5 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: خرجت تصريحات النقابات الطبية في العراق لتقلب الطاولة على ما كان يُعتبر مسلمات لعقود، حين دعت ثلاث جهات رسمية هي نقابة الأطباء ونقابة أطباء الأسنان ونقابة الصيادلة، طلاب الثانوية وأهاليهم إلى إعادة التفكير في الإقبال على تخصصات الطب والصيدلة وطب الأسنان، بما يشبه إعلاناً غير مباشر عن “انتهاء العصر الذهبي” للمهن الطبية في البلاد.

وتزامنت هذه الدعوات بشكل لافت، وكأنها حملة مدروسة لإحداث صدمة في الرأي العام، أو لتهيئة المجتمع لتحول جذري في بنية سوق العمل العراقي. واختار نقيب الأطباء، حسنين شبر، منصّة “فيسبوك” ليخاطب الطلاب مباشرة بقوله: “كلام الأجداد ليس بالضرورة ملائماً للمستقبل”، في جملة تختزل انقلاباً في المفاهيم الراسخة.

وانضمت نقابة الصيادلة إلى الحملة، عبر تصريح مثير أطلقه حيدر الصائغ، محذراً من أن التعيين الحكومي سيغيب بعد خمس سنوات، وأن فرص القطاع الخاص “شبه معدومة”. وتحمل عباراته تحذيراً صريحاً بأن الزمن لم يعد زمن الطبيب المحاط بالهيبة والفرص، بل زمن الحيرة والتشظي المهني.

وانضم نقيب أطباء الأسنان إلى الجوقة، مفضلاً الشاشة المتلفزة هذه المرة، في إشارة إلى أن الرسالة ليست موجهة لطلاب الثانوية فحسب، بل لمجتمع بأكمله لا يزال يرى في المعطف الأبيض رمزاً للنجاة الطبقية.

وشهدت مواقع التواصل تصدعات واضحة في ردود الأفعال؛ بين من أيّد تلك التصريحات باعتبارها “واقعية وضرورية”، وبين من رأى فيها “تخلياً مؤسسياً عن الأمل”.

وكتب طالب يُدعى حيدر الجنابي: “إذا لم تكن الطب حلاً، فما البديل؟”، بينما علّقت أم لطالبة: “نحتاج إصلاحاً لا تخويفاً.. ابنتي تحلم بالطب منذ الطفولة”.

وشهدت السنوات الماضية تخمة في أعداد الخريجين الطبيين، لا سيما من جامعات خاصة حديثة ظهرت كالفطر، مما أسهم في تفاقم فجوة العرض والطلب في قطاع الخدمات الصحية.

ورافق ذلك تقاعس حكومي عن فتح مستشفيات جديدة أو تطوير البنية التحتية بما يستوعب أفواج الخريجين.

وشارك بعض الخريجين في النقاشات الجارية، مؤكدين أنهم “تجاهلوا تحذيرات مماثلة” قبل أعوام، واليوم يعيشون مرارة العطالة.

وقالت خريجة من كلية طب بغداد، فضّلت عدم ذكر اسمها: “أعمل في عيادة براتب مقطوع لا يكفي الإيجار، بعد أن أنفقت أسرتي كل مدخراتها على دراستي”.

ويبقى التساؤل الأكثر وجعاً مطروحاً في الأفق: هل المطلوب أن يعزف الشباب عن الطب، أم أن الدولة مطالبة بإعادة الاعتبار لتلك المهن؟ وهل تخلّت السلطات عن دورها في التخطيط الأكاديمي، أم أنها تكتفي الآن بـ”تحذير متأخر” لتلافي الانفجار؟

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

العراق يواجه أسوأ أزمة مائية منذ عام 1930

3 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: أكد محافظ البصرة، أسعد العيداني، الاحد، أن الخزين المائي في العراق يمر بأسوأ حالاته منذ عام 1930، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة غير مسبوقة من حيث الخطورة.

وقال العيداني، في تصريح صحفي، إن “البعض قد يتساءل عن دور السلطات المحلية”، موضحًا أن “هناك تحديات كبيرة يجب تجاوزها، إذ وصلت بعض أحواض الخزن المائي إلى متر وعشرين، بينما كانت تُعدّ خطرة في السابق عندما تصل إلى متر وستين، بحسب تقييم المختصين”.

وأضاف أن “هناك جهودا متواصلة لإنشاء بنى تحتية متكاملة لشبكات المياه، تغطي مساحة لا تقل عن مليون وستمائة ألف متر مربع في عموم المحافظة، تشمل المضخات والمعدات الأساسية”، لافتا إلى أن “مشروع المحطات التحلية يُعدّ من أولويات العمل في المرحلة الحالية”.

وأشار العيداني إلى أن “تلك المحطات التي تعمل الحكومة المحلية والاتحادية على إنشائها قد تستغرق نحو عام كامل لإنجازها، موضحًا أن هناك خططًا قيد التنفيذ بالتعاون مع عدد من الاستشاريين، مع إصرار كبير على إنهاء ملف المياه بالكامل، كما تحسنت منظومة الكهرباء وأصبحت مثالًا يُحتذى به على مستوى العراق بفضل جهود محافظة البصرة وتعاون وزارة الكهرباء”.

وتابع العيداني تصريحه بالإشارة إلى “زيارة مرتقبة سيجريها إلى أنقرة، لبحث موضوع الإطلاقات المائية للعراق، بهدف تعزيز تدفق المياه نحو شط العرب”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • دعوات رسمية لمقاطعة التخصصات الطبية تثير جدلاً واسعاً في العراق
  • لأول مرة.. اختبار محاكاة للجراحة العامة يعزز كفاءة أطباء حفر الباطن
  • مصاريف كليات الطب والأسنان والصيدلة والهندسة بالجامعات الأهلية 2025
  • حملة “شفاء 2” تنطلق في حلب… أطباء سوريون مغتربون يجرون عمليات جراحية نوعية
  • العراق بلا حنطة.. ومزارعو الشتاء يحرثون في الهواء
  • أطباء بلا حدود: العالم لا يفعل ما يكفي تجاه المعاناة في غزة
  • قرار عاجل في دعاوى دفعة أطباء أسنان 23 ضد وزير الصحة
  • العراق يواجه أسوأ أزمة مائية منذ عام 1930
  • تأجيل دعاوى أطباء الأسنان ضد وزير الصحة لـ 6 سبتمبر