أصبح رئيس المرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري أحد أبرز القادة العسكريين والسياسيين في منطقة غرب أفريقيا، ويحظى باهتمام واسع، إذ غالبا ما يتصدر عناوين الأخبار وشاشات الإعلام، نظر لمواقفه المثيرة والجريئة تجاه السياسات الغربية نحو قارة أفريقيا التي يعتبرها ضحية للتجهيل والنهب الممنهج للثروات من قبل القوى الاستعمارية.

وفي تحليل جديد نشره موقع "ساوث أفريكان" (thesouthafrican) تحت عنوان: لماذا يريد الغرب الإطاحة بالنقيب تراوري أو تصفيته؟ طرح الكاتب روب دي ميزيرس مجموعة من الفرضيات التي قد تواجه مسيرة القائد الشاب الذي يعتبره الكثير من الشباب الأفارقة ملهما وصاحب أفكار ثورية.

العداء مع فرنسا

في 30 سبتمبر/أيلول 2022 قاد تراروي الذي يبلغ من العمر 37 عاما انقلابا خاطفا وهو ما يزال في الرتب الدنيا من الجيش، إذ إن تاريخ التحاقه بالمؤسسة العسكرية يعود إلى سنة 2010.

تراوري ابتعد عن فرنسا وأبرم علاقات وثيقة مع روسيا (رويترز)

وبعد أشهر قليلة من الانقلاب، أصدر قرارا في يناير/كانون الثاني 2023 برحيل القوات الفرنسية الموجودة في بلاده، ليقرر بعد ذلك طرد الملحق العسكري لباريس و3 دبلوماسيين آخرين.

من جانبها، كثّفت وسائل الإعلام الغربية هجماتها على القائد الشاب، واعتبرته مصدرا للإزعاج وعدم الاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي الملتهبة بالعنف بين القوات الحكومية والجماعات الانفصالية والإرهابية.

وفي بداية العام الجاري، اتهم الجنرال مايكل لانغي قائد قوة أفريكوم النقيب تراوري بسرقة ذهب بوركينا فاسو وتهريبه للخارج، لكن الحكومة الانتقالية في واغادوغو قالت إن تلك الاتهامات لا تخرج عن سياق الحملة الممنهجة ضد قائد المرحلة الانتقالية.

قائد مؤثر

ووفقا للمقال التحليلي المنشور في موقع جنوب أفريقيا، فإن شعبية تراوري في تزايد ملحوظ وخاصة في منطقة الساحل التي تبنّت خطابات مناهضة للدول الاستعمارية وطالبت بإعادة الاستقلال والسيادة الاقتصادية على مواردها.

إعلان

وكغيره من قادة الساحل الانقلابيين، بدأ تراوري في نسج علاقات دولية جديدة، إذ اقترب من روسيا، وأبرم اتفاقيات مع تركيا التي بدأت تصدر أسلحتها نحو المنطقة.

ويعتبر كثير من مناصريه أن قراراته الجريئة مثل طرد القوات الفرنسية وتوفير خدمات اجتماعية مجانية، تعبر عن خطوات شجاعة نحو استعادة السيادة الوطنية.

قائد بوركينا فاسو السابق توماس سانكارا طالب بإنهاء الهيمنة على أفريقيا وتم اغتياله 1987 (غيتي)

وقال الصحفي والناشط ثيو ويلسون الذي زار منطقة الساحل مؤخرا إنه التقى العديدَ من السكان، وأعربوا عن تقديرهم وحبهم للنقيب إبراهيم تراوري، وأضاف أن تأثيره السياسي يتجاوز بلاده إلى مناطق عديدة من العالم.

هل سيتم اغتيال تراوري؟

واستعرض التقرير نماذج من الشخصيات الأفريقية التي تم اغتيالها بعدما رفعت شعار معاداة الغرب، وسعت إلى الإصلاح والوقوف في وجه استمرار الاستعمار مثل رئيس الكونغو الأسبق باتريس لومومبا الذي اغتالته الولايات المتحدة الأميركية 1961، ورئيس غانا كوامي نكروما الذي قتل عام 1966 بتنسيق مع وكالة الاستخبارات الأميركية، والقائد الشاب توماس سانكارا الذي تم اغتياله بدعم محتمل من فرنسا 1987.

وأشار التقرير إلى أن القواسم المشتركة بين هؤلاء القادة هو الحرص على استغلال ثروات البلاد وفقا لمصالح الشعوب، وصيانتها من النهب الخارجي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

الغرب لا يواجه الإرادات

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في أكتوبر عام 1985، قام الكيان الصهيوني باستهداف مقر القيادة الفلسطينية بمنطقة حمامات الشط (1) بالجمهورية التونسية، بعد انتقالها إلى هناك بتوافق وضمانات دولية لخروجها من بيروت، وكان مقررًا لها أن تجتمع يوم 1 أكتوبر، وتم تأجيل الاجتماع في آخر لحظة بأوامر من القائد ياسر عرفات، فنجت القيادة من القصف وأصيب عدد من الكوادر الفلسطينية والطواقم التونسية العاملة في المقر.

حين علم الرئيس الحبيب بورقيبة بعملية قرصنة العدو، بلغ به الغضب مداه، فاستدعى وزير خارجيته حينها الباجي قائد السبسي على عجل وطلب منه السفر إلى نيويورك وتقديم طلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن لإدانة العدو وعمليته. وفي نفس الوقت استدعى السفير الأمريكي بتونس واستقبله واقفًا وقال له: وزير خارجيتي في طريقه إلى نيويورك الآن لإدانة إسرائيل وإرهاب الدولة الذي مارسته بحق سيادتنا، وإذا استخدمت بلدك أمريكا حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن، فعليك أنت وطاقمك مُغادرة تونس خلال 48 ساعة.

عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بطلب من تونس وأدان بالإجماع عدوان العدو على تونس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وامتنعت أمريكا- ولأول مرة- عن التصويت.

قام الرئيس القُمُرِي علي صويلح (2) بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا بعد أن أخلفت بوعودها لجُزر القُمُر بمنح مساعدات تنموية وعدم ضم جزيرة مايوت (المصدر الرئيس للفانيليا)، وتوجه نحو الصين، فأُصيبت فرنسا بالصدمة والشلل التام إزاء هذا الموقف الصادم، إلى أن أوعزت للمرتزق الفرنسي بوب دينار للقيام بعملية اغتيال للرئيس القُمُري ونفَّذ ذلك تحت ستار انقلاب عسكري.

عام 1965، أعلن الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو انسحاب بلاده من الأمم المتحدة احتجاجًا على ترشيح ماليزيا لعضوية مجلس الأمن، في سياق تنافس سياسي محموم حينها بين البلدين.

وتدهورت العلاقات بين فرنسا وأمريكا (3) بسبب رؤية البلدين لوضع حلف الناتو، فقرر الرئيس الفرنسي شارل ديجول خفض القوات الفرنسية في الحلف وسحب فرنسا من قيادته.

حين قامت ثورة الفاتح من سبتمبر 1969م بقيادة العقيد معمر القذافي أصيبت القواعد الأمريكية والبريطانية بالاتكالية والشلل تجاه الثورة، فقرروا استثمار موقفهم السلبي هذا في اعتبار ما حدث شأنا ليبيا داخليا لم يتدخلوا فيه لعله يشفع لهم لدى قيادة الثورة كي يعودوا ويتسللوا عبر النافذة، ولكن رهاناتهم خابت بفعل صلابة الثورة وحاضنها الشعبي الكبير.

حين قامت ثورة يوليو 1952 في مصر، بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر ورفاقه الضباط الأحرار، أُصيبت إنجلترا بالصدمة والذهول رغم نفوذها الكبير ورغم وجود أكثر من 70 ألف جندي بريطاني على أرض مصر، رحلوا جميعهم في اتفاقية الجلاء عام 1954، وكان الموقف البريطاني غزلًا مُبطنًا لقيادة الثورة؛ باعتبار ما حدث شأنًا داخليًا مصريًا، ولكن ذلك لم يشفع لهم.

ما تقوم به فصائل المقاومة ومحورها اليوم من مواجهة للعدو والمُخطط الإمبريالي الصهيوني للأمة، يبرهن بأنَّ فعلها من أفعال الكبار ممن يسطرون التاريخ ويجعلون العدو يفكر ألف مرة قبل كل مواجهة، لأن الإرادة أقوى من أي سلاح مادي وهي النصر والظفر معًا.

قبل اللقاء.. العدو لم يتسلل عبر حدودنا، بل عبر عيوبنا

وبالشكر تدوم النعم

****

1- مجزرة حمام الشط: غارة جوية لسلاح الجو الإسرائيلي وقعت يوم 1 أكتوبر 1985 ضد مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط (تونس)، استُهدف خلالها أحد أهم اجتماعات منظمة التحرير الفلسطينية، مما أوقع عشرات القتلى من التونسيين ومن القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية. (ويكيبيديا).

2- علي صويلح (7يناير 1932 - 29 مايو 1978)، سياسي وثوري اشتراكي من جزر القُمُر، شغل منصب الرئيس الثالث لها من سنة 1977 إلى سنة 1978. وأصبح رئيسًا بانقلاب في شهر أغسطس من سنة 1977 وأدخل بلده في الأفكار الشيوعية. (ويكيبيديا)

3- العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا تدهورت بسبب رفض دمج الردع النووي الفرنسي مع قوى شمال الأطلسي الأخرى أو قبول أي سيطرة جماعية على قواتها المسلحة، فخفض الرئيس الفرنسي شارل ديجول عضوية فرنسا في حلف شمال الأطلسي "ناتو" وسحب فرنسا من القيادة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة بحثًا عن نظام دفاعي مستقل، وسحبت فرنسا قيادتها العسكرية سنة 1966، ومنذ ذلك العام وحتى عام 1993 كانت منفردة عن البنية السياسية لحلف الناتو. وقد قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2009 عودة فرنسا لقيادة حلف الناتو عسكريًا بعد انقطاع 43 عامًا. (ويكيبيديا)

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تشييع جثمان الشهيد النقيب خالد الضباعي في صنعاء
  • سوريا.. قائد "قسد" يطالب بإقامة منطقة حكم ذاتي
  • قائد قوات سوريا الديمقراطية يطالب بإقامة منطقة حكم ذاتي
  • خطوة واحدة.. ماذا يحتاج منتخب مصر للتأهل إلى كأس العالم 2026؟
  • أبرز الشخصيات التي اغتالتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر وحتى الحظه
  • أبرز الشخصيات التي اغتالتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • الغرب لا يواجه الإرادات
  • أمير جازان ونائبه يستقبلان قائد المنطقة الجنوبية
  • الأمن العام يشيّع جثمان النقيب إبراهيم قعوار في جرش
  • إيني شمال أفريقيا الإيطالية تستأنف الحفر الاستكشافي شمال غرب ليبيا