قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن ما يجري من تصعيد في رفح (جنوبي قطاع غزة) وجباليا (شمالي القطاع) يعكس هشاشة الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن غياب آلية مراقبة واضحة بين الطرفين يجعل احتمالات الخروقات قائمة في أي لحظة.

ورأى الفلاحي -في تحليل للمشهد العسكري في القطاع- أن هذا النوع من الصراعات الطويلة والمعقدة يظل عرضة لتبادل الاتهامات بين الجانبين، إذ يسعى كل طرف لإلقاء مسؤولية خرق الهدنة على الآخر، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن يدخل في إطار هذا التراشق الميداني والسياسي الذي لا يمكن حسمه ميدانيا بسهولة.

وأوضح أن الغموض في تحديد منطقة الاشتباك بدقة -سواء كانت داخل حدود ما يسمى "الخط الأصفر" أو خارجه- يجعل من الصعب تثبيت المسؤولية، معتبرا أن غياب خطوط فاصلة مرئية ومراقبة فعالة هو ما فتح الباب أمام هذا النوع من الاشتباكات المتكررة.

وأضاف الفلاحي أن التصعيد الإسرائيلي الجاري يأتي حسب ما ذكره جيش الاحتلال كرد فعل على ما تدّعيه إسرائيل من أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خرقت الاتفاق بعد استهداف آلية عسكرية، غير أن الرد الإسرائيلي المفرط يعكس في جوهره أزمة داخلية في التعامل مع واقع هدنة فُرضت على إسرائيل بضغط دولي أكثر مما كانت خيارا إستراتيجيا لها.

ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان وسائل إعلام إسرائيلية أن سلاح الجو شن غارات على مناطق في رفح وجباليا إثر تبادل لإطلاق النار، كما دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى استئناف القتال، في وقت عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مشاورات أمنية عاجلة مع وزير الدفاع ومسؤولي الجيش.

جذور الأزمة

وأشار الفلاحي إلى أن الأزمة الحالية ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى طبيعة الاتفاق ذاته الذي وُقع في ظل ضغوط أميركية ودولية، من دون وجود آلية تنفيذية واضحة أو جهة مراقبة مستقلة تضمن التزام الطرفين ببنوده.

إعلان

واعتبر أن إسرائيل منذ البداية لم تكن مقتنعة بوقف إطلاق النار، بل رأت فيه قيدا على تحركاتها العسكرية، ولذلك تحاول استغلال أي حادث ميداني لتبرير العودة إلى القتال، مضيفا أن استمرار غياب التنسيق والحدود الفاصلة قد يجعل التصعيد الميداني مرشحا للتوسع.

وأشار إلى أن جماعة "أبو شباب" قد تكون أحد العوامل التي تدفع إسرائيل لتوسيع عملياتها في رفح، بحجة حماية هذه المليشيات، وهو ما يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية في الالتزام بالاتفاق الذي رعته واشنطن وبدأ تطبيقه في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وبحسب الفلاحي، فإن المؤشرات الحالية تدل على أن هناك احتمالية كبيرة لعودة القتال، في ظل تبادل الاتهامات وتزايد الانتهاكات الميدانية، مشيرا إلى أن الطرفين يتعاملان مع الهدنة كفاصل مؤقت لإعادة التموضع وليس كمرحلة لإنهاء الحرب.

هدنة هشة

ويأتي ذلك في وقت أكد فيه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن جيش الاحتلال ارتكب -منذ إعلان اتفاق سلام ترامب بانتهاء الحرب- 47 خرقا موثقا، تراوحت بين إطلاق نار مباشر وقصف واستهداف متعمد للمدنيين، إضافة إلى عمليات اعتقال وتوغلات محدودة.

ولفت الفلاحي إلى أن هذه الخروقات المتكررة، التي أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى، تُظهر أن وقف إطلاق النار لا يزال هشا ومهددا بالانهيار في أي لحظة، مشددا على أن غياب آلية رقابة دولية يترك المجال مفتوحا أمام كل طرف لتأويل الأحداث بما يخدم مصالحه.

