يحتفل الشعب المصري اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025، بالذكرى الثانية والخمسين لانتصارات حرب 1973، وهي المعركة التي سجلت صفحة من صفحات النضال الوطني وربطت بين الشعب وجيشه في مواجهة أي خطر يستهدف الوطن، ولقد كان «العبور العظيم» نقطة تحول كبرى ليس فقط في تاريخ مصر، بل في تاريخ العالم بأكمله، وذلك بعد أن حطمت القوات المسلحة، أسطورة «الجيش الذي لا يقهر»، التي لطالما روج لها العدو الإسرائيلي، الذي احتل سيناء في لحظة غدر من الزمن، ولكن يأتي نصر أكتوبر المجيد ليزيل آثار نكسة 1967، ليبدأ بعدها الدخول في مرحلة جديدة من البناء التي رسمت ملامح الدولة الحديثة.

ذكرى العبور العظيم

ومع كل ذكرى تمر على حرب السادس من أكتوبر 1973م، تتجدد الذكريات وبطولات الجنود، في العبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، ورفع العلم المصرى عاليا خفاقا على أرض سيناء المباركة.

وحرب أكتوبر ليست مجرد حرب لتحرير الأرض ولكنها أيضا نقطة تحول كبرى فى تاريخ الوطن، إذا أن استرجاع الأرض لم يكن الغاية القصوى، بل كانت تلك اللحظة التاريخية هي اللبنة الأساسية في بناء دولة مصرية حديثة، ذات سيادة كاملة وقدرة على اتخاذ قرارها المصيري، بعد إعادة هيبتها الدولية، ومكانتها التاريخية كدولة رائدة، وبدأت مرحلة البناء من الأجداد والآباء من خلال تقديم التحرير والعبور إلى سيناء، والآن يعمل الشعب على العبور بمنطقة سيناء القطعة الغالية من أرض الوطن إلى الجمهورية الجديدة لهذا الوطن.

مرحلة العبور

وبدأت التخطيط للعبور من اليوم الثاني للنكسة عندما قرر الشعب عدم الاستسلام وعدم الخضوع لهذا الواقع، بل قرر أن يغير هذا الوطن، والتي تعد أولى خطوات تحقيق النصر وهي عدم قبول الانتكاسة، ليخوض الشعب والجيش مرحلة حرب الاستنزاف «مرحلة استعادة الكرامة»، حرب استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة محققًا بطولات وطنية.

وقامت الحرب على أساس استنزاف قدرات الجيش الإسرائيلي ومنعه من الوصول إلى غرب القناة، وتضمنت حرب الاستنزاف ثلاث مراحل رئيسية هي مرحلة الصمود، ثم مرحلة المواجهة والدفاع، وأخيرا مرحلة الردع والحسم، لتصبح حرب الاستنزاف صفحة خالدة في تاريخ الشعب المصري.

ونجحت مصر خلال تلك الفترة في استكمال بناء منظومة الدفاع الجوى المصري، وتحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى إلى قرب حافة الضفة الغربية للقناة، وتنفيذ عدة عمليات لعبور الشاطئ الشرقي للقناة داخل عمق سيناء، كما أعادت بناء قواتها الجوية، وأعادت تنظيم وتدريب القوات المسلحة.

حرب أكتوبر 1973

مع وصول الرئيس أنور السادات إلى الحكم، بدأ في اتخاذ خطوات ملموسة لبناء معنويات الجيش والشعب المصري استعداداً للحرب القادمة، كان التركيز على التحضير العسكري والدبلوماسي بشكل متوازٍ، مع تحفيز الجنود والمواطنين لاستعادة روح الانتصار.

خلال السنوات التي سبقت حرب أكتوبر، عملت القيادة المصرية على تعزيز التدريبات العسكرية وتطوير استراتيجية هجومية دقيقة لإعادة سيناء، وفي الوقت نفسه، كان الخطاب العام يستهدف رفع المعنويات الوطنية، حيث ركزت الحكومة ووسائل الإعلام على تعزيز الروح الوطنية وزرع الأمل في تحقيق النصر وإعادة الأراضي المحتلة، حتى أن قامت الحرب.

