اتهمت الحكومة السودانية، في بيان رسمي، الحكومة الكينية بتمرير أسلحة وذخائر إلى ميليشيات “الدعم السريع”، واعتبرت هذه الخطوة انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السودانية (سونا).

وأكد البيان أن الخرطوم عثرت في مايو الماضي على مخازن للأسلحة في العاصمة الخرطوم تحمل علامات الجيش الكيني، مشيراً إلى أن كينيا تُستخدم كمعبر رئيس للإمدادات العسكرية القادمة من الإمارات إلى هذه الميليشيات التي تصنفها السودان “إرهابية”.

وتعليقاً على هذا الاتهام، أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف عزمه منع مرور الطيران الكيني عبر الأجواء السودانية، في رد واضح على دعم نيروبي لقوات “الدعم السريع”.

وقال يوسف لوكالة الأنباء السودانية: “قرار منع الطيران الكيني من المرور عبر أجواء السودان قيد الإعداد، والبلاد اتخذت قرارات واضحة تجاه تحركات كينيا وتعاونها مع ميليشيات الدعم السريع وداعميها”.

ويأتي هذا التصعيد ضمن سلسلة خطوات اتخذها السودان، كان أبرزها قرار في 13 مارس الماضي بوقف استيراد جميع المنتجات الكينية عبر كافة المنافذ، مؤكداً أن القرار يهدف إلى حماية السيادة الوطنية والأمن القومي، بعد تأكيدات على استضافة نيروبي لقوات الدعم السريع ورعايتها لأنشطتها، ما اعتُبر تدخلاً سافراً في الشؤون السودانية.

وفي وقت سابق، استضافت العاصمة الكينية نيروبي مؤتمراً لقوات الدعم السريع بالتعاون مع حركات مسلحة مثل “الحركة الشعبية لتحرير السودان” بقيادة عبد العزيز الحلو، وقوى سياسية ومدنية، بهدف تشكيل “حكومة موازية” في السودان، ما أثار إدانة شديدة من وزارة الخارجية السودانية واعتبرته محاولة لتقويض وحدة واستقرار البلاد.

هذا وبدأت الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل 2023، في مناطق عدة من البلاد، وسط محاولات وساطة عربية وأفريقية ودولية فشلت حتى الآن في إقرار وقف إطلاق نار دائم، وتفاقمت الأزمة بعد تصاعد الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خصوصاً عقب توقيع “الاتفاق الإطاري” الذي كان من المفترض أن ينهي الدور السياسي للجيش وينقل السلطة للمدنيين، لكن الخلافات حالت دون تنفيذه.

في سياق ذي صلة، أصدر رئيس مجلس الوزراء الانتقالي كامل إدريس قراراً بتعيين الفريق الركن حسن داؤود كبرون كيان وزيراً للدفاع، والفريق شرطة بابكر سمرة وزيراً للداخلية، في إطار حكومته الجديدة التي ستعلن باقي أعضائها تدريجياً.

ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه السودان حرباً داخلية أثرت بشكل بالغ على الوضع الإنساني والخدمات الحيوية، مع استمرار نزوح الملايين داخلياً وخارجياً، وتتواصل تداعيات الأزمة السودانية، في ظل اتهامات متبادلة ودعم إقليمي لقوات مختلفة، وسط تدهور في الأوضاع المعيشية وانعدام استقرار أمني يهدد مستقبل البلاد.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الإمارات والسودان الجوع في السودان الحرب السودانية السودان السودان وكينيا كينيا الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الوجه الآخر لحرب السودان.. مرتزقة وراء البحار

هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها مقاتلون أجانب في صفوف قوات الدعم السريع، فهذه الحرب المدمرة أكبر من أن يقودها فصيل تمرد على قيادة الجيش السوداني، فقضى على بنية الدولة السودانية الحديثة التي تجاوز عمرها مائة عام. ومع مرور الأيام، بدأت تتكشف المساهمة الفعلية لدول الجوار والإقليم في حرب السودان، منذ أن أطلق الدعم السريع الطلقة الأولى في الخامس عشر من نيسان/ أبريل 2023. ولم يعد خافيا على أحد مَن هم الذين يحاربون الجيش السوداني، ولصالح مَن يفعلون ذلك.

أخطأت قوات الدعم السريع ومن يخطط لها في تقدير تكلفة الحرب بشريا وماديا، إذ ظنت قيادتها أن الاستيلاء على السلطة لن يكلف سوى بضع ساعات من الزمن، مدعومة بتعزيزات عسكرية احتياطية دفعت بها قبل ساعات من انقلابها الفاشل من خارج الخرطوم، وتمكنت حينها من الانتشار مؤقتا وعزل مقرات الجيش السوداني عن بعضها البعض داخل الخرطوم.

في المقابل، كانت خطة الجيش السوداني طويلة الأمد، وتهدف إلى استنزاف قوات النخبة المزودة بالعتاد الكافي للسيطرة على كامل السودان، فهلك الصف الأول من هذه القوات، وفتحت أبواب الاستنفار على مصراعيها لتعويض الخسائر البشرية الجسيمة.

