خبير نووي: العالم في خطر أعظم من أزمة الصواريخ الكوبية
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
حذر المؤرخ والخبير النووي الأوكراني سيرهي بلوخي من أن العالم اليوم يواجه خطرا نوويا أعظم من أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، مستندا في ذلك إلى التطورات العسكرية والسياسية الحالية، وارتفاع عدد الدول النووية، وتغير طبيعة الصراعات الدولية.
وذكر بلوخي، وهو أستاذ لتاريخ أوكرانيا بجامعة هارفارد، أن التحليلات تشير إلى أن التهديد اليوم لم يعد محصورا في الثنائية القطبية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، بل أصبح متعدد الأطراف ومتفرع المخاطر.
فقد توسعت دائرة القوى النووية، يوضح بلوخي، لتشمل دولا جديدة مثل الصين، الهند، باكستان، إسرائيل، وكوريا الشمالية، في حين أن دولا أخرى تسعى لتطوير قدراتها النووية، مما يزيد من احتمالات سوء التقدير أو الاستخدام غير المقصود للأسلحة النووية.
خطر استرضاء بوتين
وأضاف أن دور أوكرانيا يبرز كعامل مباشر في ارتفاع خطر التصعيد. فالحرب القائمة هناك جعلت من التهديد النووي الروسي أداة سياسية للردع، حيث لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا باستخدام الترسانة النووية إن تدخل حلف الناتو، مما دفع الغرب إلى الحذر وتجنب التدخل الكامل، وهو ما وصفه بلوخي بأنه استرضاء كلاسيكي يزيد من احتمالات تصعيد الحرب بدل احتوائها.
ومما ساهم في تعميق الخطر، وفقا لبلوخي، هو تآكل منظومة الردع التقليدي. فبعد انهيار اتفاقيات الحد من الأسلحة النووية مثل "معاهدة القوات النووية متوسطة المدى"، وانحسار تأثير معاهدة ستارت الجديدة، فقدت القوى الكبرى قنوات شفافة للرقابة والتنسيق، مما أضعف السيطرة على الترسانات النووية.
كذلك، تقليص التكنولوجيا الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي والأسلحة فائقة السرعة، والوقت المتاح لاتخاذ القرار، مما يزيد من احتمال الأخطاء البشرية أو التقنية التي قد تؤدي إلى مواجهة نووية.
دروس التاريخ
من ناحية أخرى، يرى بلوخي أن دروس التاريخ تلعب دورا أساسيا في فهم الأزمة الحالية. فالاتفاقيات التي أجبرت أوكرانيا على التخلي عن ترسانتها النووية في مذكرة بودابست عام 1994، رغم أنها اعتبرت نجاحا في مجال عدم الانتشار النووي، خلقت فراغا أمنيا شجّع روسيا على الغزو بعد 28 عاما، وأثبتت أن التنازل عن السلاح النووي بدون ضمانات فعالة يمثل تهديدا حقيقيا للسيادة.
إعلانكما يشير بلوخي إلى أن تراجع الثقافة الدبلوماسية وضبط النفس في إدارة الأزمات النووية يزيد من الخطورة، خاصة مع انتشار الخطاب الإعلامي العدواني وإظهار السلاح النووي كجزء من السياسة اليومية.
سيرهي بلوخي: الحاجة اليوم ملحة لإعادة بناء قنوات الاتصال والتفاهم بين القوى النووية
بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبح الحديث عن امتلاك السلاح النووي أمرا طبيعيا، مما يقلل من الحواجز النفسية والأخلاقية أمام استخدامه.
ويخلص بلوخي إلى أن كل هذه العوامل تجعل العالم اليوم أكثر عرضة للكارثة النووية من أي وقت مضى.
ويؤكد أن الحل يعتمد على توحيد الغرب وتفعيل الضمانات الدولية لحماية الدول المستهدفة ومنع أي تصعيد نووي، مع الحفاظ على سياسات الحد من الانتشار النووي بما يخدم مصلحة المجتمع الدولي.
وفي ضوء هذه التحذيرات، تبدو الحاجة اليوم ملحة ليس فقط لتعزيز التوازن الإستراتيجي، بل أيضا لإعادة بناء قنوات الاتصال والتفاهم بين القوى النووية، ومنع تكرار أخطاء الماضي التي قد تقود إلى كارثة لا يمكن احتواؤها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات یزید من
إقرأ أيضاً:
أونروا: كل تأخير في إدخال المساعدات إلى غزة يزيد الوفيات
قال جوناثان فولر مدير الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الوضع الإنساني بقطاع غزة ما يزال كارثيا مؤكدا أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس يمثل خطوة أولى فقط في تخفيف المعاناة.
