مخالفات البناء في مصر.. ندرة الخامات رغم التصالح والأسمنت يصدر لـ للاحتلال
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
اشتكى مصريون تعامل النظام مع ملف "المصالحات على مخالفات البناء"، واصفين الأمر بـ"خديعة كبرى" مؤكدين أنهم ممنوعون من البناء لنحو 8 سنوات ارتفع فيها سعر الحديد والأسمنت بمعدلات تعيقهم عن الشراء في الوقت الحالي، وسط انتقادات لقيام الدولة بتصدير الأسمنت إلى الاحتلال الإسرائيلي.
خديعة حكومية
"محمد علي"، و"حمدي عبدالله"، متصالحان على مخالفات البناء في قريتهما وفقا للقانون الجديد لعام 2023، أوضحا لـ"عربي21"، أنهما "دفعا قيم المصالحات المطلوبة وحصلا على (نموذج 8) بعد معاناة شديدة".
وأضاف الشخصان: "لكن الإدارات المحلية ترفض منحهم التصاريح اللازمة لتعديل أوضاعهم بناء على المصالحة ببناء أدوار جديدة، أو "صب" أسقف، أو عمل تعديلات، أو هدم العقار وبنائه من جديد، متحججة بقرارات إدارية من المحافظ بوقف تصاريح البناء، مع وعد بفتحه دون تحديد موعد".
وكشف الأول عن "دفعه نحو 20 ألف جنيه (1 دولار يعادل 48 جينها) بين أوراق، ورسوم، واستشاري هندسي بنحو 2500 جنيه، ومعاينات بينها واحدة للجيش بقيمة 1000 جنيه، مع دفع 300 جنيه لكل معاينة 3 مرات بدل انتقال لفني ثم مهندس وموظف لرفع مساحة المنزل ورفع موقعه عبر الإنترنت، إلى جانب 2500 جنيها رسوما إدارية لمجلس المدينة ومبلغ نحو 600 جنيه لنقابة المهندسين دون أي مبرر، بينما قيمة التصالح الفعلية لا تزيد عن 12 ألف جنيه".
لا أجد مسكنا
ويقول الثاني: "بعت حصتي بمنزل العائلة لشقيقي قبل 4 أعوام، ولا أستطيع تعديل وضع مسكن بالطوب "الدبش" أقمته عام 2012، لأقيم فيه، وحذرتني الوحدة المحلية من أي تعديل، ولم يستجب مجلس المدينة وتحجج بقرار المحافظ، وأخي يطالبني بترك الشقة ليزوج ابنه، وأصبحت بلا مأوى رغم دفع قيمة مصالحة تعدت 10 آلاف جنيه، على عكس قيمتها الفعلية التي تساوي نحو 6 آلاف فقط".
وأوضح الاثنان أنه "لو سمحت الإدارة المحلية بعد فترة بتعديل وضعنا بناء عن المصالحات، فإننا لن نستطيع تحمل تكلفة البناء مع وصول سعر طن الحديد لنحو 40 ألف جنيه بالسوق، وبلوغ سعر طن الأسمنت 4 آلاف جنيه"، ملمحين إلى عدم قدرتهما على شراء وحدات سكنية جاهزة حكومة أو قطاع خاص لتعدي أسعار أغلبها المليون جنيه.
الأسمنت أكثر سلعة مصرية في إسرائيل
وفي الأثناء، كشفت بيانات المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي في تموز/ يوليو الماضي ارتفاع الصادرات المصرية للاحتلال الإسرائيلي بنسبة 50 بالمئة بالنصف الأول من العام الحالي، مسجلة 159.2 مليون دولار، أغلبها من الأسمنت، والحديد، والصلب، والخضروات، والفواكه المجمدة، والزيوت، والمنسوجات والأقمشة.
وكان حجم التجارة بين مصر والاحتلال الإسرائيلي قد ارتفع بنسبة 21.3 بالمئة عام 2024 إلى 3.2 مليار دولار، مقارنة بـ 2.64 مليار دولار عام 2023. بحسب الجهاز المركزي للإحصاء.
وأشار المكتب المركزي للإحصاء في تل أبيب إلى زيادة التبادل التجاري بين "إسرائيل"، وكل من مصر، والإمارات، والبحرين، والمغرب، مسجلا 53 بالمئة مع القاهرة بالنصف الأول من 2024، لتحتل مصر المرتبة الثانية بعد الإمارات بـ924 صنفا.
وبقيمة 743 مليون دولار بلغت صادرات مصر للاحتلال الإسرائيلي منذ حرب غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى شباط/ فبراير 2025، لتأتي صادرات البناء والتشييد بالمرتبة الأولى، بقيمة 265.6 مليون دولار، في ذات التاريخ.
وارتفعت صادرات مصر من الأسمنت إلى تل أبيب، منذ حرب غزة وحتى نهاية 2024، بنسبة 3257 بالمئة، حيث بلغت 223.3 مليون دولار، مسجلة في كانون الأول/ ديسمبر 2024، أعلى نسبة بنحو 28.2 مليون دولار.
