طالبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القيادة السورية الجديدة بعدة مطالب، من بينها "قمع المتطرفين" وفق ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت غردت بعد فترة وجيزة من لقاء الرئيس ترامب بالرئيس الشرع بالرياض قائلة "إن ترامب حثَّ القائد السوري الجديد على طرد جميع الإرهابيين الأجانب".



ووفقا لمراقبين فإن الرئيس السوري أحمد الشرع يواجه تحديا في كيفية التعامل مع مقاتلين أجانب كانوا قد انضموا إلى صفوف هيئة تحرير الشام وفصائل سورية مسلحة أخرى إبان الثورة السورية، وشاركوا في عملية ردع العدوان، جاءوا من مناطق مختلفة في أسيا الوسطى وأوروبا ودول أخرى، وأغلبهم يتبنون مفاهيم وأصول السلفية الجهادية، التي عادة ما تصنف في قائمة الاتجاهات الراديكالية.

ويشير تقرير نشرته صحفية واشنطن بوست مؤخرا إلى أن المقاتلين الأجانب الأكثر تشددا بدأوا يظهرون تحفظاتهم على سياسات الرئيس الشرع الحالية، ويبدون تخوفاتهم واعتراضاتهم لعدم تطبيقه للشريعة الإسلامية، وفرضه لأحكامها بعد توليه السلطة في سورية، وينتقدون في الوقت نفسه تعاونه مع الولايات المتحدة وتركيا بهدف ملاحقة الفصائل المتشددة واستهدافها.

في مواجهة ذلك كله كيف سيعالج الرئيس الشرع وحكومته ملف "الجهاديين" لا سيما الأجانب منهم؟ فهل سيعمل على إدماجهم في مؤسسات الدولة الجديدة، بعد أن يتم منحهم الجنسية السورية؟ ومن يرفض منهم فكرة إدّماجهم في مؤسسات الدولة، والالتزام بسياساتها، والتقيد بتعليماتها كيف ستعامل النظام معهم.. هل من الوارد إنهاء وجودهم في سوريا بالطرق التي يراها النظام مناسبة؟

في هذا الإطار رأى الكاتب والمحلل السياسي السوري، الدكتور عرابي عبد الحي عرابي أن "عدد المقاتلين الأجانب في سوريا تقلص بشكل كبير، وبات وجودهم محصورا ضمن تشكيلات محلية محدودة وغير فاعلة سياسيا أو عسكريا".

وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول "معظم هؤلاء الأفراد اندمجوا اجتماعيا في المجتمعات السورية التي استقروا فيها منذ سنوات، سواء عبر الزواج أو العمل أو الانخراط في الحياة المدنية ضمن المناطق الخارجة عن النزاع، ولا توجد أي مؤشرات على انتسابهم لتنظيم داعش أو أي كيان مصنف إرهابيا من قبل الحكومة السورية أو المجتمع الدولي".


                         د. عرابي عبد الحي عرابي، كاتب ومحلل سياسي سوري

وأضاف: "كما أن تحركاتهم لا تتسم بالطابع العابر للحدود، بل تتماهي مع خصوصية البيئة المحلية التي يعيشون فيها، وفي تقديري أن هذا الملف لا يشكل محور توتر داخلي أو تهديدا للأمن، بل تحول إلى قضية إنسانية وإدارية تتطلب معالجة هادئة تتجنب التصعيد، عبر تجنيس المقاتلين ودمجهم بالبنية العسكرية الدفاعية للبلاد مع احترام الخصوصيات الثقافية والاعتبارات الاجتماعية للأهالي والمجتمعات المضيفة".

من جانبه أكدّ الكاتب والباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية، ماهر فرغلي "وجود طلب أمريكي وغربي بإنهاء ملف المقاتلين الأجانب في سوريا، وهذا ملف هام وحيوي، إضافة لملف إعادة المهاجرين السوريين إلى سورية، والتي تُعد من الأسباب الرئيسية لقبول الغرب بأحمد الشرع رئيسا لسورية، وتشير التقارير إلى أن الشرع وعد القادة والمسؤولين الأوروبيين بمعالجة هذا الملف، لكن الأمر يتطلب مزيدا من الوقت".

وأضاف في تصريحاته لـ"عربي21": "وأنه سيقوم بمعالجة هذا الملف عبر دمج المقاتلين الأجانب رسميا في مؤسسات الدولة، وفيما يظهر أنه استطاع إقناع الأمريكيين والأوروبيين بهذا الخيار، حتى لا يشكلوا تهديدا له أو لدولهم في حال رجوعهم إليها، وهو ما يبقيهم تحت سيطرة الدولة السورية".

