استهداف طالبي المساعدات.. أحلام تموت وعائلات تهوي في الفقر
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
غزة- صباح 17 يونيو/حزيران الماضي، استأذن الشاب محمد الزعانين (20 عاما) والدته للذهاب إلى نقاط توزيع المساعدات بقطاع غزة، رغم علمه بخطورة الرحلة، والتي قد تنتهي بالموت.
وقد رفضت والدته إسلام الزعانين بشدة، وتوسلت إليه ألا يذهب، فهو بِكرها و"الذكر" الوحيد في ذُريتها، وتعتمد عليه وبناتها السبع بشكل كامل في توفير قوت يومها، وتدبير احتياجاتها، وتخشى عليه رصاص وقذائف جيش الاحتلال التي تحصد كل يوم العشرات من طالبي المساعدات.
لكنّ محمد أصر على الذهاب بعد أن أصاب الجوع الأسرة التي باتت بلا مصدر رزق، وغير قادرة على توفير الخبز لأبنائها.
وخارج الخيمة، بقيت الأم تنتظره، يد على قلبها وأخرى تزيح دموعها، إلى أن جاء الاتصال وأخبرها أحدهم "ابنكِ استُشهد، وهو الآن في مستشفى الشفاء".
وقد أُصيب محمد برصاصة قاتلة في صدره خرجت من ظهره، وسط جموع المدنيين المتجمهرين حول نقطة المساعدات شمال قطاع غزة.
وتقول والدته "استشهد ابني وهو يبحث عن لقمة العيش. لا أستطيع التصديق.. كنت أتنفس من نفسه، أكذب على نفسي وأقول إنه لا يزال على قيد الحياة، وسيدخل فجأة للخيمة، لا أصدق أنه لن يعود".
وتبكيه شقيقاته السبع كل يوم، فلم يكن مجرّد الأخ الأكبر، بل كان -رغم صغر سنّه- أبا ثانيا لهن، يرعاهن ويوفّر احتياجاتهن.
ويقول المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن إسرائيل قتلت خلال الشهر الأخير 516 فلسطينيا وأصابت 3799 آخرين، ولا يزال 39 مواطنا في عداد المفقودين، خلال محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع الغذاء.
وبدأت إسرائيل، في 27 مايو/أيار الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات من خلال شركة تحمل اسم "مؤسسة غزة الإنسانية" مدعومة من الولايات المتحدة، لكنها مرفوضة من الأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية الدولية.
إعلانوبحسب شهود عيان، تُطلق قوات الاحتلال الإسرائيلية القذائف والرصاص على منتظري المساعدات بشكل عشوائي، يوميا، وهو ما يتسبب في استشهاد وإصابة الكثير منهم.
وتغلق إسرائيل منذ بداية مارس/آذار الماضي معابر قطاع غزة أمام قوافل المساعدات والبضائع، وهو ما تسبب بتدهور الأوضاع المعيشية ومعاناة السكان من الجوع.
ذهب ولم يعد
رفيق تايه (47 عاما) أبٌ 7 أبناء، كان أحد الذين لم يعودوا من "نقطة المساعدات" في رفح، حيث أطلق عليه قناصٌ إسرائيلي رصاصة أردته شهيدا بينما كان يحمل الأمل في الحصول على كيس طحين يسد رمق عائلته.
وقبل الحرب، كان رفيق يعمل عاملا في مخبز صغير في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ويجتهد لتأمين حياة كريمة لأسرته.
لكن الحرب باغتته، فتهدم المخبز، وتوقّف العمل، ثم استُهدف منزله ودُمّر بالكامل، ليجد نفسه وعائلته في الشارع، يتنقلون بين أماكن النزوح في غزة بلا مأوى.
ومع تفاقم الأزمة، وعجزه عن توفير أدنى احتياجات العائلة من الخبز، اتخذ قراره بالتوجه إلى "نقطة المساعدات الأمريكية" في رفح، علّه يحصل على القليل من الطحين.
