أحمد عاطف (القاهرة)

ودّعت الأوساط الثقافية المصرية والعربية، أمس، الأديب الكبير صنع الله إبراهيم، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عاماً، إثر إصابته بالتهاب رئوي حاد، حيث كان يعالج في أحد مستشفيات القاهرة، ليخسر الأدب العربي أحد أبرز أعمدته، وأكثر أصواته جرأة.
وعي مبكر اكتسبه صنع الله إبراهيم، إذ كان والده حريصاً على توفير الكتب له منذ الصغر.

ومنذ ولادته في فبراير 1937 بالقاهرة، نشأ في بيت يقدّر الثقافة والقراءة، بعدها التحق بكلية الحقوق في جامعة القاهرة. وتميّز صنع الله إبراهيم بأسلوبه التوثيقي والواقعي الممزوج بالسخرية السوداء، ونجح في المزج بين العمل الروائي والتاريخي والسياسي، ليصنع نصوصاً جريئة، ومن أبرز أعماله «تلك الرائحة»، و«اللجنة»، و«بيروت.. بيروت»، و«ذات» التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني. كما أنه صاحب رواية «شرف» المصنفة ضمن أفضل 100 رواية عربية في القرن العشرين باختيار اتحاد الكتاب العرب، إلى جانب «نجمة أغسطس» و«وردة» و«أمريكانلي» وعدة أعمال أخرى تشترك في أنها تعكس رؤيته النقدية.
وقال الناقد الأدبي، سيد محمود، إن صنع الله إبراهيم يُعد رمزاً للكِبرياء في الأدب العربي، وواحداً من أبرز الكتّاب الذين مزجوا بين الإبداع الأدبي والوعي السياسي، وقد تميز باستخدام الجوانب التسجيلية والتوثيقية، والاعتماد على الأرشيفات التاريخية لتوليد سرد روائي متماسك، مما أضفى على أعماله بعداً واقعياً عميقاً.
وأضاف محمود، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن اطلاع صنع الله المبكر على الأدب العالمي، واستلهامه لأسلوب «كافكا» بروح عربية، مكّنه من تقديم أجواء تاريخية مشبعة برؤية نقدية، موضحاً أن هذا الاستخدام الفني المبتكر جعل أعماله تحظى بشعبية واسعة بين القراء، لما جمعته من عمق فكري وقرب من الوجدان العام.
  وحظي الأديب الراحل بتقدير دولي كبير، إذ نال جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2004، وجائزة كفافيس للأدب عام 2017، تكريماً لمسيرته التي تجاوزت ستة عقود.

أخبار ذات صلة نايلة الأحبابي: أطمح لتأسيس مركز تفاعلي للإبداع الإماراتي «محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة» تشارك في «إسطنبول الدولي للكتاب العربي»

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الثقافة الثقافة المصرية الأدب مصر القاهرة الأدب العربي صنع الله إبراهیم

إقرأ أيضاً:

ورحل مؤلف «ذات».. صنع الله إبراهيم يودع الحياة وتبقى كلماته خالدة

غيب الموت اليوم الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد استدعى نقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

صوت مختلف في الرواية المصرية

يُعد صنع الله إبراهيم واحدًا من أبرز رموز الأدب المصري والعربي في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث عرف بكتاباته الجريئة، التي لم تجامل السلطة، وتطرقت لقضايا الحرية، والفساد، والهوية، والعلاقة بين المواطن والدولة.

اشتهر بأسلوبه السردي الخاص، وميله إلى الواقعية النقدية، وترك خلفه رصيدًا من الروايات المؤثرة، منها «اللجنة»، و«ذات»، و«شرف»، و«أمريكانلي»، ودخل عدد من أعماله قائمة أفضل 100 رواية عربية.

ترجمات صنعت فرقًا

لم تقتصر مسيرة صنع الله إبراهيم على الرواية، بل ساهم في فتح نوافذ على الأدب العالمي من خلال ترجمات متميزة، اختارها بعناية، لتكون ذات بعد فكري وإنساني. لم تكن ترجماته حرفية أو حيادية، بل محمّلة برؤيته النقدية، وغرضه التثقيفي. ومن أبرز هذه الترجمات: «حين تكتب المرأة عن نفسها: التجربة الأنثوية».

