الجزيرة:
2025-11-22@08:43:42 GMT

واشنطن تخلع قناع الدفاع وتعود للعالم برداء الحرب

تاريخ النشر: 9th, September 2025 GMT

واشنطن تخلع قناع الدفاع وتعود للعالم برداء الحرب

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 6 سبتمبر/أيلول 2025 أمرا تنفيذيا بتسمية وزارة الدفاع بـ"وزارة الحرب" مما أثار عاصفة من الجدل، بما يمثله من عودة رمزية إلى التسمية التي كانت سائدة حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية.

يعكس الاسم الجديد، بمعناه الصريح والمجرد عودة إلى منطق القوة الصلبة كأداة مركزية للسياسة الخارجية، ويشير إلى أن واشنطن لم تعد تكتفي بلغة الردع أو الدفاع، بل تسعى إلى فرض معادلات جديدة بقوة السلاح والدبلوماسية الحازمة.

يغوص هذا التقرير في رمزية تغيير الاسم من "الدفاع" إلى "الحرب" وما تحمله من دلالات تاريخية وسياسية، ويجيب عن سؤال هل هو مجرد تغيير شكلي، أو أنه يمثل إعادة تموضع جيوسياسي؟ وما انعكاسات هذه العقيدة الجديدة على الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط.

ترامب بعد توقيعه الأمر التنفيذي الذي يقضي بإعادة استخدام تسمية وزارة الحرب (الأوروبية)رمزية تغيير الاسم من الدفاع إلى الهجوم

قرار ترامب بإعادة تسمية وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب" يحمل دلالات تاريخية وسياسية عميقة. فالتسمية الأصلية كانت مستخدمة حتى عام 1947، حين تم تغييرها في سياق إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية.

واليوم، يعيد ترامب هذه التسمية في لحظة عالمية تتسم بتصاعد التوترات، وكأن واشنطن تعلن عودتها إلى منطق القوة الصلبة كأداة مركزية في سياستها الخارجية.

فقد صرّح الرئيس الأميركي للصحفيين بعد توقيعه للمرسوم التنفيذي بأن الاسم الجديد "أكثر ملاءمة في ضوء وضع العالم راهنا"، مضيفا أنه "يبعث رسالة النصر" إلى العالم.

وتكشف هذه التصريحات عن تحول في اللغة السياسية الأميركية، من لغة الدفاع إلى لغة الانتصار، ومن منطق الردع إلى منطق المبادرة الهجومية.

ولا يمكن لترامب أن يغير رسميا تسمية الوزارة من دون موافقة الكونغرس، لكن الأمر التنفيذي يسمح باستخدام التسمية الجديدة كاسم ثان لوزارة الدفاع.

إعلان

لم يكتفِ الأمر التنفيذي بتغيير الاسم، بل نص أيضا على اعتماد لقب "وزير الحرب" إلى جانب "وزير الدفاع".

وقال وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي كان حاضرا توقيع الأمر التنفيذي، وقد كلفه ترامب بإحداث تحول جذري في الوزارة، إن التغيير "لا يقتصر على التسمية، بل يتعلق باستعادة روح المحارب".

ورحب هيغسيث، وهو مذيع سابق في قناة "فوكس نيوز"، بتغيير اسم الوزارة، ونشر مقطع فيديو للوحة جديدة تحمل اسم "وزير الحرب" مثبتة على باب مكتبه في مبنى الوزارة البنتاغون.

ويضفي إدراج هذه الألقاب في الوثائق الرسمية شرعية مؤسساتية على التحول في العقيدة العسكرية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل بين السلطة التنفيذية والجيش، حيث تصبح "الحرب" ليس مجرد خيار بل هوية.

وبهذا المعنى، فإن إعادة التسمية ليست قرارا إداريا فقط، بل هي إعلان عن توجه إستراتيجي جديد يعيد تعريف العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم من خلال عدسة الصراع لا التفاهم.

انعكاسات العقيدة الجديدة على الشرق الأوسط

مع إعلان واشنطن عن تغيير اسم وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب"، كانت ملامح العقيدة العسكرية الجديدة قد بدأت تتجلى ميدانيا، خصوصا في الشرق الأوسط.

فقد وجّهت الإدارة الأميركية سابقا بنشر "قدرات إضافية" في منطقة مسؤولية القيادة المركزية، في خطوة اعتُبرت بمثابة تعزيز مباشر للوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وسط تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل وتنامي التهديدات العابرة للحدود.

وبرر الوزير هيغسيث هذا النشر بأنه يهدف إلى "تعزيز وضعنا الدفاعي في المنطقة"، إلا أن هذا التبرير يحمل في طياته رسالة ردعية واضحة تتجاوز حدود الدفاع. إذ يكشف هذا التصريح تعزيز فكرة التحوّل في العقيدة العسكرية من الدفاع السلبي إلى الردع الهجومي.

