لصالح مشروع طهران.. الحوثيون يصعّدون هجماتهم لإفشال سلام غزة
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
في وقتٍ يترقب فيه العالم انفراجة دبلوماسية عبر خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، تواصل ميليشيا الحوثي التصعيد العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن وحتى العمق الإسرائيلي، في خطوة تكشف حجم التناقض بين خطابها الدعائي حول "نصرة فلسطين" و"مساندة غزة حتى إنهاء الحرب".
التصعيد الحوثي الحالي لا ينفصل عن الأجندة الإيرانية التي تسعى إلى إطالة أمد التوتر الإقليمي وإعطاء مليشيا الحوثي شماعات لتبرير الهجمات البحرية وضد إسرائيل.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، رفعت جماعة الحوثي شعارات مساندة القضية الفلسطينية لتبرير تدخلاتها العسكرية في البحر الأحمر وبحر العرب. لكن الوقائع على الأرض تكشف أن غالبية الهجمات استهدفت سفنًا مدنية وتجارية تابعة لدول لا علاقة لها بإسرائيل، كان آخرها استهداف سفينة هولندية قبل أيام. هذه العمليات التي توصف بالإرهابية باتت تهدد أحد أهم الممرات الملاحية الدولية وتعرض أمن الطاقة والتجارة العالمية لمخاطر جسيمة.
في خطابه الأخير، شن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي هجومًا حادًا على خطة ترامب، مجددًا التمسك بخيار التصعيد العسكري ضد إسرائيل وضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وقال الحوثي إن جماعته ستواصل حشد المقاتلين وتطوير ترسانتها العسكرية استعدادًا لما وصفها بـ"الجولة المقبلة من المواجهة"، في خطاب رآه مراقبون مملوءًا بالتحدي ويعكس رغبة في تقويض المسار السياسي الجاري بشأن غزة.
التصعيد الحوثي تزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي، الأحد، اعتراض صاروخ أُطلق من الأراضي اليمنية باتجاه إسرائيل. وأكد الجيش أن الإنذارات دوّت في مناطق عدة، فيما أُغلق مطار بن غوريون الدولي مؤقتًا أمام حركة الطيران كإجراء احترازي. هذا التطور يعكس دخول الحوثيين في مسار تصعيدي مباشر ضد إسرائيل، بما قد يوسع نطاق الحرب ويعقّد جهود الوسطاء.
لم يقتصر التصعيد الحوثي على استهداف السفن التجارية والعمق الإسرائيلي، بل شمل أيضًا تهديدات مباشرة ضد شركات الطاقة الأميركية الكبرى، إذ توعدت الجماعة بأن سفن هذه الشركات ستكون أهدافًا لها، على الرغم من تقارير سابقة تحدثت عن تفاهمات غير معلنة بين الحوثيين وواشنطن لوقف استهداف السفن مقابل تخفيف الضربات الجوية الأميركية ضد مواقعهم. ويرى محللون أن هذه التهديدات تمثل ردًا على العقوبات الأميركية والأوروبية ضد طهران، ما يعزز الطرح القائل بأن الحوثيين باتوا أداة متقدمة في خدمة المحور الإيراني.
ويسعى الحوثيون من خلال هذا التصعيد- بحسب المراقبين- إلى إفشال جولة المفاوضات غير المباشرة الجارية بمشاركة وفود من إسرائيل والولايات المتحدة وحركة حماس إلى جانب مصر وتركيا، والتي تركز على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب لإطلاق سراح الرهائن ووقف الحرب. هذا التوجه يعكس خشية الميليشيا من سقوط الذريعة التي استخدمتها منذ اندلاع الحرب تحت شعار "نصرة غزة"، بعد قبول حماس بمبدأ التسوية.
ويرى الناشط السياسي في حضرموت، محمد باحمران، إن التصعيد الحوثي الأخير يكشف العديد من الحقائق التي لم تعد خافية على أحد، وفي مقدمتها سقوط ذريعة "نصرة غزة" التي طالما رفعتها الجماعة كشعار لتبرير هجماتها على الملاحة الدولية.وأوضح أن الميليشيات الحوثية، وبإيعاز مباشر من طهران، لن تسمح بأي تقدم في مسار التسوية بغزة، لأنها تدرك أن أي اتفاق سلام سيُفقدها الغطاء الذي تتذرع به لمواصلة أعمالها الإرهابية في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن.
وأضاف باحمران أن الحوثيين سيسعون إلى اختلاق مبررات جديدة للاستمرار في ضرب السفن التجارية، ما دام أن إيران لم تنجح في الحصول على امتيازات ملموسة بشأن ملفها النووي أو تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وأشار باحمران إلى أن التصعيد الحوثي لا يقتصر على تهديد الملاحة الدولية، بل يمتد إلى الداخل اليمني، حيث ستعاود الجماعة تصعيد أنشطتها الميدانية وفرض مزيد من القيود الأمنية والاقتصادية كورقة ضغط وابتزاز للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، التي تأمل أن يشكل إحلال السلام في غزة بوابة لإنهاء الأزمة اليمنية الممتدة منذ أكثر من 11 عامًا.