ووفق المجلس التصديري لمواد البناء في مصر، ارتفعت كذلك صادرات الأسمنت المصري إلى "إسرائيل" من 900 ألف دولار في الشهور العشرة الأولى من 2023، إلى 50.76 مليون دولار، في الشهور العشرة الأولى من 2024.
وهي الأرقام التي يقابلها ارتفاع في إنتاج مصر من الأسمنت، إلى 25.39 مليون طن في النصف الأول من 2024، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وتلفت صفحة "متصدقش"، إلى أن هذه الزيادة تقودها 4 شركات أبرزها "العريش للأسمنت"، و"أسمنت سيناء"، و"سيناء للأسمنت الأبيض"، و"العربية للأسمنت".
عدد الشركات وحجم الإنتاج
بمصر 23 مصنعا للأسمنت، تنتج 90 مليون طن سنويا، يقابلها حجم استهلاك محلي 45 مليون طن سنويا، ما دفع للتركيز على التصدير، الذي بلغ العام الماضي، 19.7 مليون طن، لأسواق إقليمية وإفريقية بحوالي 913 مليون دولار، بنسبة زيادة 17 بالمئة مقارنة بعام 2023، وفقا لبيانات المجلس التصديري لمواد البناء.
من شركات القطاع الخاص المنتجة للأسمنت والمسجلة بالبورصة المصرية، ويسهل الحصول على بياناتها المالية، "مصر للأسمنت – قنا"، و"السويس للأسمنت"، التي تتولى إدارتها "هايدلبرغ ماتيريالز" الألمانية، و"لافارج مصر"، وهي جزء من مجموعة "هولسيم" العالمية.
إلى جانب الشركات التابعة للدولة، والتي تعتبر بياناتها المالية أقل وضوحا، ومنها "أسمنت بورتلاند طرة"، التابعة لشركة السويس للأسمنت (القطاع الخاص)، و"الوطنية للأسمنت"، ويمتلكها "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" التابع للجيش قبل تحولها لشركة مساهمة.
وتنافس بقوة في السوق المحلي الشركات التابعة للجيش، ومنها "الوطنية لأسمنت بني سويف" -من أكبر مصانع الأسمنت بالعالم، والتي لا يتم الإعلان عن أرباحها وميزانيتها رسميا، إلى جانب "العريش للأسمنت"، التابعة لـ"جهاز مشروعات الخدمة الوطنية".
من يتحمل المسؤولية؟
يحمَّل مصريون رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، أزمة البناء منذ وجه المحافظات والإدارات المحلية بوقف إصدار تراخيص البناء، ووقف أعماله، وهدم وإزالة المباني المخالفة وأغلبها لبسطاء، وهدد بنشر الجيش لتنفيذ قراره بجميع القرى حزيران/ يونيو 2020، مع حزمة قرارات حكومية وقوانين اشتكى مواطنون من تبعاتها الإدارية والمالية.
وأصدر السيسي، قانون المصالحة على مخالفات البناء (رقم 17 لسنة 2019)، بدفع غرامة وإجراءات معقدة، أدت لاستغلال موظفي الإدارات المحلية الفقراء للحصول على أموال ورشا وفق شهادات مواطنين لـ"عربي21".
ليتبعه بالقانون "رقم 187 لسنة 2023"، الذي سرع الإجراءات وضاعف بعض القيم المالية وأدخل الجيش في عملية المصالحة لقاء دفع المتصالح 1000 جنيه تدخل خزينة الجيش.
تشير الأرقام إلى أن الحصيلة الحكومية الأولية من القانون الأول بملف التصالح في مخالفات البناء تعدت 50 مليار جنيه، (الدولار نحو 48.27 جنيها) وبينما تتجاوز أعداد طلبات التصالح 2.9 مليون طلب، فإن الحصيلة المتوقعة من القانون الجديد تصل 150 مليار جنيه.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وجه مصريون انتقادات واسعة للحكومة المصرية لتصديرها مواد البناء لإسرائيل، وعدم مراعاة حاجة المصريين للبناء، وتجاهل مشاعر الغضب الشعبية المتصاعدة مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
قطاع يعاني والتصدير أنقذه
وحول أزمة ارتفاع أسعار الأسمنت بالسوق المحلي، وما يثار حول تأثير تصديره لإسرائيل على قطاع البناء الأهلي، تحدث مدير مبيعات الإقليمي بشركة "لافارج مصر" للأسمنت سابقا، أحمد عبد الرحمن، إلى "عربي21"، كاشفا عن الكثير من التفاصيل.
وقال إن "صناعة الأسمنت منيت بخسائر لسنوات لأن حجم الإنتاج أكبر من الاستهلاك رغم كم المشروعات الحكومية منذ 2015، ووفقا لقانون العرض والطلب لو العرض أكبر تقل الأسعار لو العرض أقل ترتفع، ولو ننتج 100 طن يوميا والسوق يستوعب 70 طنا تخفض الشركات السعر لبيع الفائض ما يسبب خسائر لسلعة استراتيجية لا تُخزن".
