تقرير أمريكي: فيضانات وصراع وتجمد المساعدات يعمقون الجوع في اليمن
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
حذّر تقرير جديد صادر عن شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (FEWS NET) من تفاقم أزمة الجوع في اليمن خلال الأشهر الأخيرة، بفعل الفيضانات الواسعة وتجدد النزاعات المسلحة وتدهور الأوضاع الاقتصادية، مشيرًا إلى أن أكثر من نصف السكان (50–55%) سيواصلون مواجهة فجوات غذائية متوسطة إلى حادة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا والحوثيين على حد سواء.
وأكد التقرير أن موجة الأمطار الغزيرة خلال موسم الأمطار الثاني (يوليو–أكتوبر) تسببت في أضرار جسيمة بالبنية التحتية والأراضي الزراعية وتفاقم تفشي الكوليرا، خاصة في أوساط النازحين داخليًا الذين يُعدّون الفئة الأكثر هشاشة. وأشار إلى أن أكثر من 354 ألف شخص تأثروا بالفيضانات والانهيارات الأرضية في 19 محافظة، مع تسجيل 62 وفاة و95 إصابة، إضافة إلى تضرر نحو 27 ألف أسرة نازحة تمثل ما يقارب نصف المتضررين الإجمالي.
ووفقًا للتقرير، فإن الفيضانات دمّرت المحاصيل وقنوات الري وأدت إلى خسائر فادحة في قطاعي الزراعة وتربية النحل، لاسيما في محافظات لحج وتعز ومأرب وصنعاء وعدن، مما ينذر بانخفاض إنتاج المحاصيل وندرة فرص العمل الزراعي خلال موسم الحصاد الحالي.
كما تسببت الأمطار في تلوث مصادر المياه وتدمير شبكات الضخ في مأرب، ما رفع خطر تفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا، حيث ارتفعت الإصابات بنسبة 65% في محافظتي الحديدة وحجة خلال سبتمبر مقارنة بشهر أغسطس، مع تضاعف الحالات في مستشفى عبس العام إلى أكثر من 400 مريض معظمهم من الأطفال.
وأشار التقرير إلى أن الأوضاع تزداد سوءًا بسبب الألغام ومخلفات الحرب التي جرفتها السيول، خصوصًا في مناطق سكنية بمحافظة مأرب، ما يشكل خطرًا على المدنيين والرعاة ومربي النحل.
كما كشف التقرير عن تصاعد التوتر الإقليمي بين ميليشيا الحوثي وإسرائيل، بعد تنفيذ الحوثيين عدة هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ، أعقبها قصف إسرائيلي استهدف مواقع في صنعاء والجوف والحديدة، وأدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير ثلاثة مرافق في ميناء الحديدة، في خامس استهداف له منذ مطلع 2025، ما ينذر باضطراب إضافي في واردات الغذاء والوقود عبر البحر الأحمر.
وأوضح التقرير أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي أجراها البنك المركزي في عدن أسهمت في تحسن نسبي للعملة المحلية بنسبة 43% منذ أغسطس، وانخفاض تكلفة سلة الغذاء الأساسية بنسبة 30% مقارنة بشهر يوليو. إلا أن الأسعار ما تزال أعلى بـ47% من متوسطها خلال خمس سنوات، فيما تستمر أزمة شح السيولة وتأخر صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين بسبب احتجاز الإيرادات خارج خزينة البنك.
وأشار التقرير إلى أن المنحة المالية السعودية الجديدة البالغة 1.38 مليار ريال سعودي (368 مليون دولار) ستوفر دعمًا مؤقتًا للميزانية العامة في عدن، لكنها لن تسهم في استقرار اقتصادي طويل الأمد في ظل استمرار الانقسام المالي والإداري بين السلطات.
وأضافت شبكة الإنذار المبكر أن تعليق برنامج الغذاء العالمي لأنشطته في مناطق الحوثيين منذ منتصف سبتمبر، بعد احتجاز موظفين أمميين واقتحام مكاتبه، فاقم من أزمة الغذاء، رغم استمراره في تقديم المساعدات بمناطق الحكومة الشرعية لنحو 3.4 ملايين شخص في كل دورة توزيع.
ويُختتم التقرير بالتحذير من أن تراجع الإنتاج المحلي، وتضرر سلاسل الإمداد، وتعليق المساعدات الإنسانية سيؤدي إلى استمرار مستويات عالية من الجوع وسوء التغذية، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتخفيف آثار الكوارث الطبيعية ودعم الاستقرار الاقتصادي وإعادة تشغيل برامج الإغاثة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي: تهديدات الحوثيين تعيد الاضطرابات إلى البحر الأحمر وخليج عدن
يبرز تهديد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران قبل أيام لاستهداف السفن الأمريكية كرسالة واضحة عن قدرة الجماعة على قلب موازين الاستقرار البحري في منطقة استراتيجية حيوية للتجارة العالمية.
