لجريدة عمان:
2025-08-05@20:13:56 GMT

المنجز الوطني وأولويات المرحلة

تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT

نقترب من مرور ستة أعوام من عهد النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة وصبر وجهد متواصل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ولسنا في حاجة للتذكير بالتحديات الصعبة التي واجهها الاقتصاد الوطني والمؤشرات السلبية والمديونية الكبيرة وعدد من التحديات التي هي جزء مهم من التحولات التاريخية للدول في ظل أوضاع غير مستقرة، خاصة أسعار النفط التي تدنت إلى مستويات كبيرة منذ عام ٢٠١٤ وحتى عام ٢٠٢٠.

السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وخلال أقل من خمس سنوات كانت تواجهه تلك التحديات الكبيرة، ومن هنا كان الجهد مضاعفا لانتشال الوضع الاقتصادي تحديدا من مؤشراته السلبية إلى مؤشرات إيجابية وهو الأمر الذي حدث خلال الثلاث سنوات الأولى، وتوالت تلك التصنيفات الدولية التي جعلت بلادنا سلطنة عمان تتمتع بمستوى تصنيف جيد على صعيد جاذبية مناخ الاستثمار، وهو الأمر المهم، كما أن المديونية العامة للدولة انخفضت إلى أكثر من الثلث وهو تطور إيجابي ملفت كما تحسن مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، وسجلت سلطنة عمان فائضا كبيرا على صعيد الميزان التجاري. كما شهدت البلاد نقلة نوعية على صعيد التطبيقات الرقمية لدى الجهات الحكومية والخاصة في إطار الحكومة الإلكترونية، والتي أصبحت تقترب من ٨٠ في المائة وفق الاستراتيجية الرقمية.

كان للزيارات السلطانية للدول الشقيقة والصديقة التي قام بها عاهل البلاد ـ حفظه الله ـ دور محوري في تعزيز الشراكات الاقتصادية وفتح آفاق واعدة للتعاون المثمر في كل المجالات، وهو الأمر الذي ينعكس على الاقتصاد الوطني وعلى صعيد جذب الاستثمارات الخارجية بهدف خلق المزيد من فرص العمل للكوادر الوطنية. ومن هنا فإن المنظومة الوطنية بشكل عام حققت إنجازات واضحة وملموسة على صعيد المؤشرات خلال سنوات نهضة سلطنة عمان المتجددة وهي سنوات قليلة قياسا بعمر الزمن.

السؤال الجوهري الذي ينبغي أن يطرح هل انتهت التحديات؟ الإجابة لا، هناك تحديات حقيقية ومؤشرات ليست مرضية على صعيد بعض الوحدات الحكومية، وهي بلا شك مرصودة وإذا ما تم تشخيص أهم الملفات الوطنية والتي تحتاج إلى حلول واقعية يأتي ملف الباحثين عن عمل على رأس تلك التحديات، وهو ليس تحديا اجتماعيا فقط، ولكنه تحد استراتيجي وأمني ويشكل هاجسا وطنيا، ومن هنا فإن إيجاد حلول لملف الباحثين عن عمل والمنهية خدماتهم يحتاج إلى منظومة اقتصادية قوية لا تعتمد على فرص العمل التقليدية، سواء في الجهاز الإداري للدولة أو الأجهزة العسكرية أو الأمنية، لأن تلك القطاعات لا يمكن أن تستوعب تلك الأعداد المتزايدة من مخرجات التعليم الجامعي وما دون الجامعي وهو الأمر الذي تواجهه الدول النامية. وعلى ضوء ذلك فإن خلق آلاف فرص العمل يأتي من اقتصاد متنوع وديناميكي من خلال قاطرة التصنيع ومن خلال تفعيل قطاع السياحة ومن خلال تفعيل محاور «رؤية عمان ٢٠٤٠». ملف الباحثين عن عمل يمثل التحدي الوطني الأهم ويشكل هاجسا كبيرا ينبغي على الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومجلس عمان البحث بشكل مهني عن واقع هذا التحدي، لأن الاقتصاد الوطني بصورته الحالية قد لا يكون قادرا بمنظومته الحالية على استيعاب الباحثين عن عمل بشكل كبير، ومن هنا تأتي أهمية تغيير المشهد فيما يخص إستراتيجية العمل الوطني والبحث أولا عن إيجاد آليات وتنشيط القطاع الصناعي والسياحي واللوجستي والذي يعد نشاطا مستداما وحيويا وله مردود مالي واقتصادي على العاملين وعلى زيادة الدخل المالي للدولة.