وأضاف مدير الاتصالات بالأونروا -في مقابلة مع وكالة الأناضول- أن وقف إطلاق النار خطوة حاسمة، لكنه مجرد خطوة أولى لتخفيف هذا الوضع الإنساني الكارثي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بين الركام وطوابير المساعدات.. غزة تنتظر هدنة إنسانية حقيقيةlist 2 of 2جسر بري قطري لدعم غزة وتركيا تعيّن منسقا إنسانيا لإغاثتهاend of listوتوصلت حماس وإسرائيل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الجمعة الماضي، وفقا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعمت بلاده الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وخلفت هذه الإبادة 67 ألفا و938 شهيدا و170 ألفا و169 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، مع تقدير أممي لتكلفة إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار.
مساعدات غير كافيةوشدد فولر على ضرورة زيادة حجم المساعدات بشكل كبير لتلبية الاحتياجات الهائلة للفلسطينيين، مؤكدا أن الوضع الإنساني ما يزال كارثيا.
وقال إن كل يوم تأخير في تسهيل دخول المساعدات يعني مزيدا من الوفيات نتيجة سوء التغذية ونقص الاحتياجات الأساسية، مضيفا أن الأولوية الآن لمنع تفاقم نقص الغذاء وانتشار الأمراض، ثم توفير المساعدات لإعادة بناء حياة المواطنين.
وخلال عامين من الإبادة الجماعية، حصد التجويع الإسرائيلي الممنهج، وما سببه من سوء تغذية، أرواح 463 فلسطينيا، بينهم 157 طفلا.
وفي 22 أغسطس/آب 2025 أعلنت المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المجاعة في مدينة غزة شمال القطاع.
وتوقعت المبادرة امتداد المجاعة إلى محافظتي دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب).
وتضم المبادرة 21 منظمة بارزة، بينها منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال (يونيسف)، والصحة العالمية، وأوكسفام، وأنقذوا الأطفال.
إعلانوأشار فولر إلى أن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة ما يزال محدودا، قائلا إن الاحتياجات تضاعفت مقارنة بالهدنة السابقة.
وأفاد أن لدى الأونروا نحو 6 آلاف شاحنة مساعدات إنسانية موجودة بالأردن ومصر تكفي احتياجات الغذاء لجميع غزة لمدة 3 أشهر تقريبا، مؤكدا جاهزية الوكالة لاستئناف عملياتها.
وقال إن الأونروا لم تستطع إدخال مساعدات منذ مارس/آذار الماضي بسبب منعها من الوصول الميداني ومنع التواصل مع طواقمها.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، يحتاج قطاع غزة إلى نحو 600 شاحنة مساعدات يوميا، في حين تسمح إسرائيل بدخول كميات محدودة لا تتجاوز 60 إلى 70 شاحنة فقط، وهو ما لا يغطي احتياجات الأهالي.
وتنص وثيقة اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، التي نشرتها هيئة البث العبرية، على السماح بدخول المساعدات فورا وفق الآلية المتفق عليها، تنفيذا لقرار إنساني صدر في 19 يناير/كانون الثاني 2025، يقضي بإدخال 600 شاحنة يوميا تشمل الوقود وغاز الطهي.
دمار واسعوتحدث فولر عن الوضع الميداني شمال قطاع غزة، مؤكدا أن معظم البنى التحتية دمرت، وأن الفلسطينيين يتحركون للبحث عن جثث أقاربهم تحت الأنقاض، مما يرفع حصيلة القتلى المبلغ عنها.
وتقدر الجهات الحكومية في غزة وجود نحو 9500 مفقود، يعتقد أن جزءا منهم ما يزال تحت الأنقاض، وما يزال مصير آخرين مجهولا.
وقال فولر إن أهالي غزة يحتاجون للعودة إلى منازلهم، لكنهم لا يجدون سوى الدمار، مبينا أن المدارس والمساكن والمرافق الأساسية تعرضت لدمار واسع.
وأوضح أن الأهالي نزحوا عدة مرات خلال العامين الماضيين، وغادر كثير منهم دون أن يتمكنوا من حمل أي متعلقات شخصية، مما يستدعي توفير مواد إيواء عاجلة مع انخفاض درجات الحرارة.
ولفت إلى أن آلاف الأشخاص بدأوا التحرك نحو شمال غزة رغم غياب معلومات دقيقة عن الأعداد، قائلا إن العودة الجماعية حتمية بعد وقف النار، وكثير من الناس يريدون استعادة ما تبقى من حياتهم.
وأشار فولر إلى أن الدمار الواسع خلف صدمات نفسية عميقة لدى الأهالي، وأن الأونروا تعمل على تقديم دعم نفسي واجتماعي لهم.
وعلى مدى عامين من الإبادة، دمرت إسرائيل أكثر من 90 بالمئة من البنى التحتية في غزة، وفق المكتب الإعلامي الحكومي، في حين يتركز النازحون في مساحات ضيقة تفتقر إلى مقومات الحياة.
وبحسب المكتب، أسقط الجيش الإسرائيلي على القطاع أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات، بينها قنابل زنة إحداها 200 رطل محظورة دوليا.