تقييم الأداء الوظيفي: ركيزة أساسية لنجاح واستمرارية المؤسسات
تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT
د. علي بن حمدان بن محمد البلوشي
أستاذ مساعد بالكلية الحديثة للتجارة والعلوم
تعد عملية تقييم الأداء من الأدوات الحيوية التي تعتمد عليها إدارات الموارد البشرية في جميع المنظمات، بدءا من القمة الإدارية حتى خط الإنتاج. فهي آلية رقابية تهدف إلى مقارنة الأداء الفعلي بما تم التخطيط له، ما يعزز من الحيوية والنشاط داخل المؤسسة، ويرسخ مبدأ المحاسبة والمكافأة المبنية على الكفاءة والإنجاز.
لا يقتصر تقييم الأداء على مجرد مراقبة الموظفين، بل هو وسيلة لتحفيزهم على تحسين أدائهم باستمرار، من خلال خلق بيئة عمل تنافسية صحية تدفعهم لتحقيق مستويات أفضل، في الوقت الذي توفر فيه للمديرين أداة فعالة لتوجيه وتحسين الأداء المؤسسي. ولكي تؤتي هذه العملية ثمارها، يجب أن تتم بطريقة منهجية دقيقة، وبمشاركة جميع الأطراف المعنية لضمان عدالة وموضوعية التقييم.
تتعدد أهداف تقييم الأداء على مستويات مختلفة داخل المؤسسة. على المستوى التنظيمي، يهدف التقييم إلى بناء مناخ من الثقة والعدالة، وتطوير قدرات الموظفين من خلال استثمار مهاراتهم وطموحاتهم، بالإضافة إلى توفير معايير موضوعية تقيس جودة العمل، وتقويم أساليب إدارة الموارد البشرية، وكذلك ترشيد التوظيف عبر الربط بين التكلفة والعائد.
أما على مستوى المديرين، يساعد التقييم في فهم أداء الموظفين بشكل موضوعي، وتحسين العلاقات الوظيفية من خلال الحوار المفتوح، وتنمية مهارات الإشراف والتوجيه. وعلى صعيد الموظفين، يرسخ التقييم الشعور بالمسؤولية ويقدم أدوات لتحسين الأداء والسلوك الوظيفي عبر تغذية راجعة دقيقة وعادلة.
توفر عملية التقييم العديد من الفوائد التي تنعكس إيجابًا على الموظف والمؤسسة، منها تطوير المهارات وزيادة الوعي بالمسؤولية، وتحقيق فعالية تنظيمية من خلال تحسين جودة العمل والخدمات. كما تسهم في تحسين التواصل بين الرؤساء والمرؤوسين، وتوفير بيانات موضوعية تدعم اتخاذ القرارات الإدارية، خاصة في مجالات التوظيف والتدريب وتخطيط القوى العاملة.
ومن أهم طرق تقييم الأداء: الإدارة بالأهداف، حيث تعتمد هذه الطريقة على تحديد أهداف واضحة ومتفق عليها بين المشرف والموظف، ويتم تقييم الأداء بناءً على مدى تحقيق هذه الأهداف. تتميز بوضوح المعايير، وتحفيز الموظفين، وتحسين التواصل، لكنها تتطلب جهدًا كبيرًا في تحديد الأهداف بدقة، وقد تركز على الأداء الفردي دون العمل الجماعي.
أما تقييم الأداء 360 درجة: يتم تقييم الموظف من قبل مديريه وزملائه ومرؤوسيه وأحيانًا العملاء، ما يوفر صورة شاملة ومتوازنة عن أدائه. تساعد هذه الطريقة الموظف على فهم وجهات نظر مختلفة حول أدائه، وتمكن المدير من تحديد نقاط القوة والضعف بدقة. أهم تحدياتها تكمن في ضمان سرية التقييمات لضمان مصداقيتها.
في ظل المنافسة المتزايدة بين المؤسسات العامة والخاصة، أصبح تقييم الأداء ضرورة استراتيجية لضمان نجاح واستمرارية أي منظمة. إن التقييم العادل والمنهجي ليس فقط أداة لتحسين الأداء الفردي، بل هو ركيزة أساسية لبناء مؤسسات قادرة على التطور والتكيف مع متطلبات السوق المتغيرة. فالمؤسسات التي تستثمر في تطوير مواردها البشرية عبر تقييم دوري وموضوعي هي التي تحافظ على مكانتها التنافسية وتحقق أهدافها بكفاءة وفاعلية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: