النزعة الاستبدادية والأزمة الاقتصادية تطيحان بشعبية الرئيس الأمريكي ترامب
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
شهدت الولايات المتحدة واحدة من أكبر موجات الاحتجاج في تاريخها الحديث، فقد شارك نحو 7 ملايين شخص في أكثر من 2500 مدينة وبلدة بجميع الولايات الخمسين في مظاهرات حاشدة تحت شعار "لا للملوك"، رفضًا لما وصفوه بـ"نزعة الرئيس دونالد ترامب الاستبدادية"، بالتزامن مع دخول الإغلاق الحكومي أسبوعه الثالث، كما شهدت عدة عواصم عالمية مظاهرات تضامنية.
WOW! Protesters created a HUGE human sign on San Francisco’s Ocean Beach reading “No Kings YES on 50” to support California’s Prop 50 and stand up against Donald Trump’s fascist regime pic.twitter.com/NbUnQk6ZZB — Marco Foster (@MarcoFoster_) October 18, 2025
ويقول منظمو الاحتجاج إن هدفهم هو التصدي لما وصفوه بـ"محاولات ترامب لتركيز السلطة في يده"، مؤكدين أن المشاركة الواسعة تعكس "رفضًا شعبيًا لأي توجه استبدادي داخل النظام الأمريكي".
وقال عزرا ليفين، أحد مؤسسي منظمة إنديفايسبل ومن المنظمين الرئيسيين للمسيرات، إنه "لا يوجد تهديد أعظم للنظام الاستبدادي من قوة الشعب الوطنية"، في إشارة إلى حجم التعبئة الشعبية ضد سياسات الرئيس الأمريكي.
The No Kings protests aren’t for Trump to see.
They’re for the marginalized so they know they aren’t alone.
…for unaffected people so they know this isn’t normal.
…for Republicans so they know their blind obedience to fascism won’t be tolerated.
pic.twitter.com/rCFGgFxCR8 — Melanie D'Arrigo (@DarrigoMelanie) October 18, 2025
"لا نريد ترامب أو أي ملك أن يحكمنا"
من جانبه قال كبير الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر : "لا تدعوا دونالد ترامب والجمهوريين يُرهبوكم ويُسكتوكم"، وشاركت في الدعوة للاحتجاج أيضا المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية لعام 2024 كامالا هاريس ، ونجم هوليوود روبرت دي نيرو، وقال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز أمام حشد ضخم في تجمع "لا للملوك" في واشنطن: "لا، أيها الرئيس ترامب، نحن لا نريدك أنت أو أي ملك آخر أن يحكمنا"، مضيفًا: "في أمريكا نحن الشعب، سنحكم".
'No, President Trump, we don't want you or any other king to rule us,' US Senator Bernie Sanders told a roaring crowd at the 'No Kings' rally in Washington, adding 'in America we, the people, will rule' https://t.co/UGId8OmeKG pic.twitter.com/k6NTnxjpnb — Reuters (@Reuters) October 18, 2025
في المقابل، قللت إدارة ترامب والجمهوريون في الكونغرس من أهمية الاحتجاجات، واصفين إياها بأنها "مسيرات كراهية أمريكا"، وألقوا باللوم على حركة "أنتيفا" اليسارية في تأجيجها، واستنكر مسؤولون في حزب ترامب التظاهرات، وذهبوا إلى حد مقارنة المتظاهرين بإرهابيين، وقال زعيم الجمهوريين في مجلس النواب مايك جونسون: "أراهن على أنكم سترون في المسيرات أنصارا لحماس وأنتيفا" الحركة السياسية التي صنفها الرئيس الأمريكي أخيرا على أنها "منظمة إرهابية".
ترامب يرد بفيديو "قذارة" ساخر على مظاهرات
وأثار ترامب جدلًا واسعًا بعد نشره مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي على منصته "تروث سوشيال"، يظهر فيه مرتديًا زيًّا ملكيًا وهو يقود طائرة حربية ويلقي القاذورات على المتظاهرين، ويعد هذا الفيديو الأحدث في سلسلة من المنشورات التي ينشرها الرئيس الأمريكي، وتظهره في صور وأدوار أسطورية أو ملكية، مثل "محارب شجاع" أو "بابا الفاتيكان"، في محاولة لتعزيز صورته كقائد استثنائي.
