إعادة تدوير نفايات الأسماك رافعة للتنويع الاقتصادي في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
تبرز نفايات الأسماك كفرصة اقتصادية واعدة يمكن توظيفها بذكاء لدعم التنويع الاقتصادي وتحقيق عوائد مضافة من قطاع حيوي كقطاع الثروة السمكية. وتستدعي إدارة هذه المخلفات في سلطنة عُمان مزيدًا من التوسع في الحلول المستدامة وتعظيم الاستفادة منها، ليؤكد لنا الدكتور سعود بن مسلم الجفيلي، رئيس قسم العلوم البحرية والسمكية بكلية العلوم الزراعية والبحرية في جامعة السلطان قابوس، أن تطبيق استراتيجية «التدوير» لمخلفات الأسماك في عُمان من شأنه أن يسهم في تقليل الأثر البيئي وتعزيز القيمة الاقتصادية للقطاع، خاصة في ظل ما تمتلكه السلطنة من قطاع صيد نشط وتنوّع في الأنواع البحرية.
فقد أوضح الدكتور الجفيلي، أن التراكم المتزايد لنفايات الأسماك يمثل تحديًا بيئيًا واقتصاديًا كبيرًا على الصعيد المحلي والعالمي، مما يستدعي تبني استراتيجيات مبتكرة ومستدامة. ويتطلب التصدي لهذا التحدي فهمًا شاملا لتركيبة نفايات الأسماك وخصائصها، بالإضافة إلى استكشاف تطبيقاتها المحتملة.
بالإضافة إلى ذلك، يقدم مفهوم الاقتصاد الدائري، الذي يهدف إلى تقليل الهدر في الموارد وإعادة استخدامها وتدويرها، إطارًا فعالًا لإدارة نفايات الأسماك وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة.
وأوضح الجفيلي أن سلطنة عُمان تتميز بساحل ممتد على بحر العرب، مع تاريخ عريق في قطاع صيد الأسماك، بما في ذلك أنواع مثل التونة والعومة والعديد من أنواع أسماك القاع، ويعتبر هذا القطاع ركيزة أساسية في الاقتصاد العُماني والتراث الثقافي.حيث يُعدّ هذا القطاع حجر الزاوية في اقتصاد سلطنة عمان وتراثها الثقافي.
أوضح الجفيلي أن الكميات الكبيرة من الأسماك التي يتم حصادها محليًا تؤدي إلى توليد نفايات سمكية كبيرة، بما في ذلك رؤوس الأسماك والأحشاء والقشور والجلود والعظام. تعتبر إدارة هذه النفايات السمكية أمرًا بالغ الأهمية لضمان الاستدامة البيئية وتعزيز الإمكانات الاقتصادية لقطاع مصايد الأسماك. وفي حال عدم الاستخدام الأمثل لهذه المخلفات، فأنه يتم التخلص منها بشكل غير صحيح، مما قد يساهم في التلوث البيئي وزيادة الانبعاثات الحرارية.
أشار الجفيلي إلى أن عملية تثمين نفايات الأسماك تعتمد على عمليات وتقنيات متنوعة لاستخلاص المكونات القيمة وتحويلها إلى منتجات ذات فائدة وقيمة اقتصادية عالية. ويمكن أن تمثل المنتجات الثانوية أو النفايات السمكية ما يصل إلى 70% من إجمالي وزن الأسماك، ما يفتح الباب أمام تحقيق عائد اقتصادي كبير للدولة بعد المعالجة والتداول. وغالبًا ما يتم تجاهل هذه المخلفات أو عدم استغلالها بالشكل الأمثل.
بالإضافة إلى ذلك، أشار الجفيلي إلى إمكانية استخلاص بروتينات عالية الجودة من مخلفات الأسماك عبر التحلل المائي الإنزيمي، مما يؤدي إلى تفكيك البروتينات إلى ببتيدات وأحماض أمينية أصغر، ما يجعلها مناسبة للاستخدام في علف الحيوانات، وتربية الأحياء المائية، والتغذية البشرية، وذلك بناءً على الدراسات المتاحة. علاوة على ذلك، يمثل استخلاص الدهون من مخلفات الأسماك، وخاصة تلك الغنية بأحماض أوميجا 3 الدهنية المتعددة غير المشبعة مثل حمض الإيكوسابنتانويك وحمض الدوكوساهيكسانويك، فرصة واعدة لإنتاج المغذيات الدوائية والمكملات الغذائية والأغذية الوظيفية. كذلك، يمكن استخلاص الكيتين من مخلفات الأسماك، وهو بوليمر حيوي طبيعي يتواجد في الهياكل الخارجية للمحاريات والكائنات البحرية الأخرى، ويمكن معالجته وتحويله إلى كيتوزان، وهو مشتق منزوع الأسيتيل يتميز بتحسين الذوبان والنشاط الحيوي، ما يفتح الباب أمام تطبيقاته المتنوعة.