وأورد فرغلي مثالا لذلك بـ"المقاتلين (الإيغور) الذين تم دمجهم في الجيش السوري، عبر تشكيل الكتيبة (84)، كما تم دمج مقاتلين آخرين مصريين ومن جنسيات أخرى في الجيش السوري، ومن لا يستجيب للدمج ويلتزم بالقوانين فسيصار إلى التخلص منه بالطرق التي يراها النظام، وفي الآونة الأخيرة تم التخلص من قيادات وكوادر في تنظيم "حراس الدين" فرع تنظيم القاعدة في سورية.


                      ماهر فرغلي كاتب وباحث مصري في شؤون الحركات الإسلامية

وتابع فرغلي "من الواضح أن سياسة النظام السوري في التعامل مع المقاتلين الأجانب تتمثل بدمجهم في الجيش السوري، ومنحهم الجنسية السورية، ومن يرفض منهم ذلك سيتم التخلص منه بالاغتيالات أو بالإبعاد من سورية، تماما كما حدث في تجربة إدلب، حيث تم التخلص من قيادات وكوادر في تنظيم داعش وتنظيم القاعدة والعناصر المتطرفة".

ولفت إلى أن "ما يهم النظام السوري في تعامله مع المقاتلين الأجانب هو عملية دمجهم بالمنظومة العسكرية الجديدة في سورية بطريقة مناسبة، بعد منحهم الجنسية ليعيشوا في المجتمع السوري كأي مواطن سوري آخر، وليس مهما الأفكار التي يحملونها أو محاولة التأثير أو الضغط عليهم لتغيير تلك الأفكار".

تجدر الإشارة إلى أن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سورية توماس باراك أكدّ أن الولايات المتحدة وافقت على خطة القيادة السورية الجديدة المتمثلة بدمج آلاف من المقاتلين الأجانب في الجيش الوطني السوري، ووفقا لمصادر سورية فإن الخطة تتضمن انضمام 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور، ضمن الوحدة (84) المشكلة حديثا.

وفي ذات الإطار قال الناشط السوري، محمد جمال رحال "تواجه الرئيس أحمد الشرع ملفات كثيرة معقدة ومتشابكة، وهو يطبخ طبخاته السياسية على نار هادئة رغم أنه يمشي في حقول ألغام، واستطاع بحنكته إدارة إدلب والسيطرة عليها، وتمكن من دمج أكثر الفصائل فيها".


                                                   محمد جمال رحال ناشط سوري

وأضاف في حديثه مع "عربي21": "فيما يتعلق بملف المقاتلين الأجانب، فعلى الأغلب سيتم دمجهم في الجيش الوطني السوري، ووفقا للأخبار فإن الولايات المتحدة وافقت على دمجهم في الجيش السوري، ومنحهم الجنسية السورية".

من جهته قال الباحث والأكاديمي السوري، الدكتور محمد ماهر قدسي "لا يمكن فصل الأخبار المتداولة بشأن مطالبة الولايات المتحدة بمعالجة ملف الجهاديين (المقاتلين الأجانب) في سوريا عن السياق السياسي والدبلوماسي الأشمل، فثمة مصادر متعددة في الأوساط الدبلوماسية الغربية تحدثت بالفعل عن ضغوط تمارسها واشنطن على الحكومة السورية الجديدة، وعلى رأسها الرئيس أحمد الشرع لاتخاذ خطوات واضحة لمعالجة وجود المقاتلين الأجانب في سورية".

وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "إلا أن هذه الضغوط لم تُعلن بشكل مباشر، بل طُرحت عبر قنوات دبلوماسية مغلقة، وارتبطت بمقايضات تتعلق بملفات التطبيع، ورفع العقوبات وإعادة الإعمار، فالأخبار المتداولة صحيحة، وهي تحتاج إلى قراءة متأنية لفهم أبعادها وتداعياتها السياسية".

وعن كيفية معالجة الرئيس الشرع لهذه القضية، لفت قدسي إلى أن "الرئيس الشرع المعروف برؤيته السياسية التي توازن بين الواقعية والانفتاح، سيواجه هذا الملف ضمن مقاربة مزدوجة: بالمعالجة الأمنية الانتقائية، حيث يُرجح أن يتجه إلى تفكيك التنظيمات التي تشكل خطرا مباشرا على أمن الدولة واستقرارها".