لقد بذل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ جهودا كبيرة في إخراج البلاد اقتصاديا من عنق الزجاجة ـ والحمد لله ـ والآن لابد من النظر بعيون فاحصة للمستقبل على المدى المتوسط والبعيد من خلال تقييم موضوعي ودقيق للأداء والمؤشرات على صعيد الحكومة. وفي تصوري أن هذا يحدث وفق آليات محددة وبإشراف مباشر من جلالته ـ حفظه الله ـ لأن الهدف الوطني الأسمى هو الاستفادة من كل الكوادر الوطنية في سوق العمل، لأن ذلك يشكل دفعة قوية للاقتصاد الوطني والإبداع، ووجود طاقات مهمة تحتاجها بلادنا سلطنة عمان خاصة في المجالات التقنية والابتكار والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات المستقبل وهناك كوادر وطنية حققت مراكز عالمية متقدمة في تلك المجالات.

إذن التقييم الدقيق لمراحل العمل الوطني مهم كما أن الاقتصاد الوطني يحتاج إلى جهود أكبر في القطاعات الواعدة خاصة الصناعات، ولعل وجود المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ووجود موانئ التصدير وجذب الاستثمار يعد فرصة حقيقية في تنشيط القطاع الإنتاجي على صعيد الصناعات المتوسطة والثقيلة وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل وهذه التجربة نجحت في عدد من دول جنوب شرق آسيا خاصة الصين عملاق آسيا والعالم القادمة، وفي اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا، ومن هنا فإن الاقتصاد الوطني يحتاج إلى فكر مختلف في المرحلة القادمة خاصة وأن موضوع خلق الوظائف سوف يعتمد على وجود اقتصاد متنوع ومستدام. ومن هنا فإن سلطنة عمان تحتاج إلى سياسات اقتصادية وفق رؤية تعتمد على قطاعات واعدة وتنشيط تلك الجوانب الاستثمارية والتجارية، كما أن الموقع الاستراتيجي الفريد لسلطنة عمان يؤهلها لأن تكون قاعدة اقتصادية واستثمارية خاصة وأن موقعها الاستراتيجي يقع على البحار المفتوحة سواء في شمال البلاد أو ووسطها أو جنوبها حيث بحر سلطنة عمان وبحر العرب والمحيط الهندي.

إن تقييم الأولويات والخطط والتحديات يعد من الأمور الأساسية حتى يمكن الوصول إلى آليات صحيحة للتصدي لتلك التحديات وليس هناك بلد في هذا العالم لا يواجه تحديات اقتصادية واستراتيجي حتى على صعيد الدول المتقدمة. كما أن المنظور الواقعي يحتم إجراء التغيير الذي يحفز على العطاء وفق فلسفة مختلفة للعمل الوطني بحيث تكون هناك مؤشرات إيجابية أكبر على صعيد المحاور الأساسية التي تشكلها «رؤية عمان ٢٠٤٠» كما أن تغيير السياسات والأفراد هي سمة حضارية راسخة لأن الفكر يتجدد بين مرحلة وأخرى وقد تحدث اكتشافات مهمة تساعد على بلورة العمل الوطني وفق منظور مختلف يساعد على انطلاقة مختلفة بما يساهم بالارتقاء بمنظومة العمل الوطني إلى آفاق أرحب وأفضل.

إن بلادنا سلطنة عمان لديها مقومات كبيرة على صعيد الموارد البشرية والطبيعية وعلى صعيد الموقع الاستراتيجي وعلى صعيد الأمن والاستقرار ولديها سياسة خارجية تمثل أيقونة السلام في العالم، وتلك المقومات تسمح إذا تم استثمارها بالشكل الأمثل تدفع بمنظومة العمل الوطني في كل مجالاته إلى الأمام وإلى حدوث نقلة كبيرة تنعكس على تقدم الوطن والمواطن في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية وتفتح آفاقا أكبر لتنشيط كل تلك المجالات، خاصة وأن سلطنة عمان حققت إنجازات واعدة على صعيد الأمن الغذائي وعلى صعيد التقنية والابتكار والطاقة المتجددة.

