مع مرور العديد من السنوات على ثورة 30 يونيو، بدأت ملامح التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية المصرية تتضح بوضوح، فبعد سنوات من التراجع والعزلة، استعادت القاهرة موقعها المحوري  في ملفات المنطقة، من ليبيا والسودان إلى فلسطين وسوريا، مؤكدة أنها لم تعد مجرد طرف متأثر، بل أصبحت صانعة لتوازنات الشرق الأوسط.

ولم تكتف مصر باستعادة حضورها الدبلوماسي، بل أعادت تعريف أولوياتها، وفرضت معادلات جديدة في الإقليم ترتكز على الأمن القومي ومصالح الدولة العليا.

قال الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد أن أكثر من 6 زيارات رفيعة المستوى متبادلة بين مصر وليبيا تمت خلال عامين فقط بعد 2020، مشيرًا إلى أن 15 وقف إطلاق نار في غزة منذ 2014 كان معظمها برعاية مصرية مباشرة، إلى جانب أكثر من 50 اجتماعًا مصريًا سودانيًا خلال مفاوضات سد النهضة منذ 2015.

وأكد الزغبي أن مصر ساهمت في صياغة منتدى غاز شرق المتوسط الذي غير معادلات الطاقة في المنطقة، وهو ما يعكس استعادة الدولة المصرية لأدوات تأثيرها الإقليمي بعد سنوات من الارتباك.

وأضاف ان بعد سنوات من الارتباك الإقليمي والدولي خرجت مصر من دوامة العزلة عقب 30 يونيو، لتعود لاعبًا محوريًا في صياغة توازنات الشرق الأوسط في مشهد إقليمي يزداد تعقيدًا.

وأوضح أن القاهرة أعادت تعريف أدوارها وحدود نفوذها، فتحولت من دولة منشغلة بداخلها إلى وسيط ووازن في أزمات المنطقة، من ليبيا والسودان إلى فلسطين وسوريا.

وأشار الزغبي إلى أن مصر بعد 2011 كانت تعيش حالة سيولة سياسية وانكفاء داخلي أضعف دورها الخارجي، حتى بدت العواصم الإقليمية الكبرى ترسم خرائط المنطقة دون اعتبار يذكر لرأي القاهرة.

واستطرد مع ثورة 30 يونيو بدأت الدولة المصرية تستعيد أدوات تأثيرها، مركزة على الأمن القومي أولًا، لافتًا إلى أن مصطلح الأمن القومي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أول اجتماع له في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأكد أن مصر تحركت لضبط توازنات الجوار، وكانت ليبيا المثال الأوضح على ذلك، حيث دعمت القاهرة الجيش الوطني الليبي في مواجهة الميليشيات والفوضى.

وقال الزغبي وضعت مصر خطوطًا حمراء في سرت والجفرة عام 2020، ما غيّر حسابات اللاعبين الإقليميين والدوليين، وأجبر كثيرين على مراجعة استراتيجياتهم.

وأشار إلى أن مصر كانت أول من تحرك لاحتواء النزاع السوداني، فاتحة أبواب الحوار بين الأطراف، حيث ظلت القاهرة حريصة على تثبيت معادلة “أمن السودان من أمن مصر”، مدفوعة بمخاوف سد النهضة وأهمية نهر النيل كمسألة وجودية.

وأوضح أن القاهرة، رغم تغير الإدارات الأمريكية والإسرائيلية، ظلت الطرف الأقدر على التهدئة في قطاع غزة، وفرض وقف إطلاق النار، مستثمرة رصيدها لدى الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، لتصبح رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه في أي ترتيب مستقبلي للقطاع.

وأكد الزغبي أن القاهرة تحركت كذلك في الملف السوري بدبلوماسية هادئة، لإعادة دمشق إلى الحاضنة العربية، وهو ما توج بدعوة سوريا للقمة العربية في جدة.

وقال من وجهة نظري، رأت مصر في وحدة سوريا وتحجيم النفوذ التركي والإيراني هدفًا استراتيجيًا يساهم في استقرار الإقليم.

واختتم الزغبي تصريحاته قائلًا هذا الحضور المصري أعاد القاهرة إلى طاولة الكبار في الشرق الأوسط، معادلات النفط والغاز في شرق المتوسط، وأمن البحر الأحمر، وملف إيران والاتفاق النووي، كلها ملفات تجد مصر لنفسها فيها صوتًا مسموعًا، إن لم يكن في قلب صناعة القرار، ففي الحد الأدنى كصانع توازنات يراعي الجميع حساباته، إنها بحق رمانة ميزان السلام في المجتمع الدولي، مع مرور العديد من السنوات على ثورة 30 يونيو، بدأت ملامح التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية المصرية تتضح بوضوح، فبعد سنوات من التراجع والعزلة، استعادت القاهرة موقعها المحوري  في ملفات المنطقة، من ليبيا والسودان إلى فلسطين وسوريا، مؤكدة أنها لم تعد مجرد طرف متأثر، بل أصبحت صانعة لتوازنات الشرق الأوسط.

