اليابان على أعتاب تحول إستراتيجي من إرث السلام إلى الاستعداد للحرب
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
بينما تستذكر اليابان مرور الذكرى الـ80 على هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، تجد هذه الدولة الواقعة أقصى شرقي القارة الآسيوية نفسها على أعتاب تحول إستراتيجي كبير، إذ تعيد صياغة عقيدتها الدفاعية في مواجهة تصاعد التوتر مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وسط شكوك متنامية عن استمرارية المظلة الأمنية الأميركية التي كانت تعتمد عليها ردحا من الزمن.
فهل حقا تستعد اليابان للحرب وتودع صورتها كدولة مسالمة في عالم يموج بالصراعات والصدامات المسلحة؟ هذا هو السؤال الذي حاولت صحيفتان بريطانيتان الإجابة عنه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقرير في فزغلياد: تسريع عسكرة اليابان يشكل تهديدا خطيرا لروسياlist 2 of 2صحيفة بلجيكية: مديرة الاستخبارات الأميركية تخشى هيروشيما أخرىend of listوفي تقرير ليو لويس -رئيس مكتب صحيفة فايننشال تايمز في طوكيو- فإن معرض الصناعات الدفاعية والأمنية الدولي "دي إس إي آي" (DSEI) الذي أقيم هذا العام في طوكيو، ظهرت اليابان (الدولة المضيفة المعروفة بسلميتها) وكأنها تستعد للحرب، ربما بحكمة، وبإلحاح جديد مصدره ليس فقط سلوك أعدائها المحتملين، بل أيضا تصرفات حلفائها المفترضين.
خيارانأوضح الكاتب أن ثمة مؤشرات واضحة على هذا التحول -ظهرت في المعرض الذي جمع مئات الشركات الدفاعية من عشرات الدول- تمثلت في أسلحة متطورة، وأنظمة دفاعية متقدمة، ورسالة مزدوجة مفادها أن الردع ضروري، لكن التفوق التكنولوجي يصبح حاسماً عند انهياره.
ووسط ردهة المعرض الرئيسية، كانت هناك دمية متقنة الصنع لجندي مشاة جريح ظلت تستخدم منذ عام 2023 لتدريب الجراحين العسكريين البريطانيين والأطباء المدنيين على معالجة مصابي القتال.
ويُطلق على الدمية اسم "سام" حيث كانت ترقد في الردهة على سرير متحرك في مشهد استأثر بالأضواء، إذ اعتبرها لويس في مقاله أهم المشاركين في المعرض، مضيفا أنها جسّدت جانبا من الحرب قلما يُعرض في معارض الأسلحة، وهي الإصابات المروعة التي تصيب الجنود.
ووفقا للمقال، فقد جاء عرض الدمية "سام" -التي تواصل "نزفها" حتى إتمام الإجراءات الطبية الصحيحة- ليحذر اليابان من أنها تعاني من فجوة عميقة في خبرتها الطبية ناتجة عن عقود طويلة من فترة السلم التي طالما عاشتها.
في معرض الصناعات الدفاعية والأمنية الدولي الذي أقيم هذا العام في طوكيو، ظهرت اليابان –"الدولة المضيفة المعروفة بسلميتها"- وكأنها تستعد للحرب، ربما بحكمة، وبإلحاح جديد مصدره ليس فقط سلوك أعدائها المحتملين، بل أيضا تصرفات حلفائها المفترضين.
بواسطة ليو لويس، رئيس مكتب طوكيو في صحيفة فايننشال تايمز
لا وقت للاتكالوفي موازاة هذا الاستعداد الفني، يشير الكاتب إلى أن طوكيو اتخذت قرارا رمزيا لكنه معبّر وذلك بإلغاء العرض العسكري السنوي للقوات الذاتية الدفاع، في ظل انشغال هذه القوات بمهام عاجلة تتعلق بمراقبة وردع تحركات عسكرية غير مسبوقة من الصين التي أجرت مناورات مشتركة بحاملتي طائرات قرب اليابان، إلى جانب نشاطات روسية وكورية شمالية مثيرة للقلق.
إعلانويبرز هذا القرار بوضوح انتقال اليابان من مرحلة الاتكال على الحماية الخارجية إلى واقع الاستعداد المباشر للحرب، حسب اعتقاد لويس واستنادا إلى ما أعلنته طوكيو عام 2023 أنها سترفع ميزانية الدفاع على مدى 5 سنوات لتصل إلى نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، في خطوة تحمل دلالات تاريخية وجاءت مصحوبة بتحذيرات كبيرة بشأن هشاشة الوضع العالمي.