لكنه لم يعلم أن هذه الخطوة ستكون الأخيرة في حياته، فرصاصة قناص اخترقت جمجمته، وأعادت جسده إلى عائلته محمولا على الأكتاف، تاركا وراءه وجعا لا يوصف.
واليوم، تعيش عائلة رفيق مأساة ثلاثية: فقدان الأب، انعدام المأوى، غياب مصدر الدخل. فبناته نور ونغم تدرسان التمريض ودينا تدرس الهندسة، وقد بتن بلا أقساط جامعية، وأطفاله بلا طعام، وزوجته تُصارع وحدها وجع الغياب وثقل المسؤولية.
يوم 15 يونيو/حزيران، توجّه محمد قرموط (18 عاما) ذلك الفتى الطموح الذي كان يطمح لإنشاء مشروع تجاري خاص به، إلى منطقة العامودي شمال القطاع للحصول على كيس طحين.
وكان ذلك دون علم والديه اللذين يرفضان تعريض نفسه للخطر الشديد، لكن استشعاره للمسؤولية تجاه أسرته التي تعاني كبقية الأسر من نقص الطعام دفعه لخوض هذه المغامرة.
ولم يعد محمد، في اليوم الأول ولا الثاني ولا الثالث، وخشيت أسرته أن يبقى مفقودا إلى الأبد، إلى أن علمت أن طواقم الدفاع المدني نجحت في انتشال بعض الجثث، وكان منها جثة "محمد" والتي تعرفت عليها أسرته من "حذائه المميز" بعد أن تحللت وأكلت منها الحيوانات الضالة.
وكان الشاب يستعد لتقديم امتحانات الثانوية العامة، رغم توقف المدارس وغياب الكتب، وكان يأخذ دروسا خصوصية على نفقة أسرته، ويتلقى المساعدة من أخته في مراجعة دروسه.
لقد ظل يراوده حلم التخرج وافتتاح مشروع تجاري خاص به، فقد كان يحب التجارة ويُجيد التفاوض، وكان مسؤولا عن شراء حاجيات البيت منذ صغره.
وكان حلمه الأكبر إطلاق شركة مقاولات كهربائية، يسير فيها على خُطى والده وأعمامه، وكان يستعد لذلك حتى قبل التخرج، إذ بدأ بتجربة مشاريع بسيطة فقط ليختبر السوق ويتعلم. لكن حُلمه انتهى قبل أن يبدأ.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نقطة المساعدات قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أحلام كبيرة لدى المنتخبات الأقل حظا في كأس العالم
رقص رجل يرتدي ملابس (باتمان) في غلاسغو، وتعهدت جزيرة صغيرة في البحر الكاريبي بغزو العالم، وتوقع مشجع من هايتي الوصول إلى قبل النهائي، وذلك بعدما أسفرت قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 عن قدر متساو من النشوة والطموح للمنتخبات غير المرشحة للمنافسة على اللقب أمس الجمعة.
وتسبب انتظار أسكتلندا الذي استمر 28 عاما للعودة إلى أكبر بطولة عالمية للمنتخبات في فوضى عارمة في غلاسغو، حيث عبر أحد المشجعين بملابس (باتمان) عن المزاج الوطني.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مواجهة الأرجنتين والجزائر تعيد الذكريات بين سكالوني ومدربه بيتكوفيتشlist 2 of 2مجموعات كأس العالم 2026 وردود فعل على القرعةend of listوصرخ صاحب ملابس (باتمان) "لا يوجد شيء أفضل من اجتماع أمتنا معا. انسوا سلتيك ورينجرز، وحدوا الصفوف. باتمان القلب الشجاع، ها
نحن ذا"، بينما كانت الجماهير تغني "لا أسكتلندا، لا حفلة".
وسيلتقي منتخب أسكتلندا بالبرازيل بطلة العالم خمس مرات والمغرب رابع كأس العالم 2022 وهايتي في المجموعة الثالثة. وستكون مواجهة البرازيل إعادة للقاء الفريقين قبل 28 عاما بالضبط من آخر ظهور لأسكتلندا في كأس العالم 1998 عندما واجهت نفس المنافس في مباراتها الافتتاحية.