تُعد مُحللات بروتينات الأسماك، نظرًا لقيمتها الغذائية العالية وسهولة هضمها، مصدرًا بروتينيًا حيويًا للأعلاف الحيوانية، وأنظمة الاستزراع المائي، والمنتجات الغذائية البشرية. تُبرز أحماض أوميجا ٣ الدهنية المستخلصة من مخلفات الأسماك فوائد صحية جمة، بما في ذلك دعم صحة القلب والأوعية الدموية، وتعزيز القدرات الإدراكية، وتقديم خصائص مضادة للالتهابات، ما يجعلها ذات قيمة عالية في قطاعي المغذيات الدوائية والأغذية الوظيفية. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر منتجات الكولاجين والجيلاتين وببتيدات الكولاجين، المستخلصة من جلود وعظام الأسماك، بدائل أساسية في صناعات الأغذية والطب الحيوي والأدوية ومستحضرات التجميل. علاوة على ذلك، يمكن تحويل نفايات الأسماك إلى أسمدة حيوية، ما يوفر بديلًا مستدامًا وغنيًا بالعناصر الغذائية للأسمدة الاصطناعية في القطاع الزراعي.
أوضح الجفيلي أن تطبيق استراتيجية «التدوير الكامل» الخالية من النفايات السمكية في عُمان من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الآثار البيئية السلبية لقطاع الثروة السمكية في السلطنة، ويعزز التنويع الاقتصادي من خلال تطوير منتجات ذات قيمة مضافة، ويحسن الاستدامة العامة للقطاع. بالإضافة إلى ذلك، فإن تطبيق التقنيات المتقدمة والأدوات الرقمية، ربما من خلال استراتيجيات الصناعة، قد يعزز كفاءة وفعالية جهود الحد من النفايات وتثمينها.
ولتطوير قطاع الثروة السمكية في سلطنة عُمان ليصبح نموذجًا مستدامًا وخاليًا من النفايات من خلال استراتيجية «التدوير الكامل»، يتطلب الأمر تطبيق استراتيجية شاملة تتضمن حلولًا تكنولوجية متقدمة، وأطر سياسات مرنة، ومشاركة فعالة من جميع أصحاب المصلحة.
ويرى الدكتور الجفيلي أن التعاون مع الأسواق والشركات العالمية المتخصصة في تدوير مخلفات الأسماك سيساهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية للقطاع، وتوفير فرص عمل، والحفاظ على صحة النظام البيئي في سلطنة عمان. وبالنظر إلى أهمية هذا الموضوع، يشرف الدكتور الجفيلي حاليًا على رسالة دكتوراة تهدف إلى تقييم الخسائر الناجمة عن عدم استغلال مخلفات الأسماك في سلطنة عمان، وتقديم الحلول المقترحة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من مخلفات الأسماک بالإضافة إلى ذلک سلطنة عمان فی سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
بحث التعاون المشترك في مجال الفضاء بين سلطنة عمان والإمارات
العُمانية : زار وفد عُماني برئاسة سعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات اليوم، وكالة الإمارات للفضاء وبعض المرافق الحيوية ذات الصلة بالقطاع.
وهدفت الزيارة إلى تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في مجال الفضاء، والاطلاع على أبرز الإنجازات والتجارب الناجحة التي حققتها دولة الإمارات في تطوير هذا القطاع الإستراتيجي، فضلًا عن استكشاف فرص التعاون والشراكة بين المؤسسات الأكاديمية والشركات المتخصصة في البلدين الشقيقين.
وتُجسد هذه الزيارة توجّه وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات نحو تعزيز حضور سلطنة عُمان في قطاع الفضاء، من خلال بناء شراكات استراتيجية وتبادل الخبرات مع الدول الرائدة، بما يسهم في تطوير القدرات الوطنية وتحقيق رؤية مستقبلية طموحة.