نتائج حرب أكتوبر 1973

لقد كانت حرب أكتوبر معركة فاصلة في تاريخنا الحديث، أحدثت تغييرات عميقة كان لها انعكاساتها على على المستويين المحلي والعالمي، وكان من نتائجها أن بدأت عمليات السلام تأخذ مجراها في المنطقة، من خلال معاهدة السلام، التى حدثت بعد 16 شهرا من زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل في عام 1977 بعد مفاوضات مكثفة.

ووقع الرئيس السادات ورئيس الوزراء مناحم بيجن على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في البيت الأبيض بواشنطن في 26 مارس 1979، والتي نصت على إنهاء حالة الحرب بين الطرفين وإقامة سلام عادل بينهما، وسحب إسرائيل لكافة قواتها العسكرية وأفرادها المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين واستئناف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

وكان من نتائج حرب أكتوبر هو انقلاب المعايير العسكرية حيث أثبتت مصر تفوقها التكتيكي، مما أجبر العالم على إعادة تقييم الاستراتيجيات الحربية، وتغيير مستقبل الأسلحة وأثرت الحرب على تصميم المعدات العسكرية عالميا، وأدرك العالم أهمية التعاون والتضامن العربي تأثير النفط العربي،

واستطاعت الحرب إعادة الثقة للمقاتل المصري والعربي نفسه وقضيته، وأدرك المصريون أن قوتهم في وحدتهم، وأن سر الانتصار يكمن في مساندة الشعب ووقوفه إلى جانب جيشه الباسل.

يعد بناء قدرات الدولة العسكرية وتعظيمها امتدادًا طبيعيًا لروح أكتوبر المجيدة في ضرورة امتلاك جمهورية مصر العربية جيشًا عصريًّا حديثًا قويًّا، وذلك من خلال الدروس المستفادة من تلك الحرب، والتي أبرزها: تطبيق منظومة متكاملة للتدريب والارتقاء بالقدرات المختلفة، واستيعاب التطور التكنولوجي في مجال الأسلحة وتطبيقاته، وتنويع مصادر التسليح من العديد من دول العالم المتقدمة في هذا المجال، وإنشاء العديد من القواعد العسكرية الكبرى، وإجراء مناورات وتدريبات مشتركة مع دول العالم الكبرى ذات المدارس والاستراتيجيات العسكرية المختلفة.

البناء في سيناء

واستكمالاً لمعركة البناء والتنمية، حدثت إنجازات عملاقة ومشروعات قومية كبري، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد عام 2014، حاملا نفس روح أكتوبر، وبحكمة و عزيمة القائد في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من عواصف وتحديات متفرقة، ومنها: إقامة مصانع ومجمعات صناعية في وسط وشمال سيناء، وقناة السويس الجديدة، ومشروع إنشاء الأنفاق تحت قناة السويس، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وتطوير شرم الشيخ والعريش كوجهات سياحية عالمية، وشبكات الطرق والكباري، ومشروع المليون ونصف مليون فدان، والحملات القومية لحماية صحة المواطن، ومشروع إصلاح وتطوير التعليم، ومشروعات الإسكان وبناء المدن الجديدة، ومشروع تنمية سيناء، وكثير غيرها.

سيناء.. أرض الفيروز

وعاشت أرض الفيروز حقبة من الحروب، حيث خاض الأجداد والآباء في الوقت السابق حروب مباشرة بشكلها التقليدي، ثم جاءت حروب استهداف سيناء عقب ثورة 25 يناير 2011، وانتشار الفكر المتطرف والإرهاب واستعمار العقول، وكانت ثورة 30 يوليو هي الشعلة للتخلص من تلك الحروب، ونجحت القوات المسلحة في تطهير سيناء من الإرهاب بفضل يقظة الجيش وتضحياته، تم القضاء على التطرف.

ولكن في العهد الجديد تختلف أنواع الحروب التي تواجهها منطقة سيناء في الوقت الحالي، أصبحت هناك الحروب الإلكترونية، حروب الجيل الرابع بالإضافة إلى الضغوطات الاقتصادية التي تحيط بالعالم والتي لها أثار سلبية على مصر، وحاليًا تعتمد الحرب على فكرة إفشال الدول من الداخل، وإحداث أنواع مختلفة من التشيك والشائعات، التي تحتاج إلى زيادة الوعي من أجل تقدم ورفعة مصر إقليميا ودوليا.

