في حدث تاريخي يعكس تحولاً لافتاً في السياسة اليابانية، أصبحت ساناي تاكايتشي أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في اليابان، الدولة التي طالما احتلت مراكز متأخرة في مؤشرات المساواة بين الجنسين، لا سيما في مجالي السياسة والأعمال. 

غير أن هذا الإنجاز الرمزي الكبير يأتي في لحظة سياسية واقتصادية دقيقة، إذ تواجه تاكايتشي سلسلة من التحديات المعقدة على المستويين الداخلي والخارجي، ما يجعل ولايتها اختباراً حقيقياً لقدرتها على القيادة والإدارة في ظرف استثنائي.

تاكايتشي، البالغة من العمر 64 عاماً، تسلمت رئاسة الحكومة خلفاً لشينجرو إيشيبا، بعد فوزها برئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي في وقت يعاني فيه الحزب من انقسامات حادة على خلفية فضائح تمويل طالته خلال السنوات الماضية، ومن تراجع واضح في شعبيته بعد سبعة عقود من السيطرة شبه المطلقة على السياسة اليابانية.

ورغم الوعود التي قطعتها بتشكيل حكومة تضم نسبة غير مسبوقة من النساء على غرار النماذج “الإسكندنافية”، إلا أن الطريق أمامها مليء بالعقبات. 

فهي تواجه منذ اليوم الأول أزمة معيشية خانقة وارتفاعاً كبيراً في تكاليف المعيشة، إلى جانب حالة من السخط الشعبي إزاء سياسات الهجرة، التي يرى كثيرون أنها الحل الوحيد لأزمة الشيخوخة والانكماش السكاني التي تهدد مستقبل اليابان الاقتصادي والاجتماعي.

كما ينتظر تاكايتشي استحقاق دبلوماسي حساس الأسبوع المقبل مع الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى طوكيو، وهي زيارة قد تضعها في مواجهة مباشرة مع رئيس أمريكي يصعب التنبؤ بمواقفه. 

وبعدها بأيام قليلة، ستتوجه إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، حيث ستختبر قدراتها الدبلوماسية على المسرح الدولي لأول مرة.

على الصعيد الداخلي، تواجه تاكايتشي واقعاً سياسياً معقداً بعد خسارة حزبها للدعم التقليدي من حزب كوميتو الوسطي، الذي كان شريكاً في الحكم لأكثر من ربع قرن. واضطرت إلى عقد تحالف جديد مع حزب الابتكار الياباني (نيبون إيشين)، وهو تحالف وصفه المراقبون بأنه “زواج مصلحة” أكثر من كونه تحالفاً استراتيجياً، إذ يجمع بين تيارين محافظين يتفقان على زيادة الإنفاق الدفاعي وتعديل الدستور “السلمي” لليابان وتشديد قيود الهجرة، لكنهما يختلفان بحدة حول السياسة الاقتصادية.

وتشير التقارير إلى أن الحزب الليبرالي الديمقراطي يرفض بعض مطالب “إيشين” الاثني عشر، ومنها تقليص عدد مقاعد البرلمان بنسبة 10%، وإلغاء ضريبة الاستهلاك على المواد الغذائية لمدة عامين، وحظر التبرعات السياسية من الشركات. هذه الخلافات قد تهدد تماسك التحالف منذ بدايته.

ورغم شهرتها كمحافظة متشددة وكونها تلميذة للزعيم الراحل شينزو آبي، فقد أظهرت تاكايتشي براغماتية لافتة في الأسابيع الأخيرة، إذ تجنبت الخوض في ملف تعديل الدستور وتغيبت عن مهرجان معبد ياسوكوني المثير للجدل، في خطوة فسرت على أنها محاولة لتجنب توتر العلاقات مع الصين، التي ترى في هذا المعبد رمزاً لماضي اليابان العسكري.

ومن المنتظر أن تعلن تاكايتشي قريباً تشكيل حكومتها الجديدة، التي ستضم وفق التسريبات ساتسوكي كاتاياما كأول وزيرة مالية في تاريخ اليابان، إلى جانب كل من توشيميتسو موتيغي وشينجيرو كويزومي كوزيري خارجية ودفاع.

لكن رغم الزخم التاريخي لتولي امرأة هذا المنصب، فإن تاكائيتشي تواجه وضعاً برلمانياً هشاً، إذ لا يمتلك التحالف الجديد سوى أغلبية ضئيلة تحتاج إلى دعم نواب مستقلين لتمرير القوانين والموازنة العامة، وهو ما يضعف قبضتها على السلطة ويجعلها عرضة للابتزاز السياسي من شركائها.

