أوكرانيون يقيّمون تأثير صواريخ توماهوك على مسار الحرب
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
كييف- من جديد، وطأت أقدام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أراضي الولايات المتحدة الأميركية، وعينه هذه المرة على الدفاعات الجوية المتطورة، وعلى صواريخ "توماهوك" المجنحة بعيدة المدى، التي يراها ضرورية جدا للضغط على روسيا وإجبارها على التفاوض وإنهاء الحرب على بلاده.
ويعتبر زيلينسكي في تصريحه أن لغة القوة والعدالة ستنجح بالتأكيد مع موسكو، وأنها سارعت إلى استئناف الحوار بمجرد سماعها "توماهوك" لأنها تخشى حصول بلاده عليها من واشنطن.
وقبل أيام، شارك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، زيلينسكي هذا الرأي، وعبر عن استعداده لتزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، لأنها "فعالة، وتمتلك بلاده كثيرا منها".
وفعلا، قالت هيئة أركان الجيش الأوكراني إن "هناك إشارات إيجابية، وإن مناقشة توريد صواريخ "توماهوك" وأنظمة حديثة أخرى تجري الآن".
مسار الحرب
أصبح موضوع هذه الصواريخ حديث الساعة بين المسؤولين وكثير من خبراء الحرب في أوكرانيا، لأنهم يعتبرونه منعطفا مهما وجذريا في مسار الحرب المستمرة على بلادهم منذ فبراير/شباط 2022.
ويقول الخبير العسكري الأوكراني والعقيد في قوات الاحتياط أوليغ جدانوف للجزيرة نت، "لهذه الصواريخ رمزية قبل الفاعلية بالنسبة للروس. فبها تفوقت الولايات المتحدة على الاتحاد السوفياتي ودول حلف وارسو أثناء الحرب الباردة".
ويخشاها الروس -وفقا له- لأنها بعيدة المدى، وقادرة على تجنب الدفاعات الجوية والوصول إلى أهدافها بدقة، واختراق التحصينات. وستكون مؤثرة "دون شك" إذا حصلت أوكرانيا على كميات كبيرة منها.
ويوضح الخبير جدانوف "إذا ما حصلنا على هذه الصواريخ، سنتمكن من استهداف، ليس فقط المصانع والمنشآت ومحطات الطاقة، بل القواعد والمطارات والمواقع العسكرية الإستراتيجية المحصنة، في محيط يبعد أكثر من ألفي كيلومتر عن الحدود". وتابع "وعليه، فإن هذا لا يعني نهاية سريعة للحرب، بل تصعيدا كبيرا يدفع في النهاية إلى تفاوض عادل لوقفها".
تعويل مفرطلكنّ خبراء آخرين يشككون في إمكانية حصول بلادهم على هذا السلاح أصلا، ولا يرون فيه أكثر من أداة ضغط جديدة على روسيا، ولن تغير مسار الحرب وترسم نهايتها.
إعلانوفي حديث للجزيرة نت، قال الخبير العسكري إيفان ستوباك "أعتقد بنسبة 99.9% أن أوكرانيا لن تحصل على صواريخ توماهوك. إنها باهظة الثمن بالنسبة لنا وللحلفاء الداعمين".
وأضاف ستوباك، الذي شغل منصب مستشار شؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، "أثبتت توماهوك فعاليتها في حربي العراق وأفغانستان. لكنها أطلقت حينها بكميات كبيرة دفعة واحدة. كييف تحتاج مئات منها، بضع عشرات لن يغير مسار الحرب".
والأهم من ذلك كله -في رأيه- أن أوكرانيا لا تمتلك منصات لإطلاق هذه الصواريخ، فهي تطلق من البحر. والولايات المتحدة نشرت حاملاتها قرب الصين وكوريا الشمالية. كما أن كييف لن تحصل على منصات الإطلاق الأرضية الجديدة قبل غيرها، كألمانيا التي تنتظرها في 2026.
ترامب يتراجعوحتى لو وجدت النيات الأميركية لتلبية مطالب كييف وتزويدها بصواريخ "توماهوك"، فإن الشارع الأوكراني يسوده قلق قديم متجدد، كلما تعلق الأمر بتصريحات وقرارات ترامب، أو تم الإعلان عن اتصال بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
فبمجرد أن تم الإعلان عن اتصال بينهما دام ساعتين، وعن لقاء مباشر عاجل سيجمعهما خلال أسبوعين، تراجع ترامب عن رأيه السابق، وقال أمس الخميس بحذر، ردا على سؤال عن إمكانية تسليم هذه صواريخ النوعية بعيدة المدى إلى كييف، "لا يمكننا استنفاد احتياطات بلدنا (من صواريخ توماهوك). نحن أيضا بحاجة إليها، لذلك لا أعرف ما الذي يمكننا فعله".
ويتوجس الأوكرانيون خيفة من أن يؤثر هذا التراجع المفاجئ على نتائج زيارة الرئيس الأوكراني إلى واشنطن، وما يريد حمله في طريق العودة؛ حتى أن موقع "أكسيوس" قال، إن زيلينسكي والوفد المرافق له شعروا بـ"صدمة" عندما علموا بالاتصال الذي جمع ترامب وبوتين، واتفاقهما على عقد لقاء جديد في بودابست.
