الشهيد الغماري.. قائد في ظلال المعادلة الذهبية لصناعة النصر
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
لم يدم إغلاق البحر الأحمر من قبل الجيش المصري في 67 سوى 13 يوماً فقط وفتحته إسرائيل بالقوة الغماري قاد حصاراً بحرياً على العدو الإسرائيلي وانتصر على 3 تحالفات لكسره
ما الذي مكن قيادة عسكرية على رأس جيش منهك، لتوه خرج من مواجهة مستعرة مع تحالف أغنى الدول ماليا وتكنولوجيا التحالف السعودي الأمريكي، أن يحقق ما عجزت عنه قيادات عربية كبرى وجيوش فاقته عددا وعدة.
.
تقرير / إبراهيم الوادعي
في مايو 1967م منع الجيش المصري الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، أغلق الجيش المصري يومها مضائق تيران تحديدا في الـ 23 من مايو 67م، كانت القوات المسلحة المصرية تحت قيادة المشير عبد الحكيم عامر ورئيس الأركان الفريق محمد فوزي والذي أقيل بعد هزيمة حزيران يونيو 67م.
دام إغلاق الملاحة بوجه السفن الإسرائيلية 13 يوما فقط، وأعاد الكيان فتح البحر الأحمر بالقوة العسكرية، ملحقا الهزيمة بالجيش المصري والقوات الأردنية والسورية، وفقا للمصادر التاريخية لم يقاتل فعليا أي من الجيوش الثلاثة، ودارت اقسى المعارك في نقاط محددة ابرزها القدس وأخرى في الضفة، ومعركتان في سيناء جرت فقط لتأخير الاندفاعة الإسرائيلية نحو قناة السويس التي حمت مصر من اندفاعة إسرائيلية ربما لم تكن لتتوقف إلا في القاهرة، مقارنة بمشهد الهروب الكبير خارج المنطق العسكري في سيناء، والحالة المعنوية المتردية للقوات المسلحة المصرية عقب ضرب المطارات وسقوط سيناء .
وفقا لرئيس أركان الجيش المصري في عام 1973م فإن هزيمة 67 كان بالإمكان تفاديها في أسوأ الأحوال، لكن القيادات العسكرية كانت في واقع من الخذلان والارتباك انعكس على الفرق الميدانية التي كان لديها القدرة على الصمود والثبات حتى إعادة وصل الخطوط اللوجستية في سيناء مع الهجوم الإسرائيلي على المطارات.
وعلى الجبهة السورية لم يقاتل الجيش السوري رغم مزايا التحصين الشديد الذي توفره هضبة الجون للقوات المتمركزة فيها وتلغي تأثير الطيران إلى حد كبير
الجيوش العربية 48م
وبالعودة إلى نهاية الأربعينات مع إعلان نشوء الكيان الإسرائيلي 15 مايو 1948م دخلت في اليوم التالي 5 جيوش عربية إلى فلسطين للقضاء على البؤر الصهيونية آنذاك، وهي – اللواء أحمد علي المواوي.. قائد القوات المصرية
– عبدالوهاب الحكيم.. قائد القوات السورية
– طاهر محمد الزبيدي.. قائد القوات العراقية
– اللواء فؤاد شهاب.. قائد القوات اللبنانية
– جلوب باشا.. قائد الجيش الأردني
بنتيجة القتال والذي بات معروفا الت المعارك التي استمرت 10 أشهر إلى خسارة مزيد من الأراضي لصالح العدو الإسرائيلي
• جيش الإنقاذ 47م
وقبيل ذلك بعام واحد ومع صدور قرار التقسيم الأممي، دخل جيش الإنقاذ هو جيش المتطوعين الذي شكلته الجامعة العربية في ديسمبر 1947 للتدخل عسكريا ومساعدة الفلسطينيين في مقاومة قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين، لكن هذا الجيش رغم بعض مابادته وحداته من قتال، خسر معظم المعارك التي خاضها، وعجز عن الدفاع عن حيفا وعكا وطبريا التي سقطت في يد العصابات الصهيونية
حرب 73م
ذكر الصحافي محمد حسنين هيكل مبررات الحرب وفق الرئيس عبد الناصر كما يلي:
«أن يستطيع العدو أن يقتل 50 ألفاً منا فإننا، نستطيع الاستمرار لأننا نمتلك لاحتياطي الكافي. ولكن أن يفقد العدو 10 آلاف، فسوف يجد نفسه مضطر إلى أن يوقف القتال فهو لا يمتلك الاحتياطي البشري الكافي.».
