سيمتلك كل الصلاحيات.. صحف عالمية: السير بلير يحلم بحكم غزة
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
تناولت صحف عالمية الحالة العسكرية والسياسية التي وصلت لها إسرائيل بعد عامين من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحدثت عن أحلام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في أن يصبح حاكما مستقبليا لقطاع غزة.
فقد نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن وثيقة مسربة تفاصيل الخطة التي أعدها مكتب توني بلير بالتعاون مع دوائر أميركية وإسرائيلية مقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لحكم غزة بعد الحرب.
وتتحدث الوثيقة عن تأسيس سلطة انتقالية يديرها بلير لفترة تتراوح بين 3 و5 سنوات، مع مديرين فلسطينيين محايدين ومجلس استشاري محلي لا يملك سلطة تنفيذية.
كما تنص على تأسيس صندوق لإعادة التأهيل والاستثمار بتمويل خليجي وغربي سيعمل بنظام ربحي، إلى جانب إنشاء قوة متعددة الجنسيات وحظر أي فصيل مسلح فلسطيني، وإعادة تنظيم قوات الأمن الفلسطينية بإشراف دولي.
وحسب الخطة، يمتلك هذا المجلس الانتقالي الذي سيقوده بلير جميع الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وسيستغرق التحضير له 3 أشهر يتم خلالها اختيار الأعضاء ثم 6 أشهر كمرحلة انتشار أولي.
وبعد ذلك، سيبدأ المجلس مرحلة إعادة تأهيل تمتد بين عامين إلى 3 أعوام، على أن يتم نقل الحكم تدريجيا لسلطة فلسطينية تم إصلاحها، بعد 5 سنوات، وفق هآرتس.
وفي السياق، قالت لوفيغارو الفرنسية إن تولي بلير رئاسة السلطة الانتقالية في غزة يشبه شبحا يبرز من كثبان رملية ضبابية، بعد 20 عاما من توليه منصب المبعوث الأممي للمنطقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الزعيم العمالي السابق "يعود للمنطقة وهو يشق طريقه بشكل غريب في موكب ترامب"، مضيفة "يبدو السير بلير طامحا في أن يكون حاكم غزة المستقبلي".
إسرائيل بعد عامين من الحربأما صحيفة واشنطن بوست، فذكرت في افتتاحيتها أن إسرائيل أصبحت أقوى من أي وقت مضى بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنها دفعت عزلتها الدولية ثمنا لذلك.
إعلانووفقا للصحيفة، فقد أضرت مواصلة إسرائيل للحرب بسمعتها الدولية، حيث أصبح النشطاء في أنحاء أوروبا يرددون شعارات مؤيدة للفلسطينيين، كما اعترفت الكثير من الدول بالدولة الفلسطينية وهو أمر ظل لسنوات حلما بعيد المنال.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل حتى داخل الولايات المتحدة حيث تراجع دعمها بشكل حاد بين الشباب والديمقراطيين، وتفاقم الصراع داخل الجمهوريين أيضا.
وختمت واشنطن بوست بالقول إن إسرائيل أضرت بنفسها خلال هذه الحرب، لأنها قوضت جهود السلام بسعيها لاغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) داخل قطر، واستفزت العديد من دول المنطقة.
إسرائيل قوة وعزلةوفي وول ستريت جورنال، قال مقال رأي إن إسرائيل أصبحت أقوى عسكريا وأكثر عزلة بعد الحرب التي أثارت ردود فعل عالمية وعرضتها لخطر فقدان الدعم الغربي الحيوي لبقائها.
ونقل المقال حديث كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية ميراف زونسزين، عن أن المواطنين العاديين سيدفعون ثمن الحرب لسنوات، كما نقل حديث السفير الأميركي السابق في تل أبيب دانييل شابيرو، الذي قال فيه إن استعادة مكانة إسرائيل تتطلب إنهاء الحرب وظهور قيادة جديدة.
وفي ليبراسيون الفرنسية، قال تقرير إن بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– يواصل عرقلة جهود تشكيل لجنة تحقيق بعد عامين من الحرب، وإن الإسرائيليين ما زالوا بلا إجابات.
واعتبر التقرير أن رفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق يعكس خوفا شخصيا وسياسيا، مشيرا إلى أن هذه اللجنة ستكون لها صلاحية الاستماع للقادة الرئيسيين وفحص الوثائق السرية وتحديد المسؤوليات على غرار لجنة أغرانات التي تشكلت بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، ولجنة فينوغراد بعد حرب لبنان.