واعتبر أن الحوثيين يحاولون عبر هذه التحركات تأكيد حضورهم كـ"أداة أساسية" في المشروع الإيراني بالمنطقة، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار اليمن والمنطقة بأسرها.
بالموازاة مع هذه التطورات، كشفت مصادر إسرائيلية عن استعدادات عملية تشمل إعداد خرائط للانسحاب من مناطق في قطاع غزة، وبحث قوائم السجناء الفلسطينيين الذين قد يُفرج عنهم ضمن صفقة تبادل، بما يتماشى مع خطة ترامب التي تنص على إطلاق سراح نحو 250 أسيرًا محكومين بالمؤبد. غير أن استمرار التصعيد الحوثي يهدد بخلط الأوراق وإدخال المنطقة في دائرة جديدة من عدم الاستقرار.
بينما تسعى الأطراف الدولية لتمهيد الطريق نحو وقف الحرب في غزة، يصر الحوثيون على تصعيدهم العسكري ضد الملاحة الدولية وإسرائيل، في خطوة يرى المراقبون أنها تعكس ولاءً مطلقًا للأجندة الإيرانية أكثر من كونها التزامًا بالقضية الفلسطينية. وهو ما يضع مستقبل الممرات الملاحية الدولية، وجهود السلام في المنطقة، أمام اختبارات صعبة قد تعرقل أي تسوية قادمة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الملاحة الدولیة فی البحر الأحمر التصعید الحوثی فی غزة
إقرأ أيضاً:
الهيئة الدولية حشد توجه مذكرة إحاطة شاملة للأمم المتحدة توثق عامين من إبادة غزة
الثورة نت/
وجهت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، اليوم الاثنين مذكرة إحاطة شاملة إلى الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية والإقليمية، بعنوان “عامان من حرب الإبادة الجماعية على غزة”.
ووثقت مذكرة الهيئة الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها العدو الإسرائيلي خلال العامين الماضيين بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقالت “حشد” في مذكرة الإحاصة إن “أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، قُتلوا خلال عامين من العدوان، فيما أصيب أكثر من 160 ألفًا، وفُقد نحو 9,700 شخص تحت الأنقاض”.
وأشارت إلى أن 3.3 ملايين فلسطيني بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 1.1 مليون طفل، في حين نزح 1.9 مليون شخص قسريًا من منازلهم.
وأوضحت الإحاطة أن جيش الكيان الإسرائيلي ارتكب أكثر من 3,800 مجزرة موثقة، وأباد آلاف العائلات بالكامل.
وذكرت أن النساء والأطفال يشكلون 60% من الضحايا، مؤكدة أن جيش الكيان تعمد استهداف النساء والفتيات بالعنف الجنسي والحرمان من الرعاية الصحية.
كما وثّقت الهيئة “مقتل 254 صحفيًا وإعلاميًا وتدمير العشرات من المكاتب الإعلامية، ما أدى إلى شلل شبه كامل في المشهد الإعلامي، إضافة إلى مقتل 12,800 طالب ومعلم وتدمير مئات المدارس والجامعات”.
وأبرزت تنفيذ العدو إبادة مكانية شاملة عبر تدمير 370 ألف وحدة سكنية، بينها 150 ألف وحدة دُمرت كليًا، إلى جانب تدمير 42 مستشفى و122 مركزًا صحيًا، و85% من المباني الحكومية، و93 مركز شرطة، و8 مقار نيابات، ما تسبب بانهيار المنظومة العدلية في القطاع.
ولفتت إلى أن الحرب على غزة خلفت خسائر اقتصادية تجاوزت 19 مليار دولار، فيما تم تدمير 70% من الأراضي الزراعية و80% من الطرق الرئيسية و92% من شبكة الكهرباء، ما جعل غزة “منطقة غير صالحة للحياة”.
وجددت التأكيد بأن الكيان استخدم التجويع كسلاح حرب، متسببًا في مجاعة طالت 600 ألف شخص ووفاة 475 مدنيًا بينهم 178 طفلًا بسبب سوء التغذية.
وأكدت “حشد” أن الأفعال “الإسرائيلية” تندرج بوضوح ضمن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام روما الأساسي واتفاقية منع جريمة الإبادة لعام 1948، محمّلة بعض الدول الغربية والشركات العسكرية الكبرى مسؤولية التواطؤ في الجريمة عبر استمرار تزويد الكيان بالأسلحة.
وطالبت الهيئة بـ “الوقف الفوري للحرب، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم التحقيقات الدولية ومحاسبة قادة الكيان الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى فرض عقوبات دولية على “إسرائيل” والشركات المتورطة في جرائم الحرب”.
واعتبرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، صمت المجتمع الدولي تجاه الإبادة في غزة، تواطؤًا في الجريمة، محذّرة من أن استمرار المأساة يهدد الأمن والسلم الدوليين.