فيما يخص السياسة الخارجية لسلطنة عمان التي انطلقت منذ عام ١٩٧٠ فهي راسخة حيث تقوم على المصداقية والحوار وإيجاد حلول موضوعية للمشكلات والصراعات في المنطقة والعالم وساهمت الدبلوماسية العمانية ولا تزال في حل عدد من الملفات المعقدة على صعيد المنطقة بهدف خفض التصعيد والتوتر والوصول إلى السلام العادل والشامل في المنطقة وإيجاد حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ١٩٦٧.

بلادنا سلطنة عمان حققت الكثير من الإنجازات وهي أمام المزيد من الطموحات الكبيرة وفق «رؤية عمان ٢٠٤٠» ويواصل جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ جهوده الخيرة لتحقيق المزيد من تلك النجاحات لما فيه رفعة الوطن العزيز وتحقيق النماء والازدهار للشعب العماني الكريم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الاقتصاد الوطنی الباحثین عن عمل العمل الوطنی عمل الوطنی وعلى صعید فرص العمل وهو الأمر على صعید من خلال کما أن

إقرأ أيضاً:

ملتقى العمل 2025 بصلالة يناقش مستقبل سوق العمل العماني

صلالة - أسمهان بنت سالم البراكة / تصوير - حامد الكثيري

نظمت وزارة العمل اليوم "ملتقى العمل 2025" بمشاركة أكثر من 1000 من الخبراء والمختصين الدوليين والمحليين، وكبار المسؤولين الحكوميين، وقادة الأعمال والمستثمرين من داخل السلطنة وخارجها وذلك بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفية بصلالة وتستمر فعاليات الملتقى حتى 14 من أغسطس الجاري.

رعى الملتقى معالي الأستاذ الدكتور محاد باعوين وزير العمل ويأتي الملتقى كمنصة وطنية للحوار البنّاء حول مستقبل العمل في سلطنة عمان.

جاء تنظيم الملتقى ضمن جهود وزارة العمل لمواجهة التحديات الراهنة في سوق العمل العُماني واستكشاف الفرص المستقبلية بما ينسجم مع "رؤية عُمان 2040م" وذلك من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، والمؤسسات الأكاديمية، والمنظمات الإقليمية والدولية بهدف توحيد الجهود وتكامل الرؤى نحو تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة.

يهدف الملتقى إلى تحفيز الابتكار والتنمية المهنية من خلال استعراض أحدث التقنيات والابتكارات في سوق العمل لزيادة الإنتاجية وفتح آفاق جديدة، كما يعمل على تعزيز الحوار الاجتماعي والتواصل المهني لبناء بيئة عمل لائقة وتحسين

السياسات العمالية والتنظيمية بما يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي والإقليمي عبر تبادل الخبرات والمعارف مع الشركاء الدوليين والإقليميين.

وقال ناصر بن سالم الحضرمي مدير عام العمل بمحافظة ظفار: إننا نشهد اليوم تقدمًا مبهرًا في أسواق العمل حول العالم وقد بات واضحًا أن التحديات المتجددة، كالفجوات المهارية، تتطلب منا تضافر الجهود الدولية لا العمل بمعزل عن الآخرين، لذا فإن سلطنة عُمان، وبإدراكها الكامل لديناميكية المشهد العالمي، تولي أهمية قصوى لمواكبة هذه التوجهات لخدمة أجندة العمل ومستقبله.

وأضاف إن إصدار قانون العمل الجديد وقانون الحماية الاجتماعية ينسجمان تمامًا مع التحديات الراهنة ويتوافقان مع معايير العمل الدولية وقد تم اتخاذ خطوات متقدمة نحو المستقبل، واضعين رؤى واستراتيجيات اقتصادية وتعليمية وتدريبية وتشغيلية متكاملة، ومصدرين تشريعات حديثة لتنظيم أنماط العمل الجديدة.

