باتت باكستان منذ سنوات تحت تأثير تغيرات مناخية، عززت مظاهر الطقس المتطرف، فبعد كابوس فيضانات عام 2022 المدمرة، تجد نفسها مجددا في مواجهة فيضانات، راح ضحيتها أكثر من 700 شخص وشردت الآلاف، خصوصا في المناطق الشمالية والشمالية الغربية للبلاد.

وفي بلد تتنوع تضاريسه بين الجبلية والساحلية ويشهد أمطارا موسمية صيفية، لم تسلم أي منطقة أو إقليم من مفاجآت الفيضانات، حتى أصبحت الأمطار الموسمية بالنسبة للباكستانيين مثيرة للمخاوف، لما يصاحبها من كوارث.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4دراسة: الاحتباس الحراري العالمي فاقم فيضانات باكستانlist 2 of 4مئات القتلى والمفقودين إثر فيضانات جارفة بباكستانlist 3 of 4فيضانات باكستان تقتل المئات وتنشر الدمارlist 4 of 4عشرات القتلى في فيضانات بباكستانend of list

وعلى الرغم من مساهمتها بأقل من 1% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، فقد تم تصنيف باكستان على أنها الدولة الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية في عام 2022، وفقا لتقرير مؤشر مخاطر المناخ (CRI) لعام 2025 الصادر عن مركز الأبحاث الأوروبي "غرين ووتش".

ولا تقتصر الفيضانات على الأمطار الموسمية والعواصف الرعدية التي تشهدها باكستان كل عام، بل إن ارتفاع درجات الحرارة له دور كبير في زيادة الفيضانات، حيث تؤدي إلى حدوث فيضانات ناتجة عن ذوبان الثلوج والأنهار الجليدية في بعض المناطق الباكستانية.

خسائر فادحة

وتواجه باكستان منذ 26 يونيو/حزيران الماضي أمطارا غزيرة وفيضانات قاتلة في عدد من الأقاليم، والمناطق الشمالية والشمالية الغربية التي شهدت أمطارا موسمية غزيرة، خصوصا في إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب البلاد، حيث دمرت مناطق وقرى كاملة، وراح ضحيتها المئات، فيما لا تزال جهود الإنقاذ قائمة حتى الآن.

كما شهدت أقاليم جيلجيت بالتستان وآزاد كشمير (الشطر الباكستاني من كشمير)، فيضانات مماثلة، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 45 شخصا في جيلجيت و22 شخصا بكشمير.

وأكدت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث للجزيرة نت، إنه منذ 26 يونيو/حزيران تم تسجيل ما لا يقل عن 785 قتيلا، بما في ذلك 116 امرأة و194 طفلا، نتيجة الفيضانات والحوادث المتعلقة بالأمطار على مستوى البلاد، بالإضافة إلى إصابة أكثر من ألف شخص.

إعلان

ووفقا لبيانات الهيئة أيضا، فإن 4735 بيتا دمرت جراء السيول، بينما نفق 5450 رأس ماشية، وتركزت أغلب الخسائر في إقليم خيبر بختونخوا.

ووفقا للبيانات الرسمية، أدت الأمطار الغزيرة في إقليم السند والفيضانات في كراتشي إلى مقتل ما لا يقل عن 16 شخصا، وإصابة العشرات، كما أنه من المتوقع هطول المزيد من الأمطار في أماكن متفرقة من إقليم السند.

وتزداد المخاوف من حدوث فيضانات في الأنهار الرئيسية، مع تزايد تدفقات المياه نتيجة استمرار هطول الأمطار الموسمية، وتسارع ذوبان الأنهار الجليدية في المناطق الشمالية لباكستان.

ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، من المتوقع أن يستمر الطقس القاسي حتى أوائل سبتمبر/أيلول، مما يزيد خطر حدوث المزيد من الفيضانات والانهيارات الأرضية وخسائر المحاصيل.

وكان عضو لجنة الحد من المخاطر في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث محمد إدريس محسود، قد أكد أن حصول كوارث مشابهة لما حدث في فيضانات عام 2022 ليس مستبعدا، مع توقع باستمرار هطول الأمطار الغزيرة حتى نهاية شهر أغسطس/آب الجاري.