???? OMG...the President of the United States just posted himself piloting a fighter jet with "KING TRUMP" on the side and dumping mud all over Harry Sisson and No Kings protestors
To the song "Danger Zone"
He is one of a kind???? pic.twitter.com/j4ihSVEawS — Eric Daugherty (@EricLDaugh) October 19, 2025
"الملوك يقمعون التظاهرات"
وقبيل انطلاق التظاهرات، وضع حكام جمهوريون في عدة ولايات أمريكية قوات الحرس الوطني في حالة تأهب، تحسباً للاحتجاجات المناهضة للرئيس ترامب وسياساته، ونقلت شبكة "سي أن أن " عن السيناتور عن ولاية كانساس روجر مارشال، قوله: "سنضطر إلى نشر الحرس الوطني. نأمل أن تكون سلمية. لكنني أشك في ذلك"، كما أعلن حاكم تكساس، غريغ أبوت، تفعيل الحرس الوطني قائلا: "هناك حاجة للقوات بسبب المظاهرة المرتبطة بحركة أنتيفا"، كما أمر حاكم ولاية فرجينيا، غلين يونغكين، أيضاً بتفعيل الحرس الوطني في الولاية.
وندد الديمقراطيون بهذه الخطوة، ومن بينهم جين وو، كبير الديمقراطيين في الولاية، الذي قال إن "إرسال جنود مسلحين لقمع الاحتجاجات السلمية هو ما يفعله الملوك والديكتاتوريون. وأثبت غريغ أبوت للتو أنه واحد منهم".
حركة "نو كينغز"
و"لا ملوك"، هو ائتلاف يضم أكثر من مئتَي مجموعة محلية ووطنية، تسعى للوقوف في وجه الحكم الأوتوقراطي لترمب، ويعترض الحراك على خرق إدارة ترمب حقوقًا ومسلمات في الحياة السياسية الأمريكية، مثل اعتقال واحتجاز مواطنين دون أوامر قضائية، والتلويح بتجاوز الانتخابات، وتدمير الرعاية الصحية، وعدم صون البيئة والتعليم، والانحياز إلى أصحاب رأس المال عبر تخفيضات ضريبية هائلة.
والمرة الأولى التي نزل فيها هذا الحراك إلى الشارع كانت يوم 14 حزيران/يونيو الماضي، إثر تنظيم ترمب عرضًا عسكريًا بمناسبة الذكرى الخمسين بعد المئتين لتأسيس الجيش الأمريكي، الذي تزامن مع عيد ميلاد ترمب التاسع والسبعين، وبالنسبة للمعترضين، فإنهم يقولون إن تنظيم عرض عسكري تقليد غير مألوف في الولايات المتحدة، ويشبه نمط حكم القادة الدكتاتوريين في الدول التي تحتفل بعيد ميلاد زعمائها أو رؤسائها، لذلك يفضلون أن تكون أميركا خالية من العروش والتيجان والملوك.
WATCH: @realDonaldTrump and @MELANIATRUMP arrive to a roaring applause at America's military parade honoring the Army's milestone 250th birthday. pic.twitter.com/aWOlN0hMiw — Fox News (@FoxNews) June 14, 2025
ومنذ تولي ترامب منصبه قبل 10 أشهر، كثفت إدارته من مداهمات سلطات الهجرة، وتحركت لخفض القوى العاملة الاتحادية و قلصت التمويل لجامعات النخبة بسبب قضايا تشمل الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين ضد الحرب في غزة والتنوع في الحرم الجامعي، كما أرسل ترامب قوات الحرس الوطني في بعض المدن الكبرى والتي قال إنها ضرورية لحماية مسؤولي سلطات الهجرة والمساعدة في مكافحة الجريمة.
المزاج الأمريكي تجاه ترامب
بعد نجاحه في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة، يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه أمام مفارقة لافتة، فرغم تصاعد شعبيته على الساحة الخارجية لمساهمته في وضع اتفاق غزة، إلا أن هناك جمودا داخليا يعكس عمق التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه إدارته، ووفق استطلاع جديد لوكالة "أسوشيتد برس" ومركز NORC لأبحاث الشؤون العامة، لم ينعكس بعد على شعبيته في الداخل الأمريكي، حيث تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويطغى الإغلاق الحكومي المستمر على المشهد السياسي.
