مؤشر مخاطر نزاهة البحث العلمي (RI²): مؤشر سام يسيء لسمعة الجامعات الأردنية
تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT
صراحة نيوز-.. بقلم : أ.د. احمد صامد ابو عرابي العدان
حققت الجامعات الأردنية في السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في البحث العلمي، وسعت بجد لترسيخ مكانتها في التصنيفات العالمية وتعزيز ثقافة الابتكار. غير أن تطورًا جديدًا ومثيرًا للقلق يهدد هذه الإنجازات، يتمثل في ظهور ما يسمى بـ مؤشر مخاطر نزاهة البحث العلمي (RI²)، وهو مؤشر مثير للجدل يزعم تقييم مخاطر النزاهة البحثية، لكنه في الواقع يشوه سمعة الجامعات، خاصة في الدول النامية مثل الأردن، بالاعتماد على منهجية مشكوك فيها ومقاييس غير موثوقة.
ونود التوضيح بدايةً أن هذا المؤشر هو اجتهاد شخصي لأحد الأساتذة في إحدى الجامعات اللبنانية، ولا يمثل موقفًا رسميًا لأي جهة دولية معتمدة. بل هو رأي فردي لا يُعتد به في التقييم المؤسسي أو الأكاديمي.
نحن في الأردن نعتد بالمؤشرات والتصنيفات العالمية المعروفة والمعتمدة مثل تصنيف “كيو إس” (QS)، وتصنيف “التايمز للتعليم العالي” (THE)، وتصنيف “شنغهاي”، وهي تصنيفات تتبع منهجيات دقيقة وشاملة تُراعي جودة التعليم، البحث العلمي، التأثير المجتمعي، والتعاون الدولي.
أما بخصوص هذا الرأي الفردي المتمثل في مؤشر RI²، فنحن نرى ضرورة مناقشته بشكل موضوعي ومنهجي، وفيما يلي نفند أبرز الإشكاليات الجوهرية التي يحتويها:
* أساس هش: مقاييس مبسطة بشكل مفرط
يعتمد مؤشر RI² على مكونين فقط:
1. مخاطر السحب (Retraction Risk): يقيس عدد الأبحاث المسحوبة من النشر لكل 1000 بحث منشور.
2. مخاطر النشر في مجلات ملغاة (Delisted Journal Risk): يقيس نسبة المنشورات في مجلات تم حذفها من قواعد البيانات العالمية مثل Scopus وWeb of Science.
كلا المؤشرين يعانيان من مشكلات كبيرة:
أولًا: مخاطر السحب – معاقبة الشفافية والنشاط البحثي
الاعتماد على عدد الأبحاث المسحوبة كمؤشر رئيسي لنزاهة المؤسسة أمر مضلل. فليس كل سحب للبحث يعني سوء نية أو تزوير، بل قد يكون نتيجة لأخطاء غير مقصودة، أو تصحيحات علمية ضرورية، أو قرارات تحريرية خارجة عن سيطرة الباحثين. ومعاقبة المؤسسات على هذه الحالات قد تثبط روح الشفافية والمراجعة الذاتية التي تُعد من أساسيات البحث النزيه.
كما أن هذا المعيار يعاقب المؤسسات الكبيرة أو النشطة بحثيًا، لأن زيادة حجم النشر يزيد احتمالية وجود سحب عرضي، مما يحوّل النشاط البحثي من ميزة إلى عبء.
ثانيًا: مخاطر المجلات الملغاة – الإدانة بالقرابة
قياس جودة المؤسسة بناءً على عدد أبحاثها المنشورة في مجلات تم حذفها لاحقًا من قواعد البيانات يُعد حكمًا جائرًا. فغالبًا ما يتم حذف المجلات بعد سنوات من النشر، دون أي تحذير مسبق للباحثين، وخاصة في الدول النامية حيث تكون فرص الوصول لمعلومات حديثة ومحدثة محدودة.
في كثير من الحالات، نشر الباحثون الأردنيون في هذه المجلات عندما كانت لا تزال مُعتمدة ومفهرسة. ومن غير المنطقي محاسبتهم بأثر رجعي وكأنهم تعمدوا اختيار منصات نشر مشبوهة.
* مؤشر يفتقر للسياق والمساءلة
الأمر الأخطر أن RI² يتجاهل تمامًا السياق المحلي والبيئي للجامعات. فهو يقيس النزاهة بمعيار موحد لجميع الدول والمؤسسات، دون مراعاة الفروقات في السياسات البحثية، والتمويل، واللغة، والبنية التحتية الأكاديمية.
الجامعات الأردنية، شأنها شأن العديد من الجامعات العربية، تسعى جاهدة للانخراط في النظام الأكاديمي العالمي رغم محدودية الموارد. ومحاسبتها على عوامل خارجة عن إرادتها – مثل حذف المجلات أو ضعف فهرسة قواعد البيانات – يعد ظلمًا صريحًا.
بل إن المؤشر يعتمد على قواعد بيانات خاصة مثل SciVal وRetraction Watch وMedline لا تتيح شفافية كافية في تغطيتها أو تحيزاتها أو آليات تحديثها، مما يثير تساؤلات حول نزاهة البيانات نفسها.