وأشار محسود إلى أن فيضانات عام 2022 كانت ناتجة عن ظاهر مماثلة لما يحدث اليوم، بما في ذلك ما يعرف بالانفجارات السحابية.

من جهتها، تؤكد مسؤولة العلاقات العامة في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث سارة ملك، للجزيرة نت، أنه وفقا للتوقعات تعد احتمالات حدوث فيضانات مماثلة لفيضانات 2022 ضئيلة، مشيرة إلى أن الأخطار المرتبطة بالعواصف الرعدية، وتقلبات درجات الحرارة يرجّح أن تبقى متكررة ومنتشرة.

سطوة التغير المناخي

يقول أستاذ التغير المناخي وإدارة الكوارث في جامعة بيشاور، الدكتور صاحب زادة مشتاق أحمد جان، إن باكستان تقع في جنوب الكرة الأرضية، وهي من أكثر المناطق تأثرا بتغير المناخ، لذا، فإن السبب الأهم والأكثر أهمية للفيضانات المتكررة هو تغير نمط الرياح الموسمية ومسارها نحو شمال غرب البلاد.

ويضيف صاحب زادة، في حديث للجزيرة نت، أن الرياح الموسمية كانت سابقا تُسبب هطول الأمطار في البنجاب والمناطق المجاورة، لكنها انتقلت الآن مع موسم الرياح الموسمية، حيث تهطل في منطقة جيلجيت-بلتستان، أو في إقليم خيبر بختونخوا، حيث تعاني هذه المنطقة من نظام بيئي هش للغاية، ويعيش سكانها في وديان جبلية.

ويشير صاحب زادة أيضا إلى ارتفاع في هطول الأمطار عن المعدلات الطبيعية التي تستطيع الوديان والمجاري المائية استيعابها وتصريفها، لذلك يصل فائض الأمطار إلى المناطق المأهولة بالسكان، ما يسبب خسائر في الأرواح والممتلكات.

ويضيف الخبير في التغير المناخي أن ظاهرة العواصف السحابية أدت بدورها إلى غزارة التساقطات فوق المعدل الطبيعي، فتسببت في فيضانات عارمة وخسائر كبيرة.

كما يؤكد صاحب زادة أن مناطق عدة من باكستان عانت أيضا من أسوأ موجة حر صيفية، وجفاف أعقبتها الفيضانات مع بدء الرياح الموسمية، مشيرا إلى أن البلاد قد تشهد مع ذلك جفافا حادا في المستقبل، وحالات متكررة من حرائق الغابات بفعل التغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري.

هشاشة البنية التحتية

رغم دور التغيرات المناخية وظواهر الطقس المتطرف المفاجئة، يرى مواطنون وخبراء باكستانيون أن ذلك لا يعفي الحكومة من بعض المسؤوليات، حيث يؤكد هؤلاء أن الإجراءات الحكومية الصحيحة يمكن أن تقلل آثار الكارثة، وبالتالي التقليل من حجم الخسائر.

إعلان

وفي هذا السياق، يقول الدكتور صاحب زادة إن هناك فجوة إدارية خطيرة من جانب الحكومة فيما يتعلق بالحد من مخاطر الكوارث أو التكيف مع تغير المناخ.

ويشير صاحب زادة إلى ما سماه تحديات خطيرة في نظام الإنذار المبكر، حيث لا يتوفر "رادار دوبلر" (لرصد تحولات الطقس) واحد في المناطق المنكوبة، وهو أحد التحديات الرئيسية الخطيرة، التي تضاف إلى ضعف تقييم المخاطر في هذه المناطق، حسب تقديره.

كما يضيف، في حديثه للجزيرة نت، "كنتُ في الميدان خلال الأيام الخمسة الماضية، لم أرَ موظفا واحدا من وزارة تغير المناخ، ولا تقريرا فنيا واحدا منها، وكنتُ أتساءل عما تفعله هذه السلطات أو مؤسسات تغير المناخ، وما هو عملها الفعلي. إنهم لا يُبلغوننا حتى بما حدث".

ويرى صاحب زادة أسباب القصور أيضا في عدم توفر البيانات الجوية والهيدرولوجية، وهو ما يصعب عمليا في الوقت الحالي إعداد تقرير خاص بهذه الظواهر، حيث يُمكن الحصول على بيانات آنية على أرض الواقع، كما يقول.

