في السنوات الأخيرة، شهدت الجامعات الحكومية في مصر تحولاً ملحوظاً مع التوسع في "البرامج الخاصة"، وهي برامج تعليمية بمصروفات مرتفعة تُقدم داخل الكليات الحكومية، وتستهدف شريحة من الطلاب القادرين مالياً، مقابل تقديم تعليم يُقال إنه "متميز" أو "بجودة أعلى" من البرامج العادية المجانية.

لكن هذا التحول يثير عدداً من التساؤلات الجوهرية حول طبيعة التعليم الجامعي الحكومي: هل ما زالت الجامعة الحكومية تؤدي دورها الاجتماعي في إتاحة التعليم المجاني للجميع؟ أم أنها تنزلق تدريجيًا إلى منطق السوق، حيث يصبح التعليم سلعة لمن يستطيع الدفع؟

لطالما كانت الجامعات الحكومية ركيزة أساسية في بناء الطبقة الوسطى المصرية، إذ فتحت أبوابها لملايين الطلاب دون النظر إلى قدرتهم المالية، غير أن البرامج الخاصة والتي بدأت كاستثناء محدود باتت اليوم قاعدة متوسعة، بل ويُنظر إليها من بعض إدارات الكليات باعتبارها مصدراً رئيسياً للتمويل.

ففي ظل ضعف الميزانية العامة المخصصة للتعليم العالي، تلجأ الجامعات إلى هذه البرامج كمورد بديل لتغطية النفقات وتحسين دخل أعضاء هيئة التدريس. ولكن هذا المسار يطرح مخاوف حقيقية من اتساع فجوة الفرص بين الطلاب، خاصة حين تكون هناك فجوة واضحة في الإمكانات والخدمات بين طلاب "البرنامج العادي" وطلاب "البرنامج الخاص" داخل الكلية الواحدة.

ويشتكي كثير من الطلاب من وجود تمييز غير معلن، بل ومقبول ضمنياً، لصالح طلاب البرامج الخاصة، سواء في المعامل أو الجدول الدراسي أو حتى التعامل الإداري. ويشعر الطلاب في البرامج العامة بأنهم صاروا "درجة ثانية" في جامعاتهم، وهو ما يقوّض فكرة المساواة والعدالة التعليمية التي قامت عليها الجامعات الحكومية في الأصل.

من وجهة نظرى أرى أن التوسع في البرامج الخاصة وضع الجامعات الحكومية أمام أزمة هوية.. ويبقى التساؤل هل هي مؤسسات تهدف للربح أم كيانات أكاديمية تخدم التنمية الوطنية؟ فبينما يُبرر المسؤولون هذه الخطوة بأنها استجابة لمتغيرات العصر واحتياجات السوق، يرى كثيرون أن هذا الاتجاه يهدد رسالة الجامعة كفضاء للمعرفة المجانية، ولإنتاج التفكير النقدي، لا مجرد "تأهيل لسوق العمل".

لا شك أن التعليم العالي يواجه تحديات كبرى تتطلب حلولاً غير تقليدية، لكن الحل لا يكون بالتخلي عن مجانية التعليم، بل بإصلاح شامل يبدأ من تطوير المناهج، وتحسين كفاءة الإنفاق، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص دون المساس بمبدأ تكافؤ الفرص.

فالجامعات الحكومية المصرية بحاجة إلى أن تستعيد توازنها، وألا تتخلى عن دورها التاريخي كرافعة اجتماعية، في زمن باتت فيه العدالة التعليمية ضرورة وطنية.

طباعة شارك الجامعات الحكومية البرامج الخاصة لطبقة الوسطى

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامعات الحكومية البرامج الخاصة الجامعات الحکومیة البرامج الخاصة

إقرأ أيضاً:

خروج الجامعات السودانية من التصنيف العالمي و مؤشر جودة التعليم 

 

خرجت الجامعات السودانية من التصنيف العالمي الخاص بمؤشر جودة التعليم في العالم و ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ المنتدى ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ دافوس للعام 2024، وخرج السودان ضمن  6 دول عربية من التصنيف بشكل كامل وهي ليبيا والصومال والعراق وسوريا واليمن.

