ما عليك معرفته مع وصول ويتكوف إلى روسيا واقتراب فرض تهديد ترامب لبوتين
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
(CNN)-- وصل ستيف ويتكوف، المبعوث الخارجي الموثوق به للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى موسكو في وقت مبكر من صباح الأربعاء، بعد أن طلب الكرملين لقاءً معه في محاولة أخيرة لتجنب العقوبات الجديدة القاسية التي هدد ترامب بفرضها هذا الأسبوع، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
وكان في استقبال ويتكوف في المطار مبعوث الاستثمار الروسي، كيريل دميترييف، حسبما ذكرت رويترز، ومن المتوقع أن يلتقي بمسؤولين روس مختلفين خلال زيارته - بما في ذلك محادثات محتملة مع الرئيس، فلاديمير بوتين في ظل الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا.
ويبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كان بوتين قادرًا على إقناع ويتكوف وبالتالي ترامب باهتمامه بإنهاء الحرب. وقد شكك ترامب في استعداد بوتين لوقف القتال، ويبدو حذرًا من أن يُستدرج من قبل زعيم لا يثق به علنًا.
في غضون ذلك، حافظ بوتين على طموحاته القصوى في الصراع، بما في ذلك الاستيلاء على مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيا وخيرسون الأوكرانية، وإصراره على أن تحد أوكرانيا من حجم جيشها.
وصرح ترامب قبل يوم من اجتماع ويتكوف بأنه سينتظر حتى انتهاء المحادثات ليقرر ما إذا كان سيفرض عقوبات جديدة، وقال في البيت الأبيض: "لدينا اجتماع مع روسيا غدًا. سنرى ما سيحدث. سنتخذ هذا القرار حينها".
وستكون الأجواء في موسكو مختلفة تمامًا عن آخر مرة اجتمع فيها ويتكوف مع بوتين في أبريل، مع تزايد إحباط ترامب تجاه نظيره الروسي في الأشهر الأخيرة، منذ اجتماع أبريل، قاومت روسيا الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتوسط في السلام في أوكرانيا، وكثفت هجماتها الصاروخية والطائرات المسيرة التي استهدفت المدن الأوكرانية، بما في ذلك العاصمة كييف.
وقبل يوم من زيارة ويتكوف، تحدث ترامب هاتفيًا مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لمناقشة فرض عقوبات محتملة على موسكو، وفقًا لأشخاص مطلعين على المحادثة. وفي بيان لنتائج الاجتماع نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، قال زيلينسكي إن هذه العقوبات قد "تُحدث تغييرًا كبيرًا" فيما يتعلق بالاقتصاد الروسي.
وأضاف زيلينسكي أيضًا أنهما ناقشا زيادة الدعم الأمريكي للأسلحة لأوكرانيا، بتمويل من حلفاء الناتو، وهي سياسة وافق عليها ترامب الشهر الماضي.
وقد ازداد نفاد صبر الرئيس الأمريكي إزاء مقاومة روسيا لجهوده السلمية، واصفًا الهجمات الجوية بـ"المقززة" واتهم بوتين بترويج "الكلام الفارغ" في محادثاتهما الهاتفية المتوترة.
وحدد ترامب، الجمعة، موعدًا نهائيًا لروسيا إما للموافقة على اتفاق سلام أو مواجهة عقوبات جديدة، تشمل فرض عقوبات على اقتصادها وعلى مشتري منتجاتها من الطاقة. اختصر ترامب الجدول الزمني الأصلي الذي حدده لمدة 50 يومًا بعد أن لم يلحظ أي تحرك يُذكر من جانب روسيا. ومع ذلك، فقد شكك أيضًا في فعالية أي عقوبات جديدة بعد أن وجدت موسكو طرقًا للالتفاف على الإجراءات الغربية الكثيرة المطبقة منذ بدء الحرب.
وقال ترامب، الأحد: "ستكون هناك عقوبات، لكن يبدو أنهم بارعون جدًا في تجنب العقوبات، كما تعلمون، إنهم شخصيات ماكرة، وهم بارعون جدًا في تجنب العقوبات. لذا سنرى ما سيحدث".
كما أعلن ترامب أواخر الأسبوع الماضي أنه أمر بإعادة تمركز غواصتين نوويتين أمريكيتين في محاولة "للاستعداد" - ردًا على التصريحات النارية التي أدلى بها ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية الإدارة الأمريكية البيت الأبيض الحكومة الروسية العقوبات على روسيا دونالد ترامب فلاديمير بوتين
إقرأ أيضاً:
من بوابة النفط الروسي: ترامب يفتح النار ضدّ الهند
لم تكن الهند يوما دولة تابعة للولايات المتحدة، لكنّها لطالما كانت شريكا تُراهن عليه واشنطن في مواجهاتها الكبرى، سواء مع بكين أو موسكو. لكن كل ذلك لا يعني شيئا في ميزان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لا يرى في العلاقات الدولية سوى "فرصة تجارية"، ولا يقيس التحالفات إلّا بمقدار ما تدرّه على أمريكا من أرباح.