ولفت إلى أن "إنتاج مصر فاق 80 مليون طن سنويا عام 2016، والسوق يستهلك 48 مليون طنا، و38 مليون طن غير مباعة بالتالي توقفت خطوط إنتاج كثيرة ومصانع عدة، وحدثت خسائر مرعبة سجلتها القوائم المالية للشركات".
وأوضح أن "جهاز حماية المستهلك ومنع المنافسات الاحتكارية حدد عام 2021 (كوتة) إنتاج للمصانع –ألغاها وزير الصناعة الشهر الماضي- وتوقفت بعض خطوط الإنتاج وأصبح أغلب ما يتم إنتاجه يُباع محليا وحققت المصانع بعض المكاسب، وذلك بجانب تصدير الكميات المتوفرة، التي بلغت العام الماضي نحو 20 مليون طن لدول إفريقيا وليبيا والسودان".
تصدير غير مؤثر
ومن هنا لا يستبعد أن "يكون حدث تصدير للأسمنت المصري للاحتلال الإسرائيلي، ولكن بكمية لا تؤثر على الاستهلاك المحلي"، موضحا أنه "لو صدرنا بقيمة 50 مليون دولار في النصف الأول من العام فهذا يعني 100 مليون طنا، وهو رقم قليل يمثل نحو 5 بالمئة من صادرات الأسمنت"، ملمحا إلى "أهمية التصدير للشركات لجلب العملة الصعبة مع تفاقم أزمة الطاقة العامين الماضيين وتحويل خطوط الإنتاج من الوقود بالغاز إلى الفحم واستيراده برقم كبير".
وحول ارتفاع السعر عن قدرة المستهلك المحلي الشرائية، قال إن "أقل ردة فعل حصلت في ارتفاعات الأسعار بمصر بالسنوات الماضية تمت مع الأسمنت وربما مع الحديد"، مبينا أن "الدولار سجل عام 2017 بين 16 و19 جنيها وطن الأسمنت كان في حدود 800 جنيه، والآن الدولار نحو 48 جنيها وسعر الأسمنت بـ4 آلاف جنيه"، موضحا أنه "لم نشعر بتفاقم أسعار الأسمنت إلا منذ 6 شهور حيث كانت في معدل 2800 جنيه".
ولفت إلى ما يطرحه بعض الخبراء حول "المنافسة غير العادلة بين شركات الدولة والجيش المصنعة للأسمنت والتابعة للقطاع الخاص"، موضحا أن "الأمر يتجلى بوضوح في مطالبة صندوق النقد الدولي، بالخروج من قطاعات عديدة وليس الأسمنت فقط".
الحكومة السبب الأساسي
في السياق، نفى عضو شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية ناصر شنب، معرفته بحجم ما يتم تصديره من مواد البناء إلى إسرائيل، مؤكدا لـ"عربي21"، أنه "بالنسبة للحديد المنتج محليا فلا يتم تصديره لتل أبيب".
وحول ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت وعجز المصريين عن مجاراتها لبناء مساكنهم، قال إن "الذي يمنعهم من البناء ليس سعر الحديد والأسمنت الذي لم يمنع الناس من البناء عندما كان طن الحديد بـ70 ألف جنيه"، مبينا أن "الحديد الآن متوافر بشكل كبير، وهناك حالة ركود أصابت السوق".
ولفت إلى أن "الأسعار مؤخرا تراجعت عن حزيران/ يونيو الماضي، لأننا ببداية سنة مالية جديدة، والحكومة تطرح مشروعات الموازنة الجديدة آب/ أغسطس، وأيلول/ سبتمبر، لذا قلت الأعمال، بالتزامن مع ارتفاع درجة الحرارة بالبلاد لأكثر من 40 درجة".
وأكد أن "الحكومة السبب الأساسي في السعر الذي لا يتحمله المواطن العادي لبناء مسكنه، لأنها فرضت رسوم إغراق على استيراد حديد التسليح 25 بالمئة و15 بالمئة على البيليت منذ 2019، ما تقابله المصانع برفع السعر بتلك القيمة على منتجاتها لمنع الاستيراد من تركيا وبلدان أخرى بسعر أقل من المحلي، ما يزيد العبء على المستهلك".
وأشار إلى أن "رئيس الوزراء اجتمع الأربعاء، مع المصنعين وخدعوه وأعطوه سعرا أعلى عن سعر البيع المطروح بالسوق، وأوهموه بخفض الأسعار".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية مصريون التصالح مصر التصالح المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مخالفات البناء ملیون دولار ألف جنیه الأول من ملیون طن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ضبط 22 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار فى العملات الأجنبية
أسفرت جهود قطاع الأمن العام بالإشتراك مع الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة ومديريات الأمن خلال 24 ساعة عن ضبط عدد من قضايا "الإتجار" فى العملات الأجنبية المختلفة بقيمة مالية ما يقرب من (22 مليون جنيه).. تم إتخاذ الإجراءات القانونية.