من الهواية إلى العالمية.. كيف تحوّلت الألعاب الإلكترونية إلى صناعة كبرى تتصدر المشهد وتُصنع في السعودية مستقبله
تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT
البلاد (الرياض)
من بداية بسيطة على أجهزة بدائية في نهايات السبعينيات، إلى ملاعب رقمية يُشهدها الملايين ويتنافسن فيها نخبة المحترفين حول العالم، حيث قطعت الألعاب الإلكترونية رحلة مذهلة تحوّلت فيها من وسيلة ترفيه فردية إلى صناعة عملاقة تُنتج مليارات الدولارات سنويًا، وتحظى باعتراف دولي ورياضي وثقافي، وصولًا إلى تنظيم بطولات عالمية تُقام لها احتفالات رسمية وتُخصّص لها جوائز كبرى، مثل “كأس العالم للرياضات الإلكترونية”.
وبدأت الحكاية بشاشات بسيطة وأفكار عبقرية، حين ظهرت الألعاب الإلكترونية تجاريًا لأول مرة في مطلع السبعينيات، وكانت لعبة “Pong” من أوائل التجارب الناجحة، التي مهّدت الطريق لجيل جديد من الترفيه المنزلي، ومع التقدّم السريع في تقنيات الحوسبة، بدأت منصات مثل “Nintendo”، و“Sega”، و“Atari” تطرح مفاهيم جديدة، لتحوّل الألعاب من مجرد تجربة بصرية إلى بيئة تفاعلية قائمة على التحدي، والخيال، والذكاء.
وتنوّعت الألعاب الإلكترونية مع مرور الوقت وبحسب طبيعتها وأسلوب اللعب ووظيفتها، ولم تعد مجرد تسلية، بل أصبحت وسيلة لتفريغ الطاقات وصقل المهارات الذهنية، وظهرت ألعاب القتال مثل “Street Fighter” و”Tekken”، إلى جانب ألعاب التصويب مثل “Call of Duty” و”Valorant”، ثم انتشرت ألعاب الرياضة مثل “FIFA” و”NBA 2K”، ولاحقًا تعمّق اللاعبون في عوالم ألعاب تقمّص الأدوار مثل “Final Fantasy” و”The Witcher”، كما فرضت ألعاب الإستراتيجية مثل “Age of Empires” حضورها، فيما أبهرت ألعاب العالم المفتوح والمحاكاة مثل “Minecraft” و”Grand Theft Auto” اللاعبين بإمكاناتها اللامحدودة، قبل أن تفرض ألعاب الجوال مكانتها كأحد أكثر قطاعات السوق نموًا وانتشارًا على مستوى العالم.
هذا التنوع لم يُثر فقط اهتمام المستخدمين، بل جذب شركات تقنية كبرى، وفتح الباب أمام ابتكار اقتصادي واسع النطاق، شكّل نواة لصناعة رقمية عالمية ضخمة.
وبحلول الألفية الجديدة، ومع انتشار الإنترنت عالي السرعة، بدأت تظهر مسابقات تنافسية بين اللاعبين، وتطورت لاحقًا إلى بطولات احترافية تُبث مباشرة عبر منصات رقمية ويتابعها ملايين المشاهدين.
ومع ظهور منظمات مثل “ESL”، و”MLG”، و”LCS”، أصبح هناك تصنيف عالمي للاعبين، ونشأت بيئة احترافية حقيقية تُمنح فيها عقود ورعاية ورواتب، وتُبرم فيها صفقات انتقال بين الفرق.
وجاء التحول الأهم حين بدأ الاعتراف الرسمي بالرياضات الإلكترونية كمسابقات عالمية تُنظّم لها بطولات قارية، وتُدرج ضمن برامج التظاهرات الرياضية الكبرى، حتى ظهرت في عام 2024 النسخة الأولى من “كأس العالم للرياضات الإلكترونية”, التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-, وذلك خلال”مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة”، الذي استضافته المملكة خلال شهر أكتوبر عام 2023, لتكون البطولة الحدث الأكبر من نوعه على مستوى العالم، وتنظمه المملكة في الرياض سنوياً ابتداءً من صيف العام 2024م, لتشكل منصة مهمة تسهم في الارتقاء بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، الذي يشهد نمواً متزايداً, وترسخ مكانة المملكة كوجهة رائدة لأبرز المنافسات الرياضية والعالمية, وتُسجّل لحظة فارقة في تاريخ هذا القطاع المتسارع، إذ لم تقف هذه الجهود عند هذا الحد, بل استمرت وصولًا لصياغة حضور إستراتيجي فاعل، انطلاقًا من قناعة بأن صناعة الألعاب لم تعد مجرد ترفيه، بل أصبحت جزءًا من مكونات الثقافة والاقتصاد والتأثير الدولي.
