لجريدة عمان:
2025-08-15@18:29:46 GMT

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT

هدى بنت ناصر الزيدية -

يعتقد البعض أن الظروف الصعبة التي يوجد فيها الإنسان لن يستطيع تحملها أو تجاوزها، لكن الله تعالى أكد في كتابه العزيز بقوله: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»، بمعنى أن الله وضعك في هذه الحالة ليرى قدر صبرك وإيمانك به سبحانه، ولتعلم علم اليقين أنك إن اختبرك الله بشيء في دنياك، فأنت قادر على اجتيازه، فكل نفس تُبتلى، الله أعلم بأنها قادرة على تحمل تلك الشدة والبأس الذي ستعانيه.

عندما نصاب في أنفسنا وفي أقرب الناس إلينا، نتصور أن الحياة قد وصلت إلى خط النهاية، بعضنا يدخل في صراع نفسي يجلب له الهم والمرض، فيهمل مجريات حياته ويقصر في مسؤوليات ذريته وعمله وكل الأشياء التي كانت تحيط به قبل نزول البلاء، يصبح شخصا آخر بمواصفات أخرى جديدة، الآن يضع نفسه في مكان ذلك «الشخص المحطم نفسيا البائس معنويا»، ناقما على الظروف التي وضع فيها، متعبا من كل شيء في هذا الوجود.

البعض يظل شهورا طويلة لا يعي من الدنيا سوى أنها ذلك السواد الذي يكسو أفق أنوار الشوارع، يشتكي من قلب واجف معبئ بالوجع، ونفس مكسورة إلى شظايا صغيرة يصعب لملمة أجزائها لتعود مرة أخرى إلى الحياة، أما المستقبل فلا يجد فيه بصيصا لأمل يرتجى منه، لكن ما إن يمن الله عليه بالفسحة والهدوء النفسي حتى يكتشف «المفاجأة» وهي أن تلك الأشياء والخيالات المزعجة ما هي إلا مجرد «أوهام خادعة» أغرق نفسه في يمها، وأمسك بالجرم الذي صنعته الظروف، وترك نفسه ضحية لوساوس الشيطان ومد يديه إليه ليقوده نحو مكان سحيق وأرض جرداء لا حياة فيها ولا نور يبصر به الحياة، ولا ابتسامة عابرة تخفف عنه ما يملؤ به جوفه في تلك المرحلة الصعبة.

الله سبحانه وتعالى يعلم أنك قادر على تجاوز المحنة التي أتت إليك، لذلك ابتلاك بها، فالثواب لا يمنح جزافًا، وإنما البشرى تأتي للصابرين حيث يقول الله تعالى «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»، هذه البشرى هي التي تكشف لك طرقات الحياة لتسعد الروح وتطمئن.

من المؤكد أن «موت الأب، أو الأم، أو الأخ، أو الأبناء»، أو أي شخص قريب أو عزيز علينا هي مرحلة صعبة ومؤثرة للغاية، نفكر كثيرا في كيفية تجاوزها، ولكن يجب علينا أن لا نلامس خطوط القنوط أو حبس النفس وخنقها بالعبرات، أو تحميل الذات الكثير من الآهات، بل بالاحتساب والصبر والدعاء بأن يغفر الله لهم، وأن يكشف عن قلوبنا الحزن والألم، كما أن علينا أن نتنبه نحن البشر بأن الحياة ستمضي بهم أو بدونهم، ومراكب الأيام تبحر في مياه الحياة «لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده لأجل مسمى»، هكذا هي حقيقة الواقع.

بعض الناس يمتد به الوجع لسنين طويلة خاصة فيما يتعلق بالفقد وخسارة الأرواح ولا يتشافى بسرعة كالبقية بل يظل متألما لوقت طويل، فالحزن حالة إنسانية لا نقاش فيها، ولكن الإنسان عليه أن يدرك بأن كل نفس ذائقة الموت، فالخلود ليس للمخلوقات لأنها من صنع الخالق سبحانه، فلكل أجل كتاب.