استراحة محارب

أيقن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، لذلك عمل على إعادة تأهيل الجيش من جديد لاستعادة الأرض، وهيأ العالم لدخول مصر في حرب عادلة لاستعادة أرضها المغتصبة، وبعد رحليه استكمل الرئيس السادات ما بدأه سلفه إلى أن اتخذ قرار العبور العظيم، وبعد استعادة سيناء بدأت الدولة في أخذ «استراحة محارب» في عهد الرئيس حسني مبارك لتستعيد أنفاسها وتنهض باقتصادها الذي لاشك تنهكه الحروب، وتستكمل الجمهورية الجديدة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرحلة البناء والتقدم، وفي هذه الذكرى العظيمة يثبت المصريون التفافهم جول القيادة السياسية لمواجهة الأخطار المحدقة بالوطن، واستكمال مشروع التنمية الذي يعد «معركة» لابد من خوضها من أجل رفعة الوطن وعلو شأنه.

اقرأ أيضاًبعد 52 عاما.. لماذا يظل نصر أكتوبر أعظم معركة في تاريخ العرب الحديث؟

52 عاما على نصر أكتوبر المجيد.. ملحمة العبور التي أحدثت تغييرا في الفكر العسكري العالمي

الرئيس السيسي: وراء نصر أكتوبر إرادة شعب كامل رفض الهزيمة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أكتوبر 73 ابطال حرب اكتوبر اكتوبر حرب 6 أكتوبر كامل حرب 6 اكتوبر حرب اكتوبر حرب اكتوبر 1973 حرب اكتوبر 73 ذكرى حرب اكتوبر قصة حرب أكتوبر نصر أكتوبر نصر اكتوبر وثائق حرب أكتوبر العبور العظیم نصر أکتوبر حرب أکتوبر فی تاریخ

إقرأ أيضاً:

العبور العظيم

اليوم تمر الذكرى الـ52 على انتصار أكتوبر على العدو الصهيونى وما زلت أتذكر تفاصيل هذا الانتصار العظيم رغم أننى كنت فى المرحلة الابتدائية.

كنا فى اليوم العاشر من شهر رمضان الكريم عندما فاجأتنا الإذاعة المصرية بالبيان الأول للعبور فى تمام الساعة الرابعة و6 دقائق.

أذكر عقب هذا البيان تغير كل شىء فى الشارع المصرى، فرحة لا يمكن وصفها بعد سنوات من الانكسار عقب نكسة يونيو ١٩٦٧، امتلأت الشوارع بالمواطنين الذين خرجوا تلقائياً يرفعون الأعلام ويهتفون «الله أكبر».

فى المساجد دوت التكبيرات، وفى الإذاعة المصرية انطلقت الأغانى الوطنية، تبادل المصريون الأحضان والدموع، فبعد ست سنوات من مرارة الهزيمة عام ١٩٦٧ جاءت لحظة العبور لتعيد الكرامة والعزة لكل مصرى.

فقد انطلقت مع دقات الثانية ظهراً ساعة الصفر، وبدأت الطائرات المصرية أولى الضربات الجوية المكثفة على مواقع العدو فى عمق سيناء، لتفتح الطريق أمام أعظم عملية عبور فى التاريخ العسكرى الحديث. وفى وقت قياسى، نجح أبطال القوات المسلحة فى اقتحام قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين، ذلك الحاجز الذى قيل عنه إنه «لا يقهر».

أما فى البيوت والمقاهى فكانت جموع الشعب المصرى تلتف حول أجهزة الراديو فى انتظار بيانات جديدة عن بطولات الجيش المصرى بعد البيان الأول للعبور، تتابع انتصارات الجيش المصرى بلهفة، وكل خبر عن نجاح الجيش كان يستقبل بالزغاريد.

ورغم حالة الزهو والفرحة المصاحبة للانتصار كانت هناك حالة من الخوف والقلق تسيطر على أغلب الأسر التى لديها مقاتلون على الجبهة، وكنا من بين هذه الأسر، فقد كان لدينا ثلاثة أبطال فى ساحة القتال، أخى محمد مسعد الهلوتى مجند بسلاح المدفعية، وخالى ممدوح محمد رمضان نقيب احتياط بسلاح المشاة وكان من أوائل الذين عبروا قناة السويس وزوج خالتى النقيب مصطفى أبوالهدى بسلاح الحرب الكيماوية.

