قال الله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في كبد).
سنة الله الكونية أن خلق الإنسان مجبولاً على العناء والتعب والنصب، ويتفاوت الناس في ذلك. عندما تتأمل الحياة الدنيا وتستعرض شريط حياتك، تجد أنه قد اجتاحتك الهموم والأحزان، حتى الأنبياء وهم أفضل خلق الله اجتاحتهم الهموم والأحزان.
قال الله عز وجل عن نبيه محمد (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يحجدون) – تفسير السعدي.
أي: قد نعلم أن الذي يقول المكذبون فيك يحزنك ويسوؤك، ولم نأمرك بما أمرناك به من الصبر إلا لتحصل لك المنازل العالية والأحوال الغالية.
بداية قصتي حين صليت المغرب، وبعد انتهائها سلم علي شخص في مقتبل عمره في العشرينات وطلب مني أن أستمع له، فقد ألم به هم ضاقت به نفسه وتحجرت عيناه من الحزن فهو كظيم.
فلما جلسنا قال لي إنني رجلٌ سوي ولدي من العقل والفكر الكبير وأنا متحدث وأخذت الجوائز على ذلك وخريج من جامعة بتخصص صحي، ولكن لي قرابة 7 سنوات وأنا أعيش تيهاً وحزناً وهماً، لا أعلم ماذا أفعل بنفسي، وأعيش تعلقاً بفرد لم أستطع مفارقته.
هذا الهم نهش من جسدي وكبل يدي وأخذ من صحتي حتى أصبحت أهيم في الأرض حيران بلا هدف، فقد ضاقت علي الأرض بما رحبت.
أصبحت الدنيا كئيبة، أصبر نفسي لعل الله يفرجها من عنده، وأردف قائلاً في يوم ما ركبت السيارة وانتقلت من مدينة إلى أخرى قرابة ثمان ساعات، وكانت الدموع لا تفارق صفحات خدي، لا أعلم ماذا بي وما هي خطيئتي التي ارتكبتها.
فكرت في الانتحار فقد تفاقم الهم في قلبي ومداركي وسيطر على جوارحي، كانت عيناه وهو يتحدث معي قد ارتسم عليهما الحزن والأسى، وختم قوله بأنه يراجع طبيباً نفسياً لعله يجد عنده مبتغاه والأمل والسعادة المنشودة.
ذكرته بالله ونصحته بما عندي ثم جلست أتفكر وأتأمل، ذلك الإنسان القوي عندما تجتاحه الهموم والأحزان والأكدار يكون ضعيفاً مثل الطفل الذي يرتمي في أحضان أمه فيبحث عن من يضمه ويستمع إليه.
الأحزان والهموم تخيم على بني آدم فهي مثل خيوط العنكبوت، عندما تصطادك فاعلم أنك في معركة مع ناظم الخيوط فيصطادك ذلك العنكبوت فتكون فريسة له.
فإن سلمت نفسك أُخذ منك كل شيء وسلبك وأعياك حتى يفقدك ما ترجوه، وإن قاومته وكنت صلباً لا تخاف ولا تلين فسوف تنتصر وتخرج من تلك الشباك المقيتة. فهذا مثله مثل الهموم والأحزان، فلا تدع لها طريقاً في حياتك.
ابتسم وتفاءل، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. عندما تنزل عليك الهموم يريد الله منك أن يرى انطراحك بين يديه ودعاءك له.
الله سبحانه لم يخلقنا ليعذبنا في الحياة الدنيا بل يبتلينا ويرفع ذلك الابتلاء بالصبر واليقين، هو قادر على كشف الضر لا يعجزه شيء. عندما تبتعد عن الله تجتاحك الهموم والأحزان وتتسلط عليك شياطين الإنس والجن.
ولذلك قال النبي ﷺ لابن عباس رضي الله تعالى عنه: (يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
معنى احفظ الله: أن تحفظ دينه وأن تستقيم على أمره وشريعته، فمن حفظ دين الله فقد حفظ الله. احفظ الله يحفظك، يعني احفظ دين الله وشريعته وما أمرك به؛ يحفظك سبحانه في الدنيا والآخرة، كان النبي ﷺ يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال).
ومن أصابه الهم والحزن فقد وردت الأحاديث النبوية لكيفية علاجه، يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب).
أكثر من الاستغفار وسوف تجد انشراح الصدر وإزالة الهم، لن يتركك الله وحيداً تصارع الهموم والأكدار. تحلَّ بالصبر والتجئ إلى الله، أقبل ولا تخف وتحين مواطن إجابة الدعاء ومواطن العبادة والأماكن التي توصلك به سبحانه، عند الكعبة، وسوف يكون ذلك الهم أثراً بعد عين. رسالة إلى كل محزون: لا تيأس ولا تكل ولا تمل.
