شهدت العلاقات الدفاعية بين موريتانيا والإمارات دفعة جديدة مع اللقاء الذي جمع وزير الدفاع الموريتاني حنن ولد سيدي بوزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع محمد بن مبارك بن فاضل المزروعي، وذلك على هامش معرض دبي للطيران في دورته التاسعة عشرة.

اللقاء الذي اكتفى الجيش الموريتاني بالكشف عن خطوطه العريضة فقط، عكس اهتمامًا متزايدًا من أبوظبي بإعادة مأسسة حضورها الأمني والعسكري في المنطقة، في وقت باتت فيه الساحة الإفريقية ـ وخصوصًا فضاء الساحل ـ مسرحًا لتنافس دولي وإقليمي محموم.



وبحسب بيان مقتضب نشرته المؤسسة العسكرية الموريتانية، فقد بحث الجانبان تعزيز التعاون الأمني والعسكري، دون الإفصاح عن طبيعة الملفات قيد النقاش أو مجالات التعاون التي تسعى الدولتان إلى تطويرها. غير أن زيارة الوزير الموريتاني لجناح الشركات الدفاعية المشاركة في المعرض واطلاعه على أحدث تقنيات الطائرات المسيّرة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأنظمة المحاكاة، تشير إلى اهتمام موريتانيا بتطوير بنيتها الدفاعية في مجالات تشهد طفرة تكنولوجية متسارعة وتعتبرها الإمارات إحدى نقاط قوتها الصناعية الصاعدة.



وتأتي المباحثات في لحظة حساسة تمر بها منطقة الساحل بعد تراجع النفوذ الفرنسي، وتنامي حضور قوى جديدة مثل روسيا والصين وتركيا، ما يجعل موريتانيا ـ الدولة الأكثر استقرارًا في الإقليم ـ محطة جذب أساسية للشراكات الدفاعية. وفي هذا السياق، تحرص أبوظبي على توسيع شراكاتها مع الدول المؤثرة، خصوصًا تلك التي تقع عند تقاطعات جيوسياسية مهمة مثل الساحل والصحراء.

وعلى الجانب الموريتاني، يعكس هذا الانفتاح رغبة نواكشوط في تنويع مصادر التعاون الأمني والبحث عن شركاء قادرين على دعمها في ملف مكافحة الإرهاب وتأمين حدودها الطويلة مع مالي، وهي ملفات كانت لعقود مرهونة لعلاقات موريتانيا التقليدية مع فرنسا والولايات المتحدة.

غير أن قراءة التحركات الإماراتية في موريتانيا لا يمكن فصلها عن مسار ممتد من الحضور الاستراتيجي لأبوظبي في إفريقيا والعالم العربي. فمن القرن الإفريقي إلى البحر الأحمر، ومن ليبيا إلى تشاد والنيجر، سعت الإمارات خلال العقد الأخير إلى بناء شبكة نفوذ متنوعة تجمع بين الاستثمار الاقتصادي والدعم الأمني والعسكري. ويبدو أن موريتانيا باتت ضمن هذا المسار، بوصفها بوابة مهمة إلى عمق الساحل وبحكم موقعها السياسي المستقر نسبيًا مقارنة بجوارها.

ويطرح تكثيف الحضور الإماراتي في هذا التوقيت سؤالًا جوهريًا: هل تبحث أبوظبي عن تعزيز شراكات دفاعية طبيعية، أم أنها في طريقها لتثبيت موطئ قدم جديد في منطقة تشهد فراغًا إستراتيجيًا متسعًا؟

في ظل صمت الطرفين عن تفاصيل الاتفاقات المحتملة، تبدو الإجابة مرهونة بمآلات التعاون خلال الأشهر المقبلة، وبمدى قدرة موريتانيا على إدارة التوازن بين انفتاحها على شركاء جدد والحفاظ على استقلال قرارها الأمني في منطقة لا تتسامح مع الفراغ ولا مع التبعية.

وينظر إلى الاتجاه الإماراتي نحو موريتانيا بأنه ليس خطوة معزولة، بل جزء من سياسة ممتدة تهدف إلى ترسيخ حضور قوي في أهم المواقع الأمنية والإستراتيجية في إفريقيا، ضمن رؤية تعتبر القارة ساحة نفوذ مستقبلية ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية متنامية.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية موريتانيا الإماراتي العسكرية المباحثات الإمارات مباحثات عسكر موريتانيا المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الجزائر وفيتنام تبحثان تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الجريمة المنظمة

استقبل الأمين العام لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والنقل محمود جامع، ظهيرة اليوم نائب وزير الأمن العمومي الفيتنامي،  فام ثي تونغ بحضور المدير العام للأمن الوطني، علي بداوي.
وحسب بيان وزارة الداخلية، فقد سمح اللقاء بالاشادة بعمق الروابط التاريخية التي تجمع البلدين، و التي تتواصل مجسدة على المستوى المحلي من خلال اتفاقية التوأمة التي تجمع ولاية باتنة ونظيرتها الفيتنامية ديان بيان.
كما تناول الطرفان خلال اللقاء مختلف مجالات التعاون الثنائي بين القطاعين الوزاريين لاسيما ما تعلق بالتعاون الشرطي، حيث تم تباحث سبل تعزيزه و الارتقاء به إلى مستويات عملية، من خلال التوقيع القادم على اتفاقية التعاون الثنائي الجزائري الفيتنامي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، و التي ستسمح بتحديد آليات للتنسيق الثنائي و العمل المشترك في المحاور المتعلقة لاسيما بالاتجار بالمخدرات و المؤثرات العقلية، الجريمة السيبرانية، الجرائم الاقتصادية، الاتجار بالبشر و الهجرة غير الشرعية و غيرها من الظواهر العابرة للحدود.

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة يبحث علاقات التعاون في المجالات الدفاعية مع وزير دفاع إيطاليا
  • الجزائر وفيتنام تبحثان تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الجريمة المنظمة
  • غوتيريش يحذر من الوضع الأمني في غرب أفريقيا والساحل
  • «توازن» و«إم بي دي أيه» تعلنان حزمة مشاريع استراتيجية تدعم توطين التكنولوجيا الدفاعية
  • المنفي يستقبل وفداً مجرياً لبحث التعاون الأمني والسياسي
  • تعاون بين «ايدج» و«ريبوبليكورب» بقيمة 7 مليارات دولار لتعزيز الصناعات الدفاعية في إندونيسيا
  • تبادل معلومات.. وزير خارجية تشاد: تعاون مع مصر في المجالين الأمني والعسكري
  • الكونغو.. الوفد البرلماني الجزائري ينسّق المواقف مع نظيره الموريتاني
  • "إيدج" و"فيتل" توقعان إطار تعاون لتعزيز القدرات الدفاعية