                               د. محمد ماهر قدسي باحث وأكاديمي سوري

وأردف: "لا سيما تلك المرتبطة بتنظيمات مدرجة دوليا على قوائم الإرهاب، مع محاولات احتواء من يمكن احتواؤه ضمن برامج تأهيل، وقد يسعى الشرع للقيام بمعالجة فكرية للملف، بالحث على إجراء مراجعات فكرية عبر برامج إعادة تأهيل، خاصة لأولئك الذين لا يُصنفون كخطر دائم، في مسعى لتقليل حدة التطرف ودمج بعضهم (خصوصا من صغار السن) في أطر اجتماعية واقتصادية جديدة".

وخلص إلى القول: "من المرجح أن يعتمد الرئيس أحمد الشرع في معالجة ملف المقاتلين الأجانب على نهج براغماتي يستند إلى التوازن بين الضرورات الأمنية ومتطلبات الشرعية الدولية، لكن لن يكون خيار الدمج وحده كافيا، كما أن الحسم الأمني الكامل قد يفتح عليه جبهات جديدة، لذا فإن التحدي الأكبر للشرع فيما يتعلق بهذا الملف لا يتمثل في طرد المتطرفين فحسب، بل في منع إنتاج تطرف جديد في الفراغ الذي سيحدث ما بعد ذلك".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير السورية امريكا سورية متطرفون موقف تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاتلین الأجانب فی الولایات المتحدة فی الجیش السوری الرئیس الشرع أحمد الشرع هذا الملف التخلص من فی سوریة فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس التركي يهنئ الشعب السوري بالذكرى الأولى لثورة الثامن من ديسمبر

هنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشعب السوري بالذكرى الأولى لثورة الثامن من ديسمبر، وقال أردوغان إن تركيا ستواصل تقديم كل أشكال الدعم للحفاظ على وحدة أراضي سوريا وتحقيق السلام المجتمعي بين مكوّناتها كافة.

الأمم المتحدة تؤكد التزامها بالعمل لإنجاح الفترة الانتقالية في سورياالسعودية تهدي سوريا قطعة من ستار الكعبة بمناسبة عيد التحرير


وفي وقت سابق، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قدم له هدية بمناسبة "عيد التحرير" و هي قطعة من ستار الكعبة المشرّفة تحمل الآية الكريمة: "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"، ليتم وضعها في رحاب المسجد الأموي بالعاصمة دمشق.

و علق الشرع على هدية ولي العهد قائلا: "آثرنا أن تكون قطعة ستار الكعبة في مسجد بني أمية لتمتد أواصر المحبة والأخوة من مكة المكرمة إلى بلاد الشام".


عيد التحرير السوري
وكان الشرع قد أصدر في وقت سابق من أكتوبر الماضي، مرسوما رئاسيا ينص على أن يوم 8 ديسمبر من كل عام، وهو تاريخ سقوط نظام الأسد في سوريا هو عطلة رسمية تسمى "عيد التحرير".

طباعة شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشعب السوري الذكرى الأولى ثورة الثامن من ديسمبر أردوغان تركيا

مقالات مشابهة

  • بالفيديو : الرئيس أحمد الشرع وزوجته يذرفون الدموع عند سماعهم لقصص معاناة الشباب السوري خلال حكم الأسد
  • تفاصيل برقية من الرئيس عباس لنظيره السوري الشرع
  • الرئيس السوري: علاقاتنا مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات مثالية
  • الرئيس السوري: النظام البائد أسس كيانًا قائمًا على "اللاقانون"
  • الرئيس التركي يهنئ الشعب السوري بالذكرى الأولى لثورة الثامن من ديسمبر
  • عاجل| الملك يهنئ الرئيس السوري بمناسبة الذكرى الأولى لعيد التحرير
  • ‏الرئيس السوري أحمد الشرع: علاقة سوريا مع دولة الإمارات والسعودية وقطر وتركيا "مثالية"
  • هدية استثنائية من ولي العهد.. الرئيس السوري بالبدلة العسكرية: يجب توحيد جهودنا
  • قطعة من ستار الكعبة إلى الجامع الأموي.. الرئيس السوري يكشف عن هدية ولي العهد
  • قطعة من ستار الكعبة إلى الجامع الأموي.. الرئيس السوري يكشف عن هدية ولي العهد - عاجل