انخفاض نسبة تأييد ترامب إلى أدنى مستوى
كما وأظهر استطلاع "CNBC All-America Economic Survey"، أن 55 بالمئة من الأمريكيين لا يوافقون على طريقة ترامب في إدارة الاقتصاد، مقابل 42 بالمئة فقط أبدوا رضاهم، ما يمنح ترامب تقييماً صافياً يبلغ -13 نقطة في الملف الاقتصادي، وهو أدنى مستوى تسجله استطلاعات الشبكة خلال أيٍّ من فترتيه الرئاسيتين.
ووفق الاستطلاع فأن معدل التأييد العام لترامب تراجع من 46 بالمئة إلى 44 بالمئة، في حين ارتفعت نسبة الرفض بنسبة نقطة مئوية واحدة لتصل إلى 52 بالمئة. وأشارت CNBC إلى أن هذه الأرقام تعكس "اتجاهاً في ولايته الثانية، حيث تسجّل نسبة الموافقة على أدائه الاقتصادي معدلات أدنى من نسبة التأييد العامة له".
كذلك، أظهر الاستطلاع أن غالبية الأمريكيين غير راضين عن تعامل ترامب مع القضايا الاقتصادية المتعددة. إذ لم يوافق سوى 34 بالمئة على تعامله مع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، بينما 62 بالمئة أعربوا عن رفضهم. ووصفت CNBC هذه النتائج بأنها "الأسوأ لترامب" في هذا الملف منذ بدء ولايته الثانية، كما أظهر الاستطلاع أن 56 بالمئة من الأمريكيين يرفضون سياسات ترامب الجمركية، في حين يؤيدها 41 بالمئة فقط.
وعبّر المشاركون في الاستطلاع عن نظرة تشاؤمية تجاه الاقتصاد الحالي والمستقبلي، حيث قال 72 بالمئة إن الاقتصاد الحالي “متوسط أو سيئ”، بينما رأى 27 بالمئة فقط أنه جيد أو ممتاز، أما بشأن التوقعات المستقبلية، فقد اعتقد 46 بالمئة أن الاقتصاد سيتدهور خلال العام المقبل، مقابل 32 بالمئة فقط يعتقدون أنه سيتحسن.
خسائر الحزب الجمهوري
أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قلقه من احتمال تكبد حزبه الجمهوري خسائر في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، وهو اعتراف نادر بالهشاشة السياسية من رئيس اعتاد على إظهار الثقة المطلقة في نفسه وفي قاعدته الشعبية، ويأتي هذا القلق، بحسب مجلة نيوزويك، في وقت يشهد فيه الداخل الأمريكي إغلاقاً حكومياً شلّ عمل مؤسسات فيدرالية عدة، ما يزيد من الضغوط السياسية على إدارة ترامب ويضاعف المخاطر المحيطة بمستقبله السياسي.
ووفق تقرير أصدره معهد بروكينغز في آب/أغسطس الماضي، تكبّد حزب الرئيس خسائر في 20 من أصل 22 انتخابات تجديد نصفي منذ عام 1938، باستثناء حالتين: الأولى عام 1998 حين فشل الجمهوريون في إزاحة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون من منصبه عبر محاولات العزل، والثانية عام 2002 حين تمتّع الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن بمستويات شعبية قياسية عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
من هذا المنطلق، يدرك ترامب أن حزبه قد يكون مقبلاً على معركة صعبة في تشرين الثاني/نوفمبر 2026، خصوصاً في ظل تراجع معدلات تأييده الشعبي منذ مطلع ولايته الثانية، معترفا خلال مقابلة مع شبكة أو إيه إن، حيث قال: "الشيء الوحيد الذي يقلقني هو أنه إذا نظرتم إلى سنوات طويلة مضت – لا أملك الأرقام الدقيقة – لكن الرئيس الفائز بالرئاسة يبدو دائماً وكأنه يخسر في التجديد النصفي لولايته".