* تبعات وخيمة: تشويه السمعة دون محاكمة
عندما تعتمد الجهات المانحة أو المؤسسات الدولية هذا المؤشر في تقييم الجامعات، تكون العواقب وخيمة. فقد تخسر المؤسسات تمويلًا، أو تُجمد شراكات دولية، أو يُوصم باحثوها بوصمة “عدم النزاهة” دون تحقيق أو دليل، ودون إعطائهم الحق في الدفاع عن أنفسهم.
رغم الجهود المبذولة من الجامعات الأردنية للنهوض بالبحث العلمي، نجدها اليوم معرضة للاتهام، ليس بسبب أفعال خاطئة، بل بسبب خوارزمية مشوهة تفتقر للمصداقية الأكاديمية.
* دعوة إلى اعتماد مؤشرات مسؤولة وعادلة
نحن لا نعارض تعزيز ثقافة النزاهة الأكاديمية. بل ندعو لها بشدة. لكن النزاهة لا تُقاس بأساليب محاسبة آلية قائمة على بيانات غير دقيقة، بل يجب أن تُبنى على:
• مقاييس متعددة الأبعاد تشمل مراجعات خبراء وتدقيق نوعي ومؤشرات لبناء القدرات.
• وعي بالسياق يأخذ في الحسبان خصوصية المؤسسات والبيئات الأكاديمية.
• شفافية منهجية تسمح بمراجعة المعايير وتقديم الاعتراضات عند الضرورة.
في صورته الحالية، يُعد مؤشر RI² اجتهادًا فرديًا غير مُعتمد، وأداة تفتقر إلى العدالة والدقة والمنهجية، بل تضر أكثر مما تنفع. وقد آن الأوان للمجتمع الأكاديمي الأردني – بمن فيهم العلماء والجامعات ووزارة التعليم العالي – أن يرفض هذا المؤشر، ويطالب بمقاييس عادلة، شفافة، وشاملة، لا تشوه الصورة دون دليل.
*عميد البحث العلمي بجامعة عمان الاهلية
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات تعليم و جامعات الجامعات الأردنیة البحث العلمی
إقرأ أيضاً:
وفد جامعة الأقصر يزور شاندونغ نورمال بالصين لتعزيز التعاون العلمي
في إطار جهودها المستمرة لتعزيز التعاون الدولي، زار وفد من جامعة الأقصر، برئاسة الدكتورة صابرين عبد الجليل، رئيس الجامعة، جامعة "شاندونغ نورمال" الصينية، لبحث سبل توسيع الشراكة الأكاديمية والثقافية بين المؤسستين.
وضم الوفد كلًا من الدكتور حسن رفعت، مدير مكتب التعاون الدولي، والدكتور محمد محمود، نائب المدير، حيث كان في استقبالهم عدد من كبار مسؤولي الجامعة الصينية، على رأسهم فنغ جيو كانغ، سكرتير لجنة الحزب بجامعة شاندونغ نورمال، ولي نا، نائب رئيس الجامعة، وتساي هوي لينغ، نائبة مدير مكتب الشؤون الأفريقية بلجنة الحزب بمقاطعة شاندونغ، إلى جانب عدد من ممثلي الكليات المتخصصة.
وقالت الدكتورة صابرين عبد الجليل، رئيس جامعة الأقصر: نؤمن بأهمية الانفتاح الأكاديمي على التجارب الدولية، وزيارتنا اليوم لجامعة شاندونغ نورمال تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التفاهم الثقافي والعلمي بين الشعبين المصري والصيني، ونسعى لتطوير برامج تبادل طلابي مشترك، وبناء جسور بحثية تساهم في خدمة قضايا التنمية والتعليم في البلدين.
وخلال اللقاء، أشاد فنغ جيو كانغ بالعلاقات المتنامية بين الجامعتين، وعبّر عن تقديره للزيارات المتبادلة خلال فترة وجيزة، مؤكدًا أن التعاون الأكاديمي بين الصين ومصر يمثل نموذجًا ناجحًا للتقارب بين الشعوب عبر التعليم والثقافة.
من جهتها، أعربت تساي هوي لينغ عن تطلع الجانب الصيني لمزيد من الانفتاح الأكاديمي مع الجامعات المصرية، مشيرة إلى الدعم الكبير الذي توليه المقاطعة لتطوير التبادل العلمي بين الجانبين.
وأكدت لي نا أن جامعة شاندونغ نورمال ترتبط بشراكات فعالة مع 7 جامعات مصرية، من بينها جامعة الأقصر، وأسفرت تلك الشراكات عن نتائج مثمرة في مجالات متعددة.
وشهدت الزيارة جلسة مباحثات موسعة بين الجانبين، جرى خلالها بحث آفاق التعاون في مجالات البحث العلمي، وتوسيع فرص دراسة الطلاب المصريين بالصين، إلى جانب تعزيز المشاريع الثقافية المشتركة.
كما أجرى وفد جامعة الأقصر سلسلة من اللقاءات مع مسؤولي كليتي التعليم الدولي، والتاريخ والثقافة، تضمنت جلسات نقاشية مع عدد من الأساتذة الشباب، حيث قدم الجانب المصري عرضًا توثيقيًا بعنوان: "التراث الثقافي والتاريخي لمصر"، نال إعجاب وتقدير الحضور.