في زمنٍ تتسارع فيه خُطى التحوّل الرقمي، يظهر "التوأم الرقمي" كأحد أكثر الابتكارات ثورية في عالم التكنولوجيا، إذ يمثّل المرآة الذكية التي تعكس الواقع بدقّة رقمية مذهلة، وتتيح مراقبته وتحليله في الزمن الحقيقي.

هذه التقنية المدهشة تقوم على إنشاء نسخة افتراضية مطابقة لأي كيان مادي، سواء كان محرك طائرة، أو جسراً معمارياً، أو حتى جسماً بشرياً، بحيث تتواصل النسختان باستمرار في دورة لا تنقطع من البيانات والتحليل والتعلّم.




ما هو التوأم الرقمي؟


الفكرة الجوهرية في التوأم الرقمي هي الدمج الكامل بين العالمين المادي والافتراضي، حيث تنقل أجهزة الاستشعار المتصلة بالإنترنت (IoT) كل تفاصيل الأداء والتغيرات البيئية إلى النموذج الرقمي، الذي بدوره يترجمها إلى رؤى وتحليلات دقيقة تساعد المؤسسات على التنبؤ بالأعطال قبل وقوعها، وتحسين الكفاءة التشغيلية، واتخاذ قرارات مبنية على المعرفة لا على الحدس. إنه نظام تعلّم حي، يتطور مع كل معلومة جديدة، ليصبح أكثر دقة وذكاء مع مرور الوقت.

أخبار ذات صلة أبوظبي تستضيف «روبوكب» للابتكار في الذكاء الاصطناعي «ريسرش أند ماركتس»: 12.1 مليار درهم حجم سوق مراكز البيانات في الإمارات بحلول 2030

التوأم الرقمي لا يقتصر على كونه محاكاة هندسية، بل هو بيئة متكاملة تسمح باختبار السيناريوهات المستقبلية دون مخاطرة. في مصانع السيارات مثلاً، يمكن للمصممين اختبار مواد جديدة أو تعديلات على خطوط الإنتاج داخل النسخة الافتراضية قبل تنفيذها على الأرض، لتجنّب أي توقف أو خسارة محتملة. وفي مجال الطاقة، تُستخدم التوائم الرقمية لمراقبة أداء التوربينات ومحطات الكهرباء والتنبؤ بأعطالها قبل أن تؤثر على الشبكات.

أما في المدن الذكية، فهي تُحوّل المدن إلى كيانات رقمية حيّة ترصد الحركة المرورية والاستهلاك الطاقي والتغيرات المناخية لحظة بلحظة، مما يمكّن المسؤولين من اتخاذ قرارات فورية لتحسين جودة الحياة.

حتى في عالم الطب، تفتح هذه التقنية أفقًا جديدًا لعصر "الطب الشخصي"، إذ يمكن إنشاء توأم رقمي لجسم الإنسان يعكس وظائف أعضائه بدقة، ليختبر الأطباء تأثير العلاجات قبل تطبيقها فعليًا على المريض. إنها قفزة تجعل من المستحيل قابلًا للتجربة، ومن المجهول مساحة يمكن استكشافها ببيانات وذكاء.


النتائج الاقتصادية


ووفقاً لـ "ibm"تشير الدراسات إلى أن ثلاثة أرباع الشركات حول العالم تبنّت بالفعل هذه التقنية، وأن أكثر من 90 في المئة منها حققت عائدًا يفوق 10 في المئة من الاستثمار، وفقًا لتقرير Hexagon لعام 2025. ورغم ما تتطلبه من موارد وتكاليف في البداية، إلا أن فوائدها في التنبؤ، والتحكم، والتطوير، تجعل منها حجر الزاوية في الثورة الصناعية الرابعة، حيث لم يعد العالم يكتفي بمراقبة الواقع، بل بات يصنع له نسخة ثانية تتعلّم منه وتطوره باستمرار.


إسلام العبادي(أبوظبي)

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي التكنولوجيا التوأم الرقمی

إقرأ أيضاً:

تحذير من ضعف دقة الذكاء الاصطناعي لقياس النبض عند ارتفاعه

صراحة نيوز- كشف باحثون في جامعة بيليفيلد عن نقاط ضعف واضحة في تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة لرصد معدل النبض من تسجيلات فيديو للوجه، والمعروفة باسم rPPG (التصوير الضوئي عن بُعد).

وأوضحت الدراسة أن هذه التقنيات تقل دقتها بشكل حاد عند ارتفاع معدل ضربات القلب، رغم مقاومتها لتغيرات الإضاءة المنخفضة.

تعتمد التقنية على رصد التغيرات الطفيفة في لون الجلد الناتجة عن تدفق الدم، وتهدف إلى تسهيل التشخيص الطبي عن بُعد أو الكشف التلقائي عن التوتر.

ومع ذلك، أظهرت الدراسة أن بعض القياسات غير صالحة للاستخدام في الطب الرقمي، ما يسلط الضوء على الحاجة لتحسين موثوقية ودقة هذه الطرق قبل الاعتماد عليها في مراقبة صحة المرضى عن بُعد.

مقالات مشابهة

  • وزير العمل في قمة المرأة 2025: «الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف»
  • وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف بمصر
  • مسؤول بالاتحاد الدولي للصحفيين: اختيار مهندسي الذكاء الاصطناعي كشخصية العام اعتراف عالمي بقوة التقنية وتأثيرها المتصاعد
  • نماذج الذكاء الاصطناعي وإعادة صياغة الظهور الرقمي
  • الصين تفرض ضريبة جديدة على الواقي الذكري: قلق صحي لدى السكان
  • قصف عنيف بالبريج.. مدفعية الاحتلال تشعل جبهة جديدة في غزة
  • مفاجأة جديدة من جوجل .. الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل طريقة قراءة الأخبار
  • الإيسيسكو تعلن عن مؤشرًا لقياس جاهزية الذكاء الاصطناعي
  • تحذير من ضعف دقة الذكاء الاصطناعي لقياس النبض عند ارتفاعه
  • الذكاء الاصطناعي يكتب أكثر في 2026 لكن الصحافة البشرية لا تفقد قيمتها