وبحسب هذه المعطيات، غادر نائب قائد الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، الخرطوم مبكرا لاستنفار الحواضن الاجتماعية في دارفور وكردفان، والاستعانة بمقاتلين أجانب من دول الجوار ومناطق التداخل القبلي مع السودان، مغريا إياهم بأن منازل مواطني الخرطوم المليئة بالذهب والأموال في انتظارهم. وقد استعان الدعم السريع بوحدات متخصصة في المدفعية من جنوب السودان، وقناصين من إثيوبيا، وطيارين لأغراض الإمداد اللوجستي من كينيا، وآلاف المقاتلين في القوات البرية من تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا والنيجر؛ هلك معظمهم في معارك الخرطوم والجزيرة وسنار، بينما تراجع من تبقى منهم إلى دارفور للمشاركة في حصار الفاشر، التي تشهد أزمة إنسانية كارثية، حيث تمنع قوات الدعم السريع عن سكانها الطعام والدواء، رافضة كل المبادرات الإنسانية والقرارات الدولية لفك الحصار عنها.

وإذا وضعنا في الاعتبار دوافع هؤلاء المقاتلين العابرين للحدود، بجانب الارتزاق، فهناك دوافع قبلية وغيرها، لكن تدفق المرتزقة العابرين للبحار إلى السودان يكشف الوجه الآخر للحرب، إذ تُدار من قبل أطراف أكبر من تصورات قوة متمردة حديثة التكوين تخوض حربا لطمس معالم الدولة السودانية.

وعلى مدى العامين الماضيين، أثبتت تقارير ميدانية تورط مرتزقة كولومبيين في عمليات عسكرية داخل الخرطوم وخارجها، مما اضطر سفارتهم في القاهرة للاعتذار لوزارة الخارجية السودانية عن هذه التصرفات. كما شارك خبراء من أوكرانيا في تزويد وتدريب عناصر الدعم السريع على استخدام الطيران المسيَّر في هجمات انتحارية ضد منشآت مدنية وشبكات الكهرباء. إلى جانب ذلك، شارك مقاتلون من مجموعة "فاغنر" الروسية في مهام قتالية وحماية شخصيات وقيادات بارزة في قوات الدعم السريع متعددة الجنسيات.

وقد انخرط جميع هؤلاء في حرب لا دوافع لهم فيها سوى جلب المال والغنائم، ومن أجل ذلك مارسوا جرائم منظمة تمثلت في نهب البنوك والأسواق والممتلكات الخاصة والعامة، وتدمير الجامعات والمؤسسات التعليمية، وكل ما يتعلق بطمس الهوية السودانية، إضافة إلى القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب وانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني.

وكشفت معارك الفاشر الأخيرة عن مشاركة مرتزقة كولومبيين في حصار المدينة واستهداف المدنيين بالقصف المدفعي، وتدريب مقاتلين، بينهم أطفال، على حرب المدن، إضافة إلى إدارتهم للعمليات الجوية في مطار نيالا، الذي تستخدمه قوات الدعم السريع كقاعدة عسكرية للإمداد العسكري وإجلاء الجرحى إلى خارج السودان، وكمنفذ جوي لحكومته الافتراضية.

كما أظهرت الهجمات الأخيرة على مدينة الفاشر تحالفا جديدا بين مليشيات قبلية ومرتزقة من وراء البحار، يمارسون القتل خارج القانون والتهجير القسري لمواطنين عزّل، وسط تجاهل المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا لفك الحصار عنهم، رغم أنهم ضحايا صراع دولي وإقليمي مستمر تجاوز مرحلة الخلاف الداخلي، وبات مهددا لأمن المنطقة بأكملها. ولا مبادرات جديدة بعد فشل الرباعية الدولية، سوى الزج بالمزيد من المرتزقة متعددي الجنسيات إلى السودان.

في المحصلة، بدأت معركة جديدة في سبيل مقاومة "الاستعمار الجديد" الذي أطل برأسه عبر مشروع رعاة الدعم السريع الرامي إلى تفتيت السودان. وقد عبّر عن ذلك اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي في أديس أبابا، الذي رفض التدخلات الخارجية في السودان، وأدان الحصار المفروض على الفاشر، والمحاولات المستميتة لتقسيم البلاد ووضعها تحت الوصاية الدولية والإقليمية.

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقتل وإصابة 122 شخصاً جوعاً وبنيران الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • القوات السودانية تصد هجوما واسعا للدعم السريع على الفاشر
  • الوجه الآخر لحرب السودان.. مرتزقة وراء البحار
  • معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الاتجاهين الجنوبي والشرقي بدارفور
  • عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025م
  • خسائر فادحة لقوات الدعم السريع في نيالا
  • مقابر الحرب العشوائية.. مأساة وحكايات لم تُروَ في قلب الخرطوم
  • عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الأحد
  • غاشاغوا: روتو القائد الحقيقي لـ “الدعم السريع”.. وعلاقات وطيدة مع حميدتي في تجارة السلاح والذهب
  • الجيش السوداني: متمردو الدعم السريع أعدموا 12 شخصا داخل مستشفى النهود