وإلى جانب التكلفة السياسية، فإن الخطر الذي يواجهه نتنياهو شخصي أيضا -حسب التقرير- لأن اللجنة سيكون لها حق التوصية بعزله أو حتى إعادة فتح النقاشات بشأن مسؤوليته المباشرة عن إدارة الأمن القومي.
وفي افتتاحيتها، تساءلت صحيفة لوموند عن إمكانية إحداث خرق في المفاوضات الجارية في مصر حاليا لوقف الحرب، وقالت إن الأمر لو نجح سيكون بسبب تغيير الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رأيه بعد أن أيد مواقف نتنياهو لفترة طويلة.
وأضافت الصحيفة أن هذا التغير في موقف ترامب نابع أيضا من أنه أدرك أخيرا أن مصالح بلاده تتقاطع مع مصالح حكومة إسرائيل الحالية، ولأن الحرب من أجل الحرب تجاوزت كل الحدود، ولأنه لم يعد ممكنا تجاهل الانتقادات الدولية للانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
وقالت الصحيفة إنه من المؤسف أن يتطلب الوصول إلى هذه اللحظة حصيلة كارثية من الضحايا المدنيين والجرحى ومستوى خطيرا من الحرمان من كل شيء، رغم أن إنهاء ذلك كان ممكنا قبل أشهر.
ولفتت إلى أن السلام الذي يحاول ترامب تخليد اسمه فيه تاريخيا يتطلب الثبات والإصرار والنزاهة والجدية والتأكيد على أفق سياسي واضح لن يعكسه إلا حل الدولتين.
أما السفير الأميركي لدى تل أبيب مايك هاكابي، فقال في مقابلة مع "هآرتس"، إن إسرائيل تفضل عدم الانخراط في نزع سلاح حماس إذا تولى طرف آخر هذه المهمة، وإنها سترحب بعودة جنود الاحتياط إلى منازلهم.
إعلانوأشار هاكابي إلى أن نزع سلاح حماس ليس مسألة تتعلق باليوم التالي للحرب وإنما باليوم السابق "لأنه من غير الممكن الحديث عن اليوم التالي طالما الحركة تقاتل وتهدد الناس وتحتجز رهائن".
كما لفت إلى أن خطة اليوم التالي "ستشمل دولا عربية ولن تديرها إسرائيل التي ستكون جزءا من محيط أمني متفق عليه"، معربا عن أمله في أن تكون الدول العربية مستعدة للمشاركة في قوة استقرار دولية رغم عدم وضوح ذلك حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات إلى أن
إقرأ أيضاً:
عامان على حرب غزة .. مظاهرات عالمية ورفض متصاعد لإسرائيل
بدأت إسرائيل حربها على قطاع غزة مدعومة بغطاء سياسي غربي واسع، وبتعاطف دولي غير مسبوق عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة "حماس" على مواقع عسكرية وبلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر، وهو الهجوم الذي وصفته تل أبيب بأنه "الأسوأ في تاريخها".
غير أن هذا التعاطف الذي أضاءت لأجله معالم عالمية بألوان العلم الإسرائيلي، تراجع تدريجيًا مع اتساع رقعة الدمار والمآسي الإنسانية في القطاع، حتى وجدت إسرائيل نفسها بعد عامين في عزلة غير مسبوقة، تواجه انتقادات ومقاطعة دولية شاملة.
في الأسابيع الأولى للحرب، اعتُبرت العمليات العسكرية الإسرائيلية "دفاعًا عن النفس"، لكن مع تصاعد مشاهد القصف العشوائي وتدمير الأحياء السكنية ومقتل عشرات آلاف المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، تغيّر المزاج العالمي. غمرت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو التي تُظهر الجوع والموت والدمار، ما دفع الرأي العام الدولي للتحول من الدعم إلى الإدانة.
وسعت إسرائيل لتبرير ممارساتها بالادعاء أنها تحذر المدنيين قبل القصف وتنفي وجود مجاعة في غزة، رغم التقارير الأممية التي أكدت العكس. كما ساهمت مقاطع مصوّرة نشرها جنود إسرائيليون من داخل القطاع، تُظهر عمليات تدمير واسعة لأحياء كاملة "انتقامًا لمقتل جنود"، في صدمة الرأي العام الدولي، خاصة حين نُشرت لقطات لجنود يحتفلون بتدمير منازل فلسطينية في مناسبات شخصية.
