في زمن الأزمات العالمية.. الاحتياطي النقدي المصري يتجاوز 49 مليار دولار
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
في ظل مناخ اقتصادي عالمي مشحون بالتحديات والتقلبات، تأتي الأخبار من القاهرة محمّلة برسائل طمأنة قوية.
وأعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 49.03 مليار دولار بنهاية يوليو 2025، في خطوة تعكس صمود الاقتصاد الوطني وقدرته على التكيف مع الأزمات، بل والتقدم بثبات نحو الاستقرار والنمو.
هذا الإعلان لم يكن مجرد رقم جديد يضاف إلى التقارير الرسمية، بل أثار اهتمام الأوساط الاقتصادية محلياً ودولياً، لما يحمله من دلالات عميقة على صعيد السياسة النقدية والمالية، كما فتح الباب للتفاؤل بشأن مستقبل الاقتصاد المصري في الأجلين القريب والبعيد.
مكونات الاحتياطي.. تنوع واستراتيجية محسوبةيتألف الاحتياطي الأجنبي من مزيج دقيق من العملات العالمية الكبرى مثل الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الإسترليني، الين الياباني، واليوان الصيني، إلى جانب الذهب. ويتم توزيع هذه الحيازات وفقاً لخطة مدروسة من قبل البنك المركزي المصري، تأخذ في الاعتبار تحركات أسعار الصرف العالمية واستقرار الأسواق.
لكن ما يجعل هذا الاحتياطي فاعلاً أكثر من كونه مجرد رصيد مصرفي، هو وظيفته الأساسية في حماية الاقتصاد، عبر تأمين واردات السلع الأساسية، وسداد التزامات الديون الخارجية، والاستعداد لمواجهة الصدمات المالية الطارئة.
علق الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية الحقوق جامعة طنطا، على هذا الإنجاز، مؤكداً أن هذا الارتفاع الكبير في الاحتياطي النقدي هو علامة واضحة على تحسن الأداء الاقتصادي واستعادة الثقة في السياسة النقدية للدولة، في وقت تشهد فيه العديد من الأسواق الناشئة ضغوطاً مالية متزايدة.
وأوضح أن نجاح الحكومة والبنك المركزي في إدارة ملف النقد الأجنبي، وسط الأزمات الإقليمية والتحديات الدولية المتراكمة، يُعد إنجازاً في حد ذاته. كما لفت إلى أن هذه الزيادة تعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الدولية، وتمنح العملة المحلية مزيداً من الثبات، مما يُطمئن المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
انعكاسات إيجابية على التصنيف الائتمانيوأشار مقبل إلى أن تحسّن الاحتياطي النقدي يفتح الباب أمام تحسين التصنيف الائتماني لمصر، ويُقلل من مخاطر الاعتماد على التمويل الخارجي، خاصة مع استمرار الدولة في تنويع مصادر تمويلها، والتركيز على تعظيم الموارد الذاتية دون الاعتماد المفرط على القروض.
ثمار الإصلاحات الجريئةواختتم الدكتور عبد الهادي تصريحه برسالة تفاؤل، قائلاً: "ما نشهده اليوم من مؤشرات اقتصادية إيجابية، وعلى رأسها نمو الاحتياطي النقدي، هو ثمرة مباشرة لسنوات من الإصلاحات الجريئة التي تبنتها الدولة رغم صعوبتها، ويمثل ذلك نقطة ارتكاز نحو بناء اقتصاد وطني مستدام."
في وقت تتغير فيه قواعد الاقتصاد العالمي بسرعة، تأتي هذه القفزة في الاحتياطي النقدي كإشارة قوية على أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح. فمع كل تقدم رقمي، هناك وراءه قرارات صعبة وإرادة سياسية واضحة لتحقيق الاستقرار والنمو. الاحتياطي النقدي ليس مجرد رقم في تقرير، بل هو مرآة لاقتصاد بدأ يستعيد عافيته بثقة وثبات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاقتصاد اليورو الدولار البنك المركزي المصري الاحتیاطی النقدی
إقرأ أيضاً:
أولى ثمار تحركه الأخير.. مركزي عدن يحشد مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي
في تحرّك اقتصادي وصف بأنه الأكبر منذ سنوات، تمكن البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن من تعزيز احتياطاته من العملات الصعبة بما يقارب مليار دولار خلال الأيام القليلة الماضية، مستفيدًا من التحسن المفاجئ في قيمة الريال اليمني وتطبيق سياسات نقدية أكثر انضباطًا للحد من المضاربة وسوء استخدام النقد الأجنبي.