في تهديد مباشر للهند، أعلن ترامب قبل أيام، عزمه على رفع الرسوم الجمركية ضدها، بسبب استمرارها في شراء النفط الروسي، وذهب أبعد من ذلك حين اتهم نيودلهي ببيع هذا النفط في الأسواق العالمية لتحقيق أرباح على حساب ما أسماه: "الدم الأوكراني".
هذا التصعيد لا يمكن قراءته من خارج سياق عقلية ترامب، الذي لطالما استخدم سلاح "الجَمرَكَة" وسيلة للضغط لا ضدّ الخصوم فحسب، بل أيضا ضد الحلفاء. ترامب لا يتردد في تقريع أصدقاء أمريكا إذا رأى أنهم لا يدفعون ما يكفي. ما يفعله ترامب اليوم، هو إقرار ضمني بأنّ العقوبات الأمريكية لم تنجح في خنق الاقتصاد الروسي، وأنّ الدول الكبرى وجدت لنفسها مخرجا من هذا النظام الأحادي القائم على التهديداتفقد فعلها مع الأوروبيين في حلف شمالي الأطلسي (الناتو)، وفعلها أيضا مع اليابانيين في القواعد العسكرية، وها هو يفعلها اليوم مع الهند، الدولة التي لم توفر فرصة منذ بداية الحرب في أوكرانيا لتقول إنّها ليست طرفا، وإن من حقها شراء الطاقة من أيّ جهة تخدم مصالحها القومية.
الهجوم على الهند يأتي بعد فشل ترامب في إنجاز اتفاق تجاري معها. اللافت أنّ التهديدات لم تُوجَّه إلى الصين، برغم كونها المستورد الأكبر للنفط الروسي، بل خُصّت الهند وحدها بحملة منظمة شملت تصريحا لترامب على منصة "تروث سوشيال"، وحديثا لمساعده ستيفن ميلر، وتحركات جمركية عملية بدأت بالفعل بنسبة 25 في المئة.
هذا التخصيص يثير تساؤلات كثيرة، ليس فقط عن دوافع ترامب، بل أيضا عن صدقية الخطاب الأمريكي برمّته في مسألة العقوبات وفعاليتها في محاصرة روسيا.
في الحقيقة، ما يفعله ترامب اليوم، هو إقرار ضمني بأنّ العقوبات الأمريكية لم تنجح في خنق الاقتصاد الروسي، وأنّ الدول الكبرى وجدت لنفسها مخرجا من هذا النظام الأحادي القائم على التهديدات. الهند، ببساطة، لم تنخرط في الحرب، وهي تشتري النفط الروسي بسعر منخفض، وتعوّض بذلك جزءا من أزمتها الطاقوية، ثم تعيد بيعه في الأسواق العالمية، بما فيها الأوروبية أحيانا، التي قررت بدورها الالتفاف على العقوبات عبر وسطاء بعد أن استدركت متأخرة أنّ العقوبات أضرتها وحدها.
فهل يحق لترامب أن يُملي على الهند ما تشتريه وتبيعه؟ وهل تصبح السيادة الوطنية مرهونة برضى أمريكيّ متقلّب؟
من الواضح أنّ العقوبات لم تعد سيفا يخشاه الجميع، بل أضحت عبئا على حلفاء واشنطن قبل خصومها. والتهديدات الأمريكية لم تعد توقف الصفقات، بل تزيد من جرأة العواصم التي قررت أن تتعامل مع الواقع الجديد: روسيا لا تزال تبيع، وأمريكا لا تستطيع عزلها، والأسواق تفتح أبوابها لمن يدفع، لا لمن يُرضي واشنطن.
يُصبح الهجوم على الهند انعكاسا لفشل أمريكي مزدوج: فشل في فرض حصار على روسيا، وفشل في الحفاظ على تحالفات استراتيجية دون تحويلها إلى علاقة تبعية
الرد الهندي لم يتأخر، وجاء على لسان وزارة الخارجية التي وصفت التهديدات بأنّها غير مبررة، مشيرة إلى أنّ الولايات المتحدة نفسها تواصل استيراد سلع من روسيا. وقد لا يكون التصريح الرسمي كافيا لتبريد الأزمة، لكنّه يعكس تحوّلا في المزاج الدولي: لم تعد الدول الكبرى تُساير واشنطن على حساب مصالحها.
في هذا السياق، يُصبح الهجوم على الهند انعكاسا لفشل أمريكي مزدوج: فشل في فرض حصار على روسيا، وفشل في الحفاظ على تحالفات استراتيجية دون تحويلها إلى علاقة تبعية.
إذا، ما يريده ترامب ليس تعاونا، بل إذعانا، وما تفعله الهند هو الدفاع عن حقها في اختيار مصادر الطاقة، كما تفعل أي دولة ذات سيادة.
الهجوم الجمركي ليس نهاية القصة، بل قد يكون بداية مسار تصدّع أوسع في علاقة واشنطن مع شركائها "الجادّين". وولاية ترامب الثانية هي إطلاق صافرة حملة ضغوط متجدّدة ضد حلفاء واشنطن، تبدأ من الجمارك، ولا تنتهي عند تصنيفات الأعداء والأصدقاء، بحسب المزاج والمصلحة.
ما يحصل اليوم ليس أزمة بين بلدين، بل فصل جديد من معركة الإرادات في عالم يتغيّر تحت أعين واشنطن، التي تأبى أن تعترف.