لكن إذا كانت عودة أسكتلندا مبهجة، فإن ظهور الدولة الصغيرة كوراساو لأول مرة في البطولة ليس أقل من معجزة. مع ما يزيد قليلا عن 150 ألف نسمة، أصبحت الجزيرة الواقعة في البحر الكاريبي واحدة من أصغر الدول التي بلغت النهائيات على الإطلاق.
وقال مشجع متحمس في فيليمستاد عاصمة الجزيرة "فخور جدا جدا. إنها المرة الأولى على الإطلاق، إنها صناعة للتاريخ. لا أملك الكلمات للتعبير عن ذلك".
ويأتي ذلك في الوقت الذي كانت الجماهير تستوعب فيه المنافسة في المجموعة الثامنة مع ألمانيا بطلة العالم أربع مرات والإكوادور وكوت ديفوار.
المرشحون الأقل حظا في مواجهة الكبارمع ذلك، لم يقلل حجم الدول من طموحها. وقال مشجع سعيد آخر "نحن قادمون لغزو العالم بأسره. لا يهم من سنلعب ضده، كوراساو قادمة إلى كأس العالم! فليستعد الجميع".
إعلانوكان لتأهل هايتي أهمية كبيرة، حيث احتفلت الجماهير رغم عنف العصابات الذي أجبرها على خوض مبارياتها "على أرضها" في كوراساو. وضمن الفوز 2-صفر على نيكاراغوا ظهورها الثاني فقط في كأس العالم منذ عام 1974.
وقال المشجع إكزانتوس أوليفييه "بمجرد أن نعقد العزم، أعتقد أننا سنذهب بعيدا في كأس العالم. بصرف النظر عن الفريق الذي سنلعب ضده، مثل البرازيل أو إيطاليا، إذا تحلينا بالعزيمة والإصرار سنهزمهم. أعتقد أن هذا (الأمر) جيد – على الأقل سنتأهل إلى قبل النهائي".
وأشار مشجع آخر يدعى لامور لوفانسير إلى تعهد زعيم عصابة بإلقاء السلاح إذا تأهلت هايتي إلى كأس العالم.
وتسيطر العصابات المسلحة على جميع أنحاء العاصمة بورت أو برنس تقريبا وأجبرت 1.3 مليون شخص على ترك منازلهم. لم يتمكن الفرنسي
سيباستيان ميني مدرب هايتي من زيارة البلاد منذ تعيينه قبل 18 شهرا.
وفي جزيرة ساو فيسنتي، شاهد سكان الرأس الأخضر بتوتر القرعة التي أوقعتهم في المجموعة الثانية مع أبطال العالم السابقين إسبانيا وأوروغواي، بالإضافة للسعودية. وقد عبر أحد المشجعين عن رضاه بالقرعة.
وقال أوزفالدو ليما أحد سكان الجزيرة "إذًا، في مجموعتنا فريقان فازا بكأس العالم وهو ما قد يكون صعبا للغاية. لكننا بلد صامد ونحن مقاتلون، وسنقاتلهم على قدم المساواة".
ويواجه منتخب الأردن، الذي يشارك لأول مرة في تاريخه في البطولة، مهمة ربما تكون الأصعب في البطولة في المجموعة العاشرة إلى جانب الأرجنتين حاملة اللقب والجزائر والنمسا.
وقال الأردني باسل العكور خلال متابعته القرعة في مقهى في العاصمة عمان "أعتقد أنها واحدة من أصعب المجموعات في كأس العالم. ومع ذلك نأمل أن نكون في مستوى مناسب".
ومن جانبه قال حسن سعادة "إن شاء الله، سنفوز إن شاء الله، سنفوز. إذا لم نتأهل في المركز الأول سنصعد باحتلال المركز الثاني".
وتمثل بطولة 2026 أول نسخة لكأس العالم الموسعة بمشاركة 48 فريقا، مع وجود ستة مقاعد في التصفيات لم تُشغل بعد.