كن واثقاً بربك، علق قلبك به ولا تعلقه بالبشر.
لا تجزع ولا تقنط وتحلّ بالصبر وسترى بشارات الرحيم تهطل عليك. سنة الله في أرضه لا تبديل لها، تذكر من قبلك من الأنبياء والصالحين، ابتلي أيوب بالمرض فدعا ربه فاستجاب له وشفاه، ويونس التقمه الحوت فدعا ربه فأنجاه، ويوسف رموه في السجن فصبر فأخرجه الله وأعلاه، ومحمد طرده قومه من مكة فواساه الله ومكنه وحباه. وأختم بقول الله سبحانه (فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا).
مهما اشتد ظلام الليل فسعيقبه فجر مشرق، ومهما طاشت بنا الأحزان والآلام فستعقبها السعادة والرحمات من رب البريات. إنما النصر صبر ساعة، وستهطل الرحمات من عنده سبحانه بعد الجدب ولكننا قوم نستعجل، فأنت تشاء أن يكشف ما حل بك من ضر، ويشاء الله أن يعطيك الخير كله.
وتشاء أنت من البشائر قطرةً
ويشاء ربك أن يغيثك بالمطر
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الهموم والأحزان احفظ الله
إقرأ أيضاً:
نيمار موضحا سبب جداله الحاد مع مشجع فريقه المهدد بالهبوط: شعرت بالإهانة
كشف المهاجم البرازيلي نيمار أنه يواجه صعوبة في السيطرة على مشاعره عندما يتعرض للإهانة، وذلك تعليقا على دخوله في نقاش حاد مع أحد المشجعين عقب إلغاء هدف سجله في اللحظات الأخيرة، مما أدى إلى هزيمة ناديه سانتوس 2-1 وتركه في منطقة الهبوط بدوري الدرجة الأولى البرازيلي لكرة القدم.
وتوجه اللاعب البرازيلي (33 عاما)، والذي عانى من فترة محبطة منذ عودته إلى نادي طفولته هذا العام، إلى المدرجات في نهاية المباراة مع إنترناسيونال أمس الأول الأربعاء للتحدث مع أحد المشجعين الذي بدا وكأنه ينتقده.
وأظهرت مقاطع الفيديو نيمار منزعجا ويلوح بيديه، ثم يرفع إبهامه إلى الأعلى في حين يدفعه أحد زملائه بعيدا.
وكتب نيمار عبر حسابه على موقع إنستغرام في ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس "في خضم اللحظة، يكون من الصعب التحكم في مشاعرك عندما تتعرض للإهانة بشكل غير عادل".
وأضاف "لن أجادل الجماهير أبدا عندما ينتقدونني على أدائي داخل الملعب، لأن لديهم الحق في القول ما إذا كنت لعبت بشكل سيئ أم لا، ولهم كل الحق في إطلاق صيحات الاستهجان ضدي".
وتابع "ما لا يمكنهم فعله هو إهانتي بالطريقة التي أهانوني بها".
وكان سانتوس يسعى جاهدا للعودة بعد تأخره بهدفين، وسجل ألفارو مارتن باريال هدفا في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع.
وبعدها بثلاث دقائق، ظن نيمار أنه سجل هدفا بتسديدة يسارية، واحتفل أمام الجماهير التي شجعته.
لكن صيحات الاستهجان دوت في أرجاء ملعب فيلا بيلميرو عندما قرر الحكم أن الكرة لم تعبر خط المرمى.
ويحتل سانتوس المركز 17 في الدوري الذي يضم 20 ناديا، إذ تهبط الفرق الأربعة الأخيرة إلى دوري الدرجة الثانية بنهاية الموسم.
ويمر لاعب برشلونة وباريس سان جيرمان السابق بفترة عصيبة منذ عودته لسانتوس، إذ غاب عن الملاعب بسبب الإصابة وطرد بسبب لمسة يد وعاني من فيروس كورونا.
إعلانوأضاف نيمار "في اليوم الذي يعتقد فيه المشجعون أنني لم أعد قادرا على مساعدة النادي أو أنني أضر به بأي شكل من الأشكال، سأكون أول من يحزم أمتعته ويرحل".
وأردف "سانتوس هو أحد الأشياء التي تشعرني بالشغف، وطالما امتلك القوة، فسأبذل قصارى جهدي من أجله. سأركض، وأقاتل، وأصرخ، بل وحتى أجادل إذا تطلب الأمر كي أصل بسانتوس إلى المكانة التي يستحقها".