تصريحات قادة اليمين تلهب الرأي العام العالميتصاعدت موجة الغضب الدولي إثر تصريحات وزراء في الحكومة الإسرائيلية اليمينية، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الذين دعوا صراحة إلى احتلال غزة وإعادة الاستيطان فيها وتهجير سكانها. عبارات من قبيل "لا أبرياء في غزة" و"لنلقِ عليهم القنبلة النووية" أثارت صدمة دولية، واعتُبرت دليلاً على أن الحرب فقدت مبرراتها الدفاعية وتحولت إلى حرب إبادة.
كذلك، لعبت تصريحات المعارضة الإسرائيلية دورًا في كشف البعد السياسي الداخلي للحرب، إذ اتهم قادتها حكومة بنيامين نتنياهو بإدامة القتال لإطالة عمرها السياسي، ما عزز القناعة الدولية بأن استمرار الحرب يخدم أهدافًا سياسية لا أمنية.
مظاهرات عالمية ورفض متصاعدتدفقت المظاهرات في القارات الخمس، من الجامعات الأمريكية إلى شوارع باريس ولندن وروما، مرورًا بأمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وأستراليا، حيث خرج الملايين مطالبين بوقف الحرب. كما خرجت مظاهرات داخل إسرائيل نفسها، تقودها عائلات الرهائن، تطالب بإنهاء القتال والتوصل إلى اتفاق يعيد أبناءهم أحياء.
هذه الموجة العالمية من التضامن مع غزة مثّلت أحد أقوى التحولات في الرأي العام منذ عقود، وأظهرت أن إسرائيل لم تعد قادرة على تبرير أفعالها أمام العالم.
الداخل الإسرائيلي يعترف بتراجع المكانة الدوليةأظهر استطلاع لمعهد الديمقراطية في جامعة تل أبيب أن 73% من الإسرائيليين يعتقدون أن مكانة دولتهم على الساحة الدولية اليوم أسوأ مما كانت عليه قبل الحرب، فيما يرى 66% أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزة.
صحيفة "هآرتس" لخصت الوضع بقولها إن إسرائيل "تفقد شرعيتها تدريجيًا وتوضع ضمن مجموعة الدول المنبوذة"، مشيرة إلى أن المقاطعة تأخذ أشكالاً متعددة، من العقوبات على المستوطنين إلى حظر دخول الوزراء، ورفض العمال في الموانئ تحميل السفن الإسرائيلية، وحظر المنتجات الزراعية الإسرائيلية في سلاسل المتاجر الكبرى، وانسحاب صناديق الاستثمار من الشركات الإسرائيلية والأمريكية الداعمة للحرب.
حتى قطاع التكنولوجيا الذي طالما كان مصدر فخر لإسرائيل، بدأ يشعر بالضغط، إذ تفكر شركات ناشئة عدة في نقل مقارها إلى دول أخرى لتفادي الضرر المتنامي لصورتها.
انهيار سياسي واستراتيجيمن جانبه، كتب الصحفي بن درور يميني في "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل تواجه "انهيارًا سياسيًا واستراتيجيًا" رغم قوتها العسكرية، مضيفًا أن المقاطعة الاقتصادية بدأت تؤثر على الصادرات والواردات، وأن الافتراض القائل بأن الضغط العسكري سيؤدي إلى تنازلات فلسطينية ثبت فشله.
وأوضح يميني أن الضغط الدولي المتزايد، المدفوع بالصور والمآسي، "دفع إسرائيل من الانهيار إلى حافة الانهيار التام"، معتبرًا أن اتفاق وقف القتال الأخير، حتى لو مؤقتًا، أنقذ إسرائيل من السقوط الكامل.
وأشار إلى أن إسرائيل، رغم تفوقها العسكري، "كسبت المعركة وخسرت الحرب"، إذ تآكلت إنجازاتها الاستراتيجية ضد إيران وحزب الله بسبب الضرر الهائل الذي لحق بمكانتها الدولية، مشددًا على أن "العزلة المتنامية قد تتحول قريبًا إلى أزمة وجودية ما لم تغيّر إسرائيل نهجها جذريًا".
وبعد عامين من الحرب، وجدت إسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة غضب شعوب العالم ومقاطعة اقتصادية وسياسية متصاعدة، بعدما فقدت ما تبقى من رصيد التعاطف الدولي. وبينما تحاول الحكومة تبرير استمرار الحرب، يرى محللون إسرائيليون وغربيون أن تل أبيب اليوم تخوض معركتها الأصعب: استعادة شرعيتها المفقودة في عالم لم يعد يصدّق روايتها.