وأكد أن تخفيض عدد الشاحنات الإغاثية الواصلة إلى القطاع، وإغلاق معبر رفح، وبطء تسليم جثامين القتلى الإسرائيليين، جميعها عوامل تفاقم التوتر، وتُضعف فرص تثبيت الهدنة التي كان يفترض أن تمهّد لمرحلة تبادل الأسرى وانسحاب الجيش إلى "الخط الأصفر".

ويرى الخبير العسكري أن الهدنة الحالية محكومة بعوامل خارجية أكثر من كونها نابعة من تفاهم داخلي، مما يجعلها عرضة للانهيار في أي وقت، داعيا إلى ضرورة وجود آلية مراقبة دولية فاعلة تمنع الانزلاق نحو جولة جديدة من العنف في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات إلى أن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل هيوم: هل سيكون توفيق أبو نعيم زعيم حماس القادم بغزة؟

وصفت صحيفة "إسرائيل هيوم" توفيق أبو نعيم بأنه متمرس سياسيا، وقائد بلا رحمة، وتلميذ الشيخ أحمد ياسين، ومقرب من يحيى السنوار، مشيرة إلى أنه أصبح في موقع مثالي لقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.

وذكرت الصحيفة -في تقرير مطول بقلم شاحار كليمان- أن أبو نعيم لمّح إلى هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قبل وقوعها بأشهر، وقالت إنه الآن، بعد تصفية معظم قيادة حماس، بدأ أول اختبار كبير له بالفعل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تلغراف: نهاية أسطورة قوة روسيا قد تكون أقرب مما نتوقعlist 2 of 2واشنطن بوست: دبلوماسية ترامب الصاروخية التي أسيء فهمهاend of list

وقبل أقل من شهر من عملية طوفان الأقصى، كان أبو نعيم -وهو شخصية بارزة في قيادة حماس في غزة ومن أقوى الرجال في القطاع حسب الصحيفة الإسرائيلية- هو المتحدث الرئيسي في مهرجان أُقيم في مخيم البريج لدعم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

توفيق أبو نعيم أصيب في محاولة اغتيال في قطاع غزة (الجزيرة)

وقال الرجل الذي سيصبح بعد عامين مرشحا رئيسيا لحكم غزة -حسب الصحيفة- في خطابه إن "المقاومة الفلسطينية تضع الأسرى في قمة أولوياتها. هذا المهرجان الجماهيري يأتي دعما لأسرانا في سجون الاحتلال، ورسالة بأن الإفراج عنهم مسألة وقت فقط".

وذكرت إسرائيل هيوم أن 4 آلاف سجين فلسطيني أفرج عنهم في ثلاث صفقات تبادل شملت 255 محتجزا إسرائيليا، ولكن أربعة من كبار السجناء بقوا في السجون الإسرائيلية، وهم إبراهيم حامد وحسن سلامة وعبد الله البرغوثي وعباس السيد.

مرشح محتمل

وهؤلاء الأربعة كانوا -حسب الصحيفة- مرشحين محتملين لخلافة يحيى السنوار، لكن غيابهم ترك فراغا في قيادة الحركة، إلا أن هؤلاء لم يكونوا وحدهم المؤهلين، إذ إن هناك توفيق أبو نعيم (63 عاما)، وهو من مواليد مخيم البريج ومن بين السجناء الذين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط عام 2011.

في صغره، شهد حرب 1967، وتحدث لاحقا لطبيب فرنسي عن ذكرياته حينها، وقد درس في الجامعة الإسلامية بغزة، وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة، ثم نال درجة الدكتوراه، وهناك التقى لأول مرة بالسنوار.

إعلان

في عام 1983، انضم إلى خلية الإخوان المسلمين المحلية، وكان من تلاميذ الشيخ أحمد ياسين، ومع السنوار وروحي مشتهى، انضم إلى جهاز "المجد" المتخصص في تصفية "العملاء"، وقد سجنته إسرائيل، وهناك تعلم العبرية وحاول الهرب مع السنوار من السجن دون أن ينجح في ذلك، حسب الصحيفة.

انتشار عناصر الأمن في قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي (الصحافة الفلسطينية)

وبعد 20 عاما، عاد أبو نعيم إلى غزة، وتقلد عدة مناصب إدارية في حكومة حماس، منها ملف عائلات القتلى والأسرى، واستيعاب لاجئين من سوريا، كما نسق مع تنظيمات أخرى، حسب الصحيفة، وبعد فترة قصيرة رقي إلى أحد أعلى المناصب في الحركة.

