المال السائب.. والوزارات المترهلة.. نحو خارطة إصلاح
تاريخ النشر: 9th, October 2025 GMT
9 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة:
كتب الخبير المهندس رحيم المالكي:
طالما المال سائبا فهو يعلم السراق على سرقته، وحين يغيب الانضباط المالي تغيب معه هيبة الدولة وتتسلل الفوضى إلى مفاصل القرار. ومن هذا المنطلق أجد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من ضبط حركة المال العام ووضعه تحت إشراف مؤسسي صارم يمنع التجاوزات والصفقات المريبة التي أرهقت خزينة الدولة وأفسدت الإدارة.
وأقترح في هذا السياق تأسيس هيئة عليا للعقود ترتبط برئيس الوزراء القادم حصراً، تضم ممثلين عن هيئتي النزاهة والرقابة المالية، ويكون لها مندوب دائم في كل وزارة، لتراقب وتوافق على جميع العقود الحكومية. كما أرى ضرورة تحديد صلاحية الوزير في التوقيع على العقود بما لا يتجاوز مليون دولار، على أن تخضع العقود الأعلى لموافقة هذه الهيئة مباشرة، ضماناً للشفافية ومنعاً لهيمنة أدوات الفساد التي اعتادت التحايل على النصوص.
وأدعو إلى دمج وزارتي النفط والكهرباء في وزارة واحدة تُسمى “وزارة الطاقة”، لتفادي مشكلة تزويد محطات الكهرباء بالوقود وتوحيد القرار الفني والمالي ضمن هيكل إداري منسق. فالانفصال بين الجهتين هو أحد أهم أسباب فشل منظومة الطاقة في العراق، إذ لا يمكن فصل إنتاج الوقود عن تشغيل المحطات.
كما أقترح دمج وزارتي الصناعة والتجارة في كيان واحد يوحد القرار الاقتصادي ويُنهي مشاكل البطاقة التموينية التي ظلت عالقة بين الوزارتين دون حسم. فالصناعة الوطنية لا يمكن أن تتطور ما لم يكن القرار التجاري جزءاً من رؤيتها الإنتاجية.
ومن الضروري أيضاً دمج وزارتي الزراعة والموارد المائية لأن العلاقة بينهما عضوية لا تنفصل؛ فالماء أساس الزراعة، وأي تخطيط ناجح للموارد لا يمكن أن يتم بمعزل عن التخطيط الزراعي. وبهذا نكون قد اختزلنا ثلاث وزارات كاملة بدرجاتها وهياكلها المترهلة، واكتفينا بوكيل وزير واحد للشؤون الفنية بدلاً من ثلاثة وكلاء تتقاسمهم المحاصصة السياسية.
وفي جوهر هذه الرؤية تكمن دعوة للإصلاح الإداري العميق، فالدولة التي تتوزع فيها الصلاحيات بلا منطق ولا انسجام تفقد قدرتها على العمل المتكامل. إن الدمج ليس مجرد إجراء تقشفي، بل إعادة بناء لمفهوم الدولة الحديثة القائمة على الكفاءة والترشيد. وإذا ما تحققت هذه الخطوات بجدية، فستكون مقدمة حقيقية لولادة إدارة جديدة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتمنح المواطن ثقة بأن المال العام لم يعد سائبا، وأن عهد الفوضى الإدارية قد بدأ ينحسر فعلاً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
رئاسة الجمهورية:ليس لدينا علم بقرارات وقوانين الدولة !!
آخر تحديث: 6 دجنبر 2025 - 9:54 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- نفت رئاسة جمهورية العراق، امس الجمعة، علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب الله اللبناني “جماعة إرهابية”، وتجميد الأصول والأموال العائدة إليهم.وقالت الرئاسة في بيان رسمي، إن مثل هذه القرارات لا تُرسل إليها، مشيرة إلى أن ما يصل إليها للتدقيق والمصادقة والنشر يقتصر على القوانين التي يصوت عليها مجلس النواب والمراسيم الجمهورية.وأضاف البيان أن قرارات مجلس الوزراء أو لجان تجميد أموال الإرهابيين وتعليمات مكافحة غسيل الأموال لا تُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة.وأكد البيان أن رئاسة الجمهورية لم تطلع أو تعلم بهذا القرار إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى إصدار التوضيح الرسمي.وأدرجت السلطات العراقية- لجنة تجميد أموال الإرهابيين، حزب الله اللبناني، وجماعة “أنصار الله- الحوثيين” في اليمن على قوائمها، تنفيذاً لحزم من قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتمويله، وذلك بحسب ما ورد في العدد 4848 من جريدة الوقائع العراقية الصادر في 17 تشرين الثاني 2025.وسرعان ما تراجعت السلطات العراقية عملياً عن قرار الإدراج هذا، بعد نشر توضيح رسمي و وثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي تؤكد أن موافقة بغداد اقتصرت على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم داعش والقاعدة حصراً.كما وجّه رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، بإجراء تحقيق “عاجل” بشأن القرار، والذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية وخاصة التي تدعم ما يسمى “محور المقاومة” في البلاد.وقامت الزعامة الاطارية بحذف السوداني من كروب الإطار على الوتساب ، هذا وأكد خبراء بالقانون، قانونية تصحيح أي قرار ينشر في جريدة الوقائع العراقية، لكنهم أوضحوا أن القرار الخاص بتصنيف “الحوثيين” وحزب الله كمنظمات إرهابية، هو جاء استنادا لتصنيف مجلس الأمن الدولي، الذي هو مُلزم دوليا.