أمام راعي البقر الأمريكي، لا الصين ولا روسيا، وهم يعلمون تمامًا خطورة ذلك، لكن قد نتوقع تكثيف المساعدات العسكرية لطهران خلال الفترة القادمة، وتزويدها بأسلحة روسية أو صينية أكثر تطورًا، وهو ما يصب الزيت على النار، وعلى طريقة ما تفعله الولايات المتحدة في مساعداتها العسكرية المُعلَنة لتل أبيب.
كما أرى أنه ليس اليوم وقت الكلام عن سياسة إيران وعداواتها وأطماعها في الدول العربية، ونحن أكثر المتضررين من ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، فهذا ليس وقته الآن، والأهم وقف الحرب وحصر أضرارها، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي، وإقرار استراتيجية دفاعية عربية، حان الآن وقتها لضمان التصدي لأي مغامرة إسرائيلية قد تكون لاحقة على مغامرة ضرب إيران نحو أي عاصمة عربية مستقبلًا.

طباعة شارك الحرب الإيرانية الإسرائيلية ترامب إيران الولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شعبان يكتب: الحرب الإيرانية - الإسرائيلية.. الأسوأ لم يأتِ بعد
  • تجنيب ويلات الحرب .. الرئيس السيس وسلطان عُمان يبحثان وقف التصعيد بين إسرائيل وإيران
  • الرئيس الإيراني: أمريكا انضمت إلى الحرب بعد أن شهدت عجز إسرائيل
  • رسمياً .. الرئيس الأمريكي ترامب يُعلن ضرب منشآت إيران النووية
  • عراقجي: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود هذه الحرب ضدنا
  • المعارضة الإيرانية في ظل الحرب مع إسرائيل.. هل ستنجح في إسقاط النظام؟
  • الرئيس اللبناني يعلق على إمكانية دخول بلاده الحرب ضد إسرائيل
  • الرئيس التركي والمستشار الألماني يبحثان تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية
  • كيف تناولت المواقع الإعلامية الإيرانية ووسائل التواصل مجريات الحرب مع إسرائيل؟