يقول مدير مركز هاران لـ"التحليل السياسي" للجزيرة نت، أوليكسي "نعم، ثمة فرق بين ما يقوله ترامب وما يفعله. وقد تقلبت مواقفه كثيرا خلال الشهور الماضية، لكني أعتقد أنه منح بوتين عدة فرص لتحقيق سلام هو يريده شخصيا لنفسه، لكنه اقتنع أن ذلك لن يتحقق بسهولة".
وباعتقاده، لا يريد ترامب في النهاية، أن تعود روسيا إمبراطورية إذا انتصرت في هذه الحرب، ولكنه قد يؤجل قراراته بـشأن "توماهوك" والعقوبات الثانوية وغيرها، حتى يلتقي ببوتين من جديد ويتحدث إليه.
واختتم "هذا يدعو للتشاؤم والاستياء طبعا. نحن في أوكرانيا نؤمن بأن الرئيس الروسي يراوغ ليكسب الوقت. وبناء على الاتصالات والتجارب السابقة، الأمر قد يطول عدة أسابيع أو شهورا مرة أخرى، ريثما يفهم ترامب أن بوتين ليس جادا، وأنه لا يريد التفاوض ووقف الحرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات هذه الصواریخ مسار الحرب
إقرأ أيضاً:
تحول "غير مسبوق" من أوكرانيا.. وتقدم في مفاوضات وقف الحرب
قال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إن "تقدما كبيرا أُحرز"، في المحادثات التي جرت الأحد في برلين بين مسؤولين كبار من الولايات المتحدة وأوكرانيا، بشأن الجهود الرامية لإنهاء الحرب مع روسيا، وذلك بعد عرض أوكراني بالتخلي عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وضم الاجتماع بين الوفدين الأميركي والأوكراني كلا من ويتكوف، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال ويتكوف في منشور على منصة "إكس": "أجرى الممثلون مناقشات مستفيضة. أُحرز تقدم كبير، وسيجتمعون مرة أخرى صباح الغد (الإثنين)".
وكان زيلينسكي عرض التخلي عن مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الناتو، خلال المحادثات التي استمرت 5 ساعات مع المبعوثين الأميركيين.
وقال دميترو ليتفين مستشار زيلينسكي، إن الرئيس سيعلق على المحادثات فور انتهائها، الإثنين، وأضاف ليتفين أن المسؤولين يدرسون مسودة الوثائق.
وأضاف ليتفين للصحفيين في محادثة عبر تطبيق "واتساب": "استمرت المحادثات لأكثر من 5 ساعات وانتهت اليوم بالاتفاق على استئنافها صباح الإثنين".
وقبل بدء المحادثات، عرض زيلينسكي تخلي أوكرانيا عن طموحها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي مقابل ضمانات أمنية غربية.
وتمثل هذه الخطوة تحولا كبيرا لأوكرانيا التي تناضل من أجل الانضمام إلى الناتو بوصفه ضمانة في مواجهة الهجمات الروسية، وأدرجت هذا الطموح في دستورها.
وتلبي هذه الخطوة أيضا أحد أهداف روسيا في الحرب، رغم أن كييف متمسكة حتى الآن بموقفها الرافض للتنازل عن أي من أراضيها لموسكو.
وقال زيلينسكي ردا على أسئلة صحفيين عبر "واتساب": "منذ البداية، كانت رغبة أوكرانيا هي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. هذه ضمانات أمنية حقيقية. لكن بعض الشركاء من الولايات المتحدة وأوروبا لم يدعموا هذا الاتجاه".
وأضاف: "وبالتالي، فإن الضمانات الأمنية الثنائية بين أوكرانيا والولايات المتحدة، والضمانات الشبيهة بالمادة الخامسة (من معاهدة حلف شمال الأطلسي) المقدمة لنا من جانب الولايات المتحدة، والضمانات الأمنية من الزملاء الأوروبيين، وكذلك دول أخرى مثل كندا واليابان، هي فرصة لمنع غزو روسي آخر".
وتابع: "هذا بالفعل حل وسط من جانبنا"، مشيرا إلى أن الضمانات الأمنية يجب أن تكون ملزمة قانونيا.
وطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا بأن تتخلى أوكرانيا رسميا عن طموحاتها في الانضمام إلى الناتو، وأن تسحب قواتها من نحو 10 بالمئة من إقليم دونباس الذي لا تزال كييف تسيطر عليه.
كما تشدد موسكو على ضرورة أن تكون أوكرانيا دولة محايدة، وألا يُسمَح بتمركز قوات تابعة للحلف على أراضيها.
وقالت مصادر روسية في وقت سابق من هذا العام إن بوتين يريد تعهدا "مكتوبا" من القوى الغربية الكبرى بعدم توسع الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة باتجاه الشرق، في إشارة مختصرة إلى استبعاد رسميا عضوية أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وجمهوريات أخرى كانت ضمن الاتحاد السوفيتي قبل انهياره.