وأظهر مؤشر فوت هاب Vote Hub تراجع شعبية ترامب، حيث بلغ في 30 أيلول/سبتمبر 10 نقاط، ووصلت نسبة التأييد 43 بالمئة فقط مقابل رفض 53 بالمئة، وهذا التراجع يعكس تحدياً سياسياً حقيقياً، إذ يرى محللون أن استمرار الإغلاق الحكومي وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية قد يؤديان إلى تآكل إضافي في قاعدة الدعم للرئيس، رغم ولاء أنصاره المتشددين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية لا للملوك شعبية ترامب اقتصاد أمريكا شعبية ترامب إغلاق أمريكا لا للملوك المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الأمریکی دونالد ترامب الحرس الوطنی بالمئة فقط pic twitter com
إقرأ أيضاً:
في أول زيارة له.. نائب الرئيس الأمريكي يزور إسرائيل الأسبوع المقبل
يستعد نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس، لزيارة إسرائيل الأسبوع المقبل، في أول زيارة له منذ توليه منصبه، بالتزامن مع عودة مبعوث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة لمتابعة تنفيذ الاتفاق المتعلق بعودة المدنيين المختطفين لدى حركة حماس.
وأفادت مصادر مطلعة ، أن فريق المبعوث ويتكوف يراقب عن كثب تطبيق بنود الاتفاق، مؤكدةً أنه تعهد بمواصلة جهوده لاستعادة جثامين القتلى، ومن بينهم عدد من الأمريكيين.
ونقل موقع Ynet عن مصدر مطلع قوله: "الولايات المتحدة حاضرة بكل ثقلها، ولا يبدو أنها خففت من حدة التوتر القائم."
وكان من المقرر أن يزور فانس إسرائيل في مايو الماضي، خلال زيارته إلى روما لحضور مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر، غير أن الترتيبات الدبلوماسية حينها لم تكتمل.
في الوقت نفسه، تواصل دولة الاحتلال اتهام حركة حماس بعدم بذل الجهود الكافية لإعادة المدنيين المختطفين، رغم ما تؤكده الحركة في وسائل الإعلام العربية عن محاولاتها لتحديد أماكن القتلى الإسرائيليين.
وأعلنت تل أبيب، أن الحركة تعلم أماكن وجود ما لا يقل عن عشرة مدنيين آخرين، لكنها تستخدمهم كورقة تفاوضية.
وقال مسؤولون في القدس، إن إسرائيل قدّمت للوسطاء معلومات تساعد في تحديد مواقع المختطفين، مؤكدين أن "حماس قادرة على بذل جهد أكبر لاستعادة الضحايا."
وصرح عضو المكتب السياسي لحماس محمد نزال ، لوكالة رويترز ، أن الحركة "لا مصلحة لها في الاحتفاظ بجثث المخطوفين"، فيما ردّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن "حماس كان من المفترض أن تُفرج عن جميع المختطفين في المرحلة الأولى، لكنها لم تفعل، وهي تعرف مكانهم."
يأتي ذلك بعد أن أعلنت إسرائيل استعادة جثمان المختطف إيلياهو "تشرشل" مارغاليت، فيما أفادت مصادر فلسطينية بأن إسرائيل نقلت عبر الصليب الأحمر جثث 15 فلسطينياً إلى قطاع غزة، ولا يزال هناك 18 مختطفاً في القطاع، من بينهم ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، أعلن مقر عائلات المختطفين تنظيم مسيرة مساء اليوم في ساحة المختطفين للمطالبة بالتحرك الحاسم لضمان تنفيذ الاتفاق بالكامل، مؤكدين في بيانهم: "مسؤوليتنا كشعب هي ضمان تنفيذ الاتفاق حتى النهاية.. الأمة التي تتخلى عن مختطفيها تتخلى عن مستقبلها."
ومن المقرر أن يتحدث خلال المسيرة عدد من ذوي المختطفين، بينهم إيناف تسنغاوكر، وأورنا ورونين ناوترا، وأيليت غولدين شقيقة الجندي المختطف هدار غولدين، وإيلا حايمو زوجة المختطفة تال حايمي، ويوتام كوهين شقيق الناجي من الأسر نمرود كوهين.