قرود ذهبية لتعزيز دبلوماسية الباندا الصينية
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
بأنفها الأفطس، ووجوهها الزرقاء الباهتة، وفروها البرتقالي الأشعث الذي يغطي أيديها وأقدامها، يصعب الخلط بين القرود الذهبية الصينية المهددة بالانقراض وأيّ حيوان آخر.
انضم عدد من هذه القرود النادرة والجذابة، والفريدة من نوعها والتي تعيش في جبال وسط الصين الباردة، مؤخرا إلى حيوانات الباندا الشهيرة في البلاد كمبعوثين إلى حدائق الحيوان في أوروبا لأول مرة؛ على سبيل الإعارة لمدة 10 سنوات من نفس المجموعة التي تشرف عليها الحكومة والتي تنسق التبادلات الرسمية للباندا.
وكما هو الحال مع "دبلوماسية الباندا"، يُرحب المراقبون بالفرص الجديدة للتعاون العلمي وجهود الحفاظ على البيئة، بينما يُعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن سلامة هذه الحيوانات التي يتم نقلها حول العالم.
وصلت 3 قرود ذهبية إلى حديقة حيوان بوفال الفرنسية في مدينة سانت إينيان في أبريل/نيسان الماضي، عقب اتفاقية للاحتفال بالذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية وفرنسا.
كما وصلت 3 قرود ذهبية أخرى إلى حديقة حيوان بايري دايزا في هينو، بلجيكا، في مايو/أيار الماضي. ووزعت الحديقة أعلاما بلجيكية وصينية على الزوار يوم وصول القرود.
وبعد شهر من الحجر الصحي، ظهرت مجموعتا القرود لأول مرة أمام الجمهور. وحتى الآن، يبدو أنها بصحة جيدة، وفقا لحديقتي الحيوان، حيث تتكيف مع المناخات الجديدة خارج آسيا لأول مرة.
وفي بايري دايزا، توفر الحظيرة بيئة خاصة لكل من ليو يون ولو لو وخوان خوان، تضم شرفات مراقبة صينية تقليدية ذات أعمدة حمراء وأسقف قرميدية رمادية، حيث تقضي القرود معظم وقتها في القفز بين جذوع الأشجار وسلالم الحبال والتسلق فوق الأسطح.
وقال يوهان فريس، المتحدث باسم حديقة حيوانات "بايري دايزا: "ينبع الجانب الدبلوماسي من هذا الوعي الثقافي".
إعلانمن جهتها قالت أناييس موري، مديرة الاتصالات في حديقة حيوانات بوفال، إن الأمل يكمن في بناء تبادلات علمية طويلة الأمد بين حدائق الحيوان والسلطات الصينية.
كما أفادت موري بأن حديقة الحيوانات تُجري مناقشات مع الصين لإطلاق برامج بحثية مشتركة "مشابهة لتلك المُطبقة بالفعل على أنواع رمزية أخرى مثل الباندا".
توضح إيلينا سونغستر، المؤرخة البيئية في كلية "سانت ماري" بكاليفورنيا، أن كلًا من الباندا العملاقة والقرود الذهبية ذات الأنف الأفطس حيوانات مُهددة بالانقراض، وهي حيوانات فريدة في الصين، ولا يُمكن نقلها خارج البلاد إلا بموافقة الحكومة المركزية.
وفي حين يُعتبر كلا النوعين "كنزا وطنيا صينيا"، إلا أن القرود وحدها لها جذور عميقة في الفن والثقافة الصينية، حيث ظهرت في عدد لا يُحصى من اللوحات وكشخصيات في الأدب الكلاسيكي، بما في ذلك شخصية ملك القرود الماكر في رواية "رحلة إلى الغرب" وهي واحدة من الروايات الكلاسيكية الأربع الرائدة في الأدب الصيني للمؤلف وو تشنغن خلال عهد سلالة مينغ الحاكمة .
وترى سوزان براونيل المؤرخة الصينية في جامعة "ميسوري" سانت لويس أنه "سرعان ما أصبحت الباندا رموزا للصين الحديثة عندما خطت الباندا، وتدحرجت، على المسرح العالمي في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك إلى لطفها وأسلوبها الدبلوماسي الماهر".
كان الزوجان الأصليان للقوة الصينية الناعمة من الصين ما بعد الحرب زوجا من الباندا العملاقة، هما "بينغ بينغ" و"تشي تشي"، أُرسلا إلى ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي عام 1957 بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ40 للثورة البلشفية، التي أدت إلى تأسيس أول دولة شيوعية في العالم.
وفي عام 1972، أُرسل زوج من الباندا إلى الولايات المتحدة لأول مرة، بعد زيارة الرئيس الأميركي في ذلك الوقت ريتشارد نيكسون التاريخية إلى بكين.
وفي عام 1984، تحولت الصين من إهداء الباندا إلى إعارتها، لكن بعد احتجاجات نشطاء حقوق الحيوان، أنهت الصين ممارسة الإعارة قصيرة الأجل وبدأت في عقود إيجار أطول، تبلغ مدتها نحو 10 سنوات.
وفي هذا الترتيب، من خلال جمعية الحفاظ على الحياة البرية الصينية، يجب تخصيص جزء من الأموال التي تدفعها حديقة حيوان أجنبية سنويا للصين للحفاظ على البيئة الطبيعية أو البحث العلمي بما يعود بالنفع على هذا النوع.