وباتت الرياضات الإلكترونية ركيزة من ركائز الاستثمار الثقافي، الرياضي، والتقني، من خلال الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، وبدعم من برامج رؤية المملكة 2030، لتسعى المملكة من خلالها إلى تنويع اقتصادها، وتمكين شبابها، وبناء مستقبل قائم على الابتكار الرقمي.
وتُجسّد هذه الرؤية اليوم من خلال تنظيم وإقامة المملكة للنسخة الثانية من البطولة العالمية “كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025”، في “بوليفارد رياض سيتي”، في حدث عالمي يضم مشجّعين من مختلف أنحاء العالم، ويجمع قرابة (2000) لاعب محترف، و(200) نادٍ من أكثر من (100) دولة، يتنافسون في أكثر من (24) لعبة إلكترونية، للفوز بجوائز مالية تتجاوز (70) مليون دولار، وهي أعلى قيمة جوائز في تاريخ الرياضات الإلكترونية.
وامتدت المشاركة السعودية إلى تطوير اللاعبين السعوديين، ودعم الشركات الناشئة في مجال تطوير الألعاب، وإنشاء أكاديميات تدريبية ومسارات مهنية في مجالات البث، التحكيم، البرمجة، الإدارة الرقمية، وحتى التصميم البصري.
وتؤكد تقارير شركة Newzoo المتخصصة بتحليلات سوق الألعاب الإلكترونية، أن إيرادات هذه الصناعة قد تجاوزت (180) مليار دولار في عام 2024، متفوقة بذلك على صناعتَي الموسيقى والسينما مجتمعتين، وباتت البطولات تُباع لها التذاكر، وتُبرم فيها شراكات ورعايات كبرى، وتحولت إلى بيئة اقتصادية مكتملة الأركان.
وتشكّل الألعاب الإلكترونية اليوم جزءًا من الثقافة الحديثة، ومنصة للتعبير، ومجالًا وظيفيًا مفتوحًا لجيل المستقبل، بل إن الدول باتت تتنافس على حضورها في هذا السوق العالمي، والمملكة تضع نفسها في طليعة هذه المنافسة، لا كمستضيف فقط، بل كمصنع للفرص، ومحفّز للابتكار، وقائد إقليمي في بناء صناعة متكاملة ترتكز على الشغف والمعرفة.
وتحولت الألعاب الإلكترونية إلى جانب الترفيه لمنظومة اقتصادية، ثقافية، إبداعية متكاملة وبآفاق لا حدود لها، لتبرز المملكة كمركز دولي يحتضن التغيير، ويقود الطموح، ويُعيد تعريف مستقبل الألعاب، والرياضة، والترفيه، بلغة يفهمها العالم، ويلعب بها الجيل القادم.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الألعاب الإلكترونية الرياض السعودية كأس العالم للرياضات الإلكترونية للریاضات الإلکترونیة الألعاب الإلکترونیة
إقرأ أيضاً:
بمشاركة الأمير فيصل بن بندر بن سلطان| انعقاد المؤتمر الصحفي لافتتاح كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025
هاني البشر (الرياض)
عقد مساء أمس المؤتمر الصحفي الخاص بافتتاح كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، الذي تحتضنه العاصمة الرياض في بوليفارد رياض سيتي خلال الفترة من 7 يوليو حتى 24 أغسطس، بمشاركة غير مسبوقة من نخبة اللاعبين والفرق العالمية، في حدث يُعد الأضخم في تاريخ قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية من حيث تنوع المسابقات وعدد المشاركين وقيمة الجوائز.
ووسط حضور إعلامي محلي وإقليمي ودولي كبير، شهد فندق هيلتون الرياض إقامة المؤتمر الصحفي والذي شارك فيه؛ صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن سلطان، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، ورالف رايشرت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وفيصل بن حمران، الرئيس التنفيذي للرياضات الإلكترونية في مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، حيث استعرضوا كل ما يتعلق بالنسخة الثانية من الحدث العالمي وما يحمله من منافسات احترافية وأنشطة وفعاليات فريدة من نوعها.
