الهدف الحقيقي لأمريكا ليس طهران بل بريكس والصين
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
بقلم: جوني أوزتورك
أنقرة (زمان التركية) – إن الصواريخ التي أُطلقت على إيران استهدفت في الواقع قلب مجموعة بريكس. تريد أمريكا تعطيل النظام متعدد الأقطاب عن طريق تفتيت خط الطاقة والتجارة بين روسيا وإيران والصين. وترى واشنطن أن بريكس، التي تؤسس لاقتصادات خارج سيطرة الدولار وشبكات بديلة لصندوق النقد الدولي، تمثل تهديدًا.
والهجوم على إيران هو الفصل الثاني من هذه المواجهة العالمية، بعد أوكرانيا.
تدخلت أمريكا أمس في الصراع الإسرائيلي الإيراني. لكن هذا الصراع هو جزء من حرب أكبر بكثير: حرب أمريكا لوقف بريكس. تأسست مجموعة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) في عام 2006. واعتبارًا من عام 2024، وصل عدد أعضائها إلى 10 دول: بما في ذلك مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتمثل المجموعة إجمالي 40% من سكان العالم و30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
لكن ما يزعج الغرب حقًا ليس هذا. فمجموعة بريكس تسعى إلى كسر هيمنة الدولار، وإنشاء آليات مالية بديلة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وإبرام اتفاقيات مباشرة للطاقة والتجارة، وإنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب. هذا هو بالضبط ما تعتبره واشنطن “تهديدًا وجوديًا”.
إن سعي واشنطن لإضعاف روسيا أولاً عبر أوكرانيا، والآن إيران عبر إسرائيل، ليس من قبيل المصادفة. فكلا البلدين يشكلان، جنبًا إلى جنب مع الصين، العمود الفقري لمجموعة بريكس بما يمتلكانه من موارد الطاقة والعناصر الأرضية النادرة والمواقع الجغرافية الاستراتيجية. تحاول الولايات المتحدة، من خلال إضعاف هذه الدول، قطع أمن الطاقة الصيني وخط “الحزام والطريق” (المشروع الصيني الذي بدأ عام 2013 لربط الصين بالعالم كله عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا من خلال شبكات الطرق والسكك الحديدية والبحرية والطاقة).
حتى الدائرة المقربة من ترامب تقول علانية إن هذه الحرب لا تتعلق بالبرنامج النووي، بل بتغيير النظام. إخضاع إيران، عزل الصين، إثارة الفوضى في روسيا: هذا هو “الثالوث المقدس” للاستراتيجية الإمبريالية.
تعد إيران ذات أهمية بالغة في جانب الطاقة لهذا النظام. فهي مفتاح أمن النفط الصيني عبر مضيق هرمز، والتعاون النووي مع روسيا، وممرات آسيا الوسطى. وتعطيلها يعني إضعاف بكين. وروسيا بالفعل تتعرض لضغوط بسبب حرب أوكرانيا.
تركيا ليست عضوًا في بريكس، لكنها قدمت طلبًا للانضمام. ويحضر الرئيس رجب طيب أردوغان جميع اجتماعات المجموعة. لأن أنقرة أيضًا ترحب بالشبكات الاقتصادية الجديدة التي لا تعتمد على صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي.
وبالنظر إلى هذا المشهد، فإن الهجوم الصاروخي الإسرائيلي ليس مجرد جزء من أزمة إقليمية، بل هو جزء من صراع نظام عالمي جديد. فالأسلحة تنفجر في إيران، لكن خريطة الأهداف أوسع بكثير: موسكو، بكين، وربما يومًا ما… أنقرة.
Tags: أمريكاالصينالولايات المتحدةبريكسواشنطن
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أمريكا الصين الولايات المتحدة بريكس واشنطن
إقرأ أيضاً:
روسيا وكازاخستان يشعلان شرارة التعاون الطاقي.. مفاعل نووي جديد في قلب آسيا
انطلقت في كازاخستان أعمال تنفيذ مشروع بناء أول محطة للطاقة النووية على أراضيها، في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز قطاع الطاقة الوطني وتنويع مصادرها بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الوقود الأحفوري.
وأعلنت مؤسسة “روساتوم” الروسية، المتخصصة في تكنولوجيا الطاقة النووية، عن بدء عمليات البناء في منطقة أولكين التابعة لمدينة ألماتا. وستبلغ القدرة الإنتاجية للمحطة النووية نحو 2.4 غيغاواط، مع توقعات بإدخالها حيز التشغيل الفعلي بين عامي 2035 و2036، ما يمثل طفرة في البنية التحتية الطاقية لكازاخستان.
وأكد أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لمؤسسة روساتوم، أن المحطة ستُبنى باستخدام أحدث مفاعلات VVER-1200 من الجيل “+3″، والتي تجمع بين خبرات الهندسة النووية المتقدمة وأنظمة الحماية الصارمة لضمان أعلى معايير السلامة والأداء.
وأضاف خلال حفل بدء أعمال المسح في موقع المشروع أن كازاخستان ستشارك بنحو 30% من مكونات المعدات والوحدات التي سيتم استخدامها في بناء المحطة، مما يعكس عمق الشراكة الصناعية بين البلدين ويتيح توطين جزء كبير من العمل لصالح المؤسسات المحلية.
وأشار ليخاتشوف إلى أن تحقيق هذا المستوى من المشاركة المحلية يتطلب من الجانب الكازاخستاني جهوداً كبيرة لتأكيد الكفاءة والسلامة، مؤكداً استعداد روساتوم لتنفيذ مشروع دولي يجمع بين تقنيات متقدمة في الهندسة الميكانيكية وأنظمة التحكم الصناعية.
وفي خطوة تعكس التكامل الوثيق بين روسيا وكازاخستان في قطاع الطاقة، استلمت روساتوم عينات تربة من موقع المشروع لإجراء الدراسات والبحوث اللازمة، وفقاً لما أوردته وكالة سبوتنيك كازاخستان التي نشرت لقطات حصرية من موقع المشروع.
وتأتي هذه الخطوة في ظل توجه عالمي متزايد نحو تبني الطاقة النووية كخيار استراتيجي لتأمين إمدادات مستقرة وموثوقة للطاقة مع تقليل الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري التي تخضع لتقلبات السوق الدولية، بالنسبة لكازاخستان، التي تمتلك موارد كبيرة من الوقود الأحفوري، فإن المشروع يعكس رؤية طويلة الأمد لتحديث قطاع الطاقة وتعزيز قدراته الإنتاجية بطريقة مستدامة، كما يُتوقع أن يعزز المشروع من مكانة كازاخستان في المنطقة باعتبارها مركزاً إقليمياً للطاقة النظيفة، ما يفتح آفاقاً للتصدير وربط الشبكات الكهربائية مع دول الجوار.