ليست حمية ولا رياضة.. غزيون يوثقون أثر المجاعة على أجسادهم
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
في غزة لم تعد الصور أداة للذكرى، بل تحولت إلى صرخة صامتة من أجساد تنهار تحت وطأة الجوع والحصار الإسرائيلي؛ وجوه ذاب لحمها، وأجساد فقدت عشرات الكيلوغرامات من أوزانها، لا بفعل حمية غذائية أو تمارين رياضية، بل بفعل حرب تسرق من الفلسطينيين لقمتهم قبل أرواحهم.
"مش دايت ولا رياضة" عبارة باتت عنوانا مريرا لآلاف القصص التي نشرها سكان قطاع غزة -عبر منصات التواصل الاجتماعي- على صورهم المتداولة التي أظهرت فقدانا حادا في أوزانهم نتيجة المجاعة التي تضرب القطاع في ظل الحصار الإسرائيلي ومنع دخول الغذاء منذ بداية الحرب.
وقد أثارت هذه الصور دهشة وتعاطفا واسعا، واعتبرها ناشطون خارج القطاع دليلا صارخا على جريمة الإبادة الجماعية التي تمارس بحق السكان، عبر سياسة التجويع الممنهجة ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ شهور طويلة.
وكتب أحد المغردين تحت صورته: "قبل حرب الإبادة كان وزني 110 كيلوغرامات، واليوم وزني 57 كيلوغراما فقط، أعاني من دوار دائم وآلام في جسمي، ولا أعلم ما الذي سيبقى مني إن استمر الوضع على حاله".
وأشار آخر إلى أنه قبل الحرب كان وزنه 70 كيلوغرامًا وطوله 170 سنتيمترا، واصفا وزنه آنذاك بـ"المثالي"، لكنه لم يتخيل يوما أن يفقد 16 كيلوغراما من جسده بسبب التجويع وسوء التغذية.
بصوت يملؤه الألم، دوّن ناشط آخر: "مش دايت ولا رياضة.. نزلت 16 كيلوغراما من جسمي بالحرب، من الجوع، من القهر، ومن الإصابة.. لكني ظليت واقف، مش لأنه سهل، لأنه ما إلي غير إني أظل واقف".
أما أحد النشطاء، فكتب بنبرة يختلط فيها الألم بالاستسلام: "لمن يعرفني أو لا يعرفني، هذه صورتي.. أعيش المجاعة للمرة الثانية مع عائلتي، خسرت 30 كيلوغرامًا من وزني.. الصورة أبلغ من كل الكلمات".
وفي تعليق ساخر يحاول التخفيف من وقع المأساة، كتب أحد المغردين لصديقه: "لو كنت بدك تضعف وتوصل لهالوزن قبل الحرب، كان بدك 10 سنين".
إعلانولفت مدونون فلسطينيون إلى أن المقولة الشائعة "فش حد بيموت من الجوع" لم تعد سوى كذبة مؤلمة في ظل الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع.
وسرد أحدهم تجربته قائلا :"أنا عن نفسي، يوم أمس كان ضغط دمي 90 على 60، وصلت دوامي وأنا دايخ ومرهق بالكاد أستطيع الوقوف على قدميّ. آخر وجبة تناولتها كانت ظهيرة يوم الجمعة، والوجبة التالية لم تصل إلا ظهيرة يوم السبت".
وأشار إلى أن وزنه قبل الحرب كان 120 كيلوغراما، وانخفض اليوم إلى نحو 73، مما يعني أنه فقد 47 كيلوغراما خلال شهور الحرب.
ورأى آخرون أن سؤالا بسيطا يكشف الحقيقة المرعبة: "لو سألت أي شخص في قطاع غزة عن وزنه قبل شهر ووزنه الآن، ستجد أن الجميع فقد كثيرا من الكيلوغرامات بسبب نقص الغذاء. أنا نفسي فقدت أكثر من 15 كيلوغراما في فترة قصيرة".
وأضافوا بأسى: "ربما من لا يزال بصحته ولم يصب في الحرب، لا يزال قادرا على مقاومة الجوع، لكن المرضى والمصابين تتآكل أجسادهم وتتعفن جراحهم. نحن في أكثر العصور رفاهية في تاريخ البشرية، ومع ذلك هناك أناس يموتون جوعا ويستجدون رغيف خبز".
ووفق مدونين، فإن أكثر من 90% من سكان قطاع غزة فقدوا جزءا كبيرا من أوزانهم، ويعاني أغلبهم ضعفا شديدا بسبب نقص الأغذية الأساسية كالبروتينات، والدهون، والفيتامينات.
ويرى الغزيون أن فقدان الوزن بات أمرًا "طبيعيا" وسط الحرب والحصار، وأن سياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها إسرائيل ستؤدي، إذا استمرت، إلى وفاة كثيرين بسبب المجاعة وسوء التغذية، وهو ما بدأ يحدث بالفعل في مناطق متفرقة من القطاع.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع وفيات الأطفال في غزة بنسبة 230% بسبب سوء التغذية
الثورة نت /..
قال مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، بسام زقوت، اليوم الاثنين، أن أزمة سوء التغذية مستمرة منذ أشهر وما زالت تتسبب في وقوع وفيات يومية، خصوصا بين الأطفال.
وحسب وكالة معا الفلسطينية، أوضح زقوت، في تصريح صحفي، أن “وفيات الأطفال نتيجة سوء التغذية ارتفعت بنسبة 230% عن السابق، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الغذائية الكافية إلى القطاع”.
واعرب عن القلق الشديد من استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية وتأثيرها المباشر على حياة الأطفال والمواطنين في غزة.
وفي 22 أغسطس الماضي عام 2025، أعلنت وكالات تابعة للأمم المتحدة، أن المجاعة أصبحت واقعاً رسمياً في محافظة غزة، وذلك بناءً على تصنيف الأمن الغذائي المتكامل.
وصدرت أرقام صادمة عن الوضع الإنساني في القطاع إذ تجاوز عدد السكان الذين يعيشون في ظروف المجاعة ربع مليون شخص، حيث أكدت التقديرات الأممية أن أكثر من خمسمئة ألف إنسان داخل غزة يواجهون الجوع الكارثي.
كما حذّرت التقارير من أن هذا العدد قد يرتفع ليصل إلى نحو ستمئة وأربعين ألف شخص بحلول نهاية شهر سبتمبر، إذا لم يتم التدخل العاجل.