من جانبه أشار سعادة محمد بن حسن العبيدلي، مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية في كلمته إلى أن التحولات الاقتصادية وآثارها المتسارعة على أسواق العمل باتت تشكل تحدياً بحاجة إلى تضافر كافة الجهود من أجل مواجهتها وتعزيز قدرة القوى العاملة وأسواق العمل وكذلك القدرات المؤسسية الرسمية على التكيف والصمود.

وأكد العبيدلي أن المتغيرات الكبيرة في مجال التقنية والذكاء الاصطناعي والتحول نحو صناعات وخدمات تُراعي البُعد البيئي وتقلل نسبة الانبعاثات الكربونية، وكل ذلك يُعيد تشكيل ملامح العمل كما نعرفه وتفرض علينا - حكومات، وشركاء اجتماعيين، ومؤسسات - مسؤولية إعادة التفكير في سياسات التشغيل، وبناء نماذج جديدة للتدريب، والمهارات، والحماية الاجتماعية، تتسم بالاستباقية والعدالة والمرونة.

وأوضح سعادة السيد أزار بيراموف، مدير عام مركز العمل التابع لمنظمة التعاون الإسلامي "إن رسالة مركز العمل لمنظمة التعاون الإسلامي هي بناء الجسور بين الحكومات والعمال وأصحاب العمل، وبناء جسور بين السياسات الوطنية والتضامن الإقليمي، والتي من شأنها أن تأخذنا نحو العمل اللائق للجميع، ومن خلال وضع هذه الرسالة في صميم استراتيجياتنا، أطلقنا أنشطة بناء قدرات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات كل دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، سيتم تنفيذ إحدى هذه المبادرات، وهي دورة تدريبية حول القيادة الفعالة للسلامة والصحة المهنية، مباشرة بعد هذا الملتقى لأصحاب المصلحة الرئيسيين في عُمان".

يشارك في الملتقى عدد من الجهات المحلية أبرزها غرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان، والاتحاد العام لعمال سلطنة عمان، والمؤسسات التعليمية، والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، كما يشارك فيه عدد من الشركاء الدوليين مثل منظمة العمل العربية، والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

ويُعد الملتقى تجسيدًا لحرص سلطنة عُمان على تمكين رأس المال البشري، وتعزيز ريادة الأعمال، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تطوير بيئة عمل تنافسية ومستدامة تتماشى مع طموحات المرحلة القادمة.

يتضمن الملتقى معرضا للمشاريع الطلابية من الكليات المهنية ولقاء معالي الأستاذ الدكتور وزير العمل مع أصحاب الأعمال ومنتدى مستقبل عالم العمل بالإضافة إلى عرض ومناقشة 33 ورقة عمل تتناول أبرز التحديات والفرص في سوق العمل واستعراض التجارب والممارسات الرائدة محليًا وإقليميًا ودوليًا ومؤتمر التحول الحكومي والقيادة المستدامة، ختاما ببرنامج تدريب المدربين حول القيادة الفعالة في الصحة والسلامة المهنية.

مقالات مشابهة

  • كارلوس كيروش: تأهل عمان لكأس العالم 2026 هدفنا الأول.. ولا مستحيل مع العمل الذكي
  • بحث التعاون المشترك في مجال الفضاء بين سلطنة عمان والإمارات
  • 35.8 ألف فرصة عمل في سلطنة عمان خلال النصف الأول من 2025
  • سلطنة عمان ومنغوليا تستعرضان فرص إقامة شراكات في قطاعات حيوية
  • جائزةُ ثقافة الطفل تساهم في تعزيز الحضور الثقافي العُماني لدى الأطفال والارتباط بالهُويّة الوطنيّة
  • ملتقى الصداقة
  • جائزةُ ثقافة الطفل.. تعزيز الحضور الثقافي العُماني لدى الأطفال والارتباط بالهُويّة الوطنيّة
  • إطلاق أول مشروع لتحويل النفايات إلى طاقة في سلطنة عمان
  • ملتقى العمل 2025 بصلالة يناقش مستقبل سوق العمل العماني