كانت هذه المقولة أو المقياس العددي والكمي هي التي تحكم الفكر العربي المشبع بالقومية الناصرية آنذاك، وهو ما سنعود اليه في تقييم أسباب الهزيمة لجيوش عربية ونجاح الجيش اليمني الأضعف مقارنة بما كان لدى مصر وسوريا والأردن، وبالنظر إلى كون إسرائيل آنذاك كانت أضعف مما هو حالها اليوم.
تُشير أغلب الروايات إلى اندلاع حرب الاستنزاف يوم 1 يوليو 1967 (بداية معركة رأس العش) وحتى قبول مصر والأردن مبادرة روجرز في 7 أغسطس 1970، التي رفضتها منظمة التحرير الفلسطينية. لذلك استمرت الاشتباكات على الحدود اللبنانية والسورية لغاية اندلاع حرب أكتوبر، كذلك جرت بعض الاشتباكات المتقطعة على جبهة قناة السويس، كان أبرزها عملية رجب في 17 سبتمبر 1971.
يُشير آخرون إلى أن تاريخ 21 أكتوبر 1967 هو التاريخ الأكثر شيوعاً لبداية حرب الاستنزاف بعد إغراق المدمرة إيلات. ويُشير آخرون إلى يوم 8 مارس 1969 حيث أعلن عبد الناصر بدء الحرب التي أسماها حرب الاستنزاف، فيما يرى آخرون أنه يوم 27 مارس 1969، عندما ألغى عبد الناصر وقف إطلاق النار رسمياً.
ومُسمى حرب الاستنزاف استُخدم مرتين عقب حرب أكتوبر، للإشارة إلى حرب الاستنزاف في نتوء باشان على الجبهة السورية وحرب الاستنزاف الثانية على الجبهة المصرية التي استمرت لغاية انسحاب القوات الإسرائيلية من غرب القناة في مارس 1974.
ومن أبرز شهداء حرب الاستنزاف الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري، كما ارتكب العدو الإسرائيلي مجازر مروعه أبرزها قصف مدرسة بحر البقر صباح الثامن من أبريل عام 1970 م، حيث قصفت طائرات من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، أدى الهجوم إلى مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تماماً، وإثارا سخطا عالميا كبيرا
حرب 73م
في السادس من أكتوبر 1973 بدا مصر وسوريا هجوما منسقا على القوات الصهيونية واستطاعت القوات المصرية أحراز انتصارات مذهله بداية الحرب تحت قيادة رئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي.
ويمكن تلخيص مسار الحرب كالتالي عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا. أما في نهاية الحرب فقد تمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق بعض الإنجازات، فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسبَ استراتيجيةٍ سواءً باحتلال مدينتي الإسماعيلية أو السويس أو تدمير الجيش الثالث أو إجبار القوات المصرية على الانسحاب إلى الضفة الغربية مرة أخرى، أما على الجبهة السورية فتمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان واحتلالها مرة أخرى.
لكن القيادة السياسية المصرية تحت الرئيس أنور السادات أفقدت المصريين كل مكاسب الحرب وصولا إلى توقيع معاهدة كامب ديفيد التي منحت السيادة بشكل مشترك على سيناء لمصر والعدو الإسرائيلي، ونقلت مصر من الحضن العربي إلى الحضن الإسرائيلي الأميركي
الإسناد اليمني لطوفان الأقصى
بعد أيام من عملية «طوفان الأقصى» في ٧ أكتوبر أعلنت اليمن أنها تعتبر نفسها مشاركة في هذه العملية إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، ترجم ذلك بإطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيرة باتجاه الكيان الإسرائيلي بمسافة رمي تتجاوز الألفي كلم.