في عهد السنوار، أسند لأبو نعيم مسؤولية الأمن الداخلي والشرطة والاستخبارات، وقد كوّن علاقات وثيقة مع المخابرات المصرية، خاصة مع مسؤول الملف الفلسطيني أحمد عبد الخالق، ونسق معه لإقامة نقاط أمنية على حدود غزة وسيناء، مما عززت مكانته في القاهرة، حسب الصحيفة.

وفي 2017، نجا أبو نعيم من محاولة اغتيال حين زرع أحد السلفيين -حسب الصحيفة- عبوة ناسفة في سيارته أثناء جولة في مخيم النصيرات، مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة، لكنه استمر في منصبه حتى عام 2021، حين أراد أن يخوض انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، قبل أن يلغيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

عاد أبو نعيم لاحقًا لرئاسة مؤسسة "وعد" المعنية بشؤون الأسرى، وفي مارس/آذار 2023 صرح لصحيفة "فلسطين" بأن الأيام القادمة ستكون حاسمة، وهدد بالتصعيد داخل السجون الإسرائيلية، خاصة في رمضان، وبعد عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اختفى عن الأنظار، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية.

إعادة السيطرة

ومع تصفية القيادة العليا لحماس في حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل في قطاع غزة، ترى الصحيفة أن أبو نعيم طُلب منه العودة إلى مناصب قيادية، حين لم يبق من أعضاء المكتب السياسي في غزة سوى محمود الزهار، بعد أن قتل البقية أو خرجوا من القطاع، ومن أبرزهم خليل الحية.

عنصرا أمن في قطاع غزة بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي (الصحافة الفلسطينية)

والآن -كما تقول إسرائيل هيوم- يتولى أبو نعيم، بالتعاون مع قيادات الجناح العسكري، دورا محوريا في تحديد ملامح "اليوم التالي" في قطاع غزة، وقد يكون بفضل خبرته السياسية الشخصية التي تدير الأمور خلف الكواليس، حتى وإن تم تشكيل لجنة إدارية تكنوقراطية.

أما الجهاز الأمني الذي بناه أبو نعيم، فهو يُستخدم اليوم لقمع من يشتبه في تعاونه مع إسرائيل، مثل الاشتباكات التي اندلعت في حي الصبرة مع "مليشيا محلية"، قالت الصحيفة إنها من عائلة دغمش، التي تتهمها حماس بالتعاون مع إسرائيل.

وذكّرت الصحيفة بأن جماعات مسلحة أخرى تتهمها حماس بالتعاون مع إسرائيل لا تزال في موقع قوة، مشيرة بالخصوص إلى أشرف المنسي في بيت لاهيا الذي أعلن أن قواته لا تزال نشطة، وحسام الأسطل في خان يونس وياسر أبو شباب في رفح.

وخلصت الصحيفة إلى أن هذه الجماعات تقع خارج حدود المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن التحدي الحقيقي سيبدأ في المرحلة الثانية، حين تدخل قوات دولية إلى قطاع غزة لضمان وقف إطلاق النار، ويصبح توفيق أبو نعيم أمام الاختبار الأكبر.

إعلان

مقالات مشابهة

  • إسرائيل توجه الجيش بالتحرك فورًا في غزة عقب انفجار آلية عسكرية برفح الفلسطينية
  • إسرائيل تلوح بعودة العمليات العسكرية بغزة بسبب جثث الأسرى
  • إسرائيل هيوم: هل سيكون توفيق أبو نعيم زعيم حماس القادم بغزة؟
  • خبير عسكري للجزيرة نت: لهذا السبب لن يمنح ترامب أوكرانيا صواريخ توماهوك
  • قائد "سنتكوم" يزور إسرائيل للإشراف على تنفيذ آلية وقف الحرب بغزة
  • قائد “سنتكوم” يزور إسرائيل للإشراف على تنفيذ آلية وقف الحرب بغزة
  • العربي للدراسات: غياب الردع الدولي جعل إسرائيل "تسيء الأدب مع محيطها"
  • بالفيديو... إسرائيل تزعم استهداف عنصر من حزب الله ومبنى عسكري في الجنوب
  • محلل عسكري: إسرائيل تريد أن تقضي على قيادات الحوثي.. فيديو