الخرطوم _ التغيير

و بحسب التصنيف حلت قطر الأولى عربيا والرابعة عالميا في مؤشر جودة التعليم في العالم، وتلتها الإمارات في المرتبة الثانية عربياً و العاشرة عالمياً، ثم لبنان في المرتبة الثالثة عربياً والـ 25 عالمياً.
وجاء ترتيب الدول العربية بعد ذلك، البحرين (33)، الأردن (45)، السعودية (54)، تونس (84)، الكويت (97)، المغرب (101)، عمان (107)، الجزائر (119)، موريتانيا (134).
بينما احتلت مصر المرتبة الأخيرة عربياً، والمرتبة 139 عالميا، من أصل 140 دولة تضمنها مؤشر دافوس لجودة التعليم.
أما اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ العالم، فقد كانت من نصيب ﺳﻨﻐﺎفوﺭﺓ، تلتها سويسرا في المرتبة الثانية، وفنلندا ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ الثالثة.

وفي العام 2022 كان قد أعلن وقتها  وزير التعليم العالي والبحث العلمي، محمد حسن دهب، عن خروج الجامعات السودانية من التصنيف العالمي. في وقت قال إن وزارته أقرت خطة لمراجعة مخرجات الكليات والجامعات وتطوير وتجويد المناهج والاهتمام بالبحوث العلمية لتكون مواكبة للتطورات.

ونوه خبراء في قطاع التعليم إلي أن خروج السودان من التقييم العالمي لجودة التعليم، يُعد مؤشراًسالباً على السودان والاقتصاد السوداني برمته لجهة أن هنالك ارتباط قوى بين التقدم التكنلوجي والتعليم من جهة والمستوى الاداري والتعليم من جهة أخرى مضيفا .
يذكر أن التقييم العالمي عادة يتم بالتركيز على عدة مؤشرات منها البيئة التعليمية وتشمل ( قاعات ،فصول ،معامل وكتب الى جانب الأساتذة وعددهم ومؤهلاتهم العلمية وتدريبهم وانتاج البحث العلمي كما وكيفا إضافة الى خدمة المؤسسة التعليمية للمجتمع، وقبل ذلك  نسبة الانفاق الحكومي في الموازنة العامة للدولة الى جانب اصلاح وتطوير النظام التعليمي وفق خطة استراتيجية مدروسة (متوسطة وطويلة المدى) من تدريب الأساتذة ودعم البحث العلمي الذي يخدم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وتعد وزارة التعليم العالي و البحث العلمي في السودان من أكثر الوزارات التي لا تجد دعماً من الحكومة، وتعد ميزانيتها هي الأضعف مقارنة مع بقية الوزارات الأخرى في البلاد.

الوسومالتصنيف العالمي الجامعات السودانية المنتدى ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ دافوس للعام 2024 قطر الأولى عربياً مؤشر جودة التعليم في العالم

مقالات مشابهة

  • «تقويم التعليم» تمنح الاعتماد البرامجي الكامل لـ3 تخصصات بجامعة حائل
  • هواوي تطلق قمة التعليم الذكي لتعزيز الابتكار والذكاء الاصطناعي في الجامعات
  • البحرين تستضيف ملتقى دولي لرسم مستقبل التعليم الجامعي العربي
  • ”التقويم“ و”اختبارات التعثر“.. آلية جديدة لتقييم الطلاب المنقطعين عن المدارس-عاجل
  • خروج الجامعات السودانية من التصنيف العالمي و مؤشر جودة التعليم 
  • حماية طلاب المدارس الحكومية "مطلب شعبي"
  • جامعة كفر الشيخ تحتفي بتصدرها الجامعات الحكومية كأفضل جامعة صديقة للبيئة
  • وزير التعليم العالي يكرّم لجنة تحكيم مسابقة أفضل جامعة صديقة للبيئة
  • منتخب طلاب جامعة طنطا لكرة اليد يفوز بالمركز الأول بدوري الجامعات
  • خبير: الطروحات الحكومية رافعة قوية للنمو الاقتصادي في مصر