تقرير حديث لموقع "ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس" الأمريكي يشير إلى أن هذه التحركات تمثل خرقًا صريحًا لاتفاق وقف النار الذي أبرمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو ما يضع شركات الشحن الدولية أمام تحديات مزدوجة: بين المخاطر الأمنية وارتفاع تكاليف الملاحة والتحولات اللوجستية التي تضطرها لإعادة رسم مسارات رحلاتها.
ويشير التقرير إلى أن هذه التحركات، رغم محدودية احتمالية دفع واشنطن نحو ضربات عسكرية جديدة، تعكس هشاشة الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، الأمر الذي قد يعيد إلى الواجهة تأثيرات سياسية واقتصادية تمتد من أسعار الشحن إلى إيرادات قناة السويس، فضلاً عن كلفة التأمين وارتفاع أسعار الوقود، ما يجعل المنطقة نقطة حساسة يجب مراقبتها بعناية من قبل جميع الأطراف الدولية.
وأوضح التقرير أن قرار الحوثيين بتهديد مصالح الشحن الأمريكية لا يُشكل تصعيدًا كافيًا لدفع إدارة ترامب إلى شن ضربات عسكرية جديدة، لكنه يُبقي على مخاطر عالية لجميع السفن العابرة عبر البحر الأحمر وخليج عدن وغرب المحيط الهندي، بغض النظر عن علمها أو ملكيتها. وأشار إلى أن الحوثيين أعلنوا في 30 سبتمبر/أيلول الماضي إنهاء الهدنة المتفق عليها منذ مايو/أيار واستئناف استهداف الأصول المرتبطة بالولايات المتحدة، في خطوة اعتبرها المحللون تحديًا مباشرًا للاستقرار البحري.
ويُشكل البحر الأحمر ومضيق باب المندب شريانًا تجاريًا عالميًا، حيث تمر عبر قناة السويس حوالي 15% من التجارة الدولية، بما يشمل النفط الخام والغاز الطبيعي المسال وشحنات الحاويات. ونتيجة للاضطرابات، اضطر العديد من مشغلي السفن إلى التحايل حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما أضاف أسبوعين على مدة الرحلات وزاد من تكاليف الوقود بشكل ملحوظ.
وأفاد التقرير أن مصر تكبدت بالفعل خسائر في إيرادات قناة السويس تُقدر بنحو 7 مليارات دولار لعام 2024، أي حوالي 800 مليون دولار شهريًا، في ظل تغيير مسارات السفن وتحولات جداول الرحلات ومحطات التزود بالوقود. ورغم ذلك، ساهمت خطط التكيف هذه في الحد من تأثير الأزمة على حركة الشحن، لكنها أثرت على كفاءة النقل البحري.
كما أشار التقرير إلى أن أسعار شحن الحاويات تراجعت رغم طول الرحلات، حيث انخفض مؤشر درويري العالمي للحاويات بنسبة 5% خلال أسبوع واحد ليصل إلى 1,669 دولارًا للصندوق بطول 40 قدمًا، وهو أدنى مستوى له منذ أوائل عام 2024، مع تعويض فائض المعروض من السفن عن علاوات التأخير. ومع ذلك، ظل التأمين يمثل عبئًا إضافيًا، إذ ارتفعت تغطية مخاطر الحرب إلى 0.7% من قيمة هيكل السفينة في ذروة الأزمة، مقارنة بـ0.3% قبلها، مع فرض شركات التأمين شروطًا أكثر صرامة على السفن المرتبطة بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.
وحذر التقرير من أن الاستهداف الحوثي للسفن غالبًا ما يكون عشوائيًا، إذ لم تصب سوى 37% من الهجمات منذ عام 2024 سفنًا مرتبطة بالولايات المتحدة أو إسرائيل، بينما استهدفت 63% سفنًا بلا صلة واضحة. وأوضح المحللون أن اعتماد الحوثيين على الاستخبارات الإيرانية والمصادر المفتوحة قد يؤدي إلى أخطاء في تحديد هوية السفن، مما يزيد من المخاطر على حركة الملاحة في المنطقة.
في النهاية، يُبقي التقرير على حقيقة أن البحر الأحمر وخليج عدن لا يزالان مناطق عالية المخاطر، حيث يواجه الشاحنون مهمة معقدة لموازنة الرحلات الطويلة، والتكاليف المرتفعة، وأسعار الشحن المتقلبة، في ممر تجاري عالمي يظل الاستقرار فيه بعيد المنال. ويخلص التقرير إلى أن أي تصعيد إضافي قد يكون له انعكاسات مباشرة على التجارة الدولية، وعلى الاقتصاد الإقليمي والدولي، مما يحتم على جميع الأطراف اتخاذ تدابير احترازية للحفاظ على الأمن البحري في المنطقة.