وعلى غرار فايننشال تايمز، تناولت صحيفة إندبندنت بالتحليل قرار اليابان الذي أوقفت بموجبه الاستعراض العسكري السنوي، بحجة أن قواتها منشغلة جدا بتلبية ضرورات أمنية مُلحّة في غمرة التهديدات المتزايدة من قبل الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
ووفق شويتا شارما مراسلة الصحيفة في دلهي -في تقريرها- يُعد استعراض قوات الدفاع الذاتي اليابانية حدثا عسكريا احتفاليا يُنظم مرة كل عام تقريبا، بهدف عرض القدرات الدفاعية والانضباط والجاهزية أمام الجمهور وقيادة الدولة، ورفع المعنويات، وتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي حول قدرات البلاد.
وقد جرى تقليص حجم الحدث في السنوات الأخيرة، إذ أُقيم من دون جمهور منذ عام 2020 بسبب جائحة "كوفيد-19" مع تقليل عدد الجنود والمعدات المشاركة لتخفيف العبء على الأفراد.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني كان قد شدد في وقت سابق من هذا الشهر على أنه لا مجال لأي ثغرة في استجابة قوات بلاده لأي حدث عسكري محتمل من روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية في ظل الأنشطة العسكرية المتصاعدة.
وبدوره، أكد رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا ضرورة تعزيز القدرات العسكرية وتوثيق التحالف مع واشنطن، محذرا من أن الوضع الأمني المحيط ببلاده والمجتمع الدولي تدهور بشكل كبير على مر السنوات.
وما يمكن استخلاصه من المقالين، أن اليابان اليوم تتحرك بين نطاقين: إرث طويل من السلمية التي شكلت هويتها، وضغوط جيوسياسية تدفعها لتبني عقلية الاستعداد للحرب.
لكن كما يذكر "سام" في صمته المروّع، فإن الاستعداد الحقيقي لا يقتصر على الأسلحة والمعدات، بل يشمل أيضا تجهيز العقول والقلوب لمواجهة ما قد تحمله ساحات المعارك من مآسٍ بشرية، كما توضح الصحيفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات
إقرأ أيضاً:
صالون نفرتيتي يحتفي بالحرب والسلام وأمجاد مصر التي خلدها التاريخ بمركز إبداع.. غدا
في أمسية فكرية استثنائية تمزج بين عظمة التاريخ وروح النصر، يعقد صالون نفرتيتي الثقافي فعالية جديدة تحمل عنوان: “الحرب والسلام أمجاد خلدها التاريخ”، وذلك مساء غد الأحد الموافق 12 أكتوبر في تمام الساعة السادسة مساءً داخل مركز ابداع قصر الأمير طاز بالخليفة.
حيث يستضيف صالون نفرتيتي الثقافي ثلاثة من أبرز المفكرين والخبراء في الآثار والتاريخ والعلوم العسكرية. وهم الدكتور محمود عفيفي، رئيس قطاع الآثار المصرية الأسبق، متحدثًا عن الحروب والانتصارات والمعارك والمعاهدات في مصر القديمة. وكيف كانت مصر عبر العصور رائدة في صناعة السلام كما كانت رائدة في تحقيق النصر . والدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة ، ويتناول الحرب في العصر الحديث، محللًا التحولات الكبرى في الوعي الوطني ومسار بناء الدولة الحديثة بعد نصر أكتوبر.
كذلك يستضيف الصالون اللواء سعد عبد الهادي، أحد أبطال القوات المسلحة المصرية، ليتحدث عن اللحظات الحاسمة وتفاصيل الأحداث من واقع المعركة، كشهادة حية من قلب الميدان . والتي تكشف بطولات وتضحيات أبناء الجيش المصري في معارك الكرامة والتحرير.
تأتي الفعالية تأكيدًا على رسالة صالون نفرتيتي الثقافي في ربط الماضي بالحاضر، واستحضار الروح الوطنية المصرية عبر مختلف العصور. وكيف قاتل المصري القديم من أجل الحرية والسلام بداية من معارك تحرير الأرض من الغزاة والمحتلين ، وحماية الحدود وتوحيد الصفوف ، ومعاهدات السلام التي جسدت حكمة المصري وقدرته على صون الأرض وبناء المستقبل.