وبحسب مصادر مصرفية مطلعة، فقد عمد البنك المركزي إلى استغلال التعافي الأخير في سوق الصرف المحلي، والذي شهد انخفاضًا كبيرًا في سعر الدولار من نحو 2800 إلى 2000 ريال يمني، في تنفيذ عملية سحب ذكي للعملات الأجنبية من السوق. وتم ذلك عبر تمكين البنوك الحكومية وعدد من الجهات المصرفية من شراء العملات من صرافين بادروا بالتخلص من احتياطاتهم بهامش ربح معقول، ضمن خطة تستهدف استعادة جزء كبير من احتياطات النقد الأجنبي التي استنزفت خلال السنوات الماضية.
وفي خطوة موازية، أصدر البنك المركزي تعميمًا رسميًا يقضي بمنع جميع البنوك العاملة في مناطق الشرعية من تنفيذ أي عمليات بيع أو مصارفة للعملات الصعبة، باستثناء غرضين محددين فقط: الدراسة والعلاج في الخارج، وبسقف لا يتجاوز 5000 دولار للفرد، وفق ضوابط مصرفية صارمة وإجراءات تحقق مشددة.
وتُعد هذه الخطوة – بحسب مراقبين – إجراءً استباقيًا حاسمًا يهدف إلى منع تهريب العملة الصعبة خارج البلاد، خصوصًا نحو مناطق سيطرة الحوثيين، التي ظلت خلال السنوات الماضية تمثل ثغرة رئيسية لتسرب النقد الأجنبي خارج الدورة النقدية الرسمية، وبيئة موازية لنشاط الصرافة غير المشروع.
وعلّق الكاتب والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري على هذه التطورات، في منشور له على صفحته بموقع "فيسبوك"، كاشفًا أن البنك المركزي تمكن من حشد مليار دولار خلال فترة قصيرة نتيجة لاستفادته المدروسة من تحسن سعر الصرف، وتمكينه البنوك من شراء العملات من صرافين "أذكياء"، مشيرًا إلى أن "الفرصة لا تزال متاحة للبقية" ممن لم يتداركوا التغير في اتجاه السوق.
ووصف الداعري التعميم الأخير للبنك بمنع المصارفة إلا في حدود ضيقة بأنه "ضربة مباشرة لعمليات التهريب المالي"، مؤكدًا أن هذا القرار من شأنه شل حركة تهريب العملة إلى الخارج، وفي مقدمتها مناطق الحوثيين.
وقال الداعري إن جماعة الحوثي بدأت تتحرك من تلقاء نفسها، ولأول مرة منذ انقلابها على الدولة، للضغط باتجاه إعادة فتح مفاوضات الملف الاقتصادي مع السعودية والأمم المتحدة، سعياً لتوحيد سعر صرف العملة المحلية في مناطق سيطرتها ومناطق الحكومة، وذلك في ظل مخاوفها من خطوات البنك المركزي في عدن لوقف التحويلات بالعملة الصعبة إليها بشكل نهائي، بعد انتقال البنوك الرئيسية إلى عدن تفاديًا للعقوبات الأمريكية.
وتوقعت المصادر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة عودة المبعوث الأممي إلى اليمن، رفقة وفده الاقتصادي، إلى عدن، لعقد لقاءات مباشرة مع محافظ البنك المركزي ورئيس الحكومة، بهدف الدفع نحو اتفاق اقتصادي مشترك قد يُفضي إلى توحيد قيمة صرف الريال اليمني في جميع مناطق البلاد. وتشير المعلومات إلى أن واحدة من أبرز النقاط المطروحة في المحادثات المرتقبة هي قبول جماعة الحوثي ولأول مرة بالتعامل بالعملة الجديدة التي يصدرها البنك المركزي في عدن، كخطوة نحو توحيد السياسة النقدية، وإنهاء حالة الانقسام المالي التي تعمقت منذ بدء الحرب.
ويرى مراقبون أن البنك المركزي في عدن يخوض معركة متعددة الجبهات، تهدف إلى إحكام السيطرة على السوق المصرفية، وحرمان الأطراف المتمردة من الموارد غير المشروعة، عبر أدوات مالية صارمة تضمن ضبط تحويلات العملة ومصادر النقد الأجنبي، وهو ما ينعكس تدريجيًا على استقرار سعر الصرف.