ومع ذلك، فإن ما يفيد نوعا ما قد لا يفيد حيوانا واحدا، حسبما يقول جيف سيبو، الباحث في البيئة والأخلاقيات الحيوية بجامعة نيويورك، الذي يرى أن نقل الحيوانات لمسافات طويلة وإعادة صغارها إلى الصين، كما تنص الاتفاقيات، قد يُسبب ضغطا كبيرا على الحيوانات. منبها إلى أن "صحة الحيوان ورفاهيته أمران مهمان، وليس فقط للأهداف الجيوسياسية أو الإستراتيجية".
تعيش القرود الذهبية ذات الأنف الأفطس اليوم في الصين عبر مساحة واسعة من وسط وجنوب غرب الصين، تشمل أجزاء من مقاطعات سيتشوان وشنشي وقانسو وهوبي.
إعلانوفي حديقة شنونغ جيا الوطنية في هوبي، ساهمت جهود الحفاظ على البيئة منذ ثمانينيات القرن الماضي في زيادة عدد القرود في المنطقة 3 أضعاف ليصل إلى حوالي 1600 قرد اليوم، وفقا لما ذكره يانغ جينغيوان، رئيس أكاديمية العلوم في الحديقة.
ومع أنه ليس من الواضح تماما كيفية تقييم السجل الدبلوماسي للسفراء "ذوي الفراء"، في عصر التوترات العالمية المتصاعدة، يقول جيمس كارتر، المؤرخ الصيني في جامعة سانت جوزيف في فيلادلفيا: "أعتقد أن الباندا مدخل مفيد حقا".
كنا يرى أن" الباندا تتيح للناس فرصة للتفكير بإيجابية في الصين فهي لطيفة، ولا ترتكب أي فعل سيئ".
وتعد القرود الذهبية ذات الأنف الأفطس الموجودة حاليا في حدائق الحيوان في فرنسا وبلجيكا هي الوحيدة حتى الآن خارج آسيا.
وترى سوزان براونيل أن تلك القرود ذات الأنف الأفطس "لم تصبح رمزا عالميا للصين بعد، ولكن قد تكون هناك إمكانية لأن تصبح كذلك في المستقبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات حدیقة حیوان فی حدیقة لأول مرة
إقرأ أيضاً:
الإمارات تعزز دبلوماسية المياه وبناء السلام في جنيف تمهيداً لانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026
ترأس سعادة عبدالله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة، وفد دولة الإمارات المشارك في سلسلة من الفعاليات رفيعة المستوى في جنيف، بهدف تعزيز التعاون الدولي في مجالات المياه، وتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ، وبناء السلام، وذلك في إطار استعدادات الدولة لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026 بالشراكة مع السنغال.
في 16 أكتوبر، شارك سعادة بالعلاء في جلسة حوارية رفيعة المستوى بعنوان: “إعادة إحياء نظام بناء السلام الدولي: دعوة إلى تبني دبلوماسية المياه”، والتي عقدت ضمن فعاليات أسبوع جنيف للسلام في دورته الثانية عشرة.
وقد حضر الجلسة كبار المسؤولين الدوليين لبحث دور التعاون المائي في إرساء دعائم السلام، والاستقرار، وإجراء الإصلاحات متعددة الأطراف.
وخلال كلمته، أكد سعادة بالعلاء على أهمية دبلوماسية المياه باعتبارها عاملاً محفزاً للتعاون الإقليمي والدولي، كما شدد على التزام دولة الإمارات بالتعددية والمسؤولية المشتركة في التصدي للتحديات العالمية المتعلقة بالمياه.
وقال سعادته: “إن مناقشة موضوع المياه خلال أسبوع السلام، بدلاً من أسبوع المياه، يرسل رسالة قوية مفادها أن المياه جوهر السلام والتعاون”.
وفي إطار زيارته الرسمية، عقد سعادة بالعلاء أيضاً سلسلة من اللقاءات الثنائية مع قادة وشركاء دوليين بارزين في قطاعات المياه والمناخ.
وشملت هذه اللقاءات اجتماعات مع شيخ تيديان دايي وزير المياه والصرف الصحي في السنغال، والسيد كمال كيشور، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، والدكتورة موسوندا مومبا، الأمين العام لاتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة، والبروفيسور مارك زيتون، المدير العام لمركز جنيف للمياه.
وقد تمحورت المناقشات حول تعزيز التعاون بشأن الموارد المائية المشتركة، وإقامة الشراكات المؤسسية، وتنسيق المساهمات العملية لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026.
وفي 17 أكتوبر، ترأس سعادة عبدالله بالعلاء مائدةً مستديرةً تقودها دولة الإمارات مع الشركاء والخبراء الموجودين في جنيف من أجل تسريع أعمال التحضير لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026.
وقد تركزت المناقشات حول الاستفادة من هذه الخبرات الفريدة في جنيف من أجل تحديد المساهمات العملية والشراكات، وتعزيز الحوار الشامل ذي الطابع العملي.
وستسهم مخرجات هذه الجلسة في جهود التحضير للمؤتمر عبر موجز “مدخلات جنيف 2026″، مما يؤكد حرص دولة الإمارات والتزامها بالتعاون الدولي في مجال المياه وتعزيز المرونة المائية.
وقال سعادته: “إن المنظومة الفريدة الموجودة في جنيف والتي تضم المؤسسات الإنسانية والبيئية وهيئات بناء السلام قادرة على تحويل سياسات المياه إلى أفعال ذات تأثير ملموس على أرض الواقع. سيكون مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026 بمثابة منصة تحولية وشاملة تسهم في تسريع العمل العالمي في مجال المياه وتعزز التعاون بين شتى القطاعات.”
وتواصل دولة الإمارات تعزيز التزامها بالأمن المائي العالمي، والتعاون متعدد الأطراف، والتنمية المستدامة، مستفيدة من المنصات الدولية في دفع التعاون والعمل الجماعي تمهيداً لإقامة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026.وام