كنا وقتها ما زلنا فى حى بولاق أبوالعلا الشعبى العريق وكنت أذهب مع والدتى بعد الإفطار، إلى بيت جدى فى السبتية نتلمس أى أخبار عن خالى النقيب ممدوح رمضان، وإلى ورشة القطن للاطمئنان على زوج خالتى النقيب مصطفى أبوالهدى، إلى أن توقف القتال يوم ٢٨ أكتوبر، وعادوا بعد ذلك سالمين منتصرين، مع زملائهم من أبطال الجيش المصرى، وبعد أن سجل التاريخ واحدة من أعظم البطولات العسكرية فى العصر الحديث، وتحطيم أسطورة «الجيش الذى لا يقهر»، واستعادة العزة والكرامة العربية بعد سنوات من الانكسار والهزيمة.

ولم يكن العبور مجرد عملية عسكرية، بل كان معجزة هندسية وبطولة إنسانية، شارك فيها الجنود والمهندسون والمقاتلون فى تلاحم غير مسبوق، ليصنعوا ملحمة أعادت لمصر والأمة العربية ثقتها بنفسها.

ورغم مرور ٥٢ عاماً على هذا الانتصار العظيم ما زلت أتلمس هذه الذكرى العظيمة فى أغانى وأفلام النصر التى خلدت العبور العظيم وبطولات الجيش المصرى، وخاصة أفلام النجم الرائع الراحل محمود ياسين، التى أحرص على متابعتها حتى الآن «الرصاصة لا تزال فى جيبى» و«بدور» و«الوفاء العظيم»، ومعها فيلم «أيام السادات» لرئيس جمهورية التمثيل الرائع أحمد زكى، وما زلت أستمع فى ذلك اليوم إلى أجمل الأغانى التى صاحبت انتصار أكتوبر ومنها «بسم الله الله أكبر»، أول أغنية أذيعت عن حرب أكتوبر عام 1973، وكتب كلماتها عبدالرحيم منصور ولحنها بليغ حمدى فى وقت قياسى مستلهماً الكلمات من هتافات الجنود المصريين. وواجه بليغ حمدى صعوبة فى العثور على مطربين بسبب تشديد الإجراءات الأمنية، فاستعان بمجموعة من عمال وموظفى مبنى الإذاعة والتليفزيون، وأغنية «عبرنا الهزيمة» للعظيمة شادية، و«أم البطل» لشريفة فاضل وأغنية «عاش اللى قال» و«صباح الخير يا سينا» أيضاً لعبدالحليم، وأغنية «على الربابة» لوردة الجزائرية.

وفى الختام فإن حرب أكتوبر ليست مجرد ذكرى للنصر فقط وإنما هى رمز متجدد للعزة والبطولة والتضحية والفداء من أجل مصر.

 

مقالات مشابهة

  • ماجي الحلواني في ذكرى نصر أكتوبر: “حمادة إمام كان جندياً في المخابرات الحربية.. ويجب أن يفخر شباب مصر بهذا الانتصار العظيم”
  • العبور العظيم
  • مصر القومي: كلمة الرئيس السيسي في ذكرى أكتوبر تؤكد أن روح العبور ما زالت تقود مسيرة بناء الجمهورية الجديدة
  • برلماني: كلمة الرئيس في ذكرى أكتوبر جسدت روح النصر والعزيمة وأكدت استمرار معركة البناء والتنمية
  • في الذكرى 52 لنصر أكتوبر.. ملحمة البناء تتواصل في سيناء
  • إعلام عبري: المصريون يستهزئون بنا لاستضافة الوفد الإسرائيلي تزامنا مع ذكرى نصر أكتوبر
  • 52 عاما على نصر أكتوبر المجيد.. ملحمة العبور التي أحدثت تغييرا في الفكر العسكري العالمي
  • الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري والقوات المسلحة بـ ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة
  • رئيس كتلة الوفاء في لبنان: المقاومة بلغت مرحلة متقدمة من التعافي وإعادة البناء