يضم هذا الكتاب مختارات من الأدب النسائي العالمي، لكنَّه ليس مجرد ترجمة أدبية، بل محاولة لفهم الذات الأنثوية من منظور المرأة نفسها، كما رأى صنع الله إبراهيم.

يقول في مقدمته إن المرأة هي الأقدر على التعبير عن مشاعرها، ورغباتها، وخاصة ما يتعلق بجسدها وتكوينها البيولوجي والنفسي، وهي مناطق طالما ظلت حبيسة المحرمات الاجتماعية، ويمثل الكتاب تجربة فريدة وجريئة تفتح آفاقًا جديدة لفهم أدب المرأة من داخلها.

العمارة بين الجمال والقبح: نظرة في كتاب «العدو»

في كتابه «العدو»، يطرح صنع الله إبراهيم رؤية فلسفية وجمالية لفن العمارة، ينتقد فيها الحالة التي وصلت إليها المدن المعاصرة، حيث تغيب الروح لحساب الخرسانة.

ويتساءل في المقدمة «هل نفكر في مدى توافق المباني التي نعيش فيها مع حالتنا النفسية والروحية؟» ومن خلال قصة «روبي»، يرصد الكاتب الصراع بين الحلم الجمالي والفكر التجاري المادي الذي طغى على العمارة، مبينًا أن المسكن يجب أن يكون راحة للروح لا الجسد فقط.

ساخرًا من الاشتراكية: «الحمار» والواقع المنكسر

من خلال ترجمته لرواية «الحمار» للكاتب الألماني جونتر دي بروين، يقدم صنع الله إبراهيم نصًا ساخرًا يُسقط فيه الكاتب أزمة الإنسان في ظل النظم الشمولية.

تحكي الرواية قصة «كارل إرب» الذي يعيش حيرة وجودية بين نمطين من الحياة، ليصبح شبيهًا بـ«حمار بوريدان»، وهي حكاية فلسفية شهيرة عن حمار يموت جوعًا وعطشًا لأنه لا يستطيع الاختيار، وتسخر الرواية من تناقضات الاشتراكية في ألمانيا الشرقية، وتكشف هشاشة المفاهيم التي حكمت المجتمعات بعد الحرب.

الكاتب الذي لم يساوم

طوال مسيرته، عُرف صنع الله إبراهيم بأنه صوت ناقد لا يعرف المهادنة، سُجن في بدايات حياته بسبب انتمائه السياسي، وظل حتى آخر سنواته متمسكًا بمواقفه، يكتب في السياسة كما في الإنسان، في الفن كما في العمارة، دون أن ينفصل عن مجتمعه.

إرث باقٍ رغم الغياب

برحيل صنع الله إبراهيم، تفقد الثقافة العربية أحد أكثر أعمدتها أصالة وجرأة. لكنَّ ما تركه من روايات، ومقالات، وترجمات، سيبقى شاهدًا على قلم عاشق للحقيقة، مؤمن بأن الأدب أداة للتغيير لا مجرد حكاية تُروى.

اقرأ أيضاًوفاة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين السابق

وفاة والد العامري فاروق بعد صراع طويل مع المرض

«دون معاناة من أي مرض».. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا

مقالات مشابهة

  • رحيل صنع الله إبراهيم.. صوت الغضب والذاكرة الحية للأدب المصري
  • الموت يُغيِّب الكاتب المصري صنع الله إبراهيم بعد رحلة زاخرة بالإبداع
  • ورحل مؤلف «ذات».. صنع الله إبراهيم يودع الحياة وتبقى كلماته خالدة
  • رئيس الوزراء ينعى صنع الله إبراهيم: الأديب الراحل أيقونة خالدة في مسيرة الإبداع العربي
  • أيقونة خالدة في الإبداع العربي.. رئيس الوزراء ينعى صنع الله إبراهيم
  • أحد رواد الأدب المصري المعاصر.. أبرز أعمال الكاتب صنع الله إبراهيم
  • وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
  • جمع بين الأدب والسياسة.. أبرز المعلومات عن الكاتب الراحل صنع الله إبراهيم
  • رحيل الأديب الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عامًا