الشعور بالضيم والعذاب زائر لا نستطيع إغلاق أبواب قلوبنا عنه، ولكن يمكننا أن نتعلق بحبال النجاة وأن نوجد لأنفسنا طاقة تكفينا لعبور الواقع المرير الذي نعيش فيه، فالحياة لا تنتهي بموت الأحبة، بل تسير حتى تنتهي أعمارنا معهم، فـ«كل نفس ذائقة الموت»، والبيت الشعري يقول: «من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد». إذن علينا أن نثق تماما بأن المصيبة وإن عظمت وتشعبت فإنها جاءت لتمتحن مدى إيماننا بالله، فالله تعالى أعلم بطاقتنا ومدى تحملنا، لا تعتقد بأن البعض يموت ناقصا عمره أو أنه لم يستطع تحمل المصيبة، لكن موته هو اللحظة الفارقة التي كتبها الله لنهاية حياة إنسان كان منذ قليل على وجه الأرض، وبعد لحظات سوف يكون في عداد الموتى تحت الثرى، الموت له أسباب ومسببات ووجوه كثيرة ولكن «لكل أجل كتاب».

في حياتنا العامة، نعتقد أن بعض الناس مجردون من المشاعر، قلوبهم صماء كالحجارة، لا يتأثرون أو يعترفون بضعفهم، ونتخيل بأن قلوبهم وعقولهم خاوية من المشكلات والصعوبات والنكبات، ولكن الله قد منحهم القدرة على مواجهة الواقع الأليم، والتأقلم مع الظروف التي تحيط بهم بسرعة متناهية، تجدهم أقوياء عند الشدائد لأن إيمانهم بالله أقوى من أي شيء آخر، يشدون على أيدي غيرهم وهم في أعماقهم بحاجة إلى النظر إليهم والشعور بما فيهم من تعب وحزن داخلي، لسانهم لا يكف عن قول «يدبر الأمر من السماء إلى الأرض»، فالحمد لله دائما على كل ما تأتي به الظروف وتمتحن من خلاله النفوس.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

محافظ الجيزة يكلف بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة

وجّه المهندس عادل النجار محافظ الجيزة بمضاعفة أعمال النظافة وجهود رفع المخلفات وذلك فور انكسار الموجة الحارة اليوم وتكثيف الحملات الميدانية بمختلف الأحياء.

وذلك في إطار حرص محافظة الجيزة على رفع كفاءة النظافة والحفاظ على المظهر الحضاري للشوارع والميادين .

وأكد المحافظ أن هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة المحافظة لتعزيز مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين كفاءة النظافة وتوفير بيئة صحية وآمنة مشددًا على ضرورة استمرار العمل الميداني والمتابعة اليومية لضمان استدامة النظافة في جميع المناطق.

وشدد المحافظ علي رؤساء الأحياء والمراكز وهيئة النظافة والتجميل بضرورة استمرار أعمال النظافة والتجميل والتجريد للطرق وعدم السماح بتراكم المخلفات

ومن جانبه أوضح اللواء محمد الضبيعي رئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل أنه تم تنفيذ ثلاث حملات مكثفة اليوم الجمعة شملت أحياء الوراق، والمنيرة، وإمبابة، حيث تضمنت الأعمال تجريد ورفع الأتربة والمخلفات من أعلى وأسفل كوبري الساحل، وتجريد كورنيش الوراق، إضافة إلى حملة شاملة بكورنيش النيل بإمبابة وطلعة كوبري الساحل من جهة النيل.

وأشار الضبيعي إلى أن الحملات ستتواصل خلال الأسبوع الجاري لتغطي مختلف أحياء المحافظة، تنفيذًا لتوجيهات المهندس عادل النجار محافظ الجيزة وبما يضمن استمرار تحسين المظهر الحضاري بالمحافظة.

طباعة شارك اعمال النظافة اخبار الجيزة محافظ الجيزة

مقالات مشابهة

  • محافظ الجيزة يكلف بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة
  • أمين الإفتاء يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد: لا إثم عليك ولكن بشرط
  • مصطفى بكري: صرخات أطفال غزة مسموعة.. ولكن لا أحد يستجيب
  • غاب الجسد ولكن سيبقى الإبداع.. سهير جودة تنعي صنع الله إبراهيم بهذه الكلمات
  • أنا في كرب شديد فما الدعاء الذي يبشرني بالفرج القريب؟ .. الإفتاء تجيب
  • البكيري يعلق على تعيين سندي رئيسًا للاتحاد: أعانك علينا جمهور وإعلام
  • المخاطر المترتبة على نزع سلاح حزب الله في الظروف الراهنة
  • ورحل مؤلف «ذات».. صنع الله إبراهيم يودع الحياة وتبقى كلماته خالدة
  • لاريجاني يتعهد بدعم إيران للشعب اللبناني بجميع الظروف