طباعة شارك ساناي تاكايتشي اليابان رئيس وزراء اليابان

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ساناي تاكايتشي اليابان رئيس وزراء اليابان

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يستبعد اعتزال السياسة إذا حصل على عفو رئاسي

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -اليوم الأحد- إنه لن يعتزل الحياة السياسية إذا حصل على عفو رئاسي في محاكمته المستمرة منذ سنوات بتهم فساد.

وذكرت القناة الـ12 أنه تقرر إلغاء جلسة الاستماع لنتنياهو أمام المحكمة المركزية بتل أبيب غدا الاثنين، بسبب اجتماع سياسي عاجل. وأوضحت القناة أن النيابة العامة لم تعترض على طلب إلغاء إفادة نتنياهو.

وسبق إلغاء جلسات إفادة عديدة لنتنياهو أمام المحكمة، بداعي مرضه أو ارتباطات سياسية.

وطلب نتنياهو الشهر الماضي من الرئيس إسحاق هرتسوغ العفو عنه، إذ قال محامو رئيس الوزراء إن المثول المتكرر أمام المحكمة يعوق قدرة نتنياهو على إدارة شؤون الحكم، وإن العفو سيعود بالنفع على إسرائيل.

ولا يُمنح العفو في إسرائيل عادة إلا بعد انتهاء الإجراءات القانونية وإدانة المتهم. ولا توجد سابقة لإصدار عفو خلال إجراءات المحاكمة.

ونفى نتنياهو مرارا ارتكاب مخالفات وسط اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وقال محاموه إنه لا يزال يعتقد أن الإجراءات القانونية، إذا ما اختتمت، ستنتهي بتبرئته تماما.

وأرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة إلى هرتسوغ حثه فيها على النظر في منح رئيس الوزراء عفوا، وذلك قبل أن يقدم نتنياهو طلبه بالعفو.

ويقول بعض السياسيين الإسرائيليين المعارضين إن أي عفو يجب أن يكون مشروطا باعتزال نتنياهو السياسة والاعتراف بالذنب. في حين يقول آخرون إن على رئيس الوزراء الدعوة أولا إلى إجراء انتخابات وطنية، في حين أنه من المقرر إجراؤها بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2026.

رفض إقرار بالذنب

ومنذ بداية محاكمته، رفض نتنياهو الإقرار بالذنب، في حين لا يتيح القانون الإسرائيلي للرئيس منح العفو إلا بعد هذا الإقرار.

وحسب مصادر بوزارة العدل، فإن طلب نتنياهو لا يتضمن إقرارا بالذنب ولا يرقى لطلب عفو، وإنما طلب إلغاء محاكمة، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.

إعلان

ويمر حسم مصير طلب العفو بمراحل عديدة، ولا يوجد تقدير للمدة الزمنية التي قد يستغرقها.

ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات.

ويتعلق "الملف 1000" باتهامات بحصوله وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة.

وفي "الملف 2000" يُتهم نتنياهو بالتفاوض مع ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية (يمين وسط) أرنون موزيس، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية.

أما "الملف 4000" فيخص تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع "والا" الإخباري شاؤول إلوفيتش، الذي كان أيضا مسؤولا بشركة بيزك للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية.

وإضافة إلى محاكمته محليا، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مذكرة لاعتقال نتنياهو، لمسؤوليته عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم أخرى ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • نقص 93‎%‎ من احتياج الخيام.. 288 ألف أسرة تواجه المنخفض بغزة بلا حماية أو استجابة
  • مقص 93‎%‎ من احتياج الخيام.. 288 ألف أسرة تواجه المنخفض بغزة بلا حماية أو استجابة
  • تشكيلة برشلونة أمام بيتيس تدخل التاريخ
  • مصر تواجه الأردن اليوم في كأس العرب.. أرقام تاريخية قبل المواجهة
  • البحرين تواجه السودان في الجولة الأخيرة لكأس العرب 2025.. وداع شرفي مرتقب
  • كأس العرب 2025.. الإمارات تواجه الكويت وسط ترقب هدية التأهل
  • التيك توكر أم سجدة تواجه مصيرها بالحبس 6 أشهر أمام المحكمة الاقتصادية
  • مباراة حاسمة اليوم.. عمان تواجه جزر القمر في كأس العرب 2025 مع متابعة مباشرة لكل الأحداث
  • نتنياهو يستبعد اعتزال السياسة إذا حصل على عفو رئاسي
  • حفل قرعة كأس العالم بين السياسة والرياضة