شرع رئيس الأركان للقوات المسلحة اليمنية الشهيد محمد عبد الكريم الغماري «هاشم» في أعداد القوات المسلحة اليمنية والخارجة لتوها من مواجهة ضارية وحصار مع تحالف السعودية لثماني سنوات ضمن تهدئة معلنه، في أعداد القوات اليمنية لتنفيذ توجيهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بالانخراط في المعركة والنظر في الطب الأخطر لكتائب القسام – إغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية- مع ما يفرضه ذلك من تحديات على مستوى الثدرات أو مستوى المواجهة مع الدول الكبرى وقد وقع فعلا ما تحسبت له القيادة اليمنية.
في ال 15 م أعلن قائد الثورة إغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الصهيونية، وفي ال 19 من الشهر ذاته هبطت طائرة هليكوبتر يمنية على متن سفينة “غالاكسي ليدر” التي تعمل في نقل المركبات وتتبع لشركة “راي شيبنغ” التي تتخذ من تل أبيب مركزاً لها ويملكها رجل الأعمال الإسرائيلي الثري رامي إبراهام أنغر المقرب من “الموساد” ومن بنيامين نتنياهو، واقتادت السفينة بمن فيها إلى الساحل اليمني، مانحة القسام ورقة تفاوض جديدة
استمر إغلاق البحر الأحمر ولايزال في وجه الملاحة الإسرائيلية أو الشركات المتواطئة مع العدو الإسرائيلي ضمن مسار الحصار الذي أعلنه الجيش اليمني، وضربت خلاله عدد كبير من السفن حتى بات واقعا..
وفي مواجهة الحصار البحر اليمني تشكل تحالف الازدهار من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى 13 دولة بعد قرار إسبانيا عدم مشاركتها، وأعلن عنه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في البحرين يوم 19 ديسمبر 2023 عقب زيارة قام بها إلى الكيان الإسرائيلي، وقال أن الحلف تشكل تحت مظلة القوات البحرية المشتركة وقيادة قوة المهام المشتركة 153 كرد على الهجمات التي تشنها القوات الموالية لحركة أنصار الله في اليمن ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحرين: الأحمر والعربي..
فشل التحالف سريعا بعد تلقيه ضربات من القوات المسلحة اليمنية التي أبدت صمودا فاجئ أعضاء الحلف الجديد..
عقب فشل تحالف الازدهار في إسناد إسرائيل تشكل حلف أوروبي مستقل « اسبيدس» ورغم انه لم يشن هجمات داخل الأراضي اليمنية إلا أن فشل في كسر الحصار البحري اليمن وتطوره ضد الدول المتواطئة مع العدو الإسرائيلي ولايزال قائما بشكل مفكك.
هزيمة أميركية
ومع صعود ترامب إلى السلطة مجددا، اطلق حملة أمريكية على اليمن (15 مارس – 6 مايو 2025) أو ما عرف بالمواجهات بين الولايات المتحدة وأنصار الله، وأطلقت عليها الولايات المتحدة اسم عملية الراكب الخشن، عملية العسكرية والهجمات الجوية والبحرية واسعة النطاق وظلت مستمرة لمدة ثلاثة وخمسين يوما حتى إعلان وقف إطلاق النار في 6 مايو 2025، واعتراف الرئيس الأمريكي ترامب نفسه بالهزيمة بشكل ناعم حيث أشاد بقوة الخصم وشجاعته، فيما قال ديفانس نائبه أن المعركة البحرية في البحر الأحمر غيرت قواعد المعارك على مستوى العالم، وان الولايات المتحدة أن لم تستجب لهذا التغيير فستجد نفسيها خارج السياق، وقال ضباط بحريون أمريكيون أن البحرية الأمريكية خاضت معركة فعلية لم تشهدها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ووفقا لخبراء عسكريين فان الاستراتيجيات التي انتهجها الجيش اليمني والصمود الذي أظهره اخرج حاملات الطائرات من قائمة الردع العسكري بعد أن كان مجرد اقترابها من سواحل بلد ما يسقط أنظمة ويهزم دولا دون قتال.