وفي المؤتمر الافتتاحي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، أعرب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن سلطان، عن عظيم الشكر والعرفان لولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود “يحفظه الله”، على دعمه اللامحدود لقطاع الرياضة بشكل عام، والرياضات الإلكترونية على وجه الخصوص، والذي أثمر عن استضافة الرياض لهذا الحدث العالمي التاريخي، وقال سموه “نفخر كسعوديين باستضافة العالم مجددًا في الرياض مع انطلاق كأس العالم للألعاب الإلكترونية. هذا الحدث يُعد محطة مفصلية في مسيرة الرياضات الإلكترونية عالميًّا، بما يعكس حجم هذا القطاع وطموحاته المتنامية، ومستقبله التنافسي، إنها لحظة فارقة من شأنها أن تُسهم في رسم ملامح هذه الصناعة لسنوات مقبلة”.
وأكد سموه أهمية الحدث في تحقيق الأهداف الوطنية قائلًا “تنظيم هذا الحدث يجسد التزام المملكة الراسخ ببناء منظومة متكاملة ومستدامة للرياضات الإلكترونية بمعايير عالمية، كما يعكس إيماننا العميق بقدرة الألعاب على تعزيز التواصل بين الأفراد، وإلهامهم، وتوفير فرص واعدة وملهمة للأجيال القادمة، وهو كذلك جزء من رؤيتنا الأوسع لتنويع الاقتصاد، وترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي رائد في مجالات الرياضة، والألعاب، والترفيه، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 والإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث لم تعد هذه الرياضة حكرًا على فئة محددة، بل أصبحت رياضة عالمية، وحركة ثقافية مؤثرة، ويُعد كأس العالم للرياضات الإلكترونية المنصة الأبرز والأكثر توحيدًا لهذا التحول، ونفخر في المملكة بأن نكون في طليعة هذا المسار، وأن نُسهِم في صياغة مستقبل هذه الصناعة من أرضنا.”
من جانبه، علّق الرئيس التنفيذي لمؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية رالف رايشرت قائلًا “كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 يُجسّد لقاءً عالميًّا لعالم الألعاب الإلكترونية، حيث تجتمع الألعاب الشهيرة، واللاعبون المحترفون، وملايين المعجبين في احتفال مشترك يوحّده الشغف.” وأردف “من خلال أساليب البث العالمية المبتكرة، والبرامج الإبداعية الأصلية، والسرد الوثائقي، نفتح آفاقًا جديدة، ونصنع فرصًا واعدة، ونتيح تجربة الرياضات الإلكترونية بشكل غير مسبوق. هذا الصيف يحمل طابعًا استثنائيًّا، ليس فقط لعشاق الألعاب الإلكترونية، بل لكل من يشاركنا هذه التجربة الفريدة.”
وأشار الرئيس التنفيذي للرياضات الإلكترونية في مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية فيصل بن حمران، إلى التأثير المحوري للبطولة، وقال “كأس العالم للرياضات الإلكترونية تعيد تعريف ما يمكن تحقيقه في هذه الصناعة؛ إذ تجمع نخبة الفرق العالمية للتنافس في أكثر الساحات تميّزًا وتطوراً، وتقدّم تجربة مليئة بالحماس لا تضاهيها أي بطولة أخرى. ومن خلال هذا الحدث، شهد العالم قصصًا ملهمة عن الانتصار والمجد، عاشها اللاعبون والفرق والجماهير على حد سواء. كما أصبح هذا الحدث منصة مؤثرة تجمع كبار الناشرين، والعلامات التجارية، وصنّاع المحتوى، ليتواصلوا مع جماهير من مختلف أنحاء العالم، ويسهموا في تشكيل ملامح مستقبل الرياضات الإلكترونية. ومع إطلاق نسخة 2025، فإننا نوجّه الدعوة إلى العالم أجمع ليكون شريكًا في المرحلة المقبلة. فنحن، معًا، نضع معايير جديدة، ونفتح آفاقًا واعدة، وندفع بهذه الصناعة نحو مستقبل أكثر تطورًا واتساعًا.”
وسيقام الحفل الافتتاحي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية اليوم في anb arena، ويشمل عروضًا موسيقية حية من نخبة نجوم الموسيقى، بالإضافة إلى عروض بصرية إبداعية بطائرات الدرون إلى جانب الألعاب النارية. كما يستمر مهرجان كأس العالم للرياضات الإلكترونية بتقديم آلاف الأنشطة والفعاليات التي تناسب جميع أفراد العائلة في بوليفارد رياض سيتي التي تحتضن أيضًا منافسات بطولات الأسبوع الأول من الحدث العالمي.