طباعة شارك ثورة 30 يونيو مصر الأمن القومي سد النهضة قطاع غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو مصر الأمن القومي سد النهضة قطاع غزة الأمن القومی الشرق الأوسط ثورة 30 یونیو بعد سنوات من أن مصر إلى أن

إقرأ أيضاً:

مبعوث أممي: الاضطرابات الإقليمية تقوض استقرار اليمن

وجه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ مساء الثلاثاء تحذيرا جديدا من أن تقوض الاضطرابات الإقليمية آفاق السلام والاستقرار في اليمن، معتبرا أن الوضع "لا يزال هشا".

وقال غروندبرغ، في إحاطته أمام اجتماع لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في اليمن، إنه من أجل أن تحظى البلاد بفرصة حقيقية للسلام، يجب "حمايتها من الانجرار أكثر إلى الاضطرابات الإقليمية المستمرة الناجمة عن حرب غزة".

وحث المبعوث الأممي الخاص على ضرورة أن تتوقف الهجمات على السفن المدنية في البحر الأحمر، كما طالب بإنهاء "الهجمات الصاروخية على إسرائيل والهجمات الإسرائيلية التي تتبعها على اليمن".

وأشار غروندبرغ إلى مصادرة شحنة كبيرة من الأسلحة والتكنولوجيا مؤخرا قبالة سواحل اليمن على البحر الأحمر، موضحا أن ذلك يؤكد أهمية تذكير جميع الدول الأعضاء بالتزامها بالامتثال الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بحظر الأسلحة.

"لا بد من تجنيب اليمن مزيدا من التورط في أزمات إقليمية تهدد بتقويض الوضع الهش للغاية في البلاد. يعتمد مستقبل اليمن على عزمنا الجماعي لحمايته من المزيد من المعاناة ومنح شعبه الأمل والكرامة التي يستحقونها بشدة".

مبعوث الأمم المتحدة إلى #اليمن هانس غروندبرغ.https://t.co/Px2D4YV4yi pic.twitter.com/d1txmizQap

— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) July 9, 2025

وتحدث غروندبرغ عما يمكن للأطراف في اليمن تحقيقه من تقدم نحو محادثات سياسية أوسع نطاقا عبر إيجاد حلول وتسويات تمكّن الاقتصاد اليمني من العمل بفعالية لتوفير السلع والخدمات للجميع، معتبرا أن "المزيد من التصعيد والتشرذم الاقتصادي ليس في مصلحة أحد".

ورحب بالخطوات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن والحكومة اليمنية لمعالجة انخفاض قيمة العملة مؤخرا، لافتا إلى اتخاذ الأطراف قرارات أحادية وتصعيدية تنذر بتعميق الانقسامات داخل المؤسسات وهياكل الدولة.

إعلان

كما أكد المسؤول الأممي أنه لا ينبغي الاستهانة بدور الشباب في تذليل العقبات نحو العملية السياسية، وجدد الدعوة إلى إطلاق سراح 23 موظفا أمميا لا يزالون محتجزين في اليمن، إلى جانب محتجزين آخرين من منظمات غير حكومية وطنية ودولية ومنظمات مجتمع مدني وبعثات دبلوماسية "فورا ودون قيد أو شرط".

وقال غروندبرغ "يجب أن نبقى ثابتين في جهودنا المشتركة لدفع اليمن نحو مستقبل ينعم فيه بالسلام مع نفسه ومع المنطقة".

من جهته، اعتبر راميش راجاسينغهام رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف أن اليمن بات "واحدا من أكثر دول العالم معاناة من الأمن الغذائي"، مبينا أن نصف أطفال البلاد دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، ويعاني ما يقرب من نصفهم من التقزم، مشيرا إلى أن هذا يعني تأخرا في النمو والإصابة بالعدوى، وأن خطر الوفاة من الأمراض الشائعة أعلى من المتوسط بما يتراوح بين 9 و12 مرة.

وشدد على أن الجوع يمكن الوقاية منه، مطالبا بزيادة التمويل الآن لتوسيع نطاق الدعم الغذائي الطارئ، وتقديم دعم مالي مباشر لصندوق التمويل الإنساني في اليمن.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم بيئية: البحث العلمي يمثل العقل المفكر
  • أستاذ علوم سياسية: مصر ترسم الخريطة الدبلوماسية لليبيا وتدعم استقرارها
  • أستاذ علوم سياسية: أوروبا فقدت خلال 3 سنوات الكثير من مناطق الهيمنة.. وترامب كلمة السرّ
  • أستاذ علوم سياسية: العلاقات الأمريكية الأوروبية تمرّ بأصعب حالاتها
  • أستاذ علوم سياسية عن لقاء ترامب وبوتين: نحن أمام مرحلة جديدة في العلاقات الروسية الأمريكية
  • تفاصيل المشدد 10 سنوات لـ شخص بتهمة إصابة شاب بعاهة مستديمة بالقاهرة
  • أستاذ علوم سياسية: الإعلام في العصر الحالي يحتاج إلى قدر كبير من اللامركزية
  • الأمم المتحدة تحذر من انجرار اليمن إلى ساحة الاضطرابات الإقليمية
  • أمين الأمن القومي الإيراني يلتقي الرئيس اللبناني في قصر بعبدا
  • مبعوث أممي: الاضطرابات الإقليمية تقوض استقرار اليمن