وفي الاحتفال الأخير بيوم البحرية ظهرت الحاملة ترومان مغطاة بلوحة كبيرة لم تستطع إخفاء كل أضرارها، لقد نجح الجيش اليمني في تحييد 3 حاملات خلال المعركة البحرية الممتدة من تحالف الازدهار إلى المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة من روزفلت إلى ترومان مرورا بفينس التي تتقاعد هذا الشهر..
عوامل النصر
والسؤال هنا بعد هذا الاستعراض لسير الحروب بين الجيش الإسرائيلي وجيوش دول عربية، نستثني منه حركات المقاومة فذلك له طابعه الخاص ومقاييسه المختلفة تماما، ما لذي مكن قيادة عسكرية على راس جيش منهك لتوه خرج من مواجهة مستعرة مع تحالف اغنى الدول ماليا وتكنولوجيا التحالف السعودي الأمريكي ،ينتصر ويمضي في إغلاق البحر الأحمر لعامين بوجه الكيان الإسرائيلي ؟!، بينما فشل جيش اقوى دولة عربية آنذاك في 67 أن يغلق البحر الأحمر سوى لـ13 يوما فقط – أعاد الكيان الصهيوني فتح الملاحة عبر البحر الأحمر في منتصف يونيو 67م بعد اقل من 23 يوما من إعلان عبد الناصر الأغلاق، و6 أيام من الدلاع حرب حزيران يونيو1967م.
وما لذي ميز اللواء محمد عبد الركيم الغماري كرئيس أركان لجيش عربي يمني عن غيره من قادة الأركان للجيوش العربية التي خاضت حروبا مع الكيان الإسرائيلي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أمريكا شاركت، بل وكانت المشاركة الغربية أعلى وبشكل فاضح في حرب الطوفان.
إن المقاييس المادية التي اعتمدت عليها قيادات الجيوش العربية النصر على إسرائيل، وبالتالي ألغت ما دونها من عوامل، كانت خاطئة وان المقاييس العددية والكمية لا تحقق نصرا، حين تفتقر القيادة إلى الإيمان والثقة بالله واستغلال ما لديها من إمكانيات تكمل العزيمة والإيمان، وهذا ما امتلكه وامن به الشهيد الغماري واحرز به النصر – وضع الجيش اليمني إلى الجيش الأمريكي والبريطاني، والتحالفات الأخرى التي قاتلت في معارك البحر الأحمر على امتداد عامين، قدرة الكيان الصهيوني – يقول السيد القائد متسائلا بغرض التنوير: ما الذي أثَّر على الكثير من الجيوش العربية والإسلامية، في موقفها من الأمريكي والإسرائيلي؟ انعدام الثقة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، دائماً يحسبون حساب الإمكانات، ما يمتلكه العدو من إمكانات وقدرات عسكرية… وغيرها، ثم يرون أنفسهم لا يمتلكون بمثل ما يمتلكه العدو، ولا يحسبون حساب الله « نسو الله فنسيهم « .
والأمور الأخرى على مستوى شخص القائد في رئاسة الأركان بوصفه القائد التنفيذي والأقرب إلى الجنود نلخصه من كلمة السيد القائد في استشهاد اللواء الغماري
شخصيته: الروحية الإيمانية والجهادية وهي غائبة عن الكثير من الجيوش في العالم الإسلامي، الإخلاص لله، والتجرُّد من أي أهداف أو حسابات شخصية، روح المبادرة والمسارعة في أداء المهام الجهادية، وهذه من أهم وأعظم القيم الإيمانية من جهة، والنجاح العملي والتأثير العملي، والفاعلية العملية، والأثر في مقام العمل، في تدارك الكثير من الأمور، الحيلولة دون الكثير من الإخفاقات، وتحقيق الكثير من النجاحات، الأداء للمسؤولية الجهادية بتقوى الله، وصولا إلى الأداء القائــم على أســـاس التقوى، التقوى من حيث الاهتمام والحذر من التفريط: فتميَّز أداؤه بالجِدِّيَّة، بالمبادرة، بالاهتمام الكبير، بالحذر من التفريط والتواني، التَّحَلِّي بصفات المتقين.