يذكر أن تقريرا سابقا للأمم المتحدة، قد أكد أن فيضانات عام 2022 في باكستان قد أودت بحياة ما لا يقل عن 1700 شخص، وخسائر اقتصادية تُقدر بنحو 40 مليار دولار، فيما لم يتم حصر الأضرار الاقتصادية النهائية نتيجة فيضانات هذا العام وأمطار هذا الموسم التي ما زالت متواصلة حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات تغي ر المناخ الریاح الموسمیة هطول الأمطار ما لا یقل عن تغیر المناخ للجزیرة نت فی إقلیم

إقرأ أيضاً:

الأرصاد تنظم ورشة عمل تدريبية إقليمية للتنبؤات الموسمية للمنطقة العربية بالتعاون مع مكتب الأرصاد الجوية البريطاني

في إطار توجيهات الدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني بدعم التعاون الدولي وتطوير برامج التدريب في مجالات الأرصاد والمناخ والتنسيق المستمر مع كافة الدول العربية والأجنبية في  مختلف المجالات وبناء القدرات في مختلف أنشطة الطيران المدني،، نظمت الهيئة العامة  للأرصاد الجوية إحدى الهيئات التابعة لوزارة الطيران المدني اليوم ورشه عمل تدريبية إقليمية حول التنبؤات الفصلية (WISER MENA SCAPE)بالتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية البريطانية UK Met OFFice ضمن إطار برنامج (WISER MENA) الداعم لتطوير القدرات الإقليميه في مجال المناخ، وذلك خلال الفترة من 7 إلى 11 ديسمبر الجاري بمشاركة عدد من الخبراء من دولة بريطانيا في مجال الأرصاد الجوية وعدد من المتدربين من الدول العربية الشقيقة ١٤ دولة وهم؛ " تونس - الجزائر-المغرب - ليبيا- موريتانيا-السودان-الصومال - العراق-الأردن-لبنان-سوريا- فلسطين-اليمن - الإمارات" وكذلك عدد من الخبراء بالهيئة العامة للأرصاد الجوية.

وفي هذا السياق، أكد الملاح هشام حسن طاحون رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية أن الهيئة تحرص علي تعزيز تبادل الخبرات وبناء القدرات البشرية في ضوء توجيهات الدكتور سامح الحفني نحو الاهتمام بالتدريب كونه يمثل خطوة أولى ضمن سلسلة من الأنشطة التي يجري تنفيذها بهدف تعزيز مهارات المشاركين في مجال التنبؤات المناخية الموسمية وتطوير قدراتهم علي إستخدام الأدوات الحديثه وإنتاج ونشر التنبؤات المناخية المبنية علي أسس علميه دقيقة ، كما يعمل هذا التدريب علي تطوير منظومة التنبؤات المناخية في المنطقه ودعم جهود التكيف مع تغير المناخ وخدمة خطط التنمية المستدامة

وتأتي هذه الورشة ضمن سلسلة البرامج التدريبية التي تنفذها الهيئة في إطار دورها الإقليمي بإعتبارها إحدى المراكز المعتمدة لدي المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بهدف تطوير المعرفة العلمية وتحديث تقنيات الرصد والتنبؤ بما يدعم الجهود الوطنية والإقليمية للتكيف مع تغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • دمار واسع وخسائر فادحة جراء فيضانات إقليم آتشيه الإندونيسي
  • جولات ميدانية مكثفة لدفع العمل ورفع كفاءة البنية التحتية بالمناطق الصناعية في العاشر من رمضان
  • إصلاح كسر خط المياه وتعزيز البنية التحتية بالمناطق الصناعية في العاشر من رمضان
  • ما الذي يسبب فيضانات آسيا الكارثية؟
  • "الشورى" يدعو لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة مشاريع البنية التحتية
  • الأرصاد تنظم ورشة عمل تدريبية إقليمية للتنبؤات الموسمية للمنطقة العربية بالتعاون مع مكتب الأرصاد الجوية البريطاني
  • وزير الثقافة: مصر تتبنى توجهًا يقوم على تطوير البنية التحتية الثقافية وتمكين المبدعين
  • التموين: تطوير البنية التحتية لتخزين الحبوب
  • نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون
  • الإٍسكان: 750 مليار جنيه تكلفة تنفيذ مشروعات البنية التحتية منذ 2014