كييف- من جديد، وطأت أقدام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أراضي الولايات المتحدة الأميركية، وعينه هذه المرة على الدفاعات الجوية المتطورة، وعلى صواريخ "توماهوك" المجنحة بعيدة المدى، التي يراها ضرورية جدا للضغط على روسيا وإجبارها على التفاوض وإنهاء الحرب على بلاده.

ويعتبر زيلينسكي في تصريحه أن لغة القوة والعدالة ستنجح بالتأكيد مع موسكو، وأنها سارعت إلى استئناف الحوار بمجرد سماعها "توماهوك" لأنها تخشى حصول بلاده عليها من واشنطن.

.

وقبل أيام، شارك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، زيلينسكي هذا الرأي، وعبر عن استعداده لتزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، لأنها "فعالة، وتمتلك بلاده كثيرا منها".

وفعلا، قالت هيئة أركان الجيش الأوكراني إن "هناك إشارات إيجابية، وإن مناقشة توريد صواريخ "توماهوك" وأنظمة حديثة أخرى تجري الآن".

 

مسار الحرب

أصبح موضوع هذه الصواريخ حديث الساعة بين المسؤولين وكثير من خبراء الحرب في أوكرانيا، لأنهم يعتبرونه منعطفا مهما وجذريا في مسار الحرب المستمرة على بلادهم منذ فبراير/شباط 2022.

ويقول الخبير العسكري الأوكراني والعقيد في قوات الاحتياط أوليغ جدانوف للجزيرة نت، "لهذه الصواريخ رمزية قبل الفاعلية بالنسبة للروس. فبها تفوقت الولايات المتحدة على الاتحاد السوفياتي ودول حلف وارسو أثناء الحرب الباردة".

ويخشاها الروس -وفقا له- لأنها بعيدة المدى، وقادرة على تجنب الدفاعات الجوية والوصول إلى أهدافها بدقة، واختراق التحصينات. وستكون مؤثرة "دون شك" إذا حصلت أوكرانيا على كميات كبيرة منها.

ويوضح الخبير جدانوف "إذا ما حصلنا على هذه الصواريخ، سنتمكن من استهداف، ليس فقط المصانع والمنشآت ومحطات الطاقة، بل القواعد والمطارات والمواقع العسكرية الإستراتيجية المحصنة، في محيط يبعد أكثر من ألفي كيلومتر عن الحدود". وتابع "وعليه، فإن هذا لا يعني نهاية سريعة للحرب، بل تصعيدا كبيرا يدفع في النهاية إلى تفاوض عادل لوقفها".

تعويل مفرط

لكنّ خبراء آخرين يشككون في إمكانية حصول بلادهم على هذا السلاح أصلا، ولا يرون فيه أكثر من أداة ضغط جديدة على روسيا، ولن تغير مسار الحرب وترسم نهايتها.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت، قال الخبير العسكري إيفان ستوباك "أعتقد بنسبة 99.9% أن أوكرانيا لن تحصل على صواريخ توماهوك. إنها باهظة الثمن بالنسبة لنا وللحلفاء الداعمين".

وأضاف ستوباك، الذي شغل منصب مستشار شؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، "أثبتت توماهوك فعاليتها في حربي العراق وأفغانستان. لكنها أطلقت حينها بكميات كبيرة دفعة واحدة. كييف تحتاج مئات منها، بضع عشرات لن يغير مسار الحرب".

والأهم من ذلك كله -في رأيه- أن أوكرانيا لا تمتلك منصات لإطلاق هذه الصواريخ، فهي تطلق من البحر. والولايات المتحدة نشرت حاملاتها قرب الصين وكوريا الشمالية. كما أن كييف لن تحصل على منصات الإطلاق الأرضية الجديدة قبل غيرها، كألمانيا التي تنتظرها في 2026.