فهو يؤدِّي مهامه الجهادية ليس بالروتين العسكري، والتقاليد العسكرية المعروفة في الجيوش؛ بل بما هو أرقى منها، ويتميَّز عنها
الصبر.. من مستوى موقع المسؤولية الذي كان فيه، فلا يتأثَّرون بالشدائد سلباً، بالعوائق، بالتحديات، بالتَّضحيات، فم يهن ولم يضعف، ولم تنكسر عزيمته، أو تتحطم نفسيته
أيضا التفاني في سبيل الله، وبيع النفس من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والرشد، والحكمة، والتوازن النفسي، والوعي، والتقدير للهدى، وختاما الابتكار والتكيُّف مع الظروف
…..
في أحد اهم عوامل النصر المصري في معركة أكتوبر وعبور خط بارليف الذي رجح الخبراء استخدام سلاح نووي لتدميره، هو اللمسة الإيمانية التي كانت حاضرة، والجنود يعبرون تحت شعار «الله أكبر»
الحالة الإيمانية تحدث عنها رئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي بانها مثلت أكبر داعم لمعنويات الجنود قبل حالة الثأر للكرامة المصرية، ومذلل للصعوبات لدى القيادة فاختفت حالة الخوف والتردد وحلت محلها الأقدام..
وبالنظر إلى الصفات التي ذكرها السيد القائد في الشهيد الفريق اللواء الركن الغماري، إذا ما كانت توفرت في أي قيادة جيش عربي لما كانت وقعت هزيمة 67 بذلك الشكل المخزي والمدوي والمهين.
ولكان الكيان مجرد تاريخي يحكى، وليس حاضرا يسفك دماء المسلمين ويذل دولهم واحدة تلو الأخرى، ولم يكن السؤال أين الجيوش العربية بإمكانياتها وتعدادها الضخم وتسليحها الكبير إلى اليوم باقيا ويستحضر معه المرارة…
وبالنظر إلى ما سرده الشهيد القائد من صفات في الغماري، ولم تتوفر في غيره من رؤساء الأركان العرب خاضوا مواجهات مع العدو الصهيوني، فالشهادة كانت الوسام الإلهي المستحق، وليس قتله انتصار لعدوه..
ما بعد الغماري
المعادلة الذهبية حاضرة « قيادة مؤمنة شجاعة – منهج قراني متجذر – شعب مبادر كريم»
المعادلة التي شكل فقد جزء منها سببا في الهزائم أمام العدو الإسرائيلي أو عدم ديمومة الانتصارات أو أضاعتها كما حصل في 73م
وهي تتوفر اليوم بكل أركانها في اليمن وينصهر في اتونها البشر والعتاد.. وتحتها صغرت أمريكا وكل ما هو دون الله، وبها يستجلب النصر..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الشهيد / الفريق / الحبيب / هاشم الغماري سيظل قنديلا متوهجا في مسيرتنا الجهادية الكفاحية اليمنية
ودعت الجمهورية اليمنية، ومن عاصمتها الثائرة صنعاء من أقصاها إلى أقصاها شهيد الأمة اليمنية والمقاومة العربية والإسلامية الثائر المجاهد/ محمد عبد الكريم الغماري في موكب جنائزي مهيب، ومن قلب اليمن النابض من العاصمة التاريخية لليمن صنعاء التي توافد إليها المشيعون المحبون المخلصون للشهيد الغماري رحمه الله، وأسكنه فسيح الجنة.
بسم الله الرحمن الرحيم [ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون] صدق الله العظيم.
هكذا هم العظماء الأبطال، الشهداء منا يمضون فرحين مستبشرين رافعي الهمم بهذا اليوم المبارك، يوم الاستشهاد في سبيل الله عز وجل، يتقاطرون بثقة عالية بالنفس، والروح نحو الاستبسال، والاستشهاد بعزيمة فولاذية لا تنحني، ولا تلين مقدمين أرواحهم الطاهرة شهداء عظماء على طريق تحرير القدس الشريف، وفي محراب تحرير أرض فلسطين الطاهرة المحتلة من النهر إلى البحر.
ففي يوم الإثنين 20/ أكتوبر/2025م، زحفت الجماهير اليمنية من مدن وقرى وضواحي اليمن العظيم الحر ، زحفوا، وتدفقوا بمئات الآلاف كالطوفان البشري الهادر لتوديع هذا الحبيب الشهيد الغالي على قلوب، وأفئدة الملايين من أبناء شعبنا اليمني المجاهد العظيم ، ودعوه بالشعارات الحماسية المقاومة ، ودعوه بالآهات والدموع والصبر الحديدي؛ لمعرفتهم بأن خروج أي شهيد في مسيرة المقاومة الجهادية يخلفه آلاف من المقاتلين وآلاف من المجاهدين الأشداء بروحية جهادية عالية، وتحت راية القرآن الكريم، وبتوجيهات قائد الثورة الحبيب/ عبدالملك بن بدر الدين الحوثي «يحفظه الله ويرعاه».
خروج الجماهير بتلك الكتل البشرية العظيمة إنما هو تعبير عن وفاء، وحب وتقدير واحترام للدور العظيم الذي أنجزه الشهيد في مسيرته الكفاحية في المجالات العسكرية التكتيكية والاستراتيجية، وفي المجالات القيادية في التصنيع الحربي الذي أولاه جل اهتمامه، وطاقاته، وفكره العسكري حتى أنجز لليمن ولهذه الأمة اليمنية المباركة درعها الواقي الذي سيصد أطماع الأعداء المحيطين بنا والبعيدين عنا من شراذم قطعان الصهاينة الإسرائيليين وهم الأعداء التاريخيون للأمة الإسلامية والعربية جمعاء. هذا الشهيد ومنذ أن وجه قائد الثورة بأن يشغل هذا الموقع العسكري الحساس وأنيطت به أعظم المهام العسكرية الاستراتيجية مع زملائه المقربين، استطاع أن يثبت بجدارة وكفاءة عالية أنه في مستوى هذه المسؤولية العسكرية الحساسة والاستراتيجية، وأنجز مهام كانت في الحسابات العسكرية بأنها من المعجزات الخارقة التي مرت علينا في هذه الحياة، من يتصور حتى من كبار العسكريين الأجانب الأصدقاء منهم والأعداء بأن جيشنا اليمني البطل بقيادته ورفاقه وقيادة الأخ الزميل اللواء / محمد ناصر العاطفي وزير الدفاع، بأن يتحول هذا الجيش الفتي الذي تعرض لشتى أنواع مؤامرات التدمير والهيكلة والتقزيم إلى حد إلغاء دور هذه المؤسسة العسكرية الوطنية العملاقة، من يتخيل حتى مجرد التخيل بأن يصبح لدى جيش الجمهورية اليمنية ومن صنعاء تحديدا هذه الجرأة والشجاعة والإقدام بأن يغلق البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب وخليج عدن، يغلق كل هذه المساحات الجغرافية المائية اليمنية في وجه أعداء الأمة العربية والإسلامية وهو كيان العدو الإسرائيليّ الصهيوني. من يتخيل حتى مجرد التخيل من الحالمين من مفكري العالم، ومن جهابذة الفكر الاستراتيجي العسكري الدولي بأن يتصدى الجيش اليمني لخمس من حاملات الطائرات الأمريكية الحربية ومعها عدد كبير من الطوربيدات البحرية البريطانية وهزمتها هزيمة عسكرية بينة واضحة جلية،
ولولا تدخل أشقائنا من سلطنة عمان بالوساطة كانت النتيجة مدوية ضد القطع العسكرية الأمريكية، لأن ما حدث بين الجيش اليمني البطل وبين جحافل حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية شيء لم يحدث قط منذ زمن الحرب العالمية الثانية، من يتجرأ؟ أن يرفع حجرا لمجرد حجر في أي مكان من موانئ العالم أو ممراته بأن يرمي مجرد حجر أو طلقة رصاص على سفن أميركا التي تمخر عباب المحيطات والبحار الدافئة والباردة من حول العالم، الشهيد ورفاقه وبتوجيه مباشر من قائد الثورة استطاعوا أن يغرقوا عددا من فخر الصناعات الأمريكية من الطائرات نوع F/A 18، كي يلتهمهما، أعماق وأمواج البحر الأحمر بهدوء تام وبأريحية تامة، هنا نقول للعالم كل العالم بأن الشهيد كان معجزة استثنائية خارقة من معجزات الله عز وجل الاستثنائية.
أما لو قرأنا بهدوء تام كيف وصلت الصواريخ اليمنية الفرط صوتية والطائرات المسيرة إلى قلب الكيان الإسرائيلي، وتحديدا إلى مطار اللد ومدن حيفا ويافا وأسدود وأم الرشراش وغيرها من المواقع العسكرية الإسرائيلية، فهذه معجزة أخرى، وتعد مفخرة للشعب اليمني وجيشه اليمني البطل ومن عاصمتها التاريخية صنعاء، إنها معجزات لا حصر ولا عد لها.
وحينما نقرن الشهيد / محمد بن عبد الكريم الغماري بالمعجزات التي تحققت في الجانب العسكري، إنما ننسب الفضل لأهله ولمن تابع وأنجز المقدمات الموضوعية للوصول بالقوات المسلحة إلى هذا المستوى الرفيع من الأداء وإلى مثل هذه الإنجازات العسكرية التي ارتقت إلى مصاف المعجزات الخارقة، وبتوفيق من الله عز وجل ورضوانه تعالى مع بركة ودعوة الحبيب القائد / عبد الملك أبا جبريل أطال الله في عمره ومتعه الله بالصحة والعافية.
أكرر القول باقتران الإنجازات أي المعجزات التي حققها جيش الجمهورية اليمنية مع شح شديد في الإمكانات، وأتذكر في إحدى جلسات العمل الجادة مع الرئيس الشهيد / صالح بن علي الصماد رحمه الله عليه وأسكنه الجنة، ناقشنا كيف نستطيع في حكومتنا يوم ذاك أن نوفر بعض الإمكانات كي نوجهها للقوات المسلحة ومنها التصنيع العسكري، وبعد نقاش مستفيض اتخذنا جملة من الإجراءات والقرارات الهادفة لدعم هذه المؤسسة العسكرية البطلة ومنها قطاع التصنيع العسكري، فأنا وغيري من القيادات العليا يعرف حجم الضنك وحجم الضيق التي تعاني منه موازنة الدولة في ظل الحصار الجائر التي تمارسه علينا قوى العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني، لكن إرادة الرجال وشدة عزائمهم لا تتوقف عند حد ما، لا بل إنها تبحث عن الحلول في أي اتجاه وبأي طريقة مناسبة، من هنا نقول إن إنجازات شهيدنا العزيز الحبيب الغالي الغماري وصلت حد المعجزة الخارقة، هو وزملاؤه المحيطون به. أتذكر بأننا التقينا معا مرارا بحكم طبيعة العمل مع أخينا الشهيد الغماري وبحضور طيب الذكر الأخ العزيز / اللواء / يوسف بن حسن المداني رئيس هيئة الأركان العامة الجديد حفظه الله ورعاه، التقينا وتحدثنا طويلا عن الكثير من التحديات التي لازالت ماثلة أمام القيادة السياسية والعسكرية، ووجدتهما قائدين شابين ذكيين مخضرمين صقلتهما المعارك والتجارب العسكرية العنيفة، وأنهما كالحصن المنيع والدرع الذهني الواقي الذي يحمي مؤسستنا العسكرية اليمنية بكل اقتدار في جميع الجبهات القتالية، وفي إحدى الزيارات الودية.
بيني وبينهما أهدياني هدية ثمينة، وهي قطعة سلاح كلاشنكوف (إيكي) من تصنيع مصنع الجيش اليمنيّ، وهي هدية رمزية اعتز بها وأفتخر كثيرا، وحتى آخر العمر.
«وفوق كل ذي علم عليم”
#عضو المجلس السياسيّ الأعلى