وباتت واشنطن ترى في الوجود العسكري المكثف وسيلة لفرض الاستقرار عبر القوة، لا عبر الوساطات أو التفاوض، وتعيد هذه الإستراتيجية الجديدة تشكيل ميزان القوى في المنطقة، وتلقي بثقل عسكري مباشر في وجه القوى الإقليمية التي تسعى لتوسيع نفوذها.

موقع فوردو النووي في إيران (الفرنسية)جدوى التغيير

يطرح الواقع تساؤلات جدية حول جدوى العقيدة الجديدة في ظل تعقيدات الواقع الإقليمي وتحديات الردع في عالم متعدد الأقطاب.

فقد كانت الولايات المتحدة نفذت في سياق التصعيد ضربات عسكرية استهدفت 3 منشآت نووية إيرانية، في محاولة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني.

وكان هذا التحرك، الذي يندرج ضمن عقيدة "الحرب الاستباقية" يهدف إلى إرسال رسالة ردع قوية إلى طهران، إلا أن تقييمات أولية للمخابرات الأميركية أشارت إلى أن هذه الضربات "لم تدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، بل عطّلته لأشهر".

ويسلط هذا التقييم الضوء على محدودية فعالية القوة العسكرية في تحقيق أهداف إستراتيجية طويلة الأمد.

فالضربات المحدودة، وإن كانت تظهر استعدادا لاستخدام القوة، قد لا تكون كافية لتغيير مسار برنامج نووي متجذر، بل قد تؤدي إلى تصعيد غير محسوب.

الولايات المتحدة نفذت ضربات عسكرية استهدفت 3 منشآت نووية إيرانية (تويتر)السلام عبر القوة.. عقيدة الردع الجديدة

في تفسير رسمي لقرار تغيير اسم وزارة الدفاع، أشار البيت الأبيض إلى أن الهدف هو "فرض السلام من خلال القوة". هذه العبارة التي جاءت في تصريح رسمي تختزل العقيدة الجديدة التي تتبناها واشنطن في العالم وبالتالي في الشرق الأوسط.

إعلان

لم تعد الولايات المتحدة تسعى إلى التهدئة عبر الوساطات أو التحالفات التقليدية، بل باتت تعتمد على استعراض القوة العسكرية كوسيلة لإعادة فرض هيبتها الدولية، خصوصا في منطقة تتنافس فيها قوى إقليمية ودولية على النفوذ.

في قلب هذا التحول، تبرز موازنة وزارة الحرب الجديدة التي تجاوزت التريليون دولار، ما أثار جدلا واسعا داخل الكونغرس الأميركي. فبين من يرى فيها موازنة "سلام" تهدف إلى الردع، ومن يعتبرها موازنة "حرب" غير مبررة، تتصاعد التساؤلات حول جدوى هذا الإنفاق الهائل في ظل غياب حرب شاملة.

ويعكس هذا الجدل انقساما داخليا حول أولويات واشنطن، بين من يدفع نحو الهيمنة العسكرية، ومن يطالب بإعادة النظر في الإستراتيجية، كما يشير هذا الإنفاق الضخم إلى أن تغيير الاسم جزء من مشروع مكلف يستدعي استثمارات هائلة في الأسلحة، والتقنيات العسكرية، وتعزيز الوجود العسكري.

لم يكن تغيير الاسم مجرد خطوة رمزية، بل ترتّب عليه تبعات مالية ضخمة، فقد قدّرت صحيفة بوليتيكو، في تقرير لها في 6 سبتمبر/أيلول 2025، أن تكلفة تعديل اللوائح، وطباعة الوثائق الرسمية، وتحديث اللوحات الحكومية قد تصل إلى مليارات الدولارات.

هذه الكلفة المادية المباشرة، بالإضافة إلى الكلفة الجيوسياسية المتمثلة في خطر التصعيد، تؤكد أن التغيير ليس مجرد إعادة تسمية بسيطة، بل هو قرار إستراتيجي شامل له أبعاد مالية وسياسية عميقة.

في ظل تعقيدات الواقع الإقليمي، وتحديات التوازن الدولي، وتكلفة الهيمنة، ثمة من يرى في الإستراتيجية الجديدة عودة إلى منطق القوة، ومن يعتبرها انزلاقا نحو عسكرة السياسة، ويبقى الشرق الأوسط ساحة اختبار حقيقية لهذه العقيدة الجديدة، التي قد تعيد تشكيل ملامح النفوذ الأميركي لعقود مقبلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة العقیدة الجدیدة الأمر التنفیذی الشرق الأوسط وزارة الدفاع وزارة الحرب تغییر الاسم الدفاع إلى إلى منطق إلى أن

إقرأ أيضاً:

رسوم وبصمات وقاعدة بيانات قومية| أين يقف المواطن في قلب المنظومة الجديدة للحج؟

وضع قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج (2022) أسس إنشاء بوابة إلكترونية موحدة تتولى إدارتها الجهة المختصة، بما يضمن ضبط الإجراءات والتنسيق بين الجهات الحكومية والجهات المنظمة للحج.

للعاملين بالأزهر الشريف.. رابط التسجيل في الحج 2026 وموعد نتيجة قرعة الجمعيات الأهليةالتضامن تجري القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية.. السبت المقبلكود تعريفي لكل حاج… وهوية رقمية إلزامية

وبحسب المادة 11 من القانون، تصدر البوابة كوداً تعريفياً خاصاً بكل حاج، تلتزم الجهات المنفذة بوضعه على جواز السفر وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية، ما يحول كل حاج إلى هوية رقمية يمكن تتبعها إلكترونياً منذ لحظة التسجيل حتى العودة.

وتمنح الجهة المختصة اسم مستخدم وكلمة مرور للجهات المنظمة للحج، التي بدورها تمنح البيانات نفسها للجهات المنفذة، بحيث يتم تسجيل بيانات المتقدمين والحاصلين على تأشيرات الحج عبر البوابة بشكل مركزي لأول مرة.

رسم استخدام البوابة… و50% لوزارة الداخلية

ونص القانون على تحصيل رسم لا يتجاوز 1000 جنيه مقابل إصدار بيانات الدخول للبوابة. وتؤول 50% أو قيمة تكلفة التشغيل – أيهما أكبر – لصالح وزارة الداخلية، بينما تذهب باقي الحصيلة إلى الخزانة العامة، على أن يحدد وزير الداخلية فئات هذا الرسم.

ربط إلكتروني بين الوزارات… وصحة الحاج تحت المراجعة

وألزمت المادة 14 الوزارات المعنية بالربط الإلكتروني المباشر مع البوابة:

وزارة الصحة: لتسجيل الحالة الصحية لكل حاج، والتحقق من لياقته الصحية قبل السفر.

وزارة القوى العاملة: لتسجيل بيانات العمالة الموسمية ومتابعة مشكلاتها في المملكة العربية السعودية.

وزارة الخارجية: للاطلاع على بيانات الحجاج والعمالة وتيسير الخدمات القنصلية عند الحاجة.

وتهدف هذه المنظومة إلى ضمان سلامة الحاج، وحل مشكلات العمالة الموسمية المصرية فورياً خلال موسم الحج.

مهام البوابة… من التحقق إلى البصمة العشرية

وتتولى الجهة المختصة عبر البوابة عدداً من المهام المحورية، أبرزها:

التحقق من الالتزام بالضوابط المنظمة لكل نوع من أنواع الحج بالتنسيق مع الجهات المنظمة.

مراجعة صحة بيانات الرقم القومي وربطها بقطاع الأحوال المدنية.

إرسال الكود التعريفي للحاج إلكترونياً إلى إدارة الجوازات والهجرة والجنسية.

الحصول على البصمة العشرية عبر الربط الإلكتروني بالإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية.

للعاملين بالأزهر الشريف.. رابط التسجيل في الحج 2026 وموعد نتيجة قرعة الجمعيات الأهليةالتضامن تجري القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية.. السبت المقبل

إرسال الكود التعريفي لشركات الطيران لاستصدار تذاكر السفر.

منظومة رقمية موحدة لأول مرة

يمثل القانون خطوة جوهرية نحو تحديث تجربة الحج المصرية، وتحويلها إلى عملية رقمية كاملة تضمن الشفافية، والصحة، والأمن، وسهولة التنقل بين الجهات المعنية، مع إنشاء سجل رقمي لكل حاج يرافقه منذ بداية التسجيل وحتى انتهاء الرحلة.

طباعة شارك رسوم بيانات قومية رسوم وبصمات قانون تنظيم الحج

مقالات مشابهة

  • مصدرسياسي: واحد من ثلاثة إيرانيين العقيدة والارتباط رئيس الحكومة الجديدة
  • الخط الأصفر في غزة.. والخطة الأمريكية في أوكرانيا
  • قناع الفضيلة انكشف| محمد موسى يكشف الوجه الحقيقي لـ سارة خليفة
  • وسائل إعلام: خطة ترامب الجديدة بشأن أوكرانيا تتوافق مع مقترحات بوتين
  • إعلام: واشنطن لم تُطلع الحلفاء الأوروبيين على خطة التسوية الأوكرانية الجديدة
  • واشنطن تُسرّع إنشاء قوة دولية لغزة.. قد يصلون بهذا الموعد
  • واشنطن تدعو الحكومة اليمنية للانضمام إلى قوة حفظ السلام في غزة
  • واشنطن تطالب أوكرانيا بالموافقة على إطار لإنهاء الحرب مع روسيا
  • رسوم وبصمات وقاعدة بيانات قومية| أين يقف المواطن في قلب المنظومة الجديدة للحج؟
  • سفيرة الرياض بواشنطن: الاتفاقيات بين السعودية وأمريكا ستوفر فرص عمل لمواطني البلدين