ترامب يتراجع

وحتى لو وجدت النيات الأميركية لتلبية مطالب كييف وتزويدها بصواريخ "توماهوك"، فإن الشارع الأوكراني يسوده قلق قديم متجدد، كلما تعلق الأمر بتصريحات وقرارات ترامب، أو تم الإعلان عن اتصال بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

فبمجرد أن تم الإعلان عن اتصال بينهما دام ساعتين، وعن لقاء مباشر عاجل سيجمعهما خلال أسبوعين، تراجع ترامب عن رأيه السابق، وقال أمس الخميس بحذر، ردا على سؤال عن إمكانية تسليم هذه صواريخ النوعية بعيدة المدى إلى كييف، "لا يمكننا استنفاد احتياطات بلدنا (من صواريخ توماهوك). نحن أيضا بحاجة إليها، لذلك لا أعرف ما الذي يمكننا فعله".

ويتوجس الأوكرانيون خيفة من أن يؤثر هذا التراجع المفاجئ على نتائج زيارة الرئيس الأوكراني إلى واشنطن، وما يريد حمله في طريق العودة؛ حتى أن موقع "أكسيوس" قال، إن زيلينسكي والوفد المرافق له شعروا بـ"صدمة" عندما علموا بالاتصال الذي جمع ترامب وبوتين، واتفاقهما على عقد لقاء جديد في بودابست.

يقول مدير مركز هاران لـ"التحليل السياسي" للجزيرة نت، أوليكسي "نعم، ثمة فرق بين ما يقوله ترامب وما يفعله. وقد تقلبت مواقفه كثيرا خلال الشهور الماضية، لكني أعتقد أنه منح بوتين عدة فرص لتحقيق سلام هو يريده شخصيا لنفسه، لكنه اقتنع أن ذلك لن يتحقق بسهولة".

وباعتقاده، لا يريد ترامب في النهاية، أن تعود روسيا إمبراطورية إذا انتصرت في هذه الحرب، ولكنه قد يؤجل قراراته بـشأن "توماهوك" والعقوبات الثانوية وغيرها، حتى يلتقي ببوتين من جديد ويتحدث إليه.

واختتم "هذا يدعو للتشاؤم والاستياء طبعا. نحن في أوكرانيا نؤمن بأن الرئيس الروسي يراوغ ليكسب الوقت. وبناء على الاتصالات والتجارب السابقة، الأمر قد يطول عدة أسابيع أو شهورا مرة أخرى، ريثما يفهم ترامب أن بوتين ليس جادا، وأنه لا يريد التفاوض ووقف الحرب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات هذه الصواریخ مسار الحرب

إقرأ أيضاً:

هل أغلق ترامب الباب أمام إرسال صواريخ توماهوك لأوكرانيا؟.. مصادر توضح لـCNN

(CNN)-- قالت مصادر مطلعة على محادثتهما لشبكة CNN، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يستبعد إمكانية إرسال الولايات المتحدة صواريخ توماهوك كروز بعيدة المدى إلى أوكرانيا خلال مكالمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وبحسب مصدرين، فإنه من غير المتوقع أيضا أن يلتزم ترامب بتوفير الأسلحة الأمريكية الصنع التي قد تغير قواعد اللعبة بشدة، خلال اجتماعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، الجمعة. وحذر المصدران من أن الأمور قد تتغير دائمًا بمجرد أن يكون الرئيس بمفرده في غرفة مع الأوكرانيين.

وقال مسؤولون أمريكيون إن الرئيس الأمريكي، في السر والعلن بدا أكثر استعدادا للسماح لأوكرانيا بالحصول على الصواريخ بعيدة المدى في الأسابيع الأخيرة. وأضاف المسؤولون أن الإدارة وضعت خططا لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، في حالة إن أصدر ترامب الأمر بذلك، ويؤكدون أنه يمكنه القيام بذلك في أي وقت إذا رأى ذلك مناسبا.

وأضاف المسؤولون أن ترامب كان يحجم عن ذلك على أمل الحصول من زيلينسكي على فكرة أفضل عن الكيفية التي يخطط بها لاستخدام هذه الأسلحة.

وكان زيلينسكي وكبار مساعديه وصفوا هذه الأسلحة - التي يتجاوز مداها 1600 كيلومتر - بأنها قد تؤدي إلى تغيير مجرى الحرب ضد روسيا. وقالوا إنهم اعتبروا إمكانية استلامها تهديدا له جاذبية، على أمل أن يجبر زيلينسكي، بوتين على العودة إلى طاولة المفاوضات.

وهذا بالتحديد ما يبدو أنه قد حدث - مع أنه لا يزال من غير الواضح ما الذي قد يكون قد تغير، إن وُجد، منذ لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا قبل شهرين، ما يزيد من احتمالية التوصل إلى اتفاق سلام.

وقبل حوالي 24 ساعة من الموعد المقرر للقاء زيلينسكي بترامب في واشنطن، قام بوتين بمحاولة أخيرة للتدخل لدى الرئيس الأمريكي ووقف أي حديث عن إرسال الأسلحة الأمريكية الفتاكة إلى كييف.

وأسفرت مكالمته الهاتفية المطولة عن وعد بلقاء الزعيمين في بودابست "في غضون أسبوعين تقريبا"، حسب قول ترامب - وهو ما يبدو أنه منح موسكو المزيد من الوقت مع تزايد رغبة ترامب في التوصل إلى اتفاق سلام بعد نجاح إدارته في مفاوضات الشرق الأوسط. مع ذلك، لم يسقط ترامب تهديداته العسكرية الجديدة أثناء حديثه مع بوتين، الخميس.

وقال ترامب للصحفيين في وقت لاحق من ذلك اليوم: "لقد قلتُ له بالفعل: هل تمانع لو أعطيتُ معارضيكم بضعة آلاف من صواريخ توماهوك؟ قلتُ ذلك له. قلتها بهذه الطريقة فقط. لم تعجبه الفكرة".

وجادل مسؤول في إدارة ترامب بأن الأمر كله يتعلق بالنفوذ: "لماذا يتخلى عن هذا النفوذ؟ لن يتخلى عن التهديد إلا بعد أن يصبح غير ضروري".

وأكد مسؤول أمريكي آخر هذا الرأي، وقال لشبكة CNN إن ترامب يسعى لإنهاء الحرب ويركز على النهج الدبلوماسي أولا، مشيرا إلى أن التهديد بإرسال صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا هو إحدى الأدوات المتاحة له كجزء من هذا الجهد.

وقيل إن بوتين أكد خلال المكالمة أن صواريخ توماهوك - التي يمكن لمداها استهداف المدن الروسية الكبرى مثل موسكو وسانت بطرسبرغ - لن يكون لها تأثير كبير على ساحة المعركة، حسبما ذكرته CNN في وقت سابق. لكنه جادل بأنها ستضر بالعلاقة الأمريكية- الروسية.

وسبق أن جادل بوتين بأنه إذا اختار ترامب إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، فسيغير ذلك كليا مستوى التدخل الأمريكي في الحرب حتى الآن، مشيرا إلى أن هذه الأسلحة من المرجح أن تتطلب مشاركة الأمريكيين في تشغيلها.

ويشكل خطر التصعيد أيضا مصدر قلق لدى بعض المسؤولين الأمريكيين، مع أن آخرين قالوا إن الخطوات السابقة التي بدت تصعيدية - مثل السماح لأوكرانيا بامتلاك أنظمة صاروخية أو أسلحة أكثر قوة - لم تؤد إلى تصعيد الصراع بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • هل أغلق ترامب الباب أمام إرسال صواريخ توماهوك لأوكرانيا؟.. مصادر توضح لـCNN
  • روسيا: تسليم صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا خطوة عدائية
  • ماذا دار بين ترامب وبوتين خلال المكالمة الهاتفية؟.. هذا ما ستفعله صواريخ توماهوك
  • ترامب: لا يمكننا “استنفاد” مخزوننا من صواريخ توماهوك
  • ضربات روسية تستهدف منشآت للغاز في أوكرانيا .. وزيلينسكي يبحث مع ترامب تسليم صواريخ توماهوك
  • مسؤول أوكراني: زيلينسكي في واشنطن من أجل "صواريخ توماهوك"
  • زيلينسكي يزور العاصمة الأمريكية واشنطن لبحث صفقة صواريخ توماهوك
  • صواريخ توماهوك لأوكرانيا: سلاح يغير المعادلة أم ورقة ضغط على موسكو؟
  • ترامب: الولايات المتحدة